أخباراتصالات وتكنولوجياتأمينعام

“أوسيد” تصدر مدونة لأخلاقيات استخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي وتطبيقاته بالعالم

كتبت – اية حسين

أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “أوسيد” أول مدونة عالمية لأخلاقيات استخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي وتطبيقاته فى بلدان العالم تهدف الى ضمان الاستخدام والتطبيق النزيه والعادل والآمن لمبتكرات الذكاء الصناعي والحيلولة دون تحوله الى “مهلكة للبشرية ” أو الانحراف به إلى ما لا يمكن السيطرة عليه وبخاصة فى التطبيقات ذات الطابع العسكرى والفضاء الخارجى.

يأتى إعلان “أوسيد” عن مدونة السلوك العالمى فى مجال التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته قبل أيام من قمة مجموعة العشرين التى تضم أكبر عشرين بلدا صناعيا على مستوى العالم ، كما ارسلت المنظمة توصياتها فى هذا الصدد إلى اللجنة الدولية للذكاء الاصطناعى لوضعها موضع التطبيق فيما يتعلق بالآثار السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعى وتطبيقاته على أوجه الحياة الطبيعية والاستفادة التكنولوجية من تلك التطبيقات للبلدان النامية ، فضلا عن الاعتبارات المتعلقة بحقوق الانسان والحريات حول العالم.

وصرح  اندرو ياكوف مدير العلوم والتكنولوجيا والابتكار فى منظمة “أوسيد”، إن ما تم التوصل اليه يمكن ان يشكل قاعدة شاملة لمنظومة تشريعية دولية مأموله تضبط تطبيقات الذكاء الاصطناعى حول العالم وتضمن أقصى استفادة منها فيما يخدم البشرية ويجنبها لما وصفه “بالانحرافات التكنولوجية الشريرة ” فى عالم الصناعة المتقدمة.

وأشار فى تصريحات بمقر الأمم المتحدة إلى أن الذكاء الاصطناعى لا يجب ان يكون خارجا فى تطبيقاته عن متطلبات وضوابط الذكاء البشري الذى يتعين أن يتسم أول ما يتسم به “بالأخلاقية” و”النفع” لعموم أبناء الجنس البشرى فى كافة أصقاع الارض ، وبدون ذلك ينقلب الذكاء الاصطناعى الى قوة مدمرة للعلوم الانسانية.

ولتحقيق ذلك تضمنت مدونة السلوك العالمية لتطبيقات الذكاء الاصطناعى حزمتين من الضوابط تتضمن الأولى منها خمسة بنود تتعلق بأسلوب التعامل مع الذكاء الاصطناعى والاستفادة منه ، و فى مقدمتها ان تكون تطبيقات الذكاء الاصطناعى موجهة لنفع الشعوب وتحقيق تنميتها المستدامة ورفاه عيشها ، كذلك ان تراعى أية تطبيقات للذكاء الاصطناعى اعتبارات حقوق الإنسان فى الأمن والحفاظ على التنوع واحترام العقل البشرى وتدخلاته عند الضرورة لضبط التحولات التكنولوجيا المتقدمة والخادمة للمجتمعات كافة.

كما شددت المدونة على ضرورة أن تكون تطبيقاته ذات افصاح شامل عنها تحقق الشفافية من الاستفادة لتلك التطبيقات والانتباه الى الاخطار التى قد تحدق بالبشرية نتيجة تلك التطبيقات اذا انفلت عيارها بعيدا عن سيطرة الذكاء البشرى وهو ما يتطلب اعادة التقييم المستمر والدائم للاثار والنتائج المترتبة على تطبيقات الذكاء الاصطناعى وصولا الى سبل التصدى لها والقضاء عليها ومعالجتها قبل ان تتفاقم ، واخيرا اقترحت مدونة السلوك العالمى للذكاء الاصطناعى وضع ضوابط للمساءلة لكل من ينتهك تلك المبادىء وكذلك وضع أليات المعاقبة والتقويم.

الحزمة الثانية من التوصيات تتعلق بأوجه التعاون الدولى فى مجال الذكاء الاصطناعى وضوابطه ذات الطابع السياسى وفى مقدمتها ضمانة تمكين بلدان العالم من الاستثمار الفعال فى مجالات الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته وتعزيز الاستثمارات الدولية فى هذا الصدد وبناء قدرات الدول على تعميق استفادة شعوبها من التكنولوجيا الرقمية المتطورة التى هى أساس الذكاء الاصطناعى بما فى ذلك تأهيل قطاعات العمل فى دول العالم وبخاصة الدول النامية على التعامل مع التكنولوجيا المتطورة من خلال شبكة تعاون دولية فعالة و مؤثرة.

وكانت تلك التوصيات والمبادىء ثمرة جهد متصل قامت به لجان نوعية للذكاء الاصطناعى فى منظمة / اوسيد / ضمت ممثلين عن الحكومات ومراكز الابحاث الدولية ومجتمعات العلوم والبحوث الأكاديمية فى 20 دولة من دول العالم هى الانشط فى مجال الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته ، و شهد مقر اوسيد فى المنظمة الدولية اربع ورش عمل تحت هذا العنوان بدأت فى سبتمبر 2018 و انتهت فى فبراير 2019 ببلورة افكار محددة لميثاق عالمى للذكاء الاصطناعى بدأت معالمه تتضح بصورة اولية فى ” مدونة السلوك ” التى اصدتها / اوسيد / هذا الاسبوع.

ولعبت الولايات المتحدة دورا فعالا من خلال مشاركتها فى تلك الاجتماعات اذ شارك فيها وفد من خبراء وزارة التجارة الامريكية والمركز الوطنى الأمريكة للتكنولوجيا والعلوم ، وفى ابريل الماضى قدمت البروفيسور لين باركر مساعد مدير ابحاث الذكاء الاصطناعى فى مكتب العلوم والتكنولوجيا التابع للحكومة الامريكية عرضا لرؤية الولايات المتحدة لمستقبل ادارة النظام العالمى الجديد للذكاء الاصطناعى وتطبيقاته اكدت فيه استمرار وحرص الولايات المتحدة على مواصلة دورها النشط فى دعم بحوث الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته فى مجالات التنمية الدولية.

كذلك مثل ميشيل كراتيسيوس نائب مساعد السياسات فى مكتب العلوم و التكنولوجيا الامريكى بلاده فى اجتماعات المنتدى الوزارى لمنظمة / اوسيد / فى دورته للعام 2019 التى استضافتها باريس مطلع هذا الشهر لوضع المسودة النهائية لمدونة السلوك العالمى للذكاء الاصطناعى.

وبرغم اعتبارهم ان التوصل الى تلك المدونة هو خطوة هامة من جانب ” الذكاء البشرى ” لضبط الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته تحت سيطرة الانسان لما فيه الشعوب والانسانية ، فهناك خبراء يرون أن المدونة لا تعدو كونها مجموعة ضوابط عامة تفتقد الى آليات الالزام السياسى بها للحكومات التي باتت تستثمر سنويا مليارات الدولارات فى تطبيقات الذكاء الاصطناعى وهى الاستثمارات المتوقع تصاعدها خلال الأعوام الخمسة القادمة لا سيما فى مجالات التطبقيات ذات الطابع العسكرى والفضائى والرقمى.

وجاء اصدار تلك المدونة كميثاق شرف لاستخدامات الذكاء الاصطناعى بعد مشاورات ختامية بدأت مطلع هذا الشهر وحظيت بموافقة أولية من الدول الاعضاء فى “اوسيد” وعددها 36 دولة اضافة الى موافقة الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى ليست أعضاء فى المنظمة مثل رومانيا وبيرو وكوستاريكا وكولومبيا و البرازيل والأرجنتين.