أخبارصحة

هرمون الانسولين والسمنه والامراض الوراثيه

د-محمد حافظ ابراهيم

 

اوضحت هيئة الصحة الوطنية البريطانيه ان  الإنسولين هو هرموناً رئيسياً في عملية استقلاب الطاقة وتنظيم السكر في الدم. وقد تضطرب وظيفة الإنسولين الطبيعية في الجسم جراء زيادة الوزن، وقد يؤدي إلى انخفاض حساسية الإنسولين وزيادة خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية. حيث لاحظ باحثون في دراسة فنلندية مشتركة بين مركز توركو بي إيه تي ، ومعهد يو كيه كيه الطبى، أن الوقوف ونمط الحياه النشط مرتبط بنسبة أفضل من حساسية الإنسولين بالجسم.

والنوع الثاني من السكري هو من أكثر أمراض نمط الحياة شيوعاً عالمياً، وعادة ما يسبق الإصابة به ضعف حساسية الإنسولين، أو بمعنى آخر مقاومة الإنسولين. ويشير هذا إلى حالة لا يتفاعل فيها الجسم مع الإنسولين بشكل طبيعي، وترتفع مستويات جلوكوز الدم. حيث لنمط الحياة أثر قوي في مقاومة الإنسولين والإصابة بالنوع الثاني من السكري، وأن النشاط البدني المنتظم والحياه النشطه تلعب دوراً مهماً في الوقاية من هذه الامراض. حيث لاحظ الباحثون أن الوقوف مرتبط بنسبة أفضل من حساسية الإنسولين، بغض النظر عن كمية النشاط البدني اليومي أو فترة الجلوس أو مستوى اللياقة أو زيادة الوزن.

ويقول الدكتور تارو جارتويت، من جامعة توركو الفنلنديه، ان هذه الصلة لم تظهر من قبل. وتشجع هذه النتائج أكثر على تغيير جزء من فترة الجلوس اليومية إلى الوقوف، خصوصاً في حال عدم الوفاء بتوصيات النشاط الرياضى البدني. وتؤكد الدراسة على أهمية تركيبة الجسم الصحية بشأن صحة الأيض. وتظهر النتائج أن نسبة دهون الجسم الزائدة تشكل عاملاً أكثر أهمية فيما يتعلق بحساسية الإنسولين من النشاط البدني واللياقة أو كمية الوقت الذي يقضيه المرء في الجلوس.

  أما الوقوف، في المقابل، فهو مرتبط بحساسية الإنسولين بشكل مستقل بغض النظر عن تركيبة الجسم. ويوضح الدكتور تارو جارتويت انه من المعروف أن التمارين الرياضيه المنتظمة مفيدة للصحة العامه و خفض سكر ودهون الدم خاصا . حيث أن النشاط البدني واللياقة والسلوك الخامل أمور مرتبطة باستقلاب الإنسولين، ولكن بشكل غير مباشر من خلال أثرها على تركيبة الجسم.

 واظهرت دراسات اخرى ان الإفراط في تناول الطعام ليس السبب الرئيسي للسمنة. حيث كشفت ذلك دراسة جديدة حيث أوضح العلماء أن الطعام منخفض الجودة، ولا سيما الكربوهيدرات المصنعة و اللحوم الحمراء المصنعه والمعلبه، هي السبب الحقيقى لزيادة الوزن طبقا لمراكز لمكافحة الأمراض والوقاية منها الأمريكية. وقد تم نشر الابحاث التى تشرح أسباب السمنة في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية، حيث ربط العلماء السمنة باستهلاك الأطعمة منخفضة الجودة والكربوهيدرات المصنعة.

 وقال المؤلف الرئيسي الدكتور ديفيد لودفيج، اختصاصي الغدد الصماء في مستشفى بوسطن والأستاذ بكلية الطب بجامعة هارفارد، أنه خلال طفرة النمو للمراهقين، قد يزيد المراهقون من تناول الطعام بمقدار 1000 سعرة حرارية في اليوم ولكن هل الإفراط في تناول الطعام يسبب طفرة في النمو، أم أن طفرة النمو تجعل المراهق يشعر بالجوع ويحدث الإفراط في تناول الطعام. حيث ألقى العلماء اللوم في وباء السمنة على الأنماط الغذائية الغير صحيه الحديثة التي تتميز بالاستهلاك المفرط للأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر في الدم مثل الكربوهيدرات المصنعة سريعة الهضم فهذه الأطعمة تسبب استجابات هرمونية تغير بشكل جذري عملية الأيض وحرق الدهون وتؤدي إلى تخزين الدهون ، وزيادة الوزن ، والسمنة.


وأوضح الدكتور ديفيد لودفيج أنه عندما نأكل الكربوهيدرات المعالجة بشكل كبير، يزيد الجسم من إفراز الأنسولين ويثبط إفراز الجلوكاجون، وهذا بدوره يرسل إشارات للخلايا الدهنية لتخزين المزيد من السعرات الحرارية، مما يترك سعرات حرارية أقل لتغذية العضلات والأنسجة النشطة الأخرى. حيث يدرك الدماغ أن الجسم لا يحصل على طاقة كافية ، وهذا بدوره يؤدي إلى الشعور بالجوع وقد يتباطأ التمثيل الغذائي في محاولة الجسم للحفاظ على الوقود. وبالتالي، فإننا نميل إلى البقاء جائعين، حتى نستمر في اكتساب الدهون الزائدة . 

واقترح العلماء أنه بدلاً من حث الناس على تناول كميات أقل من الطعام، وهي استراتيجية لا تعمل على المدى الطويل، يمكن اتباع مسارًا آخر يركز أكثر على نوعيه ما نأكله من الاطعمه الطبيعيه الصحيه. وفقًا للدكتور ديفيد لودفيج، فإن خفض استهلاك الكربوهيدرات المصنعه سريعة الهضم التي غمرت الإمدادات الغذائية خلال عصر النظام الغذائي الحديث يقلل الدافع الأساسي لتخزين الدهون في الجسم ويفقد الناس الوزن مع جوع أقل ومعاناة أقل. 

وبحسب الإحصائيات تؤثر السمنة على أكثر من 40٪ من البالغين الأمريكيين، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، و 28٪ من البالغين في إنجلترا، وفقًا لمسح الصحة لإنجلترا .وهذا يعرض نسبة كبيرة من الأشخاص لخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني وأنواع معينة من السرطان. حيث تشير البيانات  إلى أن أكثر من 11000 حالة دخول إلى المستشفيات خلال 2018-2019 تُعزى بشكل مباشر إلى السمنة وأن حالات الدخول التي كانت السمنة عاملاً فيها كانت أكثر احتمالًا بنحو مرتين ونصف في المناطق الأكثر حرمانًا. 

وهناك ابحاث جديده لخفض خطر إصابه بالأمراض التى تنتقل بالوراثة مثل السكر والقلب والسرطان. نظرًا لأن التاريخ الطبي للأشخاص الذين تشاركهم الجينات يمكن أن يكون مؤشرًا قويًا على حدوث مثل هذه المشكلات الصحية ، ولكن هذا لا يعني أنك من المؤكد أن تصاب بمثل هذه الأمراض الوراثيه حتى لو كان أحد أفراد عائلتك مصاباً بها. وبحسب الأبحاث العلمية الجديده فهناك طرق وقائية تخفض من خطر الإصابة بالأمراض الموروثة من العائلة. 

والجينات هي اللبنات الأساسية للوراثة، حيث يوجد حوالي 25000 جين في كل خلية من أكثر من 15 تريليون خلية حية في الجسم. تتكون الجينات من الحمض النووي وتعمل كتعليمات لصنع البروتينات وهذه البروتينات هي المكونات الأساسية للجزيئات التي تشكل أجسامنا. حيث قام العلماء بفك تشفير تسلسل الجينوم البشري بأكمله فى عام 2003 والجينوم هو المجموعة الكاملة من التعليمات الجينية من حوالي ثلاثة مليارات زوج كيميائي يشكلون جيناتنا.  منذ ذلك العام تم  تطوير وعيًا علميا أكبر بأهمية الجينات في مخاطر الإصابة بألامراض الموروثه، على الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير غير معروف.

 تستمر الدراسات في ربط ملفاتنا الجينية باحتمالية تعرضنا لمشاكل صحية  حيث يمكن أن ترتبط الوراثة بسرطان الثدي وأمراض القلب والاكتئاب والسمنة ومرض الزهايمر. تعتبر هذه أمراض متعددة العوامل، مما يعني أن هناك عوامل متعددة تشارك في إصابة الشخص بمرض، وفي بعض الأحيان شدة الحالة تلعب جيناتنا وبيئتنا وعوامل أخرى أدوارًا مهمة في هذه العملية وتتفاعل معًا لتؤدي إلى نتائج محتملة. حيث تحتوي بعض الجينات على مفاتيح يمكن تشغيلها أو إيقاف تشغيلها (وهذا ما يعرف بالتعبير الجيني) يمكن أن تؤدي هذه المفاتيح إما إلى تطور المرض أو الوقاية منه. 

يبدو أن بعض الأشياء نفسها يفعلها البعض للحفاظ على نمط حياة صحي مفيد لتبديل تفاعل الجينات بالطريقة الصحيحة. وإن اتخاذ خيارات نمط حياة صحي ليس مضمونًا للوقاية من المرض، ولكن تشغيل الجينات الصحيحة أو إيقاف تشغيلها بتغييرات سلوكية بسيطة يمكن أن يحدث فرقًا فيما إذا كنت عرضة للإصابة بمرض أم لا. حيث هناك اربع طرق لخفض خطر إصابه بالأمراض الوراثية من عائلتك وهى كالاتى:

 = التغذية الصحية الجيدة : حيث يمكن أن يؤدي تناول الطعام بشكل جيد وصحى إلى “إيقاف” تفاعل الجينات التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، وذلك بتناول المزيد من الفاكهة والخضروات النيئة والخضراوات الورقية والمكسرات ومنتجات الألبان الخاليه الدسم . حيث يحتوي البروكلي والخضراوات الأخرى والثوم والبصل على مواد تسمح للجينات بمنع تنشيط السرطان ومكافحته.


= خفض وإدارة الإجهاد: تمارين يوجا التأمل، وهو تمارين بسيطة تشجع على تركيز الانتباه على اللحظة الحالية وتقلل التوتر، يمكن أن تحد من تشغيل الجينات المرتبطة بالالتهابات . فمجرد التركيز على فكرة أو القيام بالتنفس يمكن أن يؤدي إلى تشغيل أو إيقاف تفاعل وتشغيل هذه الجينات المسببة للأمراض.

 = ممارسة الرياضة البدنيه: يمكن أن تحدث تفاعلات التغييرات الجينية أيضًا مع ممارسة الرياضة، حيث تتأثر الجينات بعملية تسمى المثيلة في هذه العملية، تلتصق مجموعات الذرات بالجزء الخارجي من الجين تجعل العناقيد الجين أكثر أو أقل قدرة على استقبال الإشارات من الجسم والاستجابة لها. حيث يمكن للنشاط البدني تغيير هذه العملية وتساعد الجينات على العمل بطريقة جيدة. ويمكنك عمل تمارين بسيطة مثل ركوب الدراجة أو السباحة أو المشي الرياضى .

 = تجنب التدخين والكحوليات والتعرض للمواد الكيميائية السامة: ان  العديد من المواد الكيميائية معروفة بأنها مواد مسرطنة اى مسببة للسرطان تؤثر على تفاعل الجينات. فعندما تدخن ، تتسبب المواد المسرطنة في التبغ في تحور وتلف الجينات المضادة للسرطان بحيث لا تعمل بشكل فعال. فتجنب التدخين والحفاظ على نقاء الهواء وشرب الكثير من الماء والتعرق الجيد أثناء ممارسة الرياضة، تساعد هذه الخطوات على خفض السموم في الجسم. فالتغييرات السلوكية الصحيه والغذائيه الطبيعيه تساعد فى تفاعل الجينات على العمل بطريقه صحيه جيده.