أصدر صندوق النقد العربي دراسة بعنوان أثر تشديد السياسات النقدية في الدول المتقدمة على القطاع الخارجي للدول العربية.
تناولت الدراسة القنوات التي تنتقل من خلالها التداعيات الخارجية للسياسة النقدية في الدول المتقدمة بشكل عام، كما أشارت إلى التحدي الرئيسي الذي يرافق تحديد نوعية وأهمية هذه التداعيات والمرتبط بكيفية التفاعل بين هذه القنوات.
في هذا الصدد، اقترحت الدراسة نموذجاً اقتصادياً يمكن من رصد كلٍ من قناة سعر الصرف وقناة الطلب الخارجي وقناة التأثيرات المالية غير المباشرة بشكل مترابط ومتجانس ، بعد ذلك، تم استعمال هذا النموذج لتحليل أثر التشديد النقدي لكل من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي على القطاع الخارجي للاقتصادات العربية.
وبناءً على نتائج الدراسة يمكن تقسيم أثر هذا التشديد إلى مرحلتين ، مرحلة استقرار نسبي لمؤشرات القطاع الخارجي للاقتصادات العربية تدوم حوالي السنتين ومرحلة تراجع تليها مباشرة.
وتتميز المرحلة الأولى باستقرار نسبي لأسعار الصرف والصادرات والواردات والتدفقات الاستثمارية الأجنبية ومعها صافي الأصول الأجنبية ، لكن في المقابل يتسبب رفع أسعار الفائدة في الدول المتقدمة في تراجع المعروض النقدي في الدول العربية ما يساهم في تثبيط النشاط الاقتصادي وتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وتنطلق المرحلة الثانية من التأثير ابتداءً من السنة الثالثة التي تلي التشديد النقدي للدول المتقدمة ، حيث يؤدي تراجع النشاط الاقتصادي الدولي إلى تراجع الصادرات، ويساهم مع تراجع قدرة الاقتصادات العربية على توفير نفس العوائد الاستثمارية في تراجع التدفقات الاستثمارية الأجنبية وانخفاض أسعار الصرف الحقيقية ، كما تتراجع واردات الدول العربية ، لكن التراجع يبقى أقل نسبياً من تراجع الصادرات، ليضاف ذلك إلى تراجع التدفقات الاستثمارية الأجنبية ويؤدي إلى تراجع صافي الأصول الأجنبية.
وخلصت الدراسة إلى أن تشديد السياسة النقدية في الدول المتقدمة يضع الاقتصادات العربية في موقف معقد نسبيا فيما يتعلق باستراتيجيات الاستجابة المثلى، وقد تكون هناك حاجة إلى تدابير على مستوى السياسات الاقتصادية تتجاوز التعديلات النقدية لمواجهة الآثار السلبية لهذه التغييرات النقدية الخارجية.