مبيعات الوحدات السكنية في المملكة صل قيمتها إلى 118 مليار ريال عام 2024، وتعكس نمواً عقارياً ملحوظاً

ايه حسين
أصدرت ديلويت، الشركة الرائدة عالمياً في مجال الخدمات المهنية، تقريرها السنوي حول سوق العقارات في المملكة العربية السعودية، والذي شهد عاماً آخر من النموّ في كافة الفئات. ويتوقع التقرير أن يسجّل السوق العقاري السعودي نمواً ملحوظاً حتى عام 2025 بفضل الأجندة الإصلاحية لرؤية المملكة 2030 والتزامها بالتنويع الاقتصادي. يتوقع إلى ذلك أن تسهم الفعاليات الكبرى مثل معرض إكسبو 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034، والمشاريع الضخمة الأخرى مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية، في تعزيز إنشاء مراكز حضرية ووجهات سياحية جديدة في المملكة.
وفي هذا الإطار، يبقى التفاؤل العنصر الطاغي على توقعات الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي تقدّر قيمة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بـ388 مليار ريال سعودي (103.4 مليار دولار أمريكي) بحلول عام 2030، مما يعكس معدل نمو سنوي مركّب بنسبة 22% مقارنةً بالـ95.9 مليار ريال سعودي (25.5 مليار دولار أمريكي) عام 2023.
قال أوليفر مورغان، الشريك ورئيس قطاع العقارات في ديلويت الشرق الأوسط: “يشهد القطاع العقاري في المملكة العربية السعودية نمواً ملحوظاً بفضل المبادرات الحكومية الاستراتيجية، والأساسيات الاقتصادية المتينة، والاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية، بالإضافة إلى توسع التجارة الدولية. وترسّخ عوامل النمو المتنوعة هذه مكانة المملكة كواحدة من أكثر الأسواق العقارية الواعدة والمزدهرة في المنطقة. فقد أسهمت المشاريع التطويرية المستدامة والذكية، وزيادة الطلب على العقارات الفاخرة ومتعددة الاستخدامات، بالإضافة إلى التركيز المتزايد على توفير مساكن ميسورة الأسعار، في تعزيز المعاملات السكنية، بينما تواصل الرياض ترسيخ مكانتها كمركز تجاري رئيسي يجذب الاستثمارات الأجنبية.”
ارتفع حجم معاملات العقارات السكنية وقيمتها في الرياض وجدة وحاضرة الدمام بشكل ثابت ناهز الـ50% بين عامي 2023 و2024. ويعزى هذا الارتفاع إلى التوسّع الاقتصادي والنمو السكاني في المملكة العربية السعودية وكذلك إلى نمو العرض السكني، مما يعكس النضج المتزايد للسوق والنهج المرحلي المخطط والمدروس الذي اعتمده المطورون.
وبحسب تقرير ديلويت، بلغ إجمالي عدد المعاملات السكنية في الرياض وجدة وحاضرة الدمام 102,522 معاملة عام 2024، بقيمة إجمالية تعادل 118 مليار ريال سعودي (32 مليار دولار أمريكي). وارتفعت معدلات المبيعات في الرياض بنسبة 5% للشقق و12% للفلل، فيما سجلت مبيعات الشقق في جدة وحاضرة الدمام نمواً ناهز الـ1% خلال الأشهر الـ12 الماضية.
وفي الرياض، تراوحت أسعار 69% تقريباً من الشقق المباعة خلال الأشهر الـ12 الماضية بين 250,000 ومليون ريال سعودي (66,000 و266,000 دولار)، وشكّل ذوو الدخل المنخفض والمتوسط الشريحة الأكبر من مالكيها.
بقي الطلب على المساحات المكتبية قوياً مع بلوغ الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية 3 تريليون ريال سعودي (786 مليار دولار أمريكي) عام 2024، ووسط توقعات بنموّه ليصل بحلول عام 2030 إلى 3.7 تريليون ريال (981 مليار دولار أمريكي)، بمعدل نمو سنوي مركّب يبلغ 3.4% خلال الفترة ذاتها. وشهدت قطاعات المكاتب الفاخرة كشركات الخدمات المالية وخدمات الأعمال، نمواً بنسبة 5.3% بين عامي 2023 و2024. وبلغت المساحة المعروضة من المكاتب في كل من الرياض وجدة وحاضرة الدمام 6.4 مليون، و2.2 مليون، و1.5 مليون متر مربع على التوالي بحلول نهاية عام 2024.
وأضافت أبرز المشاريع التطويرية مثل وادي اليسن، والمرحلة الأولى من ميدانSTC ، ومشروع “نيو إيست” الجديد في الرياض مساحة إجمالية قابلة للتأجير تبلغ 145,000 متر مربع. كما سلّم مركز الملك عبد الله المالي بنجاح جزءاً كبيراً من المكاتب المعروضة، مما يعكس ارتفاع معدلات الإيجار المسبق والإيجار. وفي جدة، تم تسليم مساحة إضافية قابلة للتأجير تبلغ 150 ألف متر مربع وتشمل مشاريع مثل شركة وسط جدة للتطوير ودرب الحرمين. إلى ذلك، أسهم برنامج المقرّ الإقليمي الذي أطلق في الربع الأول من عام 2024، في انتقال 571 شركة إلى الرياض بحلول نهاية العام. كما أصدرت الحكومة السعودية إعفاءات ضريبية، وعملت على تبسيط التنظيمات واللوائح، وأطلقت عدداً من المشاريع واسعة النطاق بما فيها حيّ المربع الجديد وبوابة الدرعية واللذان يُتوقع أن يوفرا مساحات مكتبية واسعة عند إنجازهما.
يواصل قطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية ازدهاره، حيث ارتفع متوسط سعر الإقامة اليومي إلى 716 ريالاً سعودياً عام 2024، مقارنةً بـ702 ريال عام 2023. ويعزى هذا النمو إلى تجاوز المملكة هدف رؤية 2030 باستقطاب 100 مليون سائح سنوياً، وذلك قبل سبع سنوات من الموعد المحدد.
تفوقت الرياض تحديداً على مدن عالمية مثل هونغ كونغ ومدريد ودبي، حيث ارتفع متوسط سعر الإقامة اليومي إلى 895 ريالاً عام 2024. ويعود هذا النمو إلى استمرار الطلب القوي من قطاعي الأعمال والترفيه، إلى جانب النجاح الكبير لموسم الرياض، الذي عزز تدفق السياح المحليين والدوليين.
أما سوق جدة، فيظل بوابة سياحية رئيسية، حيث بلغ متوسط سعر الإقامة اليومي في المدينة الساحلية 680 ريالاً. ومن المتوقع أن تسهم المشاريع الجديدة الممتدة على طول الواجهة البحرية في تعزيز أداء السوق، مع تصاعد المبادرات السياحية استعداداً للفعاليات العالمية مثل معرض إكسبو 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034.
ويحظى نمو قطاع الضيافة بدعم متزايد من الاستثمارات الثقافية والترفيهية، بما في ذلك جهود إحياء المعالم التراثية في المملكة وإطلاق وجهات جديدة مثل العلا ومشروع المربع الجديد. كما يُنتظر أن ترتقي المشاريع الضخمة مثل نيوم وأمالا بمستوى سوق الضيافة نحو آفاق غير مسبوقة.
تشير تقديرات شركة أكسفورد إكونوميكس إلى أنّ إجمالي حجم مبيعات عقارات التجزئة في المملكة العربية السعودية سيشهد نمواً متواصلاً بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 4.4% بين عامي 2025 و2027. ويبقى تطوير مشاريع التجزئة التي تقدم خدمات ترفيهية متكاملة وتجارب غامرة محطّ تركيز رئيسي بالنسبة إلى مشغّلي عقارات التجزئة في المملكة، لا سيما مع استمرار تغيّر تفضيلات العملاء وتقلّص اهتمامهم بمشاريع التجزئة التقليدية المستقلة.
وشهدت إيجارات عقارات التجزئة في المملكة العربية السعودية طيلة عام 2024 ارتفاعاً هامشياً بسبب زيادة حجم العرض وثبات الطلب نسبياً. كما تراجعت مشاريع التجزئة القديمة في ظلّ استحواذ المشاريع الأحدث بعروضها الأكثر تنوعاً على الحصة الأكبر من السوق.
هذا ويسلّط تقرير ديلويت الضوء أيضاً على ازدياد رواج المتاجر ومساحات التجزئة المؤقتة التي تقدم تجارب فريدة للعملاء وتنشر الوعي حول العلامات التجارية. ويكتسب هذا التوجّه في المملكة زخماً ملحوظاً في كبرى مراكز التسوّق، مما يشكّل إضافة ديناميكية إلى قطاع التجزئة التقليدي.
يعزى نمو الطلب في قطاع المستودعات والخدمات اللوجستية بصورة أساسية إلى المبادرات والحوافز التي تم إطلاقها ضمن إطار رؤية 2030، ومنها برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، والمناطق الاقتصادية الخاصة مثل المنطقة اللوجستية المتكاملة في الرياض، ومبادرات الهيئة العامة للموانئ من أجل تعزيز البنية التحتية للموانئ في جدة وحاضرة الدمام، وخطة الخدمات اللوجستية لرؤية 2030. وسيستمر الطلب على المستودعات والخدمات اللوجستية في النمو بفضل تعزيز البنية التحتية للطيران وزيادة الشحن الجوي، حيث تشير إحصاءات الهيئة العامة للموانئ إلى ازدياد حجم البضائع بنسبة 14% عام 2024 مقارنةً بالعام السابق.
يستعرض التقرير أيضاً تحليلاً لأساليب تطوير الأصول الرياضية الكبرى لضمان تنفيذها بنجاح، إلى جانب المشهد الضريبي الحالي في المملكة العربية السعودية مع تركيز خاص على القطاع العقاري، والتطورات التي شهدها سوق الرهن العقاري في المملكة.