بورصة مسقط تستضيف النسخة 5 من سلسلة حوارات رئيس مجلس الإدارة

ايه حسين
استضافت بورصة مسقط بنجاح النسخة الخامسة من سلسلة الحوار التابعة لرئيس مجلس الإدارة”، الحدث الذي يترجم التزام البورصة بتعزيز الحوار ودفع عجلة النقاشات عبر استضافة كبار المفكرين الاستراتيجيين على مستوى العالم.
أقيمت الجلسة افتراضيًا تحت عنوان “مستقبل الاستراتيجية”، وتضمنت حواراً رئيسياً بين رئيس مجلس إدارة بورصة مسقط، محمد بن محفوظ العارضي، والجنرال اللورد ريتشاردز، بارون هيرستمونسو وقائد قوات الدفاع البريطانية الأسبق، وأحد أبرز الخبراء العالميين في مجالات القيادة والاستراتيجية والأمن الدولي.
استقطب الحوار أكثر من 710 مشاركًا مسجلًا، من بينهم مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى، وقادة أعمال، وأكاديميون، وطلاب، وممثلون من القطاعين العام والخاص في سلطنة عُمان، مما يعكس الأهمية المتزايدة لهذه الحوارات كمنصة للتعلم المتبادل والتفكير الاستراتيجي العابر للقطاعات.
وفي تعليقه على الجلسة الحوارية، قال محمد العارضي: “نؤمن في بورصة مسقط بأن التقدم وتحقيق الأهداف الوطنية الاستراتيجية، لا يعتمد فقط على الأداء الاقتصادي ومستويات النمو، حيث يقوم العصف الفكري والنقاشات المفتوحة بدور محوري في رسم خارطة الطريق نحو المستقبل.
إن سلسلة حوارات رئيس مجلس الإدارة هي تعبير عن مساهمتنا في التنمية الفكرية والاستراتيجية في سلطنة عُمان، حيث نؤمن بأن ربط مجتمع الأعمال وشريحة الشباب، إلى جانب صناع القرار، مع أكثر العقول خبرة في الإدارة الاستراتيجية على مستوى العالم، سيشكل إضافة قيمة لجهود صناعة المستقبل الذي نسعى إليه”.
تأسست الجلسات الحوارية مع رئيس مجلس الإدارة” كمبادرة دورية من قبل بورصة مسقط تهدف إلى ربط الجمهور المحلي بوجهات النظر العالمية، من خلال استضافة متحدثين دوليين رائدين في مجالاتهم لمشاركة رؤاهم في مجالات القيادة والسياسات والاقتصاد والاستدامة والأمن. وتُعد الفعالية فرصة تعليمية وتواصلية تسهم في نشر ثقافة اتخاذ القرار المستنير والرؤية الاستراتيجية لدى جميع المشاركين، على اختلاف أعمارهم وقطاعاتهم.
ركزت النسخة الخامسة من الحوار على تطور التفكير الاستراتيجي في ظل المناخ الجيوسياسي المعقد الذي يشهده العالم اليوم، حيث ناقشت تفتت القيادة العالمية، وهيمنة القرارات قصيرة المدى، والحاجة المُلِحّة لإعادة إرساء استراتيجيات طويلة الأجل ذات رؤية واضحة
. وتحدث اللورد ريتشاردز عن خبراته في قيادة التحالفات الدولية، موضحًا كيف يؤدي غياب التركيز والوحدة لدى القادة السياسيين إلى ما يُعرف بـ”الانحراف الاستراتيجي”، مؤكدًا أن غموض أو تضارب الاستراتيجيات يمكن أن يقوض حتى أفضل المهمات تجهيزًا.
يقول اللورد ريتشاردز: “الانتصارات قصيرة الأمد لا تعني شيئًا دون تخطيط طويل الأمد. الوضوح الاستراتيجي يجب أن ينبع من الأعلى، وعندما يغيب ذلك، تنهار المؤسسات وتتلاشى الثقة بالمستقبل”.
تضمن النقاش مداخلات غنية من الحضور الذين أكدوا على أهمية التوازن في الاستراتيجيات الوطنية بين الأهداف والوسائل والأساليب، مع التأكيد على أن “الوسائل” أو القدرات المتاحة غالبًا ما تكون العامل الحاسم. حيث أوضح اللورد ريتشاردز أن عناصر مثل الدفاع والسياسات الاقتصادية والطاقة لا يمكن أن تنجح بمعزل عن بعضها البعض، بل يجب أن تكون متناسقة لتحقيق نتائج ملموسة.
وأضاف أن الاستراتيجية الشاملة لا تقتصر على التخطيط، بل تتعلق بصياغة رؤية واضحة لمستقبل الأمة، تُنفذ من خلال جهد منسق ومستمر. الأمر الذي يذكرنا دائماً بقيمة التفكير بعيد المدى، والرؤية المشتركة، والقيادة الموحدة في عالم مضطرب.
كما أكد اللورد ريتشاردز في رسالته الختامية للحوار أن “الاستراتيجية دون خطط تكتيكية مرحلية تتسبب في تباطئ مسيرة التنمية الشاملة وصولاً لتحقيق الأهداف المطلوبة، أما تنفيذ خطط تكتيكية مرحلية دون رؤية استراتيجية فهو مجرد ضجيج يسبق الهزيمة”.
وفي ختام الجلسة عبّر اللورد ريتشاردز عن شكره لبورصة مسقط ورئيس مجلس إدارتها والمشاركين قائلاً: “لقد كان شرفًا لي أن أكون جزءًا من هذه المبادرة الرائعة. خالص الشكر لمحمد بن محفوظ العارضي، وبورصة مسقط، ولكل من شارك في هذه الجلسة على الترحيب الحار والنقاش البنّاء. مثل هذه الحوارات لها أثر حقيقي، وعُمان تقدم نموذجًا يُحتذى به”.
كما عبّر العارضي عن امتنانه قائلاً: “أتقدم بجزيل الشكر للورد ريتشاردز على رؤاه القيمة، ولكل من شارك معنا في إنجاح هذه النسخة الجلسات الحوارية. إن مشاركتكم تؤكد إيماننا المشترك بقوة الحوار في صياغة مستقبل أفضل”.
وأضاف رئيس مجلس إدارة بورصة مسقط: “تُذكّرنا الأفكار التي طُرحت اليوم أن تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040 الطموحة يتطلب تفكيرًا بعيد المدى، وتحركًا منسقًا، ومشاركة فاعلة من جميع القطاعات – العامة والخاصة والأكاديمية. فقط من خلال العمل المشترك، والتوجيه الاستراتيجي، والهدف الوطني المشترك، يمكننا بناء مستقبل مزدهر لهذا الوطن العظيم”.
هذا وتأتي هذه الفعالية في إطار جهود موسعة تبذلها بورصة مسقط لدعم تحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040 من خلال تعزيز الانخراط في الحوار العالمي، والريادة الفكرية، وتطوير المؤسسات.
فعبر استضافة شخصيات عالمية مرموقة مثل الجنرال ريتشاردز، تساهم بورصة مسقط في ترسيخ مكانة سلطنة عُمان كاقتصاد طموح ومترابط استراتيجيًا، فيما تعمل هذه السلسلة الحوارية كمنصة معرفية رفيعة المستوى، لا تعزز من موقع عُمان العالمي وحسب، بل تمكّن قادتها الحاليين والمستقبليين من اكتساب الأفكار والرؤى اللازمة للتعامل مع عالم سريع التغير.