أخبارعام

لماذا؟ بقلم شرين الجوهرى

طوت ورقتها التى اعتادت أن تبسطها كلما ضنت عليها ذكرياتها بحسها الدفين وكلما استشعرت الحنين لنوع مستعذب من الأنين رصده الزمان ساعات قليلة وهو في جنبات صدرها أزمنة طويلة.
رمقته طويلا قبل أن ينهض وتنهض معه أحلامها تصافحها مودعة وابتسمت ساخرة من نفسها و من قلبها الذي طالما تمرد عليها وهو يطالبها بسخط أن تترك له الزمام ولو مرة واحدة، فكانت الليلة البائدة.
جلس قبالتها ومرت فسحة من الوقت راق لذهنها فيها أن ينتقى مجموعة من أجمل صور الماضي حيث جمعتهما لقاءات عديدة منها ما اختصتها الطفولة ببراءتها وشقاوتها ومنها ما احتفظ لها الصبا بالاحاديث العابرة والإبتسامات الخجلي… وقفرت بها الذكرى عبر سنوات طويلة لم تره فيها إلى أيام قليلة سبقت هذا اللقاء الأخير.
بتلك الأيام، لم تتساءل كيف عاد وكيف واصلا الكلام وكأن تلك السنوات قد سقطت من حسابات عمريهما… استسلمت فقط لشعور تمنت أن تسكبه في عروق كل من عرف للحقد أو الكراهية معنى، فيدفعه لأن يحتضن عدوه وقلبه زاخر بالتسامح واللين.. شعور ظنته يستحيل إلى كلمات تستثير الشفقة في قلوب أعتى المجرمين.. شعور خالته حكما غير منطوق ببراءة كل سجين.
اتسعت ابتسامتها وهى تتذكر عرضه إليها منذ يومين أن ينزلها أميرة على عرش قلبه وحياته.
أفاقت وهي تشعر بالخجل من نفسها، فها هو أمامها يرمقها ويبدو كمن يستعد لحديث طويل.
ومرت دقائق ولم تبتسم كعادتها معه، لم تفهم وإن أجادت الإستماع.
حانت منها التفاته إلى أصابعه فألفتها مرتجفة تكاد تلتهم سيجارته قبل أن تصل الى فمه.
أعادت النظر إلى عينيه.. نفس النظرة الشاخصة بيد أنها افتقدت رسولها إلى قلبها فلم تكن خفقتة تلك المرة إلا إنذارا.. لماذا ارتعشت الكلمات على لسانه رغم شعورها بصدقه ؟ وهل الصدق يورث الخوف ؟ بثها الكثير من كلمات الإطراء وكأنها الاميرة الحسناء تتهادى في حديقة غناء.
أخبرها انه يشعر بالعجز تجاهها وتجاه براءتها ويخشى القرب منها وهي التى حركت في نفسه مشاعر الانسان الذي خاصمة حين أسلم نفسه لأوقات خادعة يرشف من كؤوس لذة ضائعة، فهاب ان يطرق بابا يفتحه الصدق على مصراعيه، إذا فلا عليه.
الصدق صار ضربا من الخيال والحب قصرا واهيا من قصور الرمال والنقاء درب من يسعى لواحة المحال، وهكذا، بدت له وكأنها لحن ناعم شاذ في مقطوعة موسيقية صاخبة.. وكأنها لغز في زمن يكتفي الناس فيه بحل الكلمات المتقاطعة.. أما هو فبدا حائرا وبرغم آرائة الواثقة في معاني الحب والحياة إلا انها لم تخطئ نظرة ما في عينية حملت إليها ترددا وتوددا وخوفا وأملا ورغبة ورهبة وفي لحظة هب قلبها وتصدر إحساسها بوجوب نهاية اللقاء كل مشاعرها.
نهضت وابتسمت لكنها لم تكن الإبتسامة التى كادت أن تعتادها خلال الأيام القليلة الماضية. أعفته من عرضه.. هم بأن يعترض.. شعرت بالدهشة ومرت لحظات تمنت فيها أن تزيح دموعهما ثقل اللحظة التى تجمعهما. تمنت لو استطاعت ان تمحو من عينيه هذا الإضطراب ومن قلبة أى ذرة اسف.. ومضت لحظة التمنى، ومضى هو ومضى قلبها يلومها وتلومه وتوالت الأيام والسؤال في قلبها لا ينام: أهى حقيقة ام منام؟!!