أخباراقتصاد عربيعام

إعلان القاهرة.. بصمة مصرية خالدة في ذاكرة الصين في الذكرى الـ80 لانتصار الصين في حرب المقاومة الشعبية ضد العدوان الياباني،

كتب فتحى السايح وسارة احسان 

يعود إلى الواجهة مجددًاإعلان القاهرة الذي صدر عام 1943 كوثيقة محورية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مؤكداً على دور مصر التاريخي في صوغ مستقبل النظام العالمي. حول هذه المناسبة ورمزية الوثيقة وتطور العلاقات المصرية الصينية.
وحول أهمية احتفال الصين بالذكرى الـ80 لانتصارها في الحرب العالمية الثانية قال أحمد سلام المستشار الاعلامي المصري السابق ببكين والخبير بالشئون الصينية ، يعد هذا الاحتفال استدعاء لذاكرة نضالية طويلة. وكانت الصين قد بدأت حربها ضد العدوان الياباني منذ 1931، والتي تحولت لميدان رئيسي من ميادين الحرب العالمية الثانية منذ 1937. وقدمت الصين في هذه الحرب تضحيات هائلة، حيث فقدت أكثر من 35 مليون ضحية بين شهيد ومصاب، وتستعد الصين هذا العام بعرض عسكري كبير بالعاصمة بكين في بداية سبتمبر القادم بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، مما يمثل تكريم للذاكرة، ورسالة مفادها أن السلام لم يأتِ بسهولة.
وحول استحضار ذكري توقيع إعلان القاهرة في احتفالات الصين بانتصارها على اليابان أشار سلام الي أن إعلان القاهرة الصادر في 27 نوفمبر 1943 يعد لحظة فاصلة، فقد ضم القادة الكبار من الصين (شيانغ كاي شيك) وامريكا (روزفلت) وبريطانيا (تشرشل) ويعد هذا الاعلان أول اعتراف دولي بدور الصين كقوة كبرى في النظام العالمي واضاف سلام ان اعلان القاهرة نص بوضوح على إعادة جميع الأراضي التي استولت عليها اليابان، بما في ذلك تايوان، إلى الصين. ولهذا فإن الصين ترى في الإعلان وثيقة قانونية وسياسية لا تزال حية حتى اليوم.
وحول تقيّم الدور المصري في ذلك الوقت قال احمد سلام : في الحقيقة مصر بتاريخها وموقعها لم تكن فقط مكانًا لعقد المؤتمر، بل كانت حاضنة لحدث مفصلي شهدت عليه الاهرامات المصرية حيث تم التوقيع علي الاعلان بفندق ميناهاوس القريب من اهرامات الجيزة ، ويعد إعلان القاهرة جزء من ذاكرة الصين الوطنية، وأشار سلام الي أنه خلال زيارته لمتحف حرب المقاومة الشعبية ببكين عام 2012، وجد احتفاء كبير من مسئولي المتحف بوثيقة إعلان القاهرة، وذلك تقديرًا لهذا الموقف المصري، وقد شرفت بالحديث آنذاك أمام دبلوماسيين ومسؤولين صينيين عن أهمية الإعلان، وقد لمست اعتزازًا صينيًا عميقًا بالدور المصري وبهذه الذكري الخالدة لكل الصينيين.
وحول صدي إعلان القاهرة في العلاقات المصرية الصينية اليوم أكد سلام أن العلاقات بين البلدين تقوم على إرث مشترك من النضال ضد الاستعمار والهيمنة ، كما أن الصين تنظر إلى مصر كشريك استراتيجي، ليس فقط على المستوى الثنائي، بل ضمن تجمعات دولية كالبريكس ومنظمة شنغهاي وهذا ما اكده السفير السفير الصيني في القاهرة مؤخرًا في اشادته بالطابع الاستراتيجي للعلاقات بين مصر والصين وأنها امتداد طبيعي لتلك اللحظة التاريخية التي جمعت القاهرة وبكين في خندق واحد.
وحول مستقبل التعاون المصري الصيني في ضوء هذه الذكرى أكد سلام علي أن مستقبل التعاون المصري الصيني مستقبل واعد ويفتح أبوابًا واسعة أمام شراكة استثنائية، فهي ليست مجرد مصالح أو أرقام في ميزان التجارة والاقتصاد فقط، بل هي امتداد لتحالف تاريخي جمع القاهرة وبكين في خندق واحد دفاعًا عن الحق والعدالة. فذكرى إعلان القاهرة تعيد إلينا حقيقة أن الشعوب العريقة قادرة على صياغة مصيرها بأيديها، وأن ما بدأ توقيعًا على ورقة عام 1943 يمكن أن يتحول اليوم إلى منصة لإطلاق عصر جديد من التعاون القائم على الندية والاحترام المتبادل، شراكة تصنع التنمية، وتحمي السلام، وتُسمع صوتًا قويًا للعالم بأن مصر والصين معًا قادران على رسم ملامح مستقبل أكثر إنصافًا وتوازنًا والحقيقة ان التعاون القوي بين البلدين خلال العشر سنوات الماضية يوضح مدي التعاون المشترك بينهما .
ووجه سلام رسالة بهذه المناسبة مفادها أنه علينا أن نعيد إحياء روح إعلان القاهرة بروح هذا العصر. ففي عالم يموج بالصراعات ويبحث عن بوصلة للسلام، علينا أن نستحضر تلك اللحظة التاريخية التي جمعت قادة الشرق والغرب على كلمة سواء. إعلان القاهرة لم يكن سطورًا على ورق، بل كان وعدًا إنسانيًا بأن العنتدالة ممكنة إذا توحدت الإرادات. وما جمع القاهرة وبكين قبل ثمانية عقود لم يبهت بريقه، بل يزداد لمعانًا اليوم كمنارة تلهمنا أن نصنع مستقبلًا يقوم على الشراكة والاحترام المتبادل، وأن نؤمن بأن السلام العادل لا يُمنح، بل يُصنع بإرادة الشعوب الحرة.

 

# اعلان القاهرة