أخباراقتصاد عربي

باحثةمصرية تقدمدراسة تحليليةلصناع القرار فى مصر و (دول مبادرة الحزام والطريق الصينية)

تحليل الدكتورة/ نادية حلمى

دراسة تحليلية جديدة مقدمة من الباحثة المصرية لصناع القرار فى مصر و (دول مبادرة الحزام والطريق الصينية)، بشأن:

تطوير (أقسام العلوم السياسية) بالجامعات، وعمل (توازن منهجى موضوعى) ما بين المصطلحات والمناهج الصينية والأمريكية والغربية فى دراسة حقل العلوم السياسية، من خلال تقديمى لكيفية دراسة العلوم السياسية داخل الجامعات الصينية، وداخل الجامعات الأمريكية والعالمية ذاتها

 

أستاذ مساعد العلوم السياسية بكلية السياسة والإقتصاد/ جامعة بنى سويف- خبيرة فى الشئون السياسية الصينية- محاضر وباحث زائر بمركز دراسات الشرق الأوسط/ جامعة لوند بالسويد- مدير وحدة دراسات جنوب وشرق آسيا

جاء إهتمام الباحثة المصرية كمتخصصة فى الشأن السياسى الصينى بتطوير حقل العلوم السياسية فى مصر والمنطقة – من وجهة نظر صينية بالأساس – نتيجة لإحساس شخصى بــ (الغربة) فى المقام الأول – لأننى أنتمى لــ (المدرسة السياسية الصينية) فى العلوم السياسية أكثر من إنتمائى للمدارس الأمريكية والغربية التى يتبناها الجميع. لذا، حرصت منذ بداية إشتغالى وعملى فى الحقل الأكاديمى السياسى على التقارب بشدة مع الأكاديميين الصينيين والأجانب ممكن يشاركوننى نفس النقطة البحثية كخبراء فى الدراسات والشئون السياسية. كان ومازال أقرب الأصدقاء تماماً إلى قلبى – والذى إتصلت به اليوم كى أستئذنه فى التنويه والإشارة لإسمه وضحك كعادته مبتسماً وهو يطلب منى أن أفعل ذلك فوراً – وذلك قبل أن أرسل هذه الدراسة أو التقرير البحثى للنشر – هو البروفيسور الدولى المعروف (رائد الدراسات الصينية) فى العالم، والذى بلغت حجم مؤلفاته فى الشأن الصينى أكثر من (80) كتاب، والذى يشاركنى نفس صداقاتى وعلاقاتى الدولية للرفقاء فى (الحزب الشيوعى الحاكم) فى الصين، البروفيسور (ديفيد جودمان)، أهم وأشهر البروفيسورات فى العالم فى حقل (الدراسات الصينية)، والذى تجمعنى به صداقة عميقة على المستويين الأكاديمى والشخصى، ويحرص كلانا على التواصل والتشارك الفكرى يومياً حول حالة (الحقل السياسى الصينى) وتطوراته سواء داخل أو خارج الصين، ونتائج إصلاحات الرئيس الصينى (شى جين بينغ) والحزب الحاكم فى الصين، ليس ذلك فقط، بل أن الدكتور (ديفيد جودمان) هو (نائب رئيس جامعة شيان جياوتونغ – ليفربول) الشهيرة فى مدينة (سوتشو) الصينية، وهى فرع من جامعة (ليفربول) الإنجليزية الشهيرة، أسسها الصينيون فى مدينة (سوتشو) الصينية، وقاموا جميعاً بإختيار البروفيسور العملاق صديقى الرائع رائد الدراسات الصينية فى العالم (ديفيد جودمان) كنائب لرئيس الجامعة لفرع جامعة (ليفربول) الإنجليزية فى الصين.

Prof.Dr.David Goodman, Vice President of “Xi’an Jiaotong-Liverpool University” (xjtlu), Suzhou- China

والمفاجأة الأبرز، هى تشجيعه وإختياره لى للإلتحاق معه تحت إشرافه الشخصى المباشر لعمل دراسات متعمقة فى الشأن الصينى فى نفس فرع جامعة (ليفربول) الإنجليزية فى الصين بترحيب كبير من كافة الأطراف الصينية والإنجليزية.

وأنا قد آثرت فى البداية أن أبدأ تلك المقدمة الطويلة بالحديث عن بروفيسورى المفضل (عالمياً) فى حقل السياسة الصينية، والحديث عن عمق الصداقة الشخصية التى تربطنا سوياً، وإهتمامه الدائم بتطورى البحثى والأكاديمى، وبإعادة (الصياغة اللغوية الإنجليزية لأبحاثى) كلها بنفسه عن الصين، لأننى أحرص على نشر جميع أبحاثى “دولياً” باللغة الإنجليزية حتى يسهل تداولها دولياً فى مجلات تهتم فقط بالشأنين الصينى والآسيوى. وما أردت أن أذكره أن البروفيسور (ديفيد جودمان) كان ومازال يلعب نفس (منطقة التوازن النفسى والأكاديمى) فى حياتى، بمشاركاته جميع كتاباته ومؤلفاته عن الصين قبل أن يسعى لنشرها حتى أبدى رأيى فيها، ونفس الأمر أصنعه، فما أن تتبادر إلى ذهنى أى فكرة عن الصين، حتى أسارع بالكتابة والإتصال بديفيد، كى أسأله عن (المنهج أو الإقتراب البحثى والمنهجى) الملائم لموضوع دراستى، أو الإتفاق على (صياغة عناوين أبحاثى الجديدة) عن الصين، أو الإتفاق على أن يجمعنا (مؤلف مشترك) واحد أيضاً عن الصين، أو تسهيل تواصلى مع (دور نشر إنجليزية وعالمية) بعلاقاته الوطيدة معهم للإتفاق على (نشر أحد عناوين كتبى الجديدة ما بعد جائحة كورونا والتى قد إنتهيت منها، وأعاد تحريرها وصياغتها إنجليزياً بلغته الأم صديقى ديفيد، كمدارس أو نظريات جديدة أقدمها بالأساس للمجتمع الأكاديمى الدولى كمنطلقات فكرية جديدة) ما بعد أزمة (كوفيد-19).

وأنا أعلم أن الكشف عن هوية بروفيسورى المفضل فى عالم السياسة الصينية عالمياً لهو أمر سيثير إندهاش البعض منكم عن سبب تلك المقدمة الطويلة للحديث عن خبير الدراسات الصينية العالمى، والمقرب من الدوائر الصينية الرسمية (ديفيد جودمان). هو مشروعى البحثى الجديد الذى أرسلت بصدده (رسالة رسمية) إلى مكتب رئيس مجلس الدولة الصينى (رئيس الوزراء) السيد/ لى كه تشيانغ بشأنه عن: (تطوير حقل دراسات العلوم السياسية فى مصر والمنطقة وجميع الدول المشاركة فى مبادرة الحزام والطريق الصينية)، وعمل (توازن بحثى) بين المدارس الأمريكية والغربية ونظيرتها الصينية ما بعد (كوفيد-19).

لأن مشروع (تطوير أقسام العلوم السياسية) فى مصر والمنطقة ودول الحزام والطريق هو شغلى الشاغل منذ عدة سنوات، نتيجة لبعدين (نفسى) وعدم قدرتى نفسياً على مجاراة أقرانى وزملائى الآخرين فى إستخدام مفاتيح ومنطلقات فكرية ومنهجية تكرس دوماً لنظريات الهيمنة الأمريكية والغربية على حقل العلوم السياسية، أو حتى مع فشلنا الذريع – وأعتذر لذلك – فى إنتاج (حقل علوم سياسية وعلاقات دولية إسلامى قادرين على فرضه وتدريسه على العالم) مثلما فعل معنا الغرب والأمريكان بفرض شروط دراسة العلوم الإجتماعية والإنسانية والسياسية والعلاقات الدولية من منطلقاتهم وشروط وتحيزهم المطلق لهوياتهم الليبرالية والعلمانية دون حتى أن نكون قادرين على طرح البديل.

وإسمحوا لى أيضاً، أن أبدى تحفظى – قبل أن أنهى هذه النقطة، على ما يسمى تطوير حقل الدراسات السياسية من منظور إسلامى – ربما لأنه طرح قديم لم يتم البت فيه فعلياً أو تطويره، أو بسبب (تحفظى الشخصى عليه أيضاً) بأن ذلك سوف يفتح باب الجدل العقيم ما بين مطورين آخرين وفقاً لتحيزاتهم الضيقة ما بين إسلامى ومسيحى ويهودى وربما بوذى وبهائى وزرادشتى وفقاً لمناهج السياسة فى كوريا الشمالية، وغيرها. والمحصلة التى ربما نخرج منها جميعاً، هى حالة التنافس الأكاديمى بيننا لتطوير الحقل السياسى من (منظور دينى ضيق)، مما يخلق سجالات وحروب لن تفيد البحث العلمى الذى نحتاج لوضع (قيمنا) وأطروحاتنا عليه، بعيداً عن مبدأ (النقل) من الغرب والقص واللزق فى مناهجنا، وهو ما يجعلنى أتحفظ (أكاديمياً) على ذلك، مع عدم وجود (بديل) مناسب لدى، نظراً لإلتزامى الحرفى بالمناهج الدراسية فى قسم العلوم السياسية وبموضوعاتها وعدم إمكانية الخروج عنها.

ولعل هذا الأمر أو الموضوع الجديد الذى أفتحه معكم وأطرحه عليكم، وأنا هنا أعنى – المتخصصين فى حقل العلوم السياسية – بالأساس، ثم جمهور العامة ربما برؤيتهم البعيدة التى يمكن صياغتها فى قالب بحثى أكاديمى يناسب الحقل السياسى بعد الإستماع إلى آراء الجميع، هو الإستفادة من (المصطلحات السياسية الصينية الجديدة): مثل: (المصير المشترك للبشرية، تبادل المنافع، رابح – رابح…. إلخ)، والإرتقاء بمناهج العلوم السياسية فى أقطارنا لعمل (توازن منهجى موضوعى ما بين الصين وأمريكا والغرب فى دراسة حقل العلوم السياسية)، لأن الحادث الآن هو إفراز خريجين يكاد لا يعلمون شيئاً عن المناهج السياسية الصينية كقوى عظمى فى العالم، وربط أبنائنا بمدارس فكرية أمريكية وغربية بما تعمقه لديهم من شعور بالضعف والهزيمة، لحديثها الدائم عن قيمها العلمانية وتصوراتها للكون والحياة والسياسة والهيمنة والسيطرة والقوة والنفوذ ومصالح الفرد على حساب الكل…. إلخ. فكانت النتيجة (المستقبلية) هى سعى أبنائنا خريجى أقسام العلوم السياسية للغرب وواشنطن، لتعميق مفهوم (الهيمنة) و (الإحساس بالذات) ضد أى قيم أو هويات أخرى. فتدريسى مثلاً لمنهج (النظرية السياسية) للفرقة الثالثة علوم سياسية قد إضطرنى دوماً للحديث عن مدارس (الحداثة وما بعد الحداثة) وشرح مفاهيم (العلمانية) والسلوكية، وما إلى ذلك، كمنهج كنت ومازلت مرتبطة به دون إمكانية التعديل عليه لأنه ليس من سلطتى. وحتى أكون أمينة معكم ورغم حالة (التطور الفكرى) التى أحياها وحالة (النشاط الذهنى) الدائم التى يرانى الجميع عليها، إلا أننى سأعترف لكم إعتراف صادم، ألا وهو أننى كأكاديمية (متواضعة المستوى) ربما لأن هناك أمور تستدعى التطوير من منطلق قراءاتى ومتابعاتى المستمرة حول العالم، إلا أننى ملتزمة بتدريس نفس المناهج والأفكار القديمة، لأننا قد (توقفنا هنا)…. نعم، هذا هو التوصيف الذى تبادر إلى ذهنى على الفور، وأنا أفكر عن (البديل) و (ما الحل)؟… وأنا هنا أعتقد، أنه كان لزاماً على عمل تلك المقدمة الطويلة قبل أن أطلعكم على حالة حقل العلوم السياسية وكيفية تدريسه فى الجامعات الصينية؟. مع إعدادى لدراسات أخرى سأوالى نشرها تباعاً بشأن (العلوم السياسية الصينية والمجلات البحثية الصينية فى مجال العلوم السياسية والجمعيات السياسية الخاصة بخريجى أقسام العلوم السياسية الصينية بالأساس)، كعمل وجهد أكاديمى (وطنى بالأساس) لإطلاعكم على وجه آخر لم تألفوه عن حالة الحقل السياسى صينياً فى الداخل.
ولعل الخبر الذى قرأته منذ عدة أيام عن التعاون الذى تم بين عدة جهات رسمية صينية لتطوير حقل الدرسات الصينية فى إطار (مبادرة الحزام والطريق) الصينية، بالشراكة بين: (أمانة الدراسات الدولية والإقليمية التابعة لوزارة التعليم الصينية، معهد الدراسات الإستراتيجية لطريق الحرير بجامعة شنغهاى للدراسات الدولية، ومركز منظمة التعاون الإسلامى التابع لوزارة التعليم الصينية) من أجل بناء نظام مناهج التعليم فى إطار مبادرة “الحزام والطريق” فى جامعة شنغهاى للدراسات الدولية.
ولعل ما أستوقفنى فى طبيعة هذا الخبر المهم بالنسبة لى، بإعتبار ذلك هو نفس ما أهدف إليه، من تطوير لحقل الدراسات الصينية السياسية فى جامعاتنا المصرية بالأساس، هو طبيعة ذلك التطوير الصينى لمناهج (مبادرة الحزام والطريق)، وهو ما ناقشه الجانب الصينى الرسمى بالفعل، بمشاركة خبرائه حول (طبيعة محتويات نظام مناهج التعليم في إطار “الحزام والطريق”). والملاحظة الجديرة بالإعتبار هى القرار الصينى بإضافة هذا النظام الجديد فى كافة مراحل (البكالوريوس والماجستير والدكتوراه)، بل وتطوير هذا النظام الجديد كى يشمل مرحلة (ما بعد الدكتوراه) ودور نظام مناهج التعليم الصينى الجديد فى إطار مبادرة “الحزام والطريق” كمؤشر لإنفتاح التعليم الصينى فى العصر الجديد.
وبسبب تلك التطورات الجديدة، آثرت أن أرسل رسائل لجميع الأطراف، وعلى رأسهم صناع القرار فى وطنى الحبيب (مصر)، فضلاً عن تلك الدول المشاركة فى “الحزام والطريق” كخطوة هامة فى حياتى الأكاديمية والبحثية، وكأسلوب عمل جديد ونهج أتبناه لفرض (واقع جديد)، هو (واقع الدراسات السياسية الصينية) بمنطلقاتها الفكرية سواء فى إطار مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وما بعد أزمة (كوفيد-19). مع تحمس الجانب الصينى الرسمى وجميع الأطراف فى بكين لمشاركتى نفس الفكرة.

*** وأبرز القضايا التى سأناقشها فى هذا الملف المهم، تجمع بين (قضايا عملية) وأخرى (نظرية)، لمساعدة كلاً من صناع القرار والمتخصصين فى حقل (العلوم السياسية) على تفهم كافة القضايا الجدلية التى صاحبت دراسة وتطور حقل (العلوم السياسية) فى الصين، كالآتى:
– أولاً: لماذا الحاجة لدراسة حقل العلوم السياسية وتطويره من المنظور الصينى؟

– ثانياً: دور الحزب الشيوعى الحاكم والقيادة السياسية فى الصين للرئيس (شى جين بينغ) فى (تطوير العلوم السياسية) والعلوم الأخرى فى الجامعات الصينية ما بعد أزمة (كوفيد-19) – مع عرضى لأمثلة عملية لأوجه (التدريب التطبيقية فى كليات العلوم السياسية والقانون) فى الصين
– ثالثاً: مسارات فهم النظام السياسى فى الصين
– رابعاً: بداية ظهور حقل العلوم السياسية فى الصين
– خامساً: حالة مجال العلوم السياسية الصينى
– سادساً: تحديد إنضباط العلوم السياسية فى السياق الصينى
– سابعاً: تطورات وإنجازات العلوم السياسية الصينية
– ثامناً: إضفاء الطابع المؤسسى على العلوم السياسية فى الصين
– تاسعاً: الإنجازات الصينية فى إنشاء المجلات والجمعيات الخاصة بحقل العلوم السياسية
– عاشراً: تدويل العلوم السياسية فى الصين
– الحادى عشر: تحديات على مفترق الطرق (التوتر بين التغريب والتوطين)
Westernisation and indigenisation
– الثانى عشر: تنامى الجدل فى الإختيار ما بين (العلمية والتعددية المنهجية) فى مجال العلوم السياسية الصينية
– الثالث عشر: التوازن بين “برج العاج” و “الملاءمة العامة” أو “الأهمية الإجتماعية”
“Ivory tower” and Public Relevance

– الرابع عشر: ننظر إلى الوراء للمضى قدماً (بمعنى ربط الماضى بالحاضر) لفهم تطور العلوم السياسية الصينية

– أولاً: لماذا الحاجة لدراسة حقل العلوم السياسية وتطويره من المنظور الصينى؟

لقد شهدنا التحول الكبير فى الدراسات الصينية، وخاصة الدراسات السياسية الصينية، فى الثلاثين عاماً الماضية، خاصةً مع طرح (مبادرة الحزام والطريق) الصينية، وما تلاها من إستخدام لمصطلحات ومفاهيم ومنطلقات فكرية (صينية) جديدة لم تكن متداولة من قبل، بسبب التغيرات فى الصين ومكانتها المتزايدة فى العالم وكذلك التغيرات فى طرقنا لإجراء البحوث.

وبصفتنا متخصصين فى العلوم السياسية أو دراسات المناطق كما هو حالى معى بتركيزى الشديد على الشأن الصينى أولاً ثم الآسيوى فى مجمله، لم نعد “معزولين” عن التخصصات الأخرى للعلوم السياسية والعلاقات الدولية، ولكننا يجب أن نكون جزءاً لا يتجزأ منها. تحتوى هذه الدراسة المتواضعة منى – كخبيرة فى الشئون السياسية الصينية – حرصت على عرضها بــ (وجهة نظر صينية)، على مساهمات مبتكرة نظرياً لعلماء سياسيين بارزين من داخل الصين وخارجها لحقل العلوم السياسية الصينى، والذين يقدمون معاً لمحة عامة محدثة عن حالة مجال الدراسات السياسية الصينية، ويجمع بين البحوث التجريبية والمعيارية بالإضافة إلى الإستكشاف النظرى ودراسات الحالة، إستكشاف العلاقة بين حالة العلوم السياسية الغربية والدراسات السياسية الصينية المعاصرة، ودراسة منطق وأساليب العلوم السياسية وتطبيقها العلمى وأحدث التطورات فى دراسة السياسة الصينية، ومناقشة القضايا المثيرة للجدل والنقاش فى الدراسات السياسية الصينية، مثل:

1- العالمية والخصوصية
2- الإنتظام والتنوع
3- العلم والتوطين ومشاكلهما الرئيسية
4- التحديات، والفرص والإتجاهات للتطوير المنهجى والفكرى للدراسات السياسية الصينية فى سياق الصين الصاعدة

ولعل أفضل كتاب فى هذا الشأن، رجعت إليه للتعرف على جميع القضايا الشائكة فى حقل العلوم السياسية الصينية – من وجهة نظر صينية – بالأساس، هو كتاب المحلل السياسى الصينى “سوجيان قوه” Sujian Guo

وهو مؤلف كتاب: (العلوم السياسية والدراسات السياسية الصينية: حالة المجال). والذى يعد من أهم الكتب التى يتم التركيز عليها فى الدائرة الأكاديمية الغربية الذى يقدم بشكل منهجى النقاش الجارى، ويفرز مجموعة واسعة من القضايا الحاسمة والمثيرة للجدل فى النقاش. ساهم فى هذا الكتاب العديد من العلماء البارزين من داخل الصين. ونشرته (مطبعة شنغهاى الشعبية) فى عام 2016.

– ثانياً: دور الحزب الشيوعى الحاكم والقيادة السياسية فى الصين للرئيس (شى جين بينغ) فى (تطوير العلوم السياسية) والعلوم الأخرى فى الجامعات الصينية ما بعد أزمة (كوفيد-19) – مع عرضى لأمثلة عملية لأوجه (التدريب التطبيقية فى كليات العلوم السياسية والقانون) فى الصين

فى إطار الحرص الدائم من الرئيس الصينى على اللقاء بأساتذة الجامعات الصينية وباحثيها وأكاديميها فى كافة المجالات، دعا الرئيس الصينى (شى جين بينغ) فى إفتتاح الإجتماع (التاسع عشر) للأكاديميين بالأكاديمية الصينية للعلوم، والإجتماع (الرابع عشر) للأكاديميين بالأكاديمية الصينية للهندسة، بحضور رئيس اللجنة الدائمة للمكتب السياسى للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى رئيس مجلس الدولة (لى كه تشيانغ)، وعضو أمانة اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى (وانغ هونينغ)، ونائب رئيس الوزراء (هان تشنغ)، بتطور الجامعات الصينية فى جميع المجالات. وأكد على تلك المعانى تحديداً بعد تفشى (جائحة كورونا) فى الصين، داعياً الباحثين فى البلاد إلى بذل جهود لتطوير الصين لتصبح رائدة عالمية فى العلوم والتكنولوجيا، لأن الظروف والتحديات والمهام ملحة، داعياً جميع الأكاديميين فى البلاد إلى إستيعاب (الإتجاهات الرئيسية) وإغتنام الفرص ومواجهة المشاكل بشكل مباشر والإرتقاء إلى مستوى التحديات. وقال الرئيس (شى) حرفياً: “فى الوقت الذى تسعى فيه الصين لتحقيق الإزدهار والتجديد، تحتاج إلى تكريس طاقة كبيرة لتعزيز العلم والتكنولوجيا، وتسعى لتكون المركز العالمى الرئيسى للعلوم والإبتكار فى الجامعات الصينية”.

ودعا الرئيس (شى) خلال لقائه بشباب (الأكاديميين الصينيين) قائلاً لهم: “إنهم يجب أن يهدفوا إلى حدود العلم والتكنولوجيا، وقيادة إتجاه تطورها، وتحمل المسؤوليات الثقيلة التى منحها التاريخ، وأن يكونوا طليعة فى الإبتكار فى العصر الجديد”. وأصر على تأكيد عبارة “إن قوة الصين فى هذا المجال تمر بمرحلة إنتقالية من تراكم الكمية إلى قفزة نوعية، ومن إختراقات فى بعض المجالات إلى تحسين القدرات المنهجية”.

وأشار (شى) إلى أنه منذ (المؤتمر الوطنى الثامن عشر) للحزب الشيوعى الصينى فى عام 2012، تلتزم الصين بقيادة الحزب فى قضية تطوير الجامعات والعلم والتكنولوجيا، وتسعى نحو هدف تطوير الصين إلى قوة علمية وتكنولوجية، وتلتزم بطريق الإبتكار، وإلهام حيوية الإبداع من خلال الإصلاح العميق، والتأكيد على الدور الرئيسى للموهبة فى التنمية المدفوعة بالإبتكار، ودمج نفسها في شبكة عالمية من الإبتكار، مؤكداً حدوث تغيرات تاريخية وكلية وهيكلية تدفع نحو ضرورة تطوير قطاع الجامعات فى الصين، خاصةً فى ظل جولة جديدة من الثورات العلمية والتكنولوجية والصناعية التى تعيد تشكيل المجال العالمى والهيكل الإقتصادى العالمى، لأن تأثير العلم والتكنولوجيا على مستقبل البلد ورفاهية الشعب لم يكن عميقاً كما هو اليوم فى الصين لدعم تنمية الإقتصاد الحديث فى البلاد، كما أن الإبتكار هو القوة الدافعة الأساسية للتنمية، لذا يجب بذل الجهود لضمان المنافسة عالية الجودة”.

وبعد تفشى أزمة (كوفيد-19)، دعا “شى” إلى “تكامل الإنترنت والبيانات الضخمة والذكاء الإصطناعى مع الإقتصاد الحقيقى، ودفع التحولات الأساسية للنمط الصناعى وأشكال المشاريع فى التصنيع ونقل الصناعات الصينية إلى الطرف المتوسط ​​العالى لسلسلة القيمة العالمية، لذا لابد من إتخاذ خطوات شجاعة للوصول إلى “المرتفعات القيادية” فى المنافسة العلمية والتكنولوجية والتنمية المستقبلية”.

وطالب “شى” ببذل جهود أكبر للبحث والتخطيط للقضايا العلمية ذات الأهمية الأساسية والأهمية الشاملة، لأنه يجب أن تكون الموارد الأساسية مركزة وأن يتم التخطيط الإستراتيجى للتعامل مع “المجالات الرئيسية ومشكلات الخنق”، داعياً إلى تحقيق إختراقات فى أقرب وقت ممكن فى هذه المجالات. وحث الرئيس “شى” فى الوقت ذاته على الإصلاح الشامل للنظام العلمى لتحسين كفاءة الأداء وإلهام حيوية الإبتكار، داعياً إلى الإبتكار المؤسسى.

ودعا “شى” جميع (الأكاديميين الصينيين) إلى “المشاركة بعمق فى (الحوكمة العالمية)، وتقديم الحكمة الصينية، وبذل جهود أكبر لتعزيز بناء مجتمع ذى مستقبل مشترك للبشرية”. مشيراً إلى أنه “يجب بذل الجهود لتعميق التبادلات والتعاون الدوليين، والإستفادة من الموارد، وإقامة شراكات تتميز بالتعاون المتكافئ للتعامل مع التحديات المشتركة المتعلقة بالتنمية المستقبلية، والأمن الغذائى وأمن الطاقة، والصحة وتغير المناخ”.

مع تأكيد الرئيس الصينى (شى جين بينغ) على ضرورة أن تحقق البلاد تنميتها من خلال عقول أبنائنا، حيث ستجلب الصين فوائد لمزيد من الدول وشعوبها، وستعزز التنمية المتوازنة حول العالم. مشجعاً على أهمية الإندماج فى شبكة الإبتكار العالمية، وتعزيز إنفتاح الخطط العلمية والتكنولوجية للبلاد. مع تأكيده الدائم على “أن الأكاديميين الصينيين مدعوون للمشاركة بنشاط وقيادة الخطط والمشاريع العلمية الدولية، والبدء والتنظيم”.

وكملاحظة شخصية لى، فإن ما سبق دوماً وأن أكده الرئيس الصينى (شى جين بينغ) قد تم تطبيقه فعلياً على حقل العلوم السياسية فى الصين ومعركة تطويرها، خاصةً فى السنوات الأخيرة، كالآتى:
1) إهتمام برنامج أقسام (العلوم السياسية) بالجامعات الصينية، بدراسة تاريخ وأساليب العلوم السياسية، مناقشاً الإيديولوجيات الرئيسية والمنظورات المختلفة وتطوير (الأساليب الكميّة) المستخدمة فى هذا المجال والإهتمام بمناهج (التفاوض) الدولى وتوفير تدريبات عملية لذلك. كما أنه صار يقارن بين مختلف الحكومات والسياسات لتوضيح مختلف النظريات السياسية، ويعطى لمحةً عامةً عن تطور العلوم السياسية فى العديد من البلدان الأخرى خاصة المجاورة، مع حرصه على مناقشة كافة التطورات الأخيرة فى الساحة السياسية الأمريكية.
2) الحرص السنوى على تضمين قائمة جامعات صينية جديدة فى البلاد، ضمن قائمة الجامعات الرئيسية لــ “مشروع 211″، وهو برنامج حكومى صينى يهدف إلى تعزيز كفاءة (100) جامعة صينية فى القرن (الحادى والعشرين) لتصبح ذات مستوى أكاديمى عال.

3) ولعل الخبرة الأهم أيضاً بالنسبة لى، هو إيلاء الحكومة الصينية أهمية كبيرة للتعاون الدولى والتبادل الثقافى بين أقسام وكليات العلوم السياسية وغيرها، حيث تم إنشاء أكثر من (120) علاقة شراكة رسمية مع الجامعات والكليات، والمنظمات الدولية خارج الصين. وتقوم الجامعة مع شركائها أيضاً، بتنفيذ سلسلة من أنشطة التبادل الثقافي والبرامج الأكاديمية بالخارج، وتشجيع الحوار بين الطلاب الصينيين الدارسين للعلوم السياسية والأجانب سعياً إلى تعزيز (منظور العولمة) لدى الطلاب الصينيين وفقاً لما هو مكتوب داخل اللوائح الداخلية للجامعات الصينية.

4) وتولى كليات العلوم السياسية والقانون إهتماماً بالتعليم التطبيقى والخبرة العملية، فقد أسست عدداً منها مراكز تدريبية على مستوى (بلدية بكين) وعدة مقاطعات صينية أخرى، لتنمية كفاءة الطلاب خارج الجامعة، ومراكز للتدريب التطبيقى. كما يتاح لنصف طلاب الكلية فرص السفر إلى الخارج إما للدراسة أو للتدريب، أو للمشاركة فى أنشطة التبادل الثقافى.

5) وتضم أقسام العلوم السياسية فى الصين (مجمعات وأنشطة طلابية مفتوحة) للطلاب الصينيين والوافدين على حد سواء، وقد نظمت هذه المجمعات المئات من أنشطة التبادل بين الثقافات والمحاضرات الأكاديمية، بما فيها (مهرجان الثقافات الدولية، ومنتدى السفراء، فضلاً عن أسبوع تبادل الثقافات الدولية). كما تدعو جميع أقسام العلوم السياسية والعلاقات الدولية الصينية سنوياً المئات من المسؤولين الحكوميين أو المسؤولين فى المنظمات الدولية، وكبار الأساتذة من الجامعات الرائدة، وكبار مدراء الشركات المتعددة الجنسيات لعقد ندوات أو إلقاء محاضرات.
6) عمل مسئولى الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين على أن تكون أقسام العلوم السياسية تعمل على دعم وتعزيز (الثقافة الوطنية)، من خلال توفير (قاعدة تدريب عالية المستوى) لهم فى كافة الوزارات الحكومية كوزارة التجارة والخارجية.

7) بالإضافة إلى ذلك، يلعب خريجو أقسام العلوم السياسية أدواراً مهمة لخدمة الوطن فى كافة المجالات بعد تخرجهم مثل: الوزارات الحكومية، والمؤسسات المالية، والجمارك الصينية، والسفارات، والجامعات، والشركات المتعددة الجنسيات، والمنظمات الدولية كمنظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى.
ومن هنا، فأنا فقد آثرت أن أنقل للجميع تلك الخبرة الصينية التى سجلتها (فعلياً) فى الإستفادة من خريجى كليات العلوم السياسية والحرص الشديد على تدريبهم وإصقال مهاراتهم عملياً. ولعل هذا هو ما (نفتقده فى كليات العلوم السياسية فى مصر والمنطقة) من توفير الدولة (تدريب إلزامى) لجميع الطلاب لإعدادهم كعنصر متكامل من أجل المستقبل.

– ثالثاً: مسارات فهم النظام السياسى فى الصين
الحكومة الصينية تؤكد إلتزامها داخلياً ببناء الديمقراطية وسيادة القانون وحماية حقوق المواطنين كجزء من جهد هائل لبناء الدولة. والدليل على ذلك هو نجاحها منذ عام 1978 فى إخراج الملايين من براثن الفقر وأدت إلى مجتمع أكثر إنفتاحاً.
ولفهم مجمل تفاعلات النظام السياسى الصينى، يستلزم وضع إطار عمل مفاهيمى لفهم الصين يسلط الضوء على تقاطع السياسة والإقتصاد. ويوضح أنه بدلاً من التطور إلى إقتصاد سوق كامل النمو، فإن مسئولى الدولة والحزب على جميع مستويات النظام السياسى يحافظون على تأثير كبير فى التنمية الإقتصادية. لقد حقق مثل هذا الإقتصاد “السياسى” نتائج إيجابية وسلبية على حد سواء، كما أن فهم النظام السياسى الصينى يلقى بنا نحو ضرورة دراسة الآراء والخلفيات والعلاقات بين القادة الصينيين، وكيف يتخذ هؤلاء القادة قرارات بشأن السياسة العامة فى الدولة، ومحاولة تنفيذ هذه القرارات من خلال النظام.

فالصين لديها عدد قليل من المؤسسات الرسمية التى يمكن للمواطنين من خلالها المشاركة فى السياسة، ولكن دراستنا للإستراتيجيات التى يستخدمها الصينيون لمحاولة التأثير على قرارات قادتهم يعد (مدخل هام لفهم التفاعلات بين النظام والشعب الصينى). بما يمكننا فى النهاية، لتقييم مستقبل الصين وما إذا كانت التنمية الإقتصادية السريعة وظهور طبقة وسطى كبيرة ستدفع الصين نحو ديمقراطية أكبر أو ما إذا كان نظام الحزب الواحد من المحتمل أن يستمر فى المستقبل. وأهم مسارات العمل السياسى فى الصين هى:
1- المسار الإقتصادى للصين: المزج الصحيح بين السوق والإقتصاد المخطط ، ويأخذ شكلين أو نمطين، هما:
أ) التعديلات المحلية: تسعى بكين إلى خلق بيئة مواتية لزيادة الإنفاق المحلى، وبشكل خاص، زيادة فى قطاع الخدمات من خلال الإستثمار فى الصناعات التكنولوجية المتقدمة.

ب) إعادة الهيكلة والتحضر: تعمل الصين على تطوير وإعادة هيكلة إقتصادها نحو قاعدة صناعية أكثر حداثة، لأن 55% من السكان لا يزالون يعملون بالزراعة، لذا فإن جهود التحضر مستمرة.

2- المسار السياسي للصين: تطوير نموذج الصين الفريد للديمقراطية
أ) إضفاء الطابع المؤسسى: إن إضفاء الطابع المؤسسى على تطوير الديمقراطية الصينية يتم فى (المجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى، والمؤتمر الإستشارى السياسى للشعب الصينى). تخدم هذه المنظمات وظيفة جعل أصوات الناس مسموعة، وتعمل كأصوات للحكومة، كالرقابة والتوازن، والمؤتمر الإستشارى السياسى للشعب الصينى مهم للمساعدة فى تطوير الإجماع، وتتخذ القرارات بعد عملية مؤسسية واسعة النطاق.

ب) الديمقراطية: يسأل غالباً عن متى ستتبنى الصين الديمقراطية على النمط الغربى؟ وتؤكد الحكومة الصينية أن الديمقراطية الصينية ستتطور بطريقتها الخاصة وفقاً لإحتياجاتها الخاصة. مع وجود العديد من الإحتياجات الهامة، مثل إستئصال الفساد وتدريب المسؤولين المحليين.
3- المسار الدولى للصين: التنمية السلمية، والعلاقات الجيدة مع جميع الدول

أ) الخيار الإستراتيجى: أن سعى الصين لتحقيق التنمية السلمية على الصعيد الدولى كان خياراً إستراتيجياً للأسباب التالية:

– من مصلحة الصين أن تكون لها بيئة دولية مستقرة وسلمية، خاصةً وأن مصالحها ومصالح العالم أصبحت متشابكة.

– لقد أدت العولمة إلى نتائج مربحة للجانبين فى التجارة والتجارة والإستثمار بحيث يمكن تقاسم الإزدهار بشكل أفضل فى جميع أنحاء العالم.

– إن السعى إلى الإنسجام من خلال البحث عن أرضية مشتركة وتجنب الحرب جزء من ثقافة الصين وقيمها.

ب) الإستثمار العسكرى: يعتبر الإستثمار العسكرى الصينى مرتفعاً، وفقاً لتصريحات مسئولى الصين، بسبب:

– حاجة الصين إلى الدفاع عن حدودها البرية والبحرية الطويلة وحماية التجارة.

– بالإضافة إلى ذلك، جادل مسئولى الحزب الشيوعى الحاكم بأن التطور العسكرى الصينى دفاعى بطبيعته، ويساعد فى التحديث، وهو جزء صغير فقط من الناتج المحلى الإجمالى للبلاد.

– تحدى الجيش الأمريكى: أن الصين ليس لديها القدرة أو العقل أو النية الثقافية لتحدى الولايات المتحدة عسكرياً، لأن الولايات المتحدة تساعد في الرخاء العالمى من خلال حمايتها لمصالح العالم – وفقاً لمناهج السياسة فى الصين – مع تغير الظروف الآن بعد الحرب التجارية وجائحة كورونا.

4- نموذج مدينة (تشونغتشينغ) فى الصين ومحاولة تعميمه: مثال على التجربة الصناعية والإقتصادية الناجحة

أ) أن مدينة (تشونغتشينغ) الغربية كانت ناجحة للغاية فى جذب الصناعة: مما يمنع المشاكل الإجتماعية التي تنتج عن إنتقال العمالة المحتملة إلى مدن أخرى، حيث تفتقر إلى وضع الإقامة.

ب) نموذج محتمل للتعميم: لأنه يمثل بداية مثيرة للإعجاب للغاية فى الصين، فإذا ثبت نجاحه، فقد يكون نموذجاً لمدن أخرى.

5- مطالبات بحر الصين الجنوبى

أ) مطالبات موضحة للصين: مطالبة الصين بالأراضى فى بحر الصين الجنوبى ليست مطالبة على البحر كله، ولكن إلى الجزر و 12 ميلاً بحرياً حول تلك الجزر.

ب) مدونة قواعد السلوك: إعلان عام 2002 بشأن (مدونة قواعد السلوك) الموقعة بين الصين و (منظمة الآسيان) هو طريقة جيدة لحل المشكلة. كما أنه منذ ذلك الحين، إستمر آخرون من دول (الآسيان) فى الحفر، لكن الصين لم تفعل ذلك، مفضّلةً الإنتظار لإيجاد حل سلمى.

ومن خلال العرض السابق، حاولت الباحثة المصرية بشكل مختصر الإلتزام بأهم المسارات التى تحكم العمل السياسى فى الصين داخلياً وخارجياً وإقليمياً ومحاولة تطبيقها وفهمها فى أقسام العلوم السياسية الخاصة بنا لتطويرها بإدخال السياسة الصينية فى مناهجنا التعليمية. ووفقاً لأهم أقسام دراسات السياسات الصينية فى العالم، فإن أهم أجزائها كالتالى:

– الجزء الأولى: نماذج النظام السياسى الصينى وهيكل الحزب / الدولة الصينية
– الجزء الثانى: سياسة النخبة فى الصين
– الجزء الثالث: عملية صنع السياسة فى الصين
– الجزء الرابع: فهم المشاركة المجتمعية فى السياسة فى الصين
– الجزء الخامس: الإقتصاد السياسى المحلى والدولى فى الصين
– الجزء السادس: مستقبل الصين: الديمقراطية أو “الإستبداد المرن”

– أهم المسارات التى تحكم البنية الإجتماعية داخل الصين قديماً وحديثاً

– الجزء الأولى: البنية الإجتماعية والتعليم فى الصين الإمبراطورية
– الجزء الثانى: التعليم والتنقل الإجتماعى فى الصين المعاصرة
– الجزء الثالث: التنقل الإجتماعى وتوزيع الثروة فى آواخر عهد الإمبراطورية الصينية والصين المعاصرة
– الجزء الرابع: توزيع الثروة وتغيير النظام فى الصين القرن العشرين

– رابعاً: بداية ظهور حقل العلوم السياسية فى الصين

يمكن أن يعود ظهور العلوم السياسية الصينية الحديثة إلى أوائل القرن العشرين عندما أنشأت عدة كليات (رائدة من قبل الجامعة الإمبراطورية فى بكين، تسمى الآن جامعة بكين) أقسام القانون والعلوم السياسية. ظهر العديد من العلماء السياسيين المعروفين فى ثلاثينيات القرن العشرين فى عام 1932، مثل:

(Gao Yihan – Xiao Gongquan – Deng Chuming – Zhang Weici – Qian Duansheng)

وتم تأسيس (جمعية العلوم السياسية الصينية) بحلول عام 1946، كان لدى الجمعية حوالى 140 عضواً. سيطرت المقاربات الغربية للإنضباط على الدراسات السياسية الصينية فى الأيام الأولى لأن العديد من الأساتذة فى الصين تلقوا تدريبهم فى الغرب ثم قدموا منهجاً غربياً للصين. ومع ذلك، فإن التطور التأديبى والفكرى للعلوم السياسية الصينية الحديثة لم يسير بسلاسة. لقد شهدت صعوداً وهبوطاً طوال معظم القرن العشرين، إلى جانب الثورات فى البلاد، الحروب والإضطرابات السياسية.

لسوء الحظ، توقف تطوير النظام بسبب الحرب الأهلية فى أواخر الأربعينيات، ثم تم إلغاؤها بالكامل كنظام مستقل من قبل النظام الشيوعى الجديد خلال إعادة تنظيم حملة التعليم العالى على الصعيد الوطنى فى عام 1952.

وفقاً للفكر الشيوعى، فإن العلوم الإجتماعية (خاصة العلوم السياسية) هى “علم مزيف” وأداة تستخدمها البرجوازية للسيطرة على الناس والمجتمع. علاوة على ذلك، فإن هيمنة المقاربات الغربية فى الميدان جعلت القادة الشيوعيين والعديد من النخب الفكرية الصينية يعتقدون أن ممارسة تبنى العلوم الإجتماعية الغربية فى الصين يجب إصلاحها بالكامل. بعد وصوله إلى السلطة، قام النظام بنسخ (نظام التعليم السوفييتى)، حيث لم يكن للعلم السياسى مكان. بعض الحقول الفرعية للعلوم السياسية.

– خامساً: حالة مجال العلوم السياسية الصينية

تم دمج الدراسات المرتبطة بعلم السياسة مثل: (الفكر السياسى، والسلطة الحكومية، والدساتير المقارنة) فى كليات الحقوق. وتم إستبدال البعض الآخر بــ (النظريات الماركسية أو دراسات الحركة الشيوعية الدولية)، حيث ترتبط “السياسة فى المقام الأول بالإيديولوجية” بدلاً من الانضباط العلمى. ونتيجة لذلك، تم قمع الانضباط العلمى والمستقل للعلوم السياسية بشدة واختفى لمدة ثلاثة عقود قبل فجر الإصلاح والإنفتاح فى أواخر السبعينيات.

تميزت إعادة تأسيس العلوم السياسية في الصين المعاصرة بــ “المؤتمر التأسيسي للرابطة الصينية للعلوم السياسية” فى ديسمبر 1980 فى بكين، بتشجيع من دعوة من الزعيم الصينى الجديد “دينغ شياو بينغ” تنص على أن الصين بحاجة إلى اللحاق بأبحاث العلوم الإجتماعية.

تم مناقشة القضايا الرئيسية خلال الإجتماع، بما فى ذلك كيفية إعادة (إطلاق أبحاث العلوم السياسية في الصين)، وكيفية تحديد المهمة والأهداف ونطاق الانضباط أثناء مواجهة العداء المتبقي تجاهه. كما تمت الموافقة على “البرنامج الوطنى لأبحاث العلوم السياسية لمدة خمس سنوات (1981-1985)”. من الجدير بالذكر أن التطور المبكر للإنضباط المستعاد للعلوم السياسية تميز بإحياء مهيمن للدراسات الدولية المستمدة من “دراسات الحركة الشيوعية الدولية” فى عصر ماو، مع المجالات الفرعية الأخرى مثل السياسة المقارنة والسياسة الصينية يجري متخلفة نسبياً. على مدى العقد التالى، تم إنشاء أقسام العلوم السياسية والجمعيات المحلية للعلوم السياسية تباعاً عبر الصين. تم تنشيط البرامج التدريبية والمشاريع البحثية والتبادلات الأكاديمية وإزدهرت مرة أخرى. كل هذا فتح آمالاً جديدة للعلوم السياسية فى الصين.

– سادساً: تحديد إنضباط العلوم السياسية فى السياق الصينى

العلوم السياسية هى فرع من العلوم الاجتماعية التى تتعامل بشكل مكثف مع تخصيص السلطة والموارد فى الحياة العامة، وأنظمة الحكم، وتحليل الأنشطة والسلوك السياسى على المستوى المحلى،
على المستوى القومى والوطنى والدولى ومع ذلك، لا يوجد فهم مشترك لمعنى ونطاق ومجالات العلوم السياسية الفرعية داخل الصين، والتى تم تشكيلها بواسطة الحالة السياسية والأيديولوجية الصينية والمسار التنموى للإنضباط. قبل الإنتقال إلى حالة الإنضباط، من المهم تحديد إنضباط العلوم السياسية فى السياق الصينى، كالتالى:

– أولاً، تشابك العلوم السياسية الصينية منذ فترة طويلة بالبحث والتعليم الماركسيين: حتى أن بعض العلماء الصينيين دافعوا عن العلوم السياسية الصينية على أنها “العلوم السياسية الماركسية”، التى يجب أن تلتزم بمبادئ وآراء وأساليب الماركسية. منذ عام 1984 ، كان “التعليم الإيديولوجى والسياسى”، الذى يركز على الأيديولوجيات السياسية للحزب، جزءاً لا يتجزأ من تدريس العلوم السياسية، حيث حصلت 139 جامعة على درجات البكالوريوس ذات الصلة فى عام 2003. يتم تدريس الدورات الإلزامية على نطاق واسع لجميع الطلاب عبر التخصصات، مثل:

“Zhonggong dangshi” – (تاريخ الحزب الشيوعى الصينى)
“Makesi zhuyi zhengzhi jingji xue” – (الإقتصاد السياسى الماركسى)
“Kexue shehui zhuyi” ( – (العلمية الإشتراكية أو الإقتصاد السياسى الماركسى

وفى السنوات الأخيرة، أنشأت واحد وعشرون جامعة صينية على الأقل منفصلة (مدارس ماركسية) لتسهيل البحث والتعليم الماركسى. على الرغم من أنه من المهم الإعتراف بهذا التعقيد فى العلوم السياسية الصينية، إلا أن البحث والتعليم الماركسيين لن يكونا محور دراستى بالأساس. بالنظر لوجود مستجدات أخرى حديثة فى الصين أولى بالدراسة المعاصرة.

– ثانياً، إن العلاقات بين العلوم السياسية الصينية وحقولها الفرعية وغيرها من التخصصات المرتبطة بها أمر صعب التغلب عليه بدقة: فوفقاً لوزارة التعليم الصينية، يعد العلوم السياسية نظاماً “من المستوى الأول” فى إطار مجموعة الانضباط في القانون، ويتكون من ثمانية حقول فرعية (تخصصات “المستوى الثانى”)، بما فى ذلك النظرية السياسية والمؤسسات السياسية المقارنة والاشتراكية العلمية والاشتراكية. الحركة الشيوعية الدولية، تاريخ الحزب الشيوعي الصيني، السياسة الدولية، العلاقات الدولية، والدبلوماسية.

ومع ذلك، من الناحية العملية، لكل جامعة تكوين إدارى خاص بها وأقسام فرعية للعلوم السياسية، والتى يتم تحديدها من خلال أولوياتها البحثية وخطتها التنموية. فى حين أن هناك جامعات في الصين بها مزيج هجين من الدراسات السياسية والإدارة العامة والعلاقات الدولية، فإن معظم الجامعات لديها الأقسام الثلاثة المنفصلة، على الرغم من أنها قد تقيم فى نفس المدرسة. فى بعض الجامعات الكبرى (مثل جامعة رنمين في الصين وجامعة شينخوا).

وتعتبر (الإدارة العامة) مدرسة قائمة بذاتها منفصلة عن العلوم السياسية والعلاقات الدولية. وفى الوقت نفسه، لكل العلوم السياسية الصينية، والعلاقات الدولية، والإدارة العامة لكل منها مجلاتها، وجمعياتها، وإجتماعاتها. الأكثر إثارة للإهتمام، فى بعض الجامعات.

يخضع تخصص العلوم السياسية لــ (مدرسة الشؤون العامة)، بينما فى أقسام أخرى (على سبيل المثال فى جامعة بكين)، يوجد قسم العلوم السياسية فى (مدرسة الحكومة)، والتى يمكن أن تكون منفصلة عن مدرسة العلاقات الدولية. ونتيجة لذلك، يوجد فى الصين تمييز بين ما يسمى بــ (العلوم السياسية الكبرى)، والذى يشمل جميع المجالات ذات الصلة، و “العلوم السياسية الصغيرة”، والتى تتضمن عادةً (النظرية السياسية، السياسة الصينية، السياسة المقارنة، والسياسة الدولية).

وستركز الباحثة المصرية هنا بشكل أساسى على “العلوم السياسية الصغيرة” لما لذلك من دلالة هامة.

وتجدر الإشارة هنا، إلى أن نطاق العلوم السياسية فى الصين لا يزال يخضع للتغيير، وإلى جانب إضفاء الطابع المؤسسى والإحتراف والتدويل فى النظام، فإنه يقترب من المعايير المشتركة من دول أخرى. ستتعرض الباحثة لها لاحقاً.

– سابعاً: تطورات وإنجازات العلوم السياسية الصينية

أظهرت العلوم السياسية الصينية إنجازات ملحوظة من حيث الكم والنوع على مدى العقود الثلاثة الماضية، ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى إصلاح وتحول السياسة الصينية فى حقبة (ما بعد ماو)، فضلاً عن التغييرات فى طرقنا لإجراء البحوث السياسية. على الرغم من أنه لا يزال يواجه قيوداً أيديولوجية ونقصاً فى الكفاءة، إلا أنه يمكن ملاحظة (إحياء العلوم السياسية كنظام مستقل)، يتجلى فى إضفاء الطابع المؤسسى، والإحترافية، والتدويل، فى الصين المعاصرة.

– ثامناً: إضفاء الطابع المؤسسى على العلوم السياسية فى الصين
يتضح تطور العلوم السياسية فى الصين (ما بعد ماو) من خلال (إضفاء الطابع المؤسسى) المتزايد على التخصص باعتباره مجالاً مميزاً للدراسة. ظهرت البنية التحتية “الكليات الجامعية”، بما في ذلك الأقسام الجامعية ومراكز البحوث والمشاريع التعليمية والجمعيات المهنية والمجلات العلمية والمؤتمرات الأكاديمية، واحدة تلو الأخرى، مع تزايد المدخلات من الموارد البشرية. فضلاً عن إنشاء صناديق البحث، ومخرجات مثمرة من حيث النشر العلمى والدبلومات. فى عام 1985، كان هناك فقط حوالى 100 مدرس محترف و 535 طالب بكالوريوس و 93 طالب ماجستير وأكثر بقليل من 100 كتاب جامعى فى العلوم السياسية. ولكن نظراً لتقدم حقل العلوم السياسية، خلال الفترة 2006-2010 ، وفقاً لمسح غير مكتمل، كان هناك حوالى 150 معهداً و 10000 باحثاً متخصصين فى البحث السياسى، وأجروا أكثر من 700 مشروع منح برعاية الدولة وأنتجوا أكثر من 70.000 مقال وبحث أكاديمى، 4000 كتاب و 450 نصاً. ومن هنا نجد أن التقدم العام واضح.

– تاسعاً: الإنجازات الصينية فى إنشاء المجلات والجمعيات الخاصة بحقل العلوم السياسية

بالإضافة إلى بعض المجلات متعددة التخصصات التى تقبل مقالات وأبحاث العلوم السياسية، ظهرت مجلات متخصصة فى العلوم السياسية. على سبيل المثال، فى عام 1985 أطلق (معهد العلوم السياسية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية) برنامج (أبحاث العلوم السياسية)

Zhengzhi xue Yanjiu

وفى السنوات الأخيرة، ظهرت بعض (المجلات الأكاديمية الصينية باللغة الإنجليزية فى العلوم السياسية)، مثل:

تم إنشاء (مجلة العلوم السياسية الصينية، والمجلة الصينية للسياسة الدولية، ومراجعة العلوم السياسية الصينية، ومجلة فودان للعلوم الإنسانية والعلوم الإجتماعية)، من قبل العلماء والمعاهد الصينية. تلقت هذه المجلات الإنجليزية اعترافاً دولياً تدريجياً من خلال إعتماد نظام صارم للمراجعة، وجذب عدد متزايد من الباحثين للنشر فيها من خارج الصين. وتم إنشاء العديد من الجمعيات الخاصة بالعلوم السياسية سواء الجمعيات المهنية، وكذلك العديد من المنظمات المحلية، وتدشين جمعية العلوم السياسية الصينية
(CPSA)

ويرجع إنتشار تلك الجمعيات الصينية للعلوم السياسية، بفضل الإستخدام الشعبى الصينى لحساب (وى تشات) عند الصينيين الذى يماثل خاصية تطبيق (الواتس آب) للمحادثات والدردشة.
WhatsApp & WeChat

تم إنشاء العديد من مجموعات الدردشة عبر الإنترنت التى تركز على الدراسات السياسية. لا تعمل هذه المنصات على تسهيل المناقشة اليومية والتبادل الأكاديمى وبناء الشبكات فحسب، بل تساهم أيضاً فى تنظيم العديد من المؤتمرات وورش العمل والندوات.

من ناحية أخرى، أصبحت الحكومة الصينية الآن بفضل تبنيها نظام (الإقتصاد المخطط) من قبل الدولة الصينية الآن مكرسة بشكل متزايد للمنح الدراسية بقيادة الحزب والدولة فى مجالات العلوم السياسية لخدمة أغراض تحديث الدولة وبرامج الحزب وسياساته والخطاب السياسى المحلى، إستثمرت الدولة الصينية والحزب الشيوعى الحاكم على نطاق واسع فى بناء أنواع مختلفة من مراكز البحوث فى الدراسات السياسية، ليس فقط فى الجامعات ولكن أيضاً فى (المدارس الحزبية وأكاديميات العلوم الإجتماعية، ومراكز الفكر وحتى داخل الحكومة).

ورعت الحكومة بشكل كبير عدداً كبيراً من (مؤسسات أبحاث الدولة) التى يمكن للباحثين السياسيين التقدم لها. فى عام 2017، اختارت الدولة أقسام العلوم السياسية فى ست جامعات صينية، وهى: (جامعة بكين، جامعة فودان، وجامعة رنمين، وجامعة شينخوا، وجامعة الصين للدراسات الأجنبية، وجامعة وسط الصين للمعلمين) لبناء حقل مستقل للعلوم السياسية يماثل أو يعادل “نظام من الدرجة الأولى لتدريس العلوم السياسية فى جامعات العالم”. هذا الإستثمار الضخم من قبل الدولة قد يعزز الدراسات السياسية فى الصين.

ومع ذلك، فإن إشراك السلطات قد يثير أيضاً مخاوف لدى البعض بشأن إستقلالية البحث الأكاديمى فى العلوم السياسية، وهو ما ستعود هذه الدراسة إلى القسم التالى.

– عاشراً: إحترافية ومهنية العلوم السياسية فى الصين

ذهب إضفاء الطابع المؤسسى على العلوم السياسية الصينية جنباً إلى جنب مع إحترافها. هناك (جانبان أساسيان) لإضفاء الطابع المهنى على الدراسات السياسية فى الصين، هما:

– الجانب الأول، الإهتمام بالتدريب العملى من خلال (الإعدادات المؤسسية) لتأهيل الباحثين الصينيين، وتم وضع معايير وقيم مشتركة لتأكيد الإحتراف فى المجال البحثى: لقد أدى تبنى التدريب المهنى فى المفاهيم والنظريات والأساليب إلى رفع قدرات علماء السياسة الصينيين على إجراء بحوث صارمة وجادة، بالإضافة إلى دورات مصممة جيداً. فعندما أدرجت (جامعة فودان فى شنغهاى) عام 1982 برنامج التدريب الأول لبحوث العلوم السياسية وتدريسها، لم يكن هناك سوى أربعة عشر مشاركاً وعدداً محدوداً من الدورات التدريبية، ولكنها الآن توسعت بشكل كبير.

ومع ذلك، يمكن لأقسام العلوم السياسية الصينية فى الوقت الحاضر توفير أنواع مختلفة من الدورات المطلوبة والإنتقائية من البكالوريوس إلى مستوى الدكتوراه، بدءاً من (الفكر السياسى الغربى إلى الإقتصاد السياسى، من الفلسفة السياسية إلى نظرية الألعاب، من السياسة الصينية إلى السياسة المقارنة، ومن العمل الميداني إلى البحث المسحى).
أصبح منهج العلوم السياسية أعمق وأكثر شمولاً، وأدرج الأدب الإنجليزى على نطاق واسع فى المناهج الدراسية، على الرغم من أن كل جامعة قد تحافظ على خصائصها الخاصة ولا تزال هناك فجوة بين أفضل الجامعات وغيرها من الرتب الدنيا من الجامعات. بالإضافة إلى ذلك، يتم توفير العشرات من الدورات التدريبية اللامنهجية فى طرق البحث ومختلف الموضوعات الأخرى خلال فترات الراحة الصيفية أو الشتوية.

يتم تنظيم العديد من الدورات التدريبية لطلبة العلوم السياسية فى الجامعات الصينية بالتعاوم مع عدد من الجامعات الغربية والأمريكية، ويتم تدريسها من قبل أساتذة أجانب. مثال أساسى هو “المدرسة الصيفية لطرق البحث فى العلوم السياسية” التى قدمتها (جامعة ديوك) الأمريكية والعديد من الجامعات الصينية، مع ما لا يقل عن 1500 خريج منذ عام 2006.

ومن حيث البحث فى المجال السياسى، فعلى الرغم من أنه لا تزال هناك العديد من الدراسات السياسية التى أجريت على النمط التقليدى، فإنه ليس من غير المألوف فى الوقت الحاضر رؤية بحث صينى فى مجال السياسة بدون عمل (إجراءات تطبيقية وتصميمات تحليلية) صارمة، سواء كانت تلك البحوث المقدمة إلى المجلات العلمية المتخصصة أو المؤتمرات الصينية. ويمكن أن يعزى ذلك إلى الدورات التدريبية المختلفة المذكورة أعلاه، وحقيقة أن عدداً متزايداً من العلماء السياسيين الشباب العائدين قد تلقوا تدريبهم وشهادة من الخارج. إن محاولات جعل البحث السياسى “علمى” واضحة ومثمرة للغاية. على سبيل المثال، تمت ترجمة مجموعة واسعة من الكتب المنهجية إلى الصينية وأدرجت فى فصول جامعية، مثل سلسلة كتاب:

“Wanjuan Fangfa” (طرق لا حصر لها)

تظهر الإستطلاعات الآن أن الدراسات التجريبية تحتل الآن ما يقرب من ثلث البحوث السياسية فى الصين وتظهر (إتجاهاً تصاعدياً) فى الإهتمام. علاوة على ذلك، على الرغم من أنه لا يزال أقلية، إلا أن البحث الأكثر تعقيداً باستخدام الإنحدار الإحصائى، والنماذج الرسمية، وحتى التجارب أيضاً.
مؤشر آخر على إحتراف الدراسات السياسية فى الصين هو (إنخفاض حالات الإنتحال فى العمل الأكاديمى)، الذى كان يمثل مشكلة خطيرة فى أبحاث العلوم الإجتماعية الصينية. والجدير بالذكر أن هذه التحسينات المنهجية مستمدة بشكل كبير من (إدخال وتطبيق المناهج الغربية للبحث السياسى الصينى). هذا قد تسبب أيضاً فى نقاشات بين العلماء الصينيين، وهذه النقطة سوف أتطرق إليها فى القسم التالى.