أخبارعقارات

القطاع العقاري لدول مجلس التعاون الخليجي   

      ايمان الواصلي                                                               

 دبي تساهم في زيادة الصفقات العقارية الخليجية في الفترة الممتدة من يناير إلى أكتوبر 2022، لتتخطى القيمة المسجلة في العام 2021 بأكمله

وصلت قيمة الصفقات العقارية في الفترة الممتدة ما بين يناير إلى أكتوبر من العام 2022 إلى 143.1 مليار دولار أمريكي، متجاوزة مستويات العام 2021 بأكمله (136.9 مليار دولار أمريكي) وفقاً لتحليلنا للتقديرات الرسمية. كما كانت القيمة الإجمالية للمنطقة أعلى بنسبة 21 في المائة تقريباً على أساس سنوي مقارنة بالفترة المماثلة الممتدة ما بين يناير إلى أكتوبر من العام 2021، حيث أدت الصفقات العقارية في دبي بمفردها تقريباً إلى تحقيق تلك الزيادة. إذ ارتفعت قيمة الصفقات العقارية في دبي بنسبة 81 في المائة تقريباً خلال تلك الفترة، بدعم رئيسي من زيادة الطلب وأسعار العقارات عالية الجودة، في حين شهد قطاع العقارات ذات الأسعار المعقولة أيضاً مكاسب جيدة. إلا أن عدد الصفقات في دول مجلس التعاون الخليجي تراجع بنسبة 6 في المائة على أساس سنوي في الفترة الممتدة ما بين يناير إلى أكتوبر من العام 2022 ليصل إلى 511,239 صفقة على الرغم من نمو عدد الصفقات العقارية في دبي بنسبة تجاوزت 61 في المائة، حيث شهدت أسواق أخرى مثل السعودية وقطر والكويت تراجع أنشطتها مقارنة بالفترة المماثلة من العام 2021. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع متوسط القيمة لكل صفقة تمت خلال الفترة الممتدة ما بين يناير إلى أكتوبر من العام 2022 في بعض الأسواق مثل السعودية (+ 35.5 في المائة) ودبي (+ 12.2 في المائة) بشكل ملحوظ، مما يشير إلى قوة طلب المستخدم النهائي والاقبال على الاستثمار. وكان أداء كافة القطاعات الفرعية في السوق العقارية الإقليمية أفضل في العام 2022 مما كان عليه في العام 2021، حيث شهدت القطاعات السكنية والصناعية عالية الجودة ارتفاعاً قوياً في كلا من الأسعار والإيجارات. وسيستمر عرض المكاتب المصممة خصيصاً وفقاً لمصادر الطلب الجديدة مثل الروبوتات وتكنولوجيا المعلومات والرعاية الصحية في الزيادة بوتيرة سريعة لاستيعاب الطلب على تلك المساحات. وعلى الرغم من ذلك، فإن الأداء القوي لمختلف القطاعات الفرعية بالتزامن مع المخاطر المزدوجة المتمثلة في ارتفاع سعر الفائدة وامتداد رفع معدلات الفائدة لفترة طويلة قد يكون من المحتمل انه دفع تلك الفئات من الأصول العقارية إلى مرحلة النمو المتأخر في الدورة العقارية. ومع ذلك، يبقى المطورون على دراية وحذر تجاه هذا الأمر، وبالتالي من المرجح أن تلبي عمليات إطلاق المشاريع الجديدة بيئة طلب تميل أكثر نحو المستويات الاعتيادية في المستقبل.

 تفاصيل المعاملات العقارية في دول مجلس التعاون الخليجي / 2019- يناير/أكتوبر 2022 (مليار دولار أمريكي)

نمو صفقات قطاع العقار السكني في العام 2022، وتزايد العائدات على خلفية تسارع وتيرة نمو صافي الإيرادات التشغيلية

اكتسبت معنويات المستثمرين زخماً في العام 2022 وأدت إلى اقتناص فرص الشراء في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي ومختلف الفئات السكنية، كما شهدنا في العام 2021. ونتيجة لذلك، ارتفعت الأسعار على أساس سنوي في بعض الأسواق مثل دبي (+9 في المائة) وجدة (+20 في المائة) بنهاية الربع الثالث من العام 2022، وفقاً للبيانات الصادرة عن جيه إل إل. ويواصل المطورون عرض خطط سداد أكثر مرونة تتميز بانخفاض الدفعات المقدمة وخطط ما بعد الإنجاز لجذب المشترين للمشروعات قيد الانشاء والمشترين لأول مرة، في حين اختلفت المحفزات والطلب على المنتجات في مختلف أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. وشهدت أبوظبي ارتفاع الطلب على الفيلات قيد الانشاء والمطورة داخل المجتمعات القائمة في العام 2022، حيث شهدت بعض المشروعات العقارية مكاسب ثنائية الرقم على أساس سنوي من حيث النسبة المئوية. كما دفعت بيئة أسعار الفائدة المرتفعة مشتري الرهن العقاري للحصول على الصفقات مبكراً لتأمين أسعار الفائدة الثابتة لأطول فترة ممكنة في كافة أنحاء الإمارات. من جهة أخرى، ارتفعت الإيجارات بنسبة تتراوح بين 20 في المائة و25 في المائة على أساس سنوي في دبي بنهاية الربع الثالث من العام 2022 بناءً على بيانات الاستشاريين، في ظل تطلع أصحاب العقارات للاستفادة من اتجاهات السوق القوية. ونتيجة لذلك، نما إجمالي العائدات الإيجارية في دبي بنحو 70 نقطة أساس من بداية العام الحالي حتى أكتوبر 2022 على الرغم من ارتفاع الأسعار. وسيظل الطلب على القطاع السكني في السعودية مدفوعاً بأهداف رؤية 2030 المتمثلة في رفع نسبة تملك الأسر السعودية للوصول إلى 70 في المائة بنهاية العقد، وكما في منتصف العام 2022، تقدر الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري أن نسبة التملك قد وصلت إلى أكثر من 60 في المائة. إلا ان ارتفاع أسعار الفائدة أدى إلى تراجع الاقبال على منتجات الرهن العقاري، إذ انخفضت معدلات الرهن العقاري خلال الفترة الممتدة ما بين يناير إلى أكتوبر من العام 2022 بنسبة 20 في المائة تقريباً على أساس سنوي. بالإضافة إلى ذلك، أدى نمو إجمالي الوظائف إلى زيادة أسعار بيع الشقق والفيلات في الرياض بنسبة 20 في المائة و30 في المائة، على التوالي، بنهاية الربع الثالث من العام 2022، في حين لوحظت ارتفاعات مماثلة في الأسعار في جدة بسبب محدودية العرض للمساكن عالية الجودة. ومستقبلياً، نتوقع أن نشهد عودة الطلب إلى المستويات الاعتيادية وارتفاع أسعار الأسواق السكنية الرئيسية، في ظل استمرار حذر المستثمرين نتيجة للعرض المرتقب وارتفاع أسعار الفائدة، بينما من المرجح أن يركز المستخدم النهائي على القدرة على تحمل التكاليف.

 

تحويل المطورين للمساحات للاستحواذ على حصة سوقية من مصادر الطلب الحديثة على المكاتب

واصلت المساحات المكتبية من الفئة (أ) أدائها القوي على مستوى المنطقة في ظل شح العرض، كما أدت مصادر الطلب الجديدة إلى زيادة الاستحواذ على المساحات المكتبية. ومن المتوقع أن يصل إجمالي المساحات المكتبية في الأسواق الرئيسية بدول مجلس التعاون الخليجي إلى 29.06 مليون متر مربع بنهاية العام 2022 مقابل 27.31 مليون متر مربع في العام 2021، بناءً على تحليلنا لبيانات الاستشاريين. ونتيجة لذلك، شهدت إيجارات المكاتب الرئيسية في دبي (+ 24 في المائة)، والرياض (+ 15 في المائة)، أبو ظبي (+ 9 في المائة) نمواً قوياً. وشهدت الكويت أيضاً نمواً بنسبة 4 في المائة في إيجارات المساحات المكتبية الرئيسية والتي وصلت في المتوسط الآن إلى نحو 11.5 دينار كويتي للمتر المربع شهرياً، حيث ما يزال المعروض من الوحدات الفاخرة محدوداً. وتشير النظرة المستقبلية إلى توقع استمرار تحول المستأجرين نحو البحث عن مساحات مكتبية أكثر ملاءمة مثل البيئات العمرانية المستدامة، مع تفضيل المباني الحاصلة على شهادة الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة أو المعروفة اختصاراً بشهادة ليد (LEED). وقد تشهد متطلبات المساحات تفاوتات شديدة، كما شهدنا في العام 2022، فيما يعزى إلى حد كبير إلى اختلاف المتطلبات وفقاً للمصادر الجديدة للطلب على المساحات المكتبية لقطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتكنولوجيا والإعلام والاتصالات والرعاية الصحية / الصيدلة والمؤسسات القانونية. كما ستستمر بعض الشركات في الجمع بين استراتيجيات العمل من مقر الشركة بالإضافة إلى مرونة العمل عن بعد لتحافظ على مستوى محدود من الأصول. ومن المقرر أن يشكل هذا أيضاً توجهات مطوري المساحات المكتبية من وجهة نظرنا لإعادة النظر في المعروض المرتقب من المساحات المكتبية وتلبية هذه المصادر الجديدة للطلب لتحقيق إيجارات ممتازة على مستوى السوق. وما زلنا نعتقد أن العام 2022 سيكون عام الأساس الجديد للطلب على العقارات المكتبية في المستقبل لكل من المخزون الجديد والحالي من المساحات المكتبية. فعلى صعيد مساحات المكاتب القديمة، من المرجح أن يستمر المطورون في البحث عن إعادة توظيف محفظة المساحات المكتبية لجذب الطلب من مصادر بديلة للطلب مثل مراكز البيانات.إيجارات المكاتب الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي والتغير على أساس سنوي: العام الربع الثالث 2022 (٪) 

العقارات الصناعية عالية الجودة ترتفع بمستويات أعلى، وتعافى قطاع التجزئة في أسواق محددة

بعد العودة إلى مستوياته الاعتيادية في العام 2021، شهد الطلب على العقارات الصناعية عالية الجودة في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً قوياً في العام 2022. وارتفعت الإيجارات بصفة عامة عبر الأسواق لمثل تلك المساحات، حيث شهدت الأسواق ذات العرض المنخفض مثل دبي والكويت نمواً قوياً ثنائي الرقم من حيث النسبة المئوية. إلا أن حوافز المستأجر تظل محدودة مما يجبرهم بالتالي على الالتزام بالشروط التي وضعها أصحاب المستودعات الصناعية. ومن المتوقع استمرار تزايد الطلب الناشئ عن التجارة الإلكترونية، ولوجستيات الطرف الثالث، وقطاعات الأدوية، والسلع الاستهلاكية سريعة الحركة، خاصة من المجمعات التجارية الضخمة، تجاه الأبنية الآلية للمراكز المبردة والتي يتم التحكم في درجة حرارتها.  حيث تحظى المراكز المبردة والتي يتم التحكم في درجة حرارتها بفارق سعر يصل إلى 25 في المائة و30 في المائة على الأقل مقارنة بأسعار السوق. كما تشهد إضافة مناطق الإيداع  داخل المجمعات اللوجستية طلباً قوياً خاصة في السعودية. ويساهم توسع المناطق السعودية المرتبطة بقربها من الموانئ في زيادة القدرة على مسح وتخزين وإعادة تصدير المنتجات إلى عدد أكبر من الوجهات، مما قد يمكن البلاد من أن تصبح احدى أبرز المراكز الرئيسية للتخزين وإعادة التوزيع في المنطقة.

من جهة أخرى، تحسنت إيجارات بعض قطاعات التجزئة في العام 2022 مثل الرياض (+ 5 في المائة)، أبو ظبي (+ 5 في المائة) ودبي (+ 3 في المائة) بناءً على بيانات الاستشاريين، مع تعافي إيجارات مراكز التسوق، بينما واصل أصحاب المراكز التجارية التركيز على زيادة بصمة الترفيه العائلي. إلا انه على الرغم من ذلك، يواصل تجار التجزئة البحث عن مواقع أكثر استراتيجية لمنافذهم، مع استعدادهم لدفع مبالغ اضافية للبروز بصورة أفضل. وعلى الرغم من تفضيل تجار التجزئة للمخططات الأكثر ملاءمة لمصفوفة الربحية مثل المبيعات لكل قدم مربع ومعدلات تحويل المبيعات وما إلى ذلك، إلا ان تركيز مطوري مراكز التسوق يتجه من ناحية أخرى إلى تصميم مراكز تسوق كبيرة الحجم للجمع بين التجربة الاجتماعية التي تشمل البيع بالتجزئة، والأطعمة، والمشروبات، والترفيه. واستمرت عادات الإنفاق الاستهلاكي في التغيير، وقام تجار التجزئة بقيادة خطط التوسع عبر استراتيجيات القنوات الشاملة مثل خدمات Click & Collect وحملات التسويق التي يقودها المؤثرون للحفاظ على الربحية والحصة السوقية.

تسعير الأسهم العقارية في ظل الطلب الاعتيادي  

كانت مؤشرات الأسهم العقارية في الإمارات هي الرابح الوحيد منذ بداية العام حتى تاريخه خلال الفترة الممتدة من يناير إلى نوفمبر من العام 2022، في حين تراجعت مؤشرات القطاع العقاري في كافة الأسواق الأخرى خلال تلك الفترة. إذ ارتفع مؤشر العائد الكلي للعقارات الخليجية الصادر عن شركة ريفينيتيف بنسبة 1.2 في المائة مدفوعاً بالأداء القوي للمؤشرات العقارية في أبو ظبي (+ 16.7 في المائة) ودبي (+ 14.3 في المائة)، متفوقاً على أداء مؤشر مورجان ستانلي الخليجي (-1.4 في المائة) خلال نفس الفترة. وكانت السعودية ضمن أبرز البورصات المتراجعة على صعيد أداء المؤشرات العقارية في ظل تراجع أداء أسهم المطورين العقاريين وصناديق الاستثمار العقارية المتداولة في السعودية بنسبة 14.1 في المائة لكلا منهما. وعلى الرغم من أن مؤشرات الأداء الرئيسية الأساسية للقطاعات الفرعية للعقارات قد تحسنت بشكل كبير في عدد من الأسواق المحددة، إلا ان الرياح المعاكسة الأخيرة مثل ارتفاع أسعار الفائدة وعودة النمو المستقبلي إلى مستوياته الاعتيادية قد تؤثر على أسعار أسهم المطورين وصناديق الاستثمار العقارية المتداولة في المستقبل، من وجهة نظرنا. إلا اننا ما زلنا نتوقع أن بعض الأسهم المحددة سوف تواصل التفوق على المؤشرات الأوسع نطاقاً بسبب الإعلان عن مشاريع مميزة تتسم بارتفاع معدل العائد الداخلي على الاستثمار، واقتناص فرص أنشطة الاندماج والاستحواذ، والحصول على أنواع منتجات معينة مثل مراكز البيانات كاستثمارات بديلة.