تحليل بي دبليو سي: شركات الشرق الأوسط تعيد ابتكار نفسها
استعداداً للعقد القادم مع إعادة تشكيل 300 مليار دولار من القيمة الإقليمية في 2025.

ايه حسين
تُواجه ثلاثة أرباع القطاعات في منطقة الشرق الأوسط ضغوطاً لم يسبق لها مثيل على مدار الخمس والعشرين سنة الماضية لإعادة تصميم نماذج أعمالها
تشهد قطاعات على غرار المعادن والتعدين، والنقل والخدمات اللوجستية والكيماويات وخدمات الأعمال والاتصالات ضغوطاً غير مسبوقة على الإطلاق
تُعد قطاعات على غرار الطاقة والتأمين والبنوك والأسواق المالية من بين أكثر القطاعات المعرضة للمكاسب أو الخسائر في عام 2025، حيث قدَّرها خبراء الاقتصاد لدى بي دبليو سي بما يصل إلى 30,8 مليار دولار لقطاع الطاقة و13,7 مليار دولار لقطاع التأمين و11,8 مليار دولار لقطاع البنوك والأسواق المالية
الرياض، المملكة العربية السعودية: أوضحت بي دبليو سي الشرق الأوسط في أحدث تقاريرها أن منطقة الشرق الأوسط تقف على أعتاب نقطة تحول كبرى في مجال إعادة تصميم نماذج الأعمال مع بلوغ الضغوط التجارية ذروتها في مجموعة من القطاعات الرئيسية خلال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين. ويظهر تحليل خبراء الاقتصاد لدى بي دبليو سي أن الضغوط على ثلاثة أرباع القطاعات في المنطقة وصلت إلى ذروتها أو اقتربت منها بفضل التحولات المتسارعة في التكنولوجيا والتجارة والتحول في قطاع الطاقة ومخاطر المناخ، ما يؤدي إلى إعادة رسم ملامح اقتصاد المنطقة بشكل أسرع من أي وقت مضى في العشرين عاماً الماضية.
عقد يتسم بإعادة الابتكار
خلال العقد القادم وفي ظل ما يشهده العالم من تحول في قطاع الطاقة وتنامي دور الذكاء الاصطناعي والمخاطر المناخية وإعادة تشكيل الترتيبات التجارية وما يترتب على ذلك من تلاشي الحدود التقليدية للقطاعات حيث ستتمكن الشركات التي تبادر إلى اتخاذ خطوات مبكرة وحاسمة من تحقيق أكبر قدر من القيمة. ويقدر خبراء الاقتصاد لدى بي دبليو سي أن نحو 300 مليار دولار أمريكي من القيمة المعاد توزيعها في مختلف قطاعات الشرق الأوسط، ما يشير إلى تصاعد ضغوط إعادة الابتكار وتسارع وتيرة التحول خلال العقد المقبل. وباتت تتلاشى الحدود التقليدية للقطاعات مع بروز مجالات نمو جديدة تتمحور حول احتياجات البشر الأساسية بطرق جديدة كلياً والمتمثلة بأساليب الصناعة والبناء والتنقل التي نعتمدها، وموارد الطاقة والتغذية التي نستخدمها، إضافةً إلى أساليب الرعاية بأنفسنا. وتعتمد تلك الاحتياجات على عوامل تمكينية أساسية مثل طرق التواصل والحوسبة والتمويل والتأمين والحوكمة وتقديم الخدمات خلال تلك المرحلة التحولية. وتمثل عملية التحول بالنسبة لقادة الأعمال فرصة ومعضلة استراتيجية في آن واحد، ولا تكمن المعضلة في قبول إعادة التصميم من حيث المبدأ وإنما في كيفية التنفيذ والتوقيت المناسب لذلك.
وفي هذا السياق، صرحت منى أبو هنا، رئيسة الشؤون المؤسسية والعلاقات في شبكة بي دبليو سي، قائلةً: “لا شك أن التوقيت عامل حاسم في تحديد نجاح أو فشل عملية إعادة التصميم لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، حيث يعد العقد القادم بتحول كبير على نطاق غير مسبوق. إن التغيّرات التي شهدناها في عام 2025، والتي تمثل نحو 300 مليار دولار أمريكي من القيمة في أسواق المنطقة، ليست سوى بداية عقد يتّسم بالتحوّل الجريء.”
تصاعد الضغوط في القطاعات
وفقاُ لتقرير بي دبليو سي الشرق الأوسط:
· أكثر القطاعات تعرضاً للمكاسب والمخاطر هي: الطاقة (30,8 مليار دولار) وقطاع التأمين (13,7 مليار دولار) وقطاع البنوك والأسواق المالية (11,8 مليار دولار)
· القطاعات التي تواجه أعلى مستوى من الضغوط فيما يخص إعادة تصميم نماذج الأعمال تشمل المعادن والتعدين، والنقل والخدمات اللوجستية، والكيماويات، والخدمات التجارية، والاتصالات
· القطاعات المعرضة للخطر تشمل السلع الاستهلاكية والتجزئة والهندسة والبناء والتشييد والتصنيع والرعاية الصحية والمنتجات الصيدلانية والعلوم الحياتية
· أما القطاعات التي تجري فيها عملية التحول حالياً فتشمل إدارة الأصول والثروات، والتكنولوجيا، والضيافة والاستجمام، والطاقة والمرافق العامة
ما هو الوقت المناسب لإعادة الابتكار؟
لمساعدة القيادات على استيعاب الضرورة الملحة لإعادة التصميم والفرصة التي تخلقها هذه العملية في قطاعاتهم، طورت بي دبليو سي مؤشر ضغوط إعادة الابتكار، الذي يقيس مستوى الضغط في القطاع مقارنةً بالمتوسطات التاريخية خلال السنوات الخمسة والعشرين الماضية. ويتتبع المؤشر علاقة التقاطع بين التحول الرقمي وتقلبات السوق والتحول في قطاع الطاقة وسلوكيات المستهلكين لتحديد المجالات التي أصبحت عملية إعادة التصميم فيها حتمية وليست اختيارية.
أربعة عوامل تساعد في التعامل مع موجة النمو القادمة
ويلخص التقرير أربعة عوامل استراتيجية تساعد المؤسسات والشركات على خوض هذا التحول وترجمة الطموحات إلى نتائج قابلة للقياس، وهي: تحفيز الابتكار وتعزيز القيمة داخل الدولة، ومراجعة الاستراتيجية الضريبية والتنظيمية، والتنافس على الثقة، وبناء منظومة تعطي الأولوية للمهارات.
ومن جانبه، أشار أحمد أبو هنطش، رئيس القسم الرقمي والسيبراني لدى بي دبليو سي الشرق الأوسط إلى أن “الشركات في منطقة الشرق الأوسط لم تشهد مطلقاً قيمة بهذا الحجم، في ظل توقعات باستمرار التحولات الجوهرية التي تشهدها الترتيبات الاقتصادية بالمنطقة والعالم خلال السنوات العشر القادمة. ولا تقتصر مسؤولية الحكومات وقيادات الأعمال في هذا التحول على تعزيز الزخم الذي يشهده الاقتصاد حالياً، وإنما تتضمن كذلك رسم ملامح مستقبل المنطقة بما يكفل تسريع وتيرة عملية التحول من مجتمع المستهلكين إلى مجتمع المبدعين بالإضافة إلى تعزيز مرونة المنطقة ومكانتها في ساحة الابتكار والريادة العالمية.”



