أخبارصحة

أقصى درجة حرارة يتحملها الجسم والخيارات الصحية لتجنّب الجفاف وخفض الشهية والصداع

د-محمد حافظ ابراهيم

اوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن عصر الغليان العالمي قد بدأ واصفاً موجات الحر في نصف الكرة الأرضية الشمالي بأنها مرعبة. واوضحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومرصد المناخ التابع للاتحاد الأوروبي انه من المرجّح أن يكون صيف 2023 أكثر الشهور المسجّلة سخونة على الإطلاق. حيث اوضحت دراسة أجراها البروفيسور الدكتور داميان بيلي من جامعة جنوب ويلز البريطانية ان تغير المناخ والموجة الحارة تؤثر على أجسامنا وحالتنا الصحية. حيث وضع بعض المشاركين تحت تأثير درجات حرارة مختلفة بدأت عند 21 درجة مئوية ثم عند 35 درجة مئوية، ثم أخيرًا عند 40.3 درجة مئوية، التي تعادل اليوم الأكثر سخونة في المملكة المتحدة. وكان المشاركون جميعاً متصلين بمجموعة من الأدوات التي تتبع درجة حرارة بشرتهم وأعضائهم الداخلية ومعدل ضربات القلب وضغط الدم لديهم، كما تفحص تدفق الدم إلى العقل عبر الشرايين السباتية في رقبتهم.

واوضحت نتائج دراسة الدكتور داميان بيلي انه كان الهدف الرئيسي لأجساد المشاركين هو الحفاظ على درجة حرارة القلب والرئتين والكبد والأعضاء الأخرى عند 37 درجة مئوية تقريبًا. حيث يتم ذلك عن طريق منظم الحرارة في الدماغ الذي يقوم بتتبع درجة الحرارة باستمرار، ويرسل إشارات للجسم لمحاولة الحفاظ على دراجة 37 مئوية. وأشار إلى أنه حين تعرض المشاركون لدرجة حرارة 35 درجة مئوية، كانت هناك بعض التغييرات في جسدهم بشكل واضح. فقد بدت أجسامهم أكثر احمرارًا لأن الأوعية الدموية القريبة من سطح البشرة كانت تنفتح لتسهيل عملية تسرب الحرارة من الدم إلى الهواء. وزاد تعرق المشاركين حيث جعلهم تبخر العرق يشعرون بالبرودة. ووصف الدكتور داميان بيلي تعرض المشاركين لدرجة حرارة 40.3 درجة مئوية بأنها تحدٍ أكبر من الناحية الفسيولوجية. حيث فقد المشاركون أكثر من ثلث لتر من الماء أثناء التجربة. وزاد معدل ضربات القلب لديهم بشكل ملحوظ . وإن الضغط الإضافي على القلب هو سبب زيادة الوفيات الناجمة عن النوبات القلبية والسكتات الدماغية عند ارتفاع درجات الحرارة. وإنه ينخفض تدفق الدم إلى الدماغ بشدة وكذلك تنخفض الذاكرة قصيرة المدى، وذلك من أجل الحفاظ على درجة الحرارة عند حوالي 37 درجة مئوية.

يقول الدكتور داميان بيلي بيلي إن جسم الإنسان تم بناؤه ليعمل في درجة حرارة أساسية تبلغ حوالي 37 درجة مئوية. وإنه حين يتعرض لحرارة 40 درجة مئوية يصبح أكثر عرضةً للإغماء، وتصبح أنسجة الجسم والدماغ وعضلات القلب أكثر عرضة للتلف، الأمر الذي قد يصبح مميتاً في النهاية . وانه بمجرد أن ترتفع درجة الحرارة الأساسية إلى حوالي 41 – 42 درجة مئوية، تبدأ المشكلات الكبيرة والتى إذا لم تتم معالجتها سريعاً، فسوف يموت الفرد نتيجة لذلك. وفد تختلف قدرة الناس على التعامل مع الحرارة، لكن العمر واعتلال الصحة والامراض المزمنة يمكن أن يجعلانا أكثر عرضة للخطر. فالشيخوخة وأمراض القلب وأمراض الرئة والخرف وتناول بعض الأدوية تعني أن الجسم يعمل بجهد أكبر أثناء محاولته الحفاظ على درجة حرارته.

ويقول الدكتور داميان بيلي إن الخطر الأكبر يقع عند ارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء، فعندما تكون هناك مستويات عالية من الماء في الهواء، يصعب على العرق أن يتبخر. وبالإضافة دراسة الدكتور داميان بيلي اختبر فريق من جامعة ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة مجموعة من الشباب الأصحاء في درجات حرارة ورطوبة مختلفة، حيث كانوا يبحثون عن اللحظة التي بدأت فيها درجة حرارة الجسم الأساسية في الارتفاع بسرعة. وتقول الباحثة الرئيسية الدكتورة راشيل كوتل انه حين تبدأ درجة حرارة الجسم الأساسية في الارتفاع، يمكن أن يؤدي ذلك إلى فشل الأعضاء. ويمكن أن يتم الوصول إلى نقطة الخطر هذه عند درجات حرارة منخفضة عندما تكون الرطوبة عالية. ما نريد أن نقوله هو أن القلق لا يكمن فقط في الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، بل في زيادة الرطوبة أيضاً. ينصح الدكتور داميان بيلي والدكتورة راشيل كوتل بالبقاء في الظل وارتداء ملابس فضفاضة وتجنب شرب الكحول والحفاظ على المنزل باردًا وعدم ممارسة الرياضة في اليوم الحار والحفاظ على رطوبة الجسم عن طريق شرب الماء والسوائل. وينصح الأشخاص بمحاولة عدم التعرض لحروق الشمس، حيث إن حروق الشمس الخفيفة يمكن أن تقضي على قدرة الجسم على تنظيم الحرارة أو التعرق لمدة تصل إلى أسبوعين.

ونصحت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية إذا كان الشخص عرضة للإصابة بالصداع، فإن السماء الرمادية والرطوبة العالية ودرجات الحرارة المرتفعة والعواصف يمكن أن تسبب آلاما فى الرأس حيث يسبب ارتفاع درجات الحرارة والتقلبات الجوية الصداع. حيث يعانى الجميع تقريبا من الصداع ولو مرة واحدة فى حياتنا وعادة لا تستدعى هذه الحالة القلق لأنها تزول تلقائيا، لكن البعض يواجه تجارب أكثر ألما مما يدفعهم إلى تناول المسكنات. وأن بعض مسببات الصداع مثل المضافات الغذائية والعطور الثقيلة والتوتر وشرب الكحوليات أصبحت الآن معروفة بشكل واسع، إلا أن البعض يبلغ عن زيادة فى أعراض الصداع بسبب تغيرات الطقس. ويعرف أن تقلبات الطقس يمكن أن تؤثر على المزاج، وأبرزها الإصابة بالاضطراب العاطفى الفصلى. وعلى الرغم من ثبوت تأثير الطقس على الصحة النفسية، إلا أن الأمر لا يتوقف للأسف عند هذا الحد بل إن التأثر يمكن أن يطال الصحة الجسدية، مثل الصداع . ووفقا لابحاث هيئة الخدمات الصحية يعتقد أن تغيرات الضغط التى تسبب تغيرات فى الطقس تؤدى إلى تغيرات كيميائية وكهربائية فى الدماغ، ما يمكن أن يؤدى ذلك إلى تهيج الأعصاب، مما يسبب صداعا يستمر عادة من 30 دقيقة إلى عدة ساعات.

ونصحت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية بطرق لعلاج الصداع المرتبط بالطقس. ولسوء الحظ، لا يمكننا تغيير الطقس، لكن يمكننا الاستعداد عندما تأتى الظروف الجوية العاصفة والرطبة. حيث توصى هيئة الخدمات الصحية بالنظر إلى التوقعات ما يتيح التنبؤ بالوقت الذى يحتمل أن تصاب فيه بالصداع والتأكد من أن لدى الشخص بعض مسكنات الألم جاهزة عندما تكون في حاجة إليها. وإذا كان الشخص يعانى من الصداع، فيمكن تناول المسكنات وشرب الكثير من الماء والاسترخاء لأن التوتر يزيد الصداع سوءا. وتنصح الهيئة بتجنب الإفراط فى النوم، وتخطى وجبات الطعام، وإجهاد العينين عن طريق النظر إلى الشاشات الإلكترونية وقتا طويلا، واستهلاك الكحوليات والتبغ.

واوضحت دراسة للدكتورة أليسون تشايلدرس أخصائية التغذية في جامعة تكساس ان الشهية تنخفض في الطقس الحار. حيث يستهلك الشخص سعرات حرارية قليلة عندما يكون في بيئة حارة كوسيلة لتبريد الجسم . ووجدت دراسة أجريت في الصين أنه مقابل كل زيادة بمقدار درجة مئوية في الحرارة ينخفض تناول الطعام بنسبة 0.11%. حيث ركزت هذه الدراسة على سلوك المستهلك بدلاً من الآليات البيولوجية، واوضحت الدكتورة أليسون تشايلدرس تفسيراً علمياً لذلك. واوضحت انه عادة ما يأكل الأشخاص في المناخات الأكثر دفئاً سعرات حرارية اقل لأن تناول تلك السعرات ينتج حرارة ويمكن أن يسخن الجسم أكثر . وتُعرف كمية الحرارة الناتجة عن الهضم باسم التأثير الحراري للطعام، وتتمتع الأطعمة الغنية بالبروتين بأكبر قدر من التأثير الحراري، لذلك فإن ألاطعمة مثل الدجاج ولحم البقر والبقول والبيض والعدس والمأكولات البحرية قد تجعل الشخص يشعر بالدفء أكثر عندما يبدأ في الهضم. ولا تدعو الدكتورة أليسون تشايلدرس إلى استبعاد هذه الأطعمة تماماً، وإنما أن ندرك أنها قد تزيد من حرارة أجسامنا قليلاً. واوضحت ان فقدان الشهية هو أحد أعراض ضربة الشمس وقد يكون مصحوباً بارتفاع في حرارة الجسم، ومعدل ضربات القلب السريع، والغثيان والارتباك. ومع استمرار الطقس الحار من المهم معرفة الأطعمة التي يمكن أن تساعد الجسم على التبريد والترطيب. وفي حالة فقدان الشهية، تنصح الدكتورة أليسون تشايلدرس بتناول البطيخ والتوت والفراولة والطماطم والخيار لترطيب الجسم وتزويده بمغذيات تحافظ على توازن السوائل.

واوصت هيئة الغذاء والدواء الامريكية لدراسة الدكتورة فيرونيك لييس بتناول خيارات صحية في الموسم الحارّ لتجنّب الجفاف وارتفاع حرارة الجسم. حيث خلال الموسم الحار، ومع ارتفاع درجات حرارة الجو، يكون من المفيد التركيز على تناول مجموعة من العناصر الغذائية التي تحمي الجسم من الجفاف وما يلية من مشاكل صحية خطيرة واهم هذة الخيارات الصحية هى:

= تناول الخضروات والفواكهة الغنية بالماء: لا يوجد فرق من حيث الاحتياجات الغذائية خلال فصل الصيف باستثناء الماء. في حين قد ترغب في تناول طعام طازج أو حتى بارد للشعور الذي يمنحة ذلك وهو تناول الأطعمة التي تنعش وترطِّب في الوقت نفسه. ولتعزيز الترطيب، يجب عليك اتباع نظام غذائي نباتي وتفضيل الفواكه والخضروات. ولعل أكثر الأطعمة الغنية بالمياه هي الخضروات والخيار يحتوي على أكبر قدر من الماء، مع محتوى 95.6% ماء، يليه السلطات الخضراء والخس. وأنة يوجد هناك خضروات أخرى غنية بالمياه مثل الكوسا والطماطم والباذنجان. أما الفاكهة التي تحتوي على أعلى نسبة من الماء هى البطيخ والشمام كما أن الخوخ والكرز يحتويان على نسبة عالية من الماء. و يمكن تناول الزبادي والجبن القريش وهي منتجات الألبان التي تحتوي على محتوى مائي لترطيب الجسم .
= تناول المزيد من الملح في الطقس الحارّ: أن استهلاك المزيد من الملح قد يكون ضرورياً إذا كان الانسان يشعري بالحرارة والتعرق كثيراً، وذلك لتعويض الخسائر المفرطة بسبب العرق. ويكفي أن نستهلك القليل من الملح عن طريق استخدام صلصة الصويا.
= تناول البطاطا الحلوة: حيث تعد خياراً جيداً للطعام خلال فترة الحرارة المرتفعة التي نفقد خلالها الأملاح المعدنية بسبب العرق، وذلك لاحتوائها على المعادن والبوتاسيوم.
= تناول الكائنات الحية الدقيقة: نظراً إلى أننا نميل إلى المعاناة أكثر من اضطرابات الجهاز الهضمي عندما يكون الجو حاراً، فقد يكون تناول المشروبات التي تحتوي على بكتيريا جيدة مثل الكفير أو الكمبوتشا تحفاظ على صحة الكائنات الحية الدقيقة بالامعاء.
= تناول الأطعمة التي تُشعرك بالانتعاش: يوصي ممارسو علم الإيوفيردا بالطب الهندى البديل بتناول مستحضرات منعشة مثل الأرز باللبن وصلصة الفاكهة الحمراء والفواكه الصيفية مثل الخوخ والبطيخ وينصحون باستخدام الورد لإنعاش الجسم وتعزيز التخلص من الحرارة الراكدة. ويُنصح باستخدام منتجات أساسها الورد مثل الشراب أو الماء أو المربى أو ماء الورد.

= أفضل الأطعمة للحفاظ على نشاط الجسم: توصي دراسات التغذية بتناول الأطعمة النيئة عندما يكون الجو حارّاً، لأنَّ الطهي يقضي على بعض الماء بداخلها. والأكل البارد يبرد الجزء الداخلي من الجسم. كما تنصح بتناول الأطعمة النشوية مثل البطاطس المسلوقه والأرز البنى والمكرونة بالدقيق الكامل ولكن المبردة لبضع ساعات في الثلاجة لأنها توفر المزيد من الطاقة.
= تناول السلطات المتنوعّة: هى خياراً جيداً في الطقس شديد الحرارة، لذلك حاول الجمع بين الأطعمة النشوية والخضروات من الخيار والفلفل والطماطم والبروتينات من التونة والبيض المسلوق والدجاج أو لحم البقر إذا كنت تريدين أطباقاً مطبوخة، فاختار طرق الطهي بالبخار.
= تحلية منعشة: إذا كانت درجات الحرارة مرتفعة ، تناول الآيس كريم بالزبادي الممزوج بالفاكهة وعصائر الفاكهة المختلطة، فهي سهلة ومنعشة ومنخفضة السعرات الحرارية.أقصىخفض الشهية