بنوك مصر للتقدم التكنولوجي: قائد الثورة الرقمية في القطاع المصرفي المصري

سارة احسان
الدليل الشامل لتطوير البنية التحتية والتحول نحو مجتمع لا نقدي
تقود بنوك مصر للتقدم التكنولوجي مشهد الابتكار المصرفي في مصر من خلال بناء أسس رقمية متطورة تدعم أكثر من 1.4 مليار معاملة مالية سنويًا. تمثل هذه الشركة الحكومية المتخصصة الذراع التكنولوجية للبنك المركزي المصري، وتلعب دورًا محوريًا في تحقيق رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي والشمول المالي.
المحرك الأساسي للتحول الرقمي في البنوك المصرية
نشأة وتطور شركة بنوك مصر للتقدم التكنولوجي
تأسست بنوك مصر للتقدم التكنولوجي عام 1995 كشركة مساهمة حكومية برأسمال يبلغ 100 مليون جنيه مصري، وتتوزع ملكيتها بين البنك المركزي المصري بنسبة 58.75%، بنك الاستثمار القومي 20.52%، البنك الأهلي المصري 12.93%، وبنك مصر 7.8%. هذا التوزيع الاستراتيجي للملكية يعكس الدعم الحكومي الكامل لمهمة الشركة في تطوير البنية التحتية للمدفوعات الإلكترونية.
تعمل بنوك مصر للتقدم التكنولوجي كحلقة وصل تكنولوجية تربط جميع أطراف صناعة المدفوعات الإلكترونية في مصر، من البنوك والمؤسسات المالية إلى التجار والقطاع الحكومي والمواطنين. تشرف الشركة على تشغيل وتطوير خمس منظومات رئيسية للدفع الوطني، مما يجعلها العمود الفقري للاقتصاد الرقمي المصري.
الخدمات الأساسية والمنظومات التكنولوجية
تدير بنوك مصر للتقدم التكنولوجي شبكة متكاملة من الأنظمة المالية الرقمية التي تشمل المحول القومي لشبكة الصرافات الآلية “123” الذي سجل 226 مليون معاملة خلال عام 2024. كما تشغل غرفة المقاصة الآلية EG-ACH التي نفذت 288 مليون معاملة، وشبكة ميزة ديجيتال لربط محافظ الهاتف المحمول بـ255.6 مليون معاملة.
تتضمن محفظة خدمات الشركة أيضًا منظومة بطاقات الدفع المصرفية ذات العلامة التجارية الوطنية “ميزة” التي حققت 279 مليون معاملة، وشبكة المدفوعات اللحظية وتطبيق إنستاباي بـ139 مليون معاملة. هذه الأرقام الضخمة تعكس الدور المحوري للشركة في تسهيل المعاملات المالية اليومية للمصريين.
استراتيجيات التحول الرقمي في البنوك المصرية الرائدة
البنك الأهلي المصري: رائد التطبيقات الذكية
يقود البنك الأهلي المصري مسيرة التحول الرقمي من خلال شبكة تضم 6,786 ماكينة صراف آلي و588,000 جهاز POS و683 فرعًا تغطي جميع محافظات مصر. استثمر البنك بقوة في تقنيات الذكاء الاصطناعي وأطلق روبوتات الدردشة التفاعلية التي تعمل على مدار الساعة لخدمة العملاء.
وقع البنك الأهلي المصري اتفاقية استراتيجية مع ماستركارد لاستحداث خدمة “المساعد الرقمي” المدعوم بالذكاء الاصطناعي لإدارة المعاملات غير المالية. هذه التقنية الفريدة تهدف إلى تحسين تجربة الخدمات المصرفية الرقمية بشكل لم يسبق له مثيل في المنطقة.
يتميز البنك بإطلاق أول فرع مميكن في مصر عام 2019، والذي توسع ليصل إلى 34 نقطة رقمية تتيح للعملاء إتمام معاملاتهم ذاتيًا. كما أطلق الوحدة المصرفية المتنقلة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط عام 2021 لتوصيل الخدمات إلى القرى والمناطق النائية.
بنك مصر: الابتكار في الخدمات الرقمية
طور بنك مصر استراتيجية شاملة للتحول الرقمي تركز على الابتكار والمرونة كأساس للريادة في القطاع المصرفي. أطلق البنك روبوت الدردشة “زكي” الذي أجرى أكثر من 488,000 تفاعل عام 2022 ووفر 8 مليون جنيه في التكاليف التشغيلية.
استثمر بنك مصر في القروض الشخصية غير المضمونة الرقمية حيث تم صرف 1,700 قرض بقيمة إجمالية 84.1 مليون جنيه حتى نوفمبر 2023. تشمل خطته قصيرة المدى تحويل البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وإنشاء فريق متخصص في علوم البيانات والاستثمار في منصات البيانات الضخمة.
يُعتبر بنك مصر رائدًا في مجال البنوك الرقمية حيث تحولت شركة مصر للابتكار الرقمي إلى “وان بنك” ليصبح أول بنك رقمي بالكامل في مصر مع بدء تقديم الخدمات عام 2026.
البنوك المتخصصة والتطوير التقني
يركز بنك الكويت الوطني – مصر على تحسين كفاءة قطاعي الأفراد والشركات الصغيرة من خلال مشروع أتمتة العمليات الروبوتية خلال 2024. هدف المشروع تبسيط الإجراءات وتقليل استخدام الورق في قطاع القروض للأفراد وتحويل سياسة الإقراض إلى محرك قرارات رقمي.
يخطط بنك قطر الوطني مصر لإطلاق شات بوت مدعوم بالذكاء الاصطناعي عبر موقعه الإلكتروني ومنصات الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول. كما يستهدف البنك تمكين المدفوعات غير التلامسية عبر الهاتف المحمول باستخدام التطبيق البنكي وخدمة “آبل باي”.
تقنيات الذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية المصرية
التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي
تُحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ثورة حقيقية في القطاع المصرفي المصري من خلال تطبيقات متنوعة تشمل تحويل المكالمات إلى نصوص لتحسين خدمة العملاء، وكشف الاحتيال والفساد عبر نماذج ضخمة للتحليل. تستخدم البنوك المصرية الذكاء الاصطناعي في تدقيق المحافظ الاستثمارية واختيار الصناديق والأسهم المناسبة للعملاء.
يساعد الذكاء الاصطناعي البنوك في تقييم الجدارة الائتمانية للعملاء وتحديد احتمالية التخلف عن السداد من خلال تحليل البيانات التاريخية وأنماط السلوك المالي. كما يمكّن البنوك من تطوير منتجات وخدمات مبتكرة تلبي احتياجات العملاء المتغيرة من خلال فهم التفضيلات المالية لكل عميل.
التأثير على الكفاءة التشغيلية
تشير الدراسات إلى أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي المصري يساهم في تقليل المصاريف التشغيلية بشكل كبير وزيادة معدل الإيرادات والأرباح. تحقق البنوك كفاءة تشغيلية أعلى من خلال أتمتة العمليات الروتينية وتوفير خدمات مخصصة للعملاء.
يتوقع الخبراء أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تقليص عدد الوظائف التقليدية في القطاع المصرفي، لكنه سيخلق فرص عمل جديدة في مجالات تطوير البرمجيات وتحليل البيانات. هذا التحول يتطلب استثمارات مكثفة في تدريب الموظفين وتطوير المهارات التقنية.
الشراكات الاستراتيجية وتطوير البنية التحتية
التعاون مع الشركات العالمية
عززت بنوك مصر للتقدم التكنولوجي شراكتها مع ماستركارد لتطوير البنية التحتية للمدفوعات الرقمية وإنشاء نظام للمحافظ الإلكترونية. تهدف هذه الشراكة إلى تعزيز الشمول المالي والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام في مصر.
تتعاون الشركة مع بنك مصر وشركة فوري في إطلاق خدمة الإيداع والسحب النقدي من المحافظ الإلكترونية من خلال منظومة ميزة ديجيتال. تتيح هذه الخدمة للعملاء إجراء معاملات مالية آمنة بحد أقصى 4,000 جنيه لكل عملية سحب وإيداع.
المبادرات الحكومية والتنظيمية
أصدر البنك المركزي المصري قرارات جديدة لدعم استراتيجية التحول الرقمي تتضمن إعفاء العملاء من كافة المصروفات والعمولات على المعاملات الإلكترونية. هذه الإجراءات تهدف إلى تشجيع المواطنين على التوسع في استخدام المدفوعات الإلكترونية والانتقال نحو مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد.
تدعم وزارة الاتصالات البنية التحتية الرقمية عبر تطوير شبكات الإنترنت وتوسيع نطاق خدماتها في مختلف المحافظات. تقدمت مصر 6 مراكز في مؤشر جاهزية الشبكات لتحتل المركز 85 عام 2024، و46 مركزًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي لتحتل المركز 65.
التحديات والفرص في التحول الرقمي المصرفي
التحديات التقنية والتنظيمية
تواجه بنوك مصر للتقدم التكنولوجي والقطاع المصرفي عمومًا تحديات في تحديث الأنظمة التشريعية والتأكد من جودة وأمان البيانات. يتطلب نجاح التحول الرقمي الالتزام بالقوانين واللوائح المتعلقة بالبيانات والخصوصية، مما يزيد من تعقيد تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي.
تحتاج البنوك إلى استثمارات مكثفة في الأمن السيبراني لمواجهة الهجمات الإلكترونية المتزايدة وضمان سرية البيانات وثقة العملاء. كما يتطلب الأمر ضعف البنية التحتية في المناطق النائية وتوفير التوعية المجتمعية لجميع الفئات العمرية.
الفرص الاستثمارية والنمو
تشهد سوق المدفوعات الرقمية في مصر تطورًا ملحوظًا مدعومًا بتوجهات حكومية قوية نحو التحول الرقمي وزيادة مستويات الشمول المالي. تشير تقارير سيجما كابيتال إلى أن هذا الزخم يضع شركات المدفوعات الرقمية في موقع متميز للاستفادة من التحولات الهيكلية.
يتوقع الخبراء أن تحقق 60% من أرباح البنوك العالمية بحلول عام 2025 من الخدمات الرقمية. هذا التوجه العالمي يفتح آفاقًا واسعة للبنوك المصرية للاستفادة من الاستثمار في التكنولوجيا المالية وتطوير منتجات مبتكرة تلبي احتياجات السوق المحلي والإقليمي.
مستقبل القطاع المصرفي الرقمي في مصر
الرؤية المستقبلية للتحول الرقمي
تسعى مصر إلى تحقيق رؤيتها لبناء مجتمع بلا نقد من خلال تقليص الاعتماد على المعاملات الورقية وفتح آفاق أوسع للدفع الإلكتروني. تشير البيانات إلى أن عدد المحافظ الإلكترونية تجاوز 30 مليون محفظة خلال السنوات الأخيرة، مما يعكس إقبالًا متزايدًا على الخدمات الرقمية.
ستلعب بنوك مصر للتقدم التكنولوجي دورًا محوريًا في تحقيق هذه الرؤية من خلال تطوير منصات دفع مبتكرة وتوسيع نطاق الخدمات المالية الرقمية. تتضمن الخطط المستقبلية إطلاق حلول دفع جديدة تعتمد على أحدث التقنيات العالمية بالتعاون مع شركات التكنولوجيا الرائدة.
التوسع في الخدمات المالية المبتكرة
يُتوقع أن يشهد القطاع المصرفي المصري نموًا كبيرًا في الخدمات المالية المبتكرة مثل القروض الرقمية الصغيرة والتأمين الإلكتروني، مما يدعم فئات لم تكن قادرة على الوصول إلى النظام المصرفي التقليدي. هذا التوجه يعزز من الشمول المالي ويساهم في تحقيق العدالة الاقتصادية.
ستركز البنوك على تطوير تطبيقات الهاتف المحمول والمنصات الرقمية المتكاملة التي تقدم تجربة مصرفية سلسة ومتطورة. كما ستستثمر في تقنيات البلوك تشين والذكاء الاصطناعي المتقدم لتعزيز الأمان والشفافية في المعاملات المالية.
تمثل بنوك مصر للتقدم التكنولوجي نموذجًا رائدًا للتطوير التقني في القطاع المصرفي المصري، حيث تجمع بين الدعم الحكومي والخبرة التقنية والشراكات الاستراتيجية لبناء مستقبل رقمي متطور. مع استمرار الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، تقف الشركة على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والتوسع تهدف إلى تحقيق رؤية مصر 2030 للتحول الرقمي الشامل والشمول المالي الكامل.