أخبارعام

تصنيع الاحلام مختبريا ————————

بقلم / د. صوفيا حسن زاده
حينما تصف العلميه الفسيولوجية وضع الجسم في حاله النوم ، ومن ثم في حاله الاحلام ، وكل المتغيرات الدماغ وتكيفاته ولاسيما منها ذات الطابع الكهربائي والكيميائي ، ويطرح سؤال : هل من الممكن إحداث الأحلام صناعيا عبر عكس آليه القانون العلمي ؟ فإذا كان الجسم بدرجة حرارة معينه ، وبضغط معين ، وبضربات قلب معينه ، وبإنخفاض في النشاط معين يجعل الاحلام تحدث ، فهل من الممكن إحداث أو إيجاد الظروف نفسها لخلق أحلام ؟
يقول احد الباحثين في هذا المجال : ( إننا عندما ننام ، ندخل في حاله من الوعي مغايرة تستغرق عدة ساعات ، فنحن لانري ولانسمع ، بل وحتي لانشعر بوعي بما يدور حولنا ، وهذه الحاله ندعوها نوما . وعالم النوم ، وعالم اليقظة منفصلان عن بعضهما انفصالا يمكن القول معه ، بإن الواحد منا
يعيش عالمين متمايزين ، ويتجلي الفارق بينهما بحدة متميزة عندما نستيقظ في هدأة الليل علي نحو مفاجئ ، ثم نسعي إليّ استعادة رشدنا ولاشك ان عالم الاحلام هو عالم آخر يحدث في عالم النوم ، بحيث يكون النوم هو
الخلفية الفسيولوجية للأحلام ، فهل نستطيع ان نخترق عالم النوم ، ثم عالم الاحلام الباطنه ، من دون ان يستيقظ النائم يعتقد بافلوف ان النوم هو عمليه كف يقوم بها الجهاز العصبي ، بعد ان تتوقف المثيرات الخارجية عن إحداث التنبيه وبالتالي فإن المنبهات الضعيفه تستثير لدي النائم الحالم إحساسات قويه ، فتبدو اي حركة ضعيفه ، يسجلها الدماغ لدي النائم الحالم ، كأنها من ضجة أو لغط ، فصوت عليان الماء في إناء في الغرفة المجاورة مثلا ، يعبر عن نفسه في الحلم كأنه أزيز
قذائف المدفع أثناء القصف ، والسيف الذي يبدو مصلتا علي عنق النائم الحالم ليقطعه لا يعدو كونه في الحقيقه خيطا ضعيفا مر علي الرقبه ، أو انه رجل البعوضة الواهية مست العنق ، ويروي بافلوف الحادثة الأتيه للمؤرخ الفرنسي السوري ، الذي عاش في القرن التاسع عشر ، وكمان العلامه هارفي سان دنيس ١٨٢٣ – ١٨٩٢ قبل جميع علماء النفس – بمن فيهم سيجموند فرويد نفسه – قد أثبت ارتباط الأحلام بحاسه الجسم البدنية والنفسية ، وأجري علي نفسه اختبارات مثيرة وفعاله ، قبل قيام اي مختبر سيكولوجي حديث وخلاصه آرائة ان المؤثر الخارجي يفعل فعله في مسيرة
الحلم ، لكن هذا الفعل يتغير وفقا لحاجه الحلم نفسه ، اي لمتطلبات حالته ونوعيته ، فوخز البرغشة للنائم قد يترجمه الحلم الي ضربه سيف في جسده ، اذا كان في تلك اللحظة مشتغلا بمبارزة مع خصم ، أو يترجمه بعضه كلب بحري اذا كان في تلك اللحظة يسبح ان من المعلوم ان دورة الاحلام المستقلة عن اي تحكم شعوري ، وقد ذكر العلماء حكايات عديدة عن تأثر محتوي الحلم بالمنبهات الخارجية ، وقد بحثوا كل من الدكتور ديمنت والدكتور ولبرج من جامعه شيكاغو هذه المسألة ، فعرضوا عددا من المتطوعين اثناء نومهم ، إما لنغمه موسيقية لمدة خمس ثوان ، وإما
لمصباح كهربائي قوته مائه وات ، يلقي ضوء علي وجه النائم ، وإما لرشه خفيفه من الماء البارد ، في مرحلة اختلاجات العين السريعه ، وموجات المخ المتلاحقة ، فإنها لا تحدث اي احلام ، كما يتضح من استمرار أو انعدام حركه العين السريعه ، وغياب موجات المخ المتلاحقة ، كما ان النائم لايتذكر اي احلام اذا أوقظ عقب ذلك ، وعند تعريض النائم لأحد هذه المؤثرات خلال مرحلة الاحلام ، فإنها احيانا تدمج في الحلم الحادث عندئذ ، فالنغمه الموسيقية تظهر في الحلم كدوي هائل لزلزال ، أو كصوت هدير شلالات نياجارا ، ورشه الماء قد ينتج عنها هطول المطر في الحلم ، أو تسرب
الماء من السقف ، بينما يؤدي الضوء الي ان يحتوي الحلم علي حريق أو برق ، أو ما شابه ذلك ، وهكذا نري ان المنبهات الخارجية والداخليه لاتستطيع تغيير الدورة الصارمة للأحلام التي تحدث كل ليله ، وإنما تؤثر علي المحتوي فقط