أخباراقتصاد عربيبورصةعام

معركة الاحتكار…….خطرا يهدد استقرار المجتمع !

 بقلم جمال طايع

 

 

هل المحتكرون فى هذا البلد أقوى من الحكومة ؟ وهل أصبحت معيشة المصريين فى يد حفنة قليلة من كبار ما يسموا برجال الأعمال أو التجار أو المستوردين ؟!
 الأمر الذى جعلهم كسرطان الإرهاب.. يتحكمون بالأسواق ويتلاعبون بالأسعار  حتى أصبحوا خطرا يهدد استقرار المجتمع !
 واقعتان لا يمكن أن أفصلهما عن بعضهما البعض حدثتا ولن أنساهما ويرتبطان بالواقع المرير الذى يعيشه السواد الأعظم من المصريين ويتعلق بحياتهم اليومية ومصاريف جيوبهم !
 الواقعة الأولى عندما أصدر المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء قرارا بإعفاء الدواجن المستوردة من الضرائب والرسوم الجمركية وذلك لضبط الأسعار فى السوق بعد أن وصل سعر كيلو الفراخ البلدى إلى 40 جنيها والمزارع 33 جنيها.. وهلل الجميع وأثنوا على القرار الذى جاء فى الوقت المناسب وأشادوا بتحرك الحكومة ضد أباطرة السوق الذين يتلاعبون بالأسعار.. وأعربوا عن أملهم بأن هذا القرار يمكنه أن يضرب المحتكر فى مقتل ويعدل سوق الدواجن ( المايل)  الذى أرهق ميزانية الأسر الغلابة وهم كثر.. كما أن القرار يمكن أن يعود بالأسعار إلى رشدها ويحذر الآخرين من المتلاعبين !
 لكن فجأة وبقدرة قادر تراجع رئيس الوزراء عن قراره تحت ضغط أصحاب مزارع الدواجن وتدخلات الغرف التجارية والصناعية بزعم أن هذا القرار من شأنه ضرب الصناعة المحلية فى مقتل وإغلاق أكثر من 2000 مزرعة دواجن فضلا عن تسريح ملايين العمالة وهروب الاستثمارات.. ووعدوا بخفض الأسعار وتعهدوا بمضاعفة الاستثمارات  وتوفير بروتين  حيوانى من خلال غطاء آمن للاستهلاك المحلى،  وفعلا انخفضت الأسعار قليلا حتى تهدأ الحكومة.. لكن سرعان ما عادت ريما إلى عادتها القديمة وراحوا يتلاعبون بالأسعار وأعادوها إلى أكثر مما كانت عليه قبل صدور القرار فى تحد سافر للجميع حكومة وشعبا ليحيا أصحاب الفراخ!
 الواقعة الثانية.. تتعلق بقرار وزارة التجارة والصناعة بفرض رسوم إغراق نهائية على الحديد المستورد من  أوكرانيا  والصين وتركيا لمدة خمس سنوات لتشتعل أسعار  الحديد ويصل الطن إلى أكثر من 13 ألف جنيه وكأن وزارة الصناعة تساعد أصحاب شركات الحديد لفرض سيطرتها على السوق لترتفع الأسعار بشكل غير مبرر – كما أكد جهاز حماية المنافسة والاحتكار –  وتزيد تكلفة إنشاء العقارات فى ظل الأعباء التى يتحملها قطاع الإسكان بسبب قرارات التعويم أصلا.. كما جاء القرار صدمة لكل المتعاملين فى سوق البناء خاصة بعد أن رفع أصحاب شركات الأسمنت لتمتلئ خزائنهم بأموال حصدوها بسبب قرارات خاطئة صدرت بزعم حماية الصناعة الوطنية والتى اعتبرها صناعة فاشلة لأنها غير قادرة على تحقيق المعادلة بين متطلبات السوق ونفقات وتكلفة التشغيل !!
خريطة الاحتكار فى مصر ليست وليدة اليوم بل إنها تتجدد وتتغير بفعل العامل الزمنى هذه الخريطة تؤكد أن فئة قليلة لا يتعدون أصابع اليد أو تزيد قليلا يتحكمون فى السلع الأساسية والرئيسية التى  لا غنى عنها للمواطن فى تصريف أموره الحياتية، فهؤلاء سنجدهم فى اللحوم والدواجن والسمك والأرز والسكر والبيض وحتى الخضر والفواكه والحديد والأسمنت إلخ.. هؤلاء المحتكرون أصبحوا آفة توطنت ووباء مميتا يحتاجان لإرادة قوية وجادة للتخلص منهما والقضاء عليهما من خلال التدخل الفورى والسريع والمستمر من الدولة.. لا أن تحميهم بقوانين وقرارات !
 وهنا أستحضر ما قاله ( آدم سميث) مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكى « أنه نادرا ما يجتمع مجموعة من رجال الأعمال فى صناعة بعينها من أجل المرح والتسلية ، ولكن غالبا ما تنتهى اجتماعاتهم بمؤامرة على المستهلك أو بوسيلة يرفعون بها الأسعار.. ويكشف عن أن الاحتكارات والامتيازات هما العدوان الرئيسيان اللذان يهددان عمل النظام الاقتصادى الجيد لذا يجب علينا رفض اى احتكار حتى لو تطلب الأمر تدخلا ما من جانب الدولة الذى  أعتبره أحد واجباتها الأساسية» !
 إن معركة الاحتكار وضرب المحتكرين يجب أن تتزامن وتتماشى مع الحرب ضد الإرهاب والإرهابيين فإذا كان الإرهابيون خطرا على الأمن القومى  فإن هؤلاء خطر على استقرار المجتمع ويساعدون على انتشار الفساد الإدارى والرشاوى ويهددون كيان الدولة !>