ايمان الواصلي
يعد التأمين متناهى الصغر خدمة تأمينية لحماية شريحة كبيرة من أفراد المجتمع من ذوى الدخول المنخفضة من خلال توفير تغطية تأمينية ضد العديد من الأخطار التى تهددهم فى مقابل سداد أقساط زهيدة تتناسب مع طبيعة الخطر المؤمن عليه . ويعتبر التأمين متناهي الصغرأحد الأعمدة الأساسية لتحقيق استراتيجية الشمول المالي ومن ثم التنمية المستدامةالتى تسعى الدولة لتحقيقهما .. ويبقى السؤال الملح : وماذا عن دور قطاع التأمين لتحقيق أهداف الدولة فى هذا المضمار ؟ .
يقول علاء الزهيرى رئيس الإتحاد المصرى للتأمين : وفقاً للشبكة الدولية للتأمين متناهي الصغر “Micro Insurance Network” يمكن تحديد مفهوم مدلول مقطع متناهي الصغر “Micro” وفقاً لثلاثة أبعاد مختلفة وهي “الـعـمـلاء الـمـستهدفين محدودي الدخل” أو “طبيعة التغطيات التأمينية: مبالغ تأمين وأقساط ضئيلة“ ، أو “عملية تقديم الخدمة ” من خلال مقدمي خدمة يناسبون طبيعة هذا التأمين وقريبين من العملاء المستهدفين ربما على مستوى القرى و النجوع . ومما لا شك فيه أن التفسير الأقرب لواقع الامر هو الاعتماد على بعد طبقة العملاء المستهدفين .
وقد تؤدي الأزمات المالية التى يمكن أن تتعرض لها الأسر الفقيرة ــ يقول علاء الزهيرى ــ إلى اتخاذ قرارات صعبة مثل خفض استهلاك الطعام أو تسرب الأطفال من المدارس أو استنفاذ الأصول المنتجة لتغطية النفقات المتعلقة بالحوادث وما ينتج عنها من أضرار، ومن ثم يمكن اعتبار التأمين متناهي الصغر هو أول أداة لمواجهة الأخطار، فضلاً عن كونه أداة تنموية لها انعكاساتها على مستوى الاقتصاد الكلي و الرفاهية العامة.
ويستطرد الزهيرى بالتوضيح ردا على سؤال لــ ” رجال الاعمال ” حول تخطيط الأعمال للتأمين متناهى الصغر بقوله : يتطلب إعداد خطة عمل جيدة للتأمين متناهى الصغر الكثير من الجهد وأنواعاً ودرجات مختلفة من الخبرات والمهارات الفنية ، فيجب على مخططى الأعمال السعى للحصول على أكبر قدر ممكن من البيانات والمعلومات من أصحاب المصالح الرئيسيين. وسواء كانت خطة العمل بسيطة إلى حد كبير أو شاملة ، فسيكون لها دور فى الحد من مخاطر تنفيذ وإدارة برنامج التأمين متناهى الصغر ، كما لاتعد خطة العمل ضرورية فقط للمانحين أو المستثمرين المحتملين ، ولكن يجب أيضًا اعتبارها سبباً من أسباب نجاح برنامج التأمين متناهي الصغر.
ويرى الزهيرى أنه من خلال إعداد خطة العمل ، يتم التخطيط لمستقبل برنامج التأمين متناهى الصغر بالتفصيل ، والأهم من ذلك ، أن خطة العمل هي أداة رئيسية للمراقبة الشاملة ومرجع للإدارة لتقييم الأداء. و إيماناً من الاتحاد المصرى للتأمين بأهمية التأمين متناهي الصغر ، فقد خطط لعقد المؤتمر الأول للتأمين متناهي الصغر في مدينة الأقصر خلال الفترة من 21-23 مارس من العام الجارى 2022 والذي ستدور محاور جلساته حول أهمية التأمين متناهى الصغر باعتباره مولد للنمو من ناحية ، وقاطرة لزيادة أقساط التأمين من ناحية أخرى، وهو ما يتوافق مع إستراتيجية الشمول التأميني، والوصول بمنتجات التأمين للمناطق المحرومة.
وحول تنوع برامج التأمين متناهى الصغر وأهميتها لعملاء هذا النوع من التأمين .. قال علاء الزهيرى : تتنوع برامج التأمين متناهى الصغر من حيث نوع وتعقيد المنتج / الخدمة والإدارة والهيكل. و سواء كان التركيز على تطوير منشأة هادفة للربح أو على مؤسسة اجتماعية غير هادفة للربح ، يجب أن تسبق جميع المشروعات دراسة شاملة وخطة عمل يتم تحديثها بصورة دائمة لأنها تعمل بمثابة دليل للمراقبة والتطوير. وتبدأ الخطة بسلسلة من الأسئلة العامة بهدف الكشف عن إحتياجات السوق المستهدفة ، وإقتراح الحلول ، وتوفير الموارد ، وتصور كيفية تحقيق النتائج المتوقعة . و يزيد الأمر تعقيداً بالنسبة للبرامج ذات الشركاء المتعددين أنه قد يكون هناك أكثر من خطة عمل. على سبيل المثال : في الحالات التي تشترك فيها مؤسسة التمويل متناهى الأصغر مع واحدة أو أكثر من شركات التأمين ، أو مع مقدمي الخدمة لتقديم منتج شامل و مدمج ،يمكن لكل من الشركاء المعنيين إعداد خطة عمل خاصة به ، كما أنه في بعض الحالات قد يتعاون الشركاء لإعداد خطة عمل مشتركة ، وهذا هو البديل الأفضل.
وفيما يتعلق بإستراتيجية الشركات لتطبيق برامج التأمين متناهى الصغر، ومإذا كان لكل شركة إستراتيجية خاصة بها .. قال علاء الزهيرى: من المؤكد أن كل الشركات تسعى للربحية ، ولكنها تعلم أيضا أن التأمينات متناهية الصغر وإن كانت بأقساط بسيطة لكنها تغطى أيضا شريحة كبيرة جدا فى المجتمع ، وأظن ــ وظنى فى محله ــ تسعى لإستخلاص وتوضيح الأسباب الرئيسية التي تدفعها إلى الانخراط في أنشطة التأمين متناهى الصغر ، وما يستهدفه من نتائج مستقبلية والتى يتم الاعتماد عليها لمتابعة خطة العمل و التي يجب أن تدعم رؤية و رسالة و أهداف الشركة المنفذة للبرنامج. على سبيل المثال ــ يقول علاء الزهيرى ــ أن مؤسسة التمويل متناهى الصغر تنشأ أساسًا لأغراض تقديم خدمات التمويل متناهى الصغر لعملائها ، و يعد التأمين متناهى الصغر خدمة مكملة لحماية القروض من الأخطار المتوقعة ، و يعد تحليل نقاط القوة والضعف والتهديدات والفرص مفيدًا في دعم برامج التأمين متناهى الصغر . ونقاط القوة والضعف هي عوامل خلق القيمة الداخلية أو تبديدها كالأصول أو المهارات أو الموارد التي تمتلكها الشركة و توجد تحت تصرفها مقارنة بمنافسيها . و يمكن قياسها باستخدام التقييمات الداخلية أو معايير قياس الأداء الخارجي. بينما الفرص والتهديدات هي عوامل قيمة خارجية تخلق أو تبدد ، ولا تستطيع الشركة السيطرة عليها ، ولكنها تنبثق إما من الديناميكيات التنافسية للصناعة / السوق أو من العوامل الديموغرافية أو الاقتصادية أو السياسية أو التكنولوجية أو الاجتماعية أو القانونية أو الثقافية.
وعن تطوير منتجات التأمين متناهلى الصغر وتسعيرها واهمية ذلك للشركات والعملاء على السواء .. أكد علاء الزهيرى أن تطوير المنتجات وتسعيرها يعتمد على نتائج أبحاث السوق ويتطلب مهارات اكتوارية، أو قد تستخدم أحياناً أساليب أبسط و أكثر ملاءمة، ولكن هناك مزايا في استخدام النماذج الأكثر تعقيدًا ، وعادة لا يبدأ قرار تقديم خدمات التأمين متناهى الصغر من نقطة الصفر. فمن خلال تفاعل العديد من الشركات بانتظام مع عملائها يتكون لديها فكرة جيدة عن الأخطار المختلفة التي تؤثر على أسرهم واحتياجات التأمين الخاصة بهم، ومع ذلك لضمان ملائمة المنتج بشكل جيد ، يجب إجراء أبحاث السوق دون أي تحيز افتراضي