د محمد حافظ ابراهيم
كشفت دراسة جديدة أجراها فريق البحث من جامعة ييل الامريكية أن النوم القليل أو الكثير يرتبط بزيادة مرض الخرف والسكتة الدماغية لدى الأشخاص الأصحاء في منتصف العمر. وكما إن النوم لمدة تزيد أو تقل عن 6 إلى 8 ساعات ليلا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالقلب والدماغ. وأوضح الباحثون أن فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ يمكن أن تتنبأ ببداية السكتة الدماغية أو الخرف قبل سنوات من حدوثه. حيث كشفت الفحوصات أن الأشخاص الأصحاء بين 40 إلى 69 عاماً، والذين ينامون أكثر أو أقل من المدة المثالية، كانوا أكثر عرضة لإظهار تعبير مرتفع عن المؤشرات الحيوية الدماغية للسكتة الدماغية والخرف. واستخدم الباحثون بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي لـ 39771 مشارك مسجلين في دراسة البنك الحيوي البريطاني . وركز الباحثون على التغييرات في المادة البيضاء في الدماغ بعد بضع سنوات من التسجيل للتاكد من مرض الخرف والسكته الدماغية . وشملت هذه التغييرات فرط كثافة المادة البيضاء وتباين بعض الأجزاء والتي يمكن اكتشافها باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي.
اوضحت دراسة لمجموعة علماء من المدرسة الطبية في جامعة جورج واشنطن، لاضرار تغيرات ساعات النوم على الادراك والقلب . حيث كان هناك ادله على النوم لمدة تزيد عن 6.5 ساعة في الليلة قد يساهم في تدهور القدرات الإدراكية. حيث أجرت المجموعة، دراسة شارك فيها مائة شخص من كبار السن أعمارهم بين 75 و 80 عاما. وراقب المتخصصون حالتهم لمدة خمس سنوات. وفي بداية التجربة، لم يكن لدى 88 شخصا منهم أي علامات للخرف، بينما أظهر المشاركون الـ 12 الآخرون ضعفا إدراكيا متفاوت الخطورة. وخلال الدراسة، تم قياس مدة وجودة النوم على فترات من 4-6 ليال باستخدام تخطيط كهربائي للدماغ، وخلال ذلك نام المشاركون مع قطب كهربائي خاص على جباههم. بالإضافة إلى ذلك، أخذ الخبراء في الاعتبار عوامل أخرى مثل العمر والوراثة ووجود رواسب من بروتين تاو، وبروتين بيتا أميلويد المرتبط بمرض الزهايمر. حيث تمكنوا من اكتشاف أن النوم منخفض الجودة الذي يدوم أقل من 4.5 ساعات اوأكثر من 6.5 ساعة له تأثير سلبي على الوظائف الإدراكية للإنسان وذلك بعد ان درس العلماء بشكل متكرر الآثار السلبية لقلة او زيادة النوم على القدرة العقلية.
ربطت دراسة اخرى للدكتور دايفيد بلانز من الهيئه الطبية “بيوبانك” بالمملكة المتحدة بين النوم بين العاشرة والحادية عشرة مساء وصحة القلب والأوعية الدموية، لكنها لم تتمكن من تاكيد إثبات هذه العلاقة بالشكل العلمى . ولكنها اوضحت أن هناك وقتا مثاليا للنوم ما بين العاشرة والحادية عشرة مساء حيث يرتبط ذلك بصحة أفضل للقلب، وفقا لباحثين أجروا دراستهم بمشاركة 88 ألف متطوع.
ورجح الفريق البحثي البريطانى الذي كان وراء إنشاء قاعدة البيانات الطبية العملاقة “بيوبانك” بالمملكة المتحدة أن تزامن النوم ليتوافق مع الساعة الداخلية للجسم يمكن أن يفسر سر الصلة مع انخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. حيث يتمتع الإيقاع الطبيعي لجسم الإنسان على مدار الأربع وعشرين ساعة بقدر كبير من الأهمية بالنسبة للنوم واليقظة، كما أنه يؤثر على أشياء أخرى مثل ضغط الدم والامراض المزمنه الاخرى. وجمع الباحثون الذين أعدوا تلك الدراسة، البيانات عن أوقات النوم واليقظة على مدار سبعة أيام باستخدام أداة يلبسها المتطوعون في المعصم مثل الساعة. وأثبتت نتائج الدراسة أن 3000 شخص من ال 88000 شخص فقط من اجمالى عينة الدراسة أصيبوا بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وكانت حالات كثيرة من بين ال 3000 شخص من ال 88 ألف متطوع ممن ينامون بعد أو قبل الوقت المثالي للنوم الذي حددته الدراسة بأنه من العاشرة إلى الحادية عشرة مساء. وتعززت العلاقة التي رجحتها الدراسة وجودها بين النوم في تلك الفترة وصحة القلب بعد إعادة ضبط الظروف التي يعيش فيها أفراد العينة حسب مدة واضطرابات النوم. كما تمكنت الدراسة من تحديد عدة عوامل أخرى تسهم في زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والتي تتضمن العمر والوزن ومستوى الكوليسترول في الدم، وان الباحثين أكدوا أنها يمكن أن تثبت الأسباب والنتائج. وقال الدكتور دايفيد بلانز، رئيس الفريق البحثي المعد لهذه الدراسة، إنه بينما لا نستطيع استنتاج الأسباب من خلال هذه الدراسة، لكن ترجح النتائج أن النوم مبكرا أو متأخرا قد يكون مسؤولا إلى حدٍ كبيرٍ عن إحداث اضطرابات في الساعة البيولوجيه الداخلية للإنسان، مما قد يكون له آثار سلبية على صحة القلب والأوعية الدموية وكذلك الدماغ . وأضاف الدكتور دايفيد بلانز ان وقت النوم الأكثر خطورة هو بعد منتصف الليل، إذ قد يخفض من فرص مشاهدة نور الصباح الذي يعيد ضبط الساعة الداخلية للجسم.
واوضحت الدكتوره ريجينا غيبلين، من قسم القلب والأوعية الدموية في مؤسسة القلب البريطانية، إن هذه الدراسة الكبيرة ترجح أن النوم من ما بين الساعة العاشرة والحادية عشرة مساء قد يكون الوقت الأفضل لأغلب الناس، إذ يساعد على الحفاظ على صحة القلب على المدى الطويل. وأضافت الدكتوره ريجينا غيبلين انه رغم ذلك، من المهم أن نتذكر أن هذه الدراسة يمكنها إلقاء الضوء على الارتباط بين الأمرين، بينما لا يمكننا أن نثبت السبب والنتيجة من خلالها. حيث لا تزال هناك حاجة للمزيد من البحث في توقيت النوم كأحد عوامل الخطورة على القلب والدورة الدموية. لكن لا شك أن الحصول على القدر الكافي من النوم مهم لصحة الانسان بصفة عامة علاوة على أهميته لصحة القلب والدورة الدموية والدماغ، وينبغي أن يستهدف أغلب البالغين الحصول على قسط كافى من النوم يتراوح بين سته ساغات إلى ثمانى ساعات كل ليلة.
واضافت الدكتوره ريجينا غيبلين ان النوم ليس هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤثر على صحة القلب والدماغ، إذ من المهم أيضا أن الاهتمام بأسلوب الحياه الصحى، وأن نتابع الوضع الصحي بأن تتعرف على مستويات ضغط الدم والكوليسترول، وأن تحافظ على الوزن الصحي، وأن تمارس الرياضة بانتظام، ونخفض من تناول ملح الطعام والمشروبات الكحولية والتبغ، وتناول طعام في إطار نظام غذائي صحى متوازن مثل حمية البحر الابيض المتوسط من الخضروات و الفواكه الموسيميه والحبوب الكامله والاسماك الدهنيه مثل السلمون والماكريل والسردين لاحتوائها على دهون اوميجا 3 الصحيه للقلب والاوعيه الدمويه وخفض الضغط ومرض السكرى وغيرها من العوامل مثل خفض التوتر والقلق التي يمكن أن تسهم في الحفاظ على صحة القلب والدماغ .
