“فكر شي جين بينغ.. للصين والعالم” في صالون ثقافي بالقاهرة

كتب فتحى السايح وسارة احسان
في إطار في تعزيز التواصل بين الصين والدول العربية والأفريقية، وفي مقدمتها مصر، أقامت اليوم مجلة ((الصين اليوم)) التابعة للمجموعة الصينية للإعلام الدولي، بالتعاون مع مؤسسة ((أخبار اليوم)) صالونا ثقافيا بعنوان “فكر شي جين بينغ.. للصين والعالم”، بمشاركة نخبة من الخبراء والإعلاميين الصينيين والمصريين والعرب، وذلك لتسليط الضوء على البُعد الفكري والإنساني لفكر شي جين بينغ، وتعزيز الحوار الصيني- العربي والأفريقي حول إمكانات التفاعل الحضاري، ومجالات الاستفادة العربية والأفريقية من التجربة الصينية. وقد أدار الفعالية كل من الأستاذ طه بنغ تشو يون رئيس فرع الشرق الأوسط لمجلة ((الصين اليوم)) والأستاذ حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة ((الصين اليوم))
افتتح الصالون بكلمة للأستاذة تشاو لي جيون رئيسة دار مجلة ((الصين اليوم))، أشارت فيها إلى أن مفهوم “مجتمع المستقبل المشترك للبشرية” يعد من أبرز أفكار الرئيس شي، حيث يدعو إلى احترام التنوع والتشاور المتكافئ وتقاسم ثمار التنمية. وهذا يتفق مع المواقف الثابتة لدول شمالي إفريقيا ومصر، القائمة على الاستقلال والسلام والانفتاح على الحضارات الأخرى، مما يعزز من الأساس الفكري لتعميق التعاون بين الجانبين. وقالت إن التبادلات بين الحضارتين الصينية والمصرية بدأت منذ آلاف السنين. وفي العصر الحديث، تتوسع مجالات التعاون بين الجانبين في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، مما يجعل من البلدين ركيزتين أساسيتين لتعزيز التعاون الصيني- العربي والأفريقي، وكذلك التعاون بين دول الجنوب.
وفي كلمته بالجلسة الافتتاحية، قال الأستاذ إسلام عفيفي رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، إن الجانب الأبرز في العلاقات المصرية- الصينية هو الرؤية المشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس شي جين بينغ، حيث يسعى الزعيمان إلى تحقيق نهضة شاملة من خلال بناء شراكات إستراتيجية تدعم التنمية الاقتصادية المستدامة في كلا البلدين.
إن رؤية الزعيمين تتجسد في التعاون الفعّال الذي يفتح آفاقًا جديدة للتطوير والتحديث على أسس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة. هذه الصيغة من التعاون، للقائمة على الاحترام المتبادل والتفاهم العميق، هي وحدها الكفيلة بتعزيز النمو وتحقيق الاستقرار والسلام والخير للشعوب. ولفت عفيفي إلى أن السياسات التي يتبناها الرئيس شي جين بينغ، بما في ذلك رؤية “الحزام والطريق” و”مجتمع المستقبل المشترك للبشرية”، تعد أداة فكرية متكاملة تهدف إلى بناء عالم أكثر توازنا وعدلا. ومن هذا المنطلق، تقدم الصين نفسها كقوة ناعمة تسعى إلى تفعيل تعاون دولي طويل الأمد بعيدا عن المصالح الضيقة. إن التحول الذي نشهده اليوم في فكر القيادة الصينية، بقيادة الرئيس شي جين بينغ، لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط، بل يشمل أيضًا أبعادا إنسانية تتعلق بتبادل المعرفة وتعزيز الفهم المتبادل بين مختلف الشعوب والثقافات. وهذا ما يجعل هذه السياسات حجر الزاوية في إعادة ترتيب النظام العالمي القائم.
وأكدت الدكتورة خديجة عرفة، رئيسة الإدارة المركزية للتواصل المجتمعي بمركز دعم واتخذا القرار، أن رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ لقضايا ومشكلات جنوب العالم اتسمت أيضًا بأنها رؤية متكاملة شاملة، كونها تطرقت لأغلب التحديات التي تواجهها دول الجنوب، وقدّمت تصورات متفاوتة بشأن كيفية التغلب عليها، مدعومة في حالات عدة بمسارات بديلة للحل، حيث إنها رؤية واقعية وليست فلسفية انطلقت مِنْ العديد مِنْ المرتكزات والتي ارتبطت بالتحديات الحقيقية التي تُعاينها دول الجنوب، هذه التحديات بعضها نابع مِنْ النظام الدولي والبعض الآخر يرتبط بمشكلات داخلية تُعانيها تلك الدول. فعلى المستوى الدولي، نشهد حاليًا مرحلة مِنْ التدني غير المسبوق في مستوى التعاون الدولي مؤسسيًا، في ظل غياب إرادة سياسية دولية لحل العديد مِنْ الأزمات الدولية السياسية والأمنية والاقتصادية،
يترافق ذلك مع لحظة اهتزاز فيما يخص منظومة القيم العالمية وإدارة العلاقات بين الدول وغلبة ازدواجية المعايير، مع تراجع كبير لدور وأهمية التنظيم الدولي والمؤسسية في مقابل تعالي النزعات القومية والفردية. على الجانب الآخر، تُعاني دول الجنوب مِنْ العديد مِنْ المشكلات التنموية والتي تترك تداعياتها ليس على فقط مسار التنمية الحالي ولكن على مسارات التنمية المستقبلية وحياة الأجيال المقبلة.
وقال الدكتور ناصر عبد العال، أستاذ الدراسات الصينية بكلية الألسن في جامعة عين شمس، إن فكر شي جين بينغ للصين يركز على أن الصين اليوم ليست هي الصين في الأمس، وأن الصين في الحاضر ليست هي الصين في الماضي، وأن الأمة الصينية التي أنجزت حضارة عظيمة في الماضي عادت لإنجاز حضارة عظيمة في الحاضر، وأن الصين التي عانت من الظلم والفقر في الماضي لن تتراجع عن تحقيق حلم المئوية الثانية في عام ٢٠٥٠ دولة كبيرة قوية غنية. أما فكر شي جين بينغ للعالم، فهو دعوة عملية وصادقة إلى نظام عالمي يتسم بالعدالة والمساواة والتعاون المشترك و البناء المشترك والسعي المشترك، من أجل الكسب المشترك والمشاركة في جني ثمار التنمية وتحقيق الرفاهية لكافة شعوب العالم ونبذ الصراعات والتمييز بين بني البشر والعمل المشترك لحماية الكوكب الذي نعيش عليه جميعا.
وأشار الدكتور أحمد السعيد، رئيس مجموعة بيت الحكمة للثقافة، إلى أن “بيت الحكمة” تدرك منذ انطلاقتها، أن المعركة الكبرى في القرن الحادي والعشرين هي معركة وعي ومعرفة وفهم. وأن نشر فكر شي جين بينغ، هو جزء من معركة التنوير في العالم العربي، وجزء من جهد ثقافي أوسع يهدف إلى كسر الأحادية، وتعزيز التعدد، وتقديم نماذج بديلة في التفكير والتخطيط والتنمية. وقد كان لهذا المشروع ثماره الملموسة: من انتشار هذه الكتب في الجامعات ومراكز البحوث، والجهات الرسمية والوزارات والمكتبات العامة في أكثر من عشر دول عربية، إضافة إلى مشاركتها في أبرز معارض الكتاب العربية من المحيط للخليج، وأيضا من خلال نقاشها في الندوات والمنتديات الفكرية، بل وحتى اعتماد بعضها كمراجع أكاديمية في الدراسات السياسية المعاصرة، وعقد المسابقات والجلسات النقاشية حولها.
ومن جانبه أوضح الأستاذ أحمد سلام، المستشار الإعلامي السابق بسفارة مصر لدى الصين، أن فكر شي جين بينغ قد برز كإطار نظري وعملي شامل لفهم الصين المعاصرة ونهضتها المتسارعة. إن فكر شي ليس مجرد خطط تنموية، بل رؤية فلسفية وإنسانية تضع الإنسان في قلب عملية التنمية وتؤكد على الانسجام بين الإنسان والطبيعة، في تناقض واضح مع الرأسمالية المتوحشة التي تهمّش الإنسان لحساب السوق. وأوضح سلام الفكر الصيني يرفض فرض نماذج مسبقة أو وصفات جاهزة كما تفعل المؤسسات المالية الغربية. بل يكرّس مبدأ “النموذج الخاص بكل دولة”، ويحترم الخصوصية الثقافية والحضارية، مما يجعل من الشراكة مع الصين الجديدة فرصة لبناء تنمية محلية قائمة على أولويات الشعوب لا على إملاءات الخارج.
واستعرض الدكتور ضياء حلمي الفقي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، المبادرات التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ، ومنها مبادرة “الحزام والطريق”، التي اعتبرها طوق النجاة للدول النامية والاقتصادات الناشئة لبناء عالم أكثر عدلا. وأشار إلى مبادرة “التنمية العالمية” التي ترحب بالمشاركة الواسعة من جميع الأطراف، وتسعى لتحقيق هدف عدم تخلف أي بلد عن الركب، وعدم تجاهل أي نداء، وعدم التخلي عن أي أحد، بغية بناء كيان للتنمية العالمية المشتركة. وقال إن مبادرة “الأمن العالمي” تقدم من خلالها إجابات واضحة لأسئلة العصر المتعلقة بمفهوم الأمن الذي يحتاجه العالم وكيفية تحقيق الأمن المشترك بين البلدان. وأضاف أن مبادرة “الحضارة العالمية” قد أظهرت أن الصين تلعب دورا مهما في تعزيز التعاون الدولي وتقدم الحضارة والتحديث للبشرية.
==
الدكتورة شيماء كمال، رئيسة قسم اللغة الصينية بجامعة بدر
==
وقال الأستاذ عماد الأزرق، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، إن التقارب الصيني – الأفريقي ومعاناة الجانبين من الاستعمار الأجنبي والاستغلال والتربص.. ورغبة الصين الحقيقية في التعاون المشترك.. كان دافعا قويا للدول الأفريقية للذهاب بعيدا في تعاونها مع الجانب الصيني، وقد جنى الجانبين ثمار ذلك التعاون من خلال ما تحقق من مشروعات تنموية واقتصادية وتبادل ثقافي وتكنولوجي ومعرفي وتجاري وشعبي ساهم في تحقيق المزيد من التقارب والتفاهم فيما بينهما. وأوضح أن الانتشار الصيني الضخم والذي يغطي تقريبا الكرة الأرضية بأكملها، وتوزيع الاستثمارات الصينية واتساع دائرة المشروعات التنموية الضخمة والهائلة التي تنفذها وتمولها الصين في انحاء العالم، وهذا الارتباط والترابط الشديد بين الصين وكل دول العالم تقريبا، أفقد القرارات الحمائية الأمريكية أهميتها وجعلها عديمة الجدوى والتأثير على الاقتصاد الصيني، بل الأمر دفع الكثير من دول العالم وفي مقدمتها حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية مثل دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأسيوية إلى الاتجاه صوب الصين في محاولة أولا للضغط على الإدارة الأمريكية وثانيا للتخفيف من حدة القرارات واحتواء تأثيراتها السلبية على اقتصاداتها.
كما تضمنت الفعالية كلمة للباحثة التونسية الدكتورة هدى الحزامي استعرضت فيها التعاون الصيني- الأفريقي وكلمة للدكتور فؤاد الغزيزر، الأستاذ في جامعة الحسن الأول بالمغرب، تناول فيها العلاقات الصينية- المغربية.