أخبارصحة

التأثير السلبي للدوام الليلي والحرمان من النوم واسرار النوم الهانئ

د-محمدحافظ ابراهيم

ان العمل في وظيفة ذات أنماط دوام متغيرة ضار جدا بالصحه، ولا بد أن تعلم أن دوام العمل الليلي بإمكانه أن يجعلك تشعر بالإعياء والخمول، وقد يكون ضارا بالقلب أيضا. أظهر بحث جديد للدكتور جون أونيل بجامعه كامبريدج السبب المباشر لذلك، حيث يتعلق الأمر برمته بـ “ساعات الجسم البيولوجية” الخاصة بالدماغ والقلب، والتي يمكن أن تصبح غير متناغمة ومتزامنة نتيجة لتغيير أنماط العمل بين فترات الدوام الصباحية والمسائية والليلية، مما يجعل القلب عرضة للخلل الوظيفي.

وهذا الأمر يمكن أن يضر بالصحه ضررا كبير وبالساعات الخليوية غير المتزامنة. حيث اوضحت الدراسة التي أجراها مختبر إم آر سي للبيولوجيا الجزيئية في جامعه كامبريدج الاضرار بالساعة الداخلية في كل خلية قلب، والتي تغير التوازن الكيميائي للخلية على مدار اليوم. حيث يحتاج الجسم إلى أن يعمل القلب بجهد أكبر عندما يكون نشطا، ويحقق ذلك عن طريق جعل القلب ينبض بشكل أسرع. وقال الدكتور جون أونيل، الذي قاد البحث، انه يتم تحديد وتيرة دقات القلب من خلال امرين هما إشارات من الدماغ، ومستويات الصوديوم والبوتاسيوم داخل كل خلية قلبية، مما يؤدي إلى تنشيط ضربات القلب. وقال الدكتور جون أونيل إن التغيرات الهرمونية الكبيرة التي تطرأ على الجسم بسبب العمل بفترات دوام مختلفة شكلت مفاجأة كبيرة لفريق البحث.

وأضاف انه لدى الأشخاص الأصحاء، يحدث تناغم وتزامن بين هذه الساعات الخليوية التي لا تعد ولا تحصى مع بعضها البعض. لكن الدراسة الجديدة وجدت أنه بتغيُّر فترات الدوام في العمل، يتكيف الدماغ بسرعة كبيرة، لكن ساعات الجسم الموجودة في كل خلية قلبية تتأخر. وقال الدكتور جون أونيل انه لديك بضعة أيام تكون فيها الإشارات الواردة من الدماغ غير متزامنة مع ما يتوقعه القلب وهذا ما نعتقد أنه يجعل ممن يعملون بنظام فترات الدوام المتغيرة أكثر عرضة لخطر القلب عندما يتنقلون بين فترات العمل الليلة والنهارية. هذا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب المختلفة، لا سيما أثناء الانتقال بين فترات الدوام النهارية والليلية، وعلى الرغم من أنه يجب ملاحظة أن العمل بنظام النوبات المختلفة هو فقط أحد الأسباب من ضمن العديد من العوامل الأخرى التي تزيد خطر الإصابة بمشاكل القلب، بما في ذلك العمر والجنس والتاريخ العائلي والنظام الغذائي.

قال الدكتور جون أونيل ان هناك عدد من الآثار السلبية التي قد تصيب القلب، ويحمل أكثرها إثارة للقلق والفزع اسم موت القلب المفاجئ حيث يصبح القلب مرتبكا ويتوقف عن العمل لفترة من الوقت. وما لم تحصل على رعاية طبية، فقد يؤدي الأمر إلى الموت. ولحسن الحظ فإن هذا السيناريو نادر جدا، ولكن وُجد أن العمل بفترات الدوام المختلفة يزيد من المخاطر المتعلقة لا بمشاكل القلب فقط، وإنما أيضا اضطرابات الجهاز الهضمي واضطرابات المزاج، كما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام مقارنة بالأشخاص الذين يعملون في فترات دوام نهارية فقط. وان المقارنة التي أجراها العلماء هي أن الإيقاع اليومي المضطرب طوال الحياة، إذا كنت تعمل بفترات ليلية ونهارية بشكل متبادل، يعادل تدخين علبة سجائر يوميا.

وقد اعترفت بعض الحكومات بالمخاطر الصحية الناجمة عن العمل بالدوام الليلي، ففي الدنمارك ، يحق لأولئك الذين عملوا بدوام ليلي لأكثر من 20 عاما وأصيبوا بالسرطان، الحصول على تعويض. رغم المخاطر التي قد يتسبب بها العمل بفترات دوام متغيرة إلا أن هنالك طرقا للالتفاف عليها. وهى انه لكي نتمتع باللياقة والصحة يجب أن تكون جميع ساعاتنا البيولوجية متزامنة ومتناغمة لأبعد حد مع بعضها البعض. وللحصول على ذلك من الأفضل أن يكون لديك روتين يومي يتضمن النوم أثناء الليل، وتناول الطعام الصحى والعمل أثناء النهار، لكن هذا ليس أمرا اختياريا بالنسبة لملايين العمال. وعلى الرغم من ذلك، يقول خبراء النوم إنه يمكننا اتخاذ خطوات عملية مختلفة للمساعدة في خفض الضرر الذي يحدثه العمل بدوام ليلي.

واوضحت الدكتورة ريناتا ريها، استشارية طب النوم والجهاز التنفسي بجامعة إدنبرا انه من السهل على البشر تأخير ساعات الجسم الداخلية، وكذلك الساعة الرئيسية في الدماغ والتاقلم عليه. وتضيف أن الشكل المثالي للترتيب الذي ينبغي أن يكون عليه العمل في الفترات المختلفة والمتنوعة بين الليل والنهار هو أن تبدأ بفترات الدوام النهاري، ثم فترات الظهر، وأخيرا فترات الليل. ويُفضل أن يفصل بين فترات الدوام الليلية أسبوعان على الأقل لأن ذلك يمنح الجسم وقتا للتكيف. تقول الدكتورة ريناتا ريها ان الامر يستغرق حوالي أسبوع واحد حتى تتغير جميع الساعات في الجسم، بدءا بالساعة الرئيسية المسؤولة عن إفراز الميلاتونين وهو هرمون النوم، تليها الساعات في جميع أعضاء الجسم الأخرى.كما توصي بأخذ قيلولة قصيرة لمدة 20 إلى 30 دقيقة خلال فترة العمل الليلية. ويحتاج الشخص البالغ في المتوسط من سبع إلى ثماني ساعات من النوم، ولكن ليس كل النوم متساويا من حيث الفائدة والجودة.

وان النوم فى العاشره مساء مرتبط بانخفاض خطر الاصابه بامراض القلب . وغالبا ما يكون النوم أثناء النهار أقل جودة، مما يحرم الجسم من الراحة التي يحتاج إليها كثيرا. تقول الدكتورة ريناتا ريها إن العاملين في الفترات الليلية يجب أن يحاولوا النوم بمجرد عودتهم إلى المنزل. ومحاوله النوم في غرفة هادئة وباردة ومظلمة، حيث يمكنك استخدام قناع للعيون إذا لم يكن لديك ستائر لحجب أشعة الشمس، ويمكنك استخدام سدادات الأذن. وإذا كانت غرفتك دافئة، ففكر في طرق تبريدها، واستخدام وسادة أو مروحة مبردة، إذ أن خفض درجة الحرارة يخدع جسمك ويجعله يعتقد أن الوقت قد حان للنوم. يمكن أن تساعد ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي جيد ومتوازن أيضا. يؤثر الأكل والتمارين الرياضية على الساعات البيولوجيه في جميع أنحاء الجسم بشكل مباشر، من خلال التغيرات في هرمون الأنسولين ودرجة حرارة الجسم.

يمكننا خداع أجسامنا لقبول الأوقات الجديدة من خلال تعريض أنفسنا للضوء وتناول الافطار الجيد وكاف وصحى قبل أن تبدأ فترة الدوام الليلي، ثم تجنب الطعام والضوء خلال “وقت الليل” الجديد.حيث لا توجد حبوب يمكننا تناولها حتى اليوم من شأنها إعادة ضبط ساعتنا البيولوجيه، ولكن إذا كنت تنتقل من دوام النهار إلى دوام الليل، فإنك تحتاج فقط إلى تغيير روتينك اليومي بالكامل خلال اليوم السابق لليلتك الأولى ثم أن تلتزم بالروتين الجديد، كما اوضح الدكتور جون أونيل. فان ذلك سيساعدك على التكيف بشكل أسرع وتجنب الكثير من الآثار الجانبية غير المرغوب فيها.

أظهرت دراسة حديثه لهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية أن عدم الحصول على قسط كاف من النوم الليلى يمكن أن يؤدي إلى جميع أنواع المشاكل في مناطق الدماغ التي تتحكم في اللغة والتخطيط والإحساس بالوقت والذاكرة هذا ما يحدث لدماغك عند الحرمان من النوم . حيث أجرى الخبراء البريطانين مؤخرًا دراسة حول العلاقة بين قلة النوم والذاكرة ، ووجدوا أن حوالى (54%) ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن قلة النوم تجعل ذاكرتهم أسوأ وأن العلم يدعم ذلك. وشرح الخبراء إن النتيجة البارزة لعدم النوم جيدا هي انخفاض قدرتك على التركيز والتعلم، مما يجعل استيعاب المعلومات الجديدة وتذكرها أكثر صعوبة.

فالنوم الجيد ليلاً يخلق الذكريات ويحافظ عليها وفقًا لأهميتها. وذلك لأن تكرار الدماغ للأحداث الأخيرة يحدث فقط عندما تكون نائمًا. وأثناء النوم، ينقل عقلك ذاكرته إلى منطقة تخزين أكثر كفاءة، مما يعني أنه عندما تستيقظ، يمكن أداء مهام الذاكرة بشكل أسرع وأكثر دقة. وأفادت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية أن واحدًا من كل ثلاثة أشخاص يعاني من مشاكل في النوم، مما يعني أن ذاكرة الملايين من الناس يمكن أن تتأثر، وإن الرابط يتعلق بكيفية تطور العقل، حيث يتكون الدماغ من مائه مليار خلية عصبية مرتبطة بآلاف الوصلات، والتي تتطور باستمرار. وإذا كنت لا تنام بما يكفي، فأنت لا تدع عقلك يقوي هذه الروابط ، وهذا بدوره لا يتيح الوقت لترسيخ وحفظ الذكريات.

وابحاث الدكتور جاي ديكست اوضحت ان هناك طلب من الكثير من العلماء بان على الانسان تخصيص وقت لفعل لا شيء. اى وقت الراحة والتوقف الحقيقي عن فعل “لا شيء”، أي التركيز على “لا شيء”. ففعل “لا شيء” يساعد الإنسان على تعزيز قدراته الإنتاجية. ويدعو العلماء دائما إلى أهمية تخصيص الناس بعض وقتهم لفعل “لا شيء”، الأمر الذي سيعود عليهم بالنفع. واوضحت هيئه الغذاء والدواء الأميركية إن البشر لا يمكنه أن يقضي كل وقته في العمل والإنتاج والتفكير، حيث ان البشر ليسوا روبوتات وان الدماغ تحتاج إلى فترة نقاهة. ويقصد بفترة النقاهة تلك المدة الزمنية التي يقضيها الإنسان مع ذاته، والتي لا يضع خلالها أي هدف ولا يركز خلالها على أي شيء.

وقال الدكتور جاي ديكست، انه يعتقد أن وقت الراحة هو التوقف عن العمل ومشاهدة التلفزيون او اللعب أو المطالعة لكن في الواقع، وقت الراحة هو التوقف الحقيقي عن فعل “لا شيء”، أي التركيز على “لا شيء”. وأضاف ان مشاهدة فيلم على نتفليكس أو تصفح المواقع الاجتماعيه او الذهاب لصالة الألعاب الرياضية، كلها أمور لا تحتسب ضمن وقت الراحة، لأنها تتطلب تركيزا واهتماما حتى ممارسة التأمل لا تنتمي لهذه القائمة. وأن وقت الراحة الأهم هو الذي أقضيه في الحمام،وأن وقت الاستحمام يعد دائما أفضل وقت للراحة، كما أن فترة النقاهة يمكن أن تقضيها وأنت تغسل الصحون أو تتجول في الحدائق والأهم أن لا يشغلك أي شيء. وأوضح ديكست أن الدراسات وجدت أن أدمغتنا حين تكون متوقفة عن العمل، أي لا تفكر ولا تركز على أي شيء هو أمر مهم للغاية، يساهم في تعزيز القدرات الإنتاجية والإبداعية.

ووفقا لدراسة علمية حديثة أجرتها جامعة جنوب الصين للتكنولوجيا اكتشفت سرُّ النوم الهانئ . حيث ان اضطرابات النوم والأرق من المشاكل الصحية التي يعاني منها عدد كبير من الأشخاص حول العالم. وأظهرت نتائج دراسة أن عنصرًا غذائيًا قادر على منحك النوم الهانئ. وفقا للدكتور توب سانتيه مؤسس الدراسة الصينية الحديثة، فإنَّ الحليب الساخن يعزز النوم، خصوصاً بفضل الحمض الأميني التربتوفان. هذا المشروب الساخن هو “مشروب الشتاء” بامتياز، لا سيما مع الشوكولاتة الساخنة. ويمكن معالجه اضطرابات النوم بالحليب الساخن.

وفقًا للدراسة فإنَّ المشروبات المصنوعة من اللبن الطبيعى الساخن يعزز النوم الهانئ بالفعل. لقد علمنا بالفعل أن الحليب سواءً كان ساخنًا أم لا فهو يحتوي بشكل طبيعي على مادة تساعد على النوم منها التربتوفان حيث يسمح هذا الحمض الأميني الأساسي بتخليق ناقل عصبي، السيروتونين، الذي يشارك في النوم ويجنبك الأرق. وفقًا للباحثين الصينيين، فان الحليب الساخن يحتوى من الكازين والتي من شأنها أن تساعدنا على النوم بشكل أفضل. وووفقًا للباحثين، يمكن لجزيئيات الحليب أن تنشر نشاطها أثناء عملية الهضم لتعزيز النوم.