أخبارصحة

الخلايا السرطانية تختبئ بالدهون لتجنب الجهاز المناعي وأغذية تغني عن المضادات الحيوية

لمكافحة السرطان

د.محمد حافظ  ابراهيم

 

أظهرت دراسة أمريكية للدكتور كيفانش بيرسوي بهيئة التنظيم الأيضي والوراثة بجامعة روكفلر بالولايات المتحدة أن نوعا معينا من الدهون اسمها سفينغوليبيدات ضرورية لهروب السرطان من الجهاز المناعي، ولدرجة أن بعض الخلايا السرطانية لا يمكن أن تتكاثر بدونها. حيث أكدت النتائج أن هذا النوع من الدهون ليس فقط لاعبا رئيسيا لبيولوجيا السرطان وهو هدف لصناعة أدوية تحارب السرطان بل أظهرت أيضا أن الأدوية الموجودة بالفعل والمعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، والتي تُصمم لخفض إنتاج الدهون، يمكن أن تعزز الجهاز المناعي ضد السرطان. وتُعلن الخلايا السرطانية عن وجودها بالجهاز المناعي عن طريق وضع “أعلام حمراء كيميائية” على أغشيتها، ونادرا ما تبدأ بالتخفي. وتوجد الدهون في قلب هذا النظام التحذيري المبكر، وهي مركبات دهنية كان يُنظر إليها من قبل علماء السرطان كمصدر وقود للأورام المتنامية. وبمجرد تنبيه الجسم، يمكن لقوات الدفاع التدخل وتدمير الخلايا السرطانية قبل أن تتسبب بأضرار كبيرة. واوضح الدكتور كيفانش بيرسوي انه كان يعتقد أن مستويات الدهون المرتفعة كانت مصدرا للطاقة لخلايا السرطان، ولكن قد اكتشفنا أنها آلية أكثر تعقيدا، حيث تعمل الدهون كآلية حماية للخلايا السرطانية تعدل كيفية تواصلها مع الجهاز المناعي كالاتى:

= علاقة غامضة بين الدهون والسرطان: عرف العلماء منذ فترة طويلة أن الخلايا السرطانية تغير استقلاب الدهون، ولكن كان يُفترض عموما أن هذه الخلايا السرطانية تستهلك هذه الدهون للحصول على الطاقة باستخدام الجزيئات الدهنية لمساعدة الورم على النمو والانتشار بشكل أكبر من الخلايا السليمة. ونعلم من الأبحاث العلمية السابقة أن مستويات الدهون المرتفعة ترتبط بشدة نمو السرطان وانتشاره، لكن لم يكن واضحا كيف يحدث ذلك. وبفحص الجينات المرتبطة بهذه العملية قاموا بزرع سلسلة من الخلايا السرطانية، كل منها تفتقر إلى جين معين مما كشف أن سفينغوليبيدات لا يمكن أن تعيش الخلايا السرطانية بدونها. و”سفينغوليبيدات” نوع من الدهون اكتُشفت موخرا ولا تُستخدم حقا للطاقة، إنما توجد بشكل رئيسي في غشاء الخلية لتوفير دعامة للبروتينات .
= نحو إستراتيجية علاجية جديدة: لاختبار كيفية تحفيز سفينغوليبيدات لنمو السرطان، لجأ الفريق إلى دواء معتمد من إدارة الغذاء والدواء الامريكية يُستخدم لعلاج مرض اضطراب وراثي يتسم بعدم القدرة على تكسير الدهون. ووجد الفريق أن هذا الدواء يعيق نمو الورم في نماذج سرطان البنكرياس والرئة والقولون والمستقيم. واكتشفوا أن خفض سفينغوليبيدات يمنع تكوين مجالات الدهون النانوية التي تجمع جزيئات الإشارات معا على الغشاء، مما يؤثر على مستقبلات سطح الخلية ويجعلها أكثر حساسية للاستجابة المناعية. وتشير النتائج إلى أن الخلايا السرطانية تخزن سفينغوليبيدات لإخفاء الإشارات الالتهابية، وأن تعطيل إنتاج هذه المادة يمكن أن يجعل الخلايا السرطانية عرضة للهجوم المناعي. كما توضح أن التدخلات الغذائية التي تعيق إنتاج سفينغوليبيدات قد تساعد في زيادة فعالية العلاجات المناعية الحالية.

كشفت أبحاث علمية مشتركة بين البرازيل وألمانيا النقاب عن الآليات الجزيئية الدقيقة التي تجعل المركبات النباتية في فواكه مثل البابايا والماراكويا، وهى فواكه قد تغني عن مضادات الحيوية وتظهر إمكانات غير متوقعة في مكافحة السرطان. وفى هذه الاكتشافات العلمية سلط الباحثون الضوء على إمكانية تطوير علاجات طبيعية واعدة تعتمد على هذه المركبات النباتية. وتكمن أهمية هذه الأبحاث في تقديمها حلولا بديلة لمضادات الحيوية التقليدية، وفي تعزيز الصحة من خلال مكونات طبيعية متوفرة في الفواكه والنباتات. ومن خلال دراسة متعمقة للنباتات الطبية، توصل الفريق الألماني بقيادة الدكتور أولريش دوبريندت إلى أن هذه النباتات تحتوي على المركبات الفعالة مثل الفلافونويد والقلويدات والتربينويدات، التي تمتلك قدرة فريدة لتعزيز المناعة ومقاومة الالتهابات البكتيرية. وقد أثمر التعاون العلمي بين الجامعات الألمانية والبرازيلية في الجامعة الفيدرالية بميناس غيرايس عن اكتشافات تبين أن بعض المستخلصات النباتية المائية تتمتع بقدرة مذهلة على خفض نشاط البكتيريا الضارة للمسالك البولية، لعلاج التهابات المثانة دون الحاجة لمضادات الحيوية التقليدية.

وقام العلماء البرازيليون لدراسة الخصائص العلاجية لألياف الفواكه وخاصة مادة البكتين الموجودة في البابايا والماراكويا والحمضيات. وواجه الباحثون تحديات كبيرة في استخلاص هذه المركبات المفيدة، خاصة وأن الفواكه سريعة النضج، مثل البابايا تخضع لتغيرات كيميائية سريعة تخفض من فاعلية مركباتها المفيدة. غير أن الابتكارات التقنية التي طورها الفريق البحثي مكنتهم من تجاوز هذه العقبات، ونجحوا في استخلاص البكتين من الطبقة البيضاء بين القشرة واللب في فواكه مثل البرتقال والماراكويا، وهي الأجزاء التي يتم التخلص منها أثناء عملية تصنيع العصائر. كما طور الباحثون طرقا لتعديل هذه المركبات كيميائيا لتعزيز فعاليتها البيولوجية. وتكمن الأهمية الكبرى لهذه الأبحاث في التطبيقات العلاجية الواعدة التي قد تترتب عليها، وأظهرت الدراسات الأولية أن البكتين المعدل قد يلعب دورا محوريا في علاج سرطان القولون كعامل مساعد للعلاج الكيميائي، كما يمكن أن يكون عاملا مهما في تنظيم البيئة البكتيرية النافعة في الأمعاء.

واوصت دراسة لهيئة الخدمات الصحية البريطانية باتباع نظام البحر الابيض المتوسط الغذائي الذي أنقذ 12 مليون شخص من امراض السرطانات. ويوجد الكثير من الدراسات التي تُعدد فوائد هذا النظام للصحة وطول العمر، وتأثيراتة الصحية المفترضة لتناول اغذية نظام البحر الأبيض المتوسط. وهى تحتوى على الخضروات والفواكة والحبوب الكاملة وزيت الزيتون. وقام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 12 مليون شخص، لتحديد نمط الأكل الأكثر صحة على الإطلاق أظهرت نتائج البحث أن النظام الغذائي المتوسطي يساعد على خفض الوفيات والعيش لفترة أطول وتجنب امراض السرطان، والقلب والسكري وألزهايمر. وان النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط يُعد الأفضل للصحة العامة لانة ليس مجرد نظام للأكل بل هو ثقافة اجتماعية تعتمد على مجموعة من الممارسات والتقاليد السائدة لبعض البلدان المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، وخصوصا اليونان وإيطاليا، والتى تبدأ بالاهتمام بالطبيعة، وتنتهي بالمطبخ الصحى.

وقد اوضح عالم الأحياء الأمريكي الدكتور أنسيل كيز والدكتورة مارغريت كيز انه يعتبرة أسلوب حياة فريد من نوعه. فهو نظام غذائي فعال في الحد من أمراض القلب والأوعية الدموية وبعض السرطانات ويساعد في الحفاظ على الوزن الصحي، كما يحد من التدهور المعرفي والاكتئاب، ويدعم الصحة على المدى الطويل. وذلك لاعتماده على نمط اغذية منخفضة السكر واللحوم الحمراء الغير دهنية، ومزيد من زيت الزيتون والحبوب الكاملة والبقوليات والأسماك والبيض والفواكه والخضروات الطازجة، والمكسرات والأعشاب والتوابل. حيث أصبح النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط أحد أكثر الأنظمة الغذائية العالمية شعبية. واحتل المرتبة الأولى كأفضل نظام غذائي صحي للقلب، وأفضل نظام غذائي لصحة العظام والمفاصل وأفضل نظام غذائي لمرض السكري وأفضل نظام غذائي للأكل الصحي كما تم تصنيفه في المرتبة الثانية كأفضل نظام غذائي نباتي عالمى .

واوضحت نتائج الدراسة التي توصلت إليها الورقة البحثية انها ليست الدليل الأول على أن النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط له فوائد صحية مثيرة للإعجاب، حيث سبقتها دراسة أجريت بجامعة هارفارد ، تابعت ما حدث عندما تحول أشخاص يعيشون في أماكن باردة كالمملكة المتحدة، وامكنهم الاستفادة من اتباع النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط. وخلص الباحثون إلى أن أولئك الذين قاموا بهذا التحول انخفض لديهم خطر الوفاة بنسبة 29% خلال فترة الدراسة، كما انخفض خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 28%. وقبلها وجدت دراسة أن التحول إلى نظام غذائي متوسطي يُحدث فرقا حقيقيا في صحة القلب والأوعية الدموية، وفي الوفيات الناجمة عن جميع الامراض وفي الوقاية من خطر الخرف والزهايمر ومن مرض السكري والحفاظ على الوزن الصحي.

وتشيد نتائج الأبحاث بالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط ​​باعتباره الحل الأمثل لحياة صحية وطويلة، حيث ينصب ​​التركيز فيه أكثر على ما يجب تناوله من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الوزن الصحي، بدلا من الاستغراق فيما يجب الامتناع عن تناوله. وهو ما يمكن أن يساعد في الحفاظ على القلب والأوعية الدموية، والهيكل العظمي، والجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، وخفض خطر الإصابة بالامراض و تكرار المرض، بحسب ابحاث هيئة مايو كلينك الامريكية. وذلك من خلال تضمين مجموعات غذائية بدلا من استبعادها، مثل معظم الأنظمة الغذائية الأخرى. ويوفر النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط ​​التغذية الشاملة والاستدامة، التي تسمح باتباع نهجه إلى الأبد. واوضحت أسرار النظام الغذائي المتوسطي الدكتورة الأمريكية ألكسندرا فروست بذكر أسرار النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، بعد أن عاش أجدادها المقدونيون حتى عمر 90 عاما بتمسكهم بهذا النظام كالاتى :

= لا تخف من استعمال الخل: فالأجداد على مائدة العشاء في حوض البحر الأبيض المتوسط، يحملون زجاجة خل في يد وقطعة خبز في اليد الأخرى، حيث يعد الخل وزيت الزيتون من العناصر الأساسية لمنح طعامهم نكهة أخف ولذيذة.
= استبدل الأطعمة المغرية بالسلطة اليونانية أو المخللات: فبدلا من الوجبات الخفيفة السهلة مثل الشيبس والبطاطس المقلية، يمكن للسلطة اليونانية أن تجعلك تشعر بالرضا وهي عبارة عن قطع صغيرة من البصل والخيار والطماطم والفلفل الحامى، يُسكب عليها زيت الزيتون والخل الأبيض أو الأحمر، التى يمكن استخدامها كطبقة علوية على كل وجبة البيتزا والسندويشات والمكرونة والأرز.
= المخلل أو الطُرشي: هى تشكيلة شعبية من الخضروات المخللة في الملح الخفيف والخل وبعض الماء وهى معروفة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
= استبدال الساندويتشات بالحساء: من السهل تحضير ساندويتش سريع من شرائح السلامي والجبن أثناء فترة الغداء، الا ان تناول حساء الدجاج أو العدس مع الليمون هو طريقة لتناول البروتينات والخضروات الصحية .
= الاستمتاع بالحلوى: اتباع نظام غذائي متوسطي، لا يعني عدم الاستمتاع بالحلوى، بل يمكن وضع الآيس كريم مع الكثير من الفواكه والمكسرات ضمن مكونات وجبة الإفطار.
= الفلفل: عنصر متعدد الاستخدامات واوضحت الدكتورة ألكسندرا فروست كان الاجداد يُرجع الفضل لهم في ألامعاء الصحية بتناول الفلفل، فهو يُعد أحد المفضلات لدى الاجداد للطهي، حيث يمكن حشوه باللحم المفروم والأرز، ويمكن لمزيج من صلصة الطماطم والفلفل ويُخلط بزيت الزيتون والخل.
= لا تحتاج إلى التوقف عن تناول منتجات الألبان: فالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط لا ​​يُحد من تناول الجبن ومنتجات الألبان فهو يتضمن الاستمتاع بالجبن خالى الدسم والحليب والزبادي والزبادوة، ويسمح بإضافة الكريمات إلى القهوة الصباحية، ويجعل منها وجبة صحية على الإفطار.

Dr.M.Hafez.Ibrahim