أخباراقتصاد عربيبورصة

تقرير كامكو حول أداء أسواق الغاز الطبيعي العالمية أكتوبر 2022

إيمان الواصلى

 

أسعار الغاز الطبيعي العالمية ما تزال مرتفعة في ظل استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا …

وصلت أسعار الغاز الطبيعي العالمية إلى مستويات قياسية في الربع الثالث من العام 2022 على خلفية استمرار الحرب الروسية الأوكرانية التي ما تزال تؤثر بشدة على أسعار الطاقة العالمية وخاصة الغاز الطبيعي. ومؤخراً، تعرضت البنية التحتية لإمدادات الغاز في أوروبا لإضرابات شديدة بعد انقطاع إمدادات خط أنابيب الغاز نورد ستريم 1. إلا انه على الرغم من تصاعد وتيرة الصراع والتهديدات المتزايدة للبنية التحتية للغاز الأوروبي، إلا ان دول الاتحاد الأوروبي نجحت في سد نقص مخزون الغاز الطبيعي المستنفد بنسبة تصل إلى 90 في المائة هذا العام متجاوزة مستوى 80 في المائة المستهدفة لبناء المخزونات بحلول نوفمبر 2022. كما واصلت دول الاتحاد الأوروبي مساعيها لزيادة إمدادات الغاز من مصادر أخرى بخلاف روسيا، واستيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال وتطوير بنية تحتية جديدة للغاز الطبيعي. ووفقاً لبيانات ريفينيتيف، يمكن للدول الأوروبية رفع وارداتها من الغاز الطبيعي المسال بنحو 52 مليار متر مكعب (5.5 في المائة) أكثر من العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تزايد حدة المنافسة للحصول على الغاز الطبيعي المسال من مستوردي جنوب آسيا بسبب ارتفاع الطلب الناجم عن ظاهرة النينيا الجوية قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز للدول الأوروبية.

 

المصدر: إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، البنك الدولي وبحوث كامكو إنفست

ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن زيادة الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي المسال لتقليص اعتمادها على الغاز الروسي أدت إل بدء المنافسة العالمية على إمدادات الغاز الطبيعي على الرغم من تراجع الطلب على الغاز في أوروبا واستقراره في آسيا. وكان هذا أحد العوامل الرئيسية في الحفاظ على ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي خلال العام 2022. وسعياً منها لتعويض إمدادات الغاز الروسي غير المستقرة التي اخذت طابع سياسي والالتزام بالعقوبات المفروضة على صادرات الطاقة الروسية بسبب الصراع الروسي الأوكراني، قامت الدول الأوروبية بزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال. من جهة أخرى، بدأت العقوبات الأمريكية / الأوروبية المفروضة على صادرات الطاقة الروسية في احداث بعض التأثيرات. حيث أعلنت شركة غازبروم، شركة الطاقة الروسية المملوكة للدولة، مؤخراً أن صادراتها من الغاز الطبيعي إلى الدول من خارج رابطة الدول المستقلة قد انخفضت بنسبة 40 في المائة تقريباً لتصل إلى 84.8 مليار متر مكعب منذ بداية العام 2022 حتى 15 سبتمبر 2022، وفقًا لموقع Naturalgasintel.com .

وتقدر وكالة الطاقة الدولية أن الدول الأوروبية ستستورد أكثر من 60 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال في العام 2022 أو أكثر من ضعف صادرات الغاز الطبيعي المسال الإضافية للطاقة العالمية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال الدولية على المديين القصير إلى المتوسط.

ومنذ بداية الحرب، وقعت الدول الأوروبية على عقود لاستيراد الغاز الطبيعي المسال بما يصل إلى 16 مليار متر مكعب، أي ما يقارب ضعف متوسط عقود الغاز الطبيعي المسال لمدة خمس سنوات. ومن المتوقع أنه في ظل استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا ومواصلة الدول الأوروبية البحث عن بدائل للغاز الروسي، فقد تظل أسعار الغاز الطبيعي العالمية مرتفعة ومتقلبة.

 

المصدر: إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، البنك الدولي وبحوث كامكو إنفست

ووفقاً للبنك الدولي، ارتفعت الأسعار الشهرية للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة لشهر سبتمبر 2022 بنسبة 52 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 7.76 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية مقابل 5.11 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في سبتمبر 2021. وفي هذا السياق، وصلت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها الشهرية على الإطلاق، إذ بلغت 8.79 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في أغسطس 2022، حيث أدى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى استمرار الطلب على صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية، الأمر الذي أدى إلى رفع أسعار الغاز الأمريكية. وبالمثل، قفزت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا لشهر سبتمبر 2022 بنسبة 158.8 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 59.1 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بينما شهد سعر الغاز الطبيعي المسال في اليابان لشهر سبتمبر 2022 ارتفاعاً بنسبة 89.7 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 21.7 دولار أمريكيً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

اما على صعيد منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإنه وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، كان لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال تأثيراً سلبياً على الطلب في معظم الدول المستوردة للغاز. وشهد قطاع توليد الطاقة في الصين انخفاضاً بنسبة 9 في المائة على أساس سنوي في استخدام الغاز الطبيعي خلال الثمانية أشهر الأولى من العام على الرغم من نمو الطلب على الكهرباء بنسبة 4 في المائة خلال نفس الفترة. وأدى ارتفاع الأسعار على واردات الغاز الطبيعي المسال إلى دفع محطات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز في الصين إلى تقليل ساعات التشغيل. أما في الهند، تراجع استخدام الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة بنحو 30 في المائة خلال الفترة الممتدة ما بين يناير 2022 حتى أغسطس 2022 بسبب ارتفاع أسعار استيراد الغاز الطبيعي المسال. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، انخفض الاستهلاك الإجمالي للغاز الطبيعي في الهند بنسبة 4 في المائة على أساس سنوي للأشهر الثمانية الأولى من العام مقارنة بنسبة 11 في المائة لاستهلاك النفط خلال الفترة المماثلة من العام السابق. من جهة أخرى، شهدت اليابان وكوريا الجنوبية اللتان تعتمدان بصفة رئيسية على عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل طلباً أقل على الغاز مقارنة بأقرانها من الدول التي تستورد الغاز الطبيعي المسال في المنطقة.

وكان للظهور الغير متوقع لسوق الغاز الأوروبية كسوق جديدة للغاز الطبيعي المسال تأثيراً هائلاً على تجارة الغاز الطبيعي المسال عبر آسيا. إذ انخفضت الشحنات الشهرية من الغاز الطبيعي المسال الفورية في آسيا بأكثر من 60 في المائة على أساس سنوي خلال فترة السبعة أشهر الأولى من العام 2022. وكان هذا التراجع مدفوعاً بصفة رئيسية بأسعار الغاز الطبيعي المسال العالمية التي وصلت إلى مستويات قياسية من الارتفاع. وشهدت الصين أعلى معدل تراجع على أساس سنوي من حيث حجم واردات الغاز الطبيعي المسال، إذ سجلت انخفاضاً بنسبة 59 في المائة على أساس سنوي خلال الفترة الممتدة ما بين شهري يناير إلى أغسطس 2022. ولم يكن الانخفاض الإجمالي في واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال ناتجاً فقط عن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال، حيث كانت هناك أسباب أخرى مثل ضعف النشاط الاقتصادي، وفرض تدابير الاغلاق مرة اخرى لاحتواء تفشي فيروس كوفيد-19، واعتدال درجات الحرارة هذا الشتاء.

وفي أحدث تقاريرها عن توقعات الطاقة على المدى القصير، أشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى ارتفاع استهلاك الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في العام 2022 بنسبة 4.6 في المائة مقارنة بمستويات الاستهلاك في العام 2021 بوصولها إلى 87.89 مليار قدم مكعب يومياً (2.49 مليار متر مكعب يومياً) مما يعكس نمو الاستهلاك في معظم القطاعات الرئيسية. كما تقدر إدارة معلومات الطاقة الامريكية وصول الإنتاج المسوق للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة إلى 106.16 مليار قدم مكعب يومياً (3.0مليار متر مكعب يومياً) في العام 2022، بزيادة قدرها 3.8 في المائة مقارنة بمستويات العام 2021. أما على صعيد القطاعات، فمن المتوقع أن يشهد استخدام الغاز الطبيعي في قطاع الطاقة الكهربائية، أكبر قطاع مستهلك للغاز الطبيعي، ارتفاعاً من 30.88 مليار قدم مكعب يومياً (0.87 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2021 إلى 32.64 مليار قدم مكعب يومياً (0.92 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2022. وقامت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بتحديث توقعاتها الخاصة باستهلاك الغاز الطبيعي للقطاع الصناعي في الولايات المتحدة، حيث تتوقع زيادة هامشية مقارنة بالتوقعات السابقة في العام 2022 بنحو 23.15 مليار قدم مكعب (0.66 مليار متر مكعب يومياً) في المتوسط، مقابل 22.73 مليار قدم مكعب يومياً (0.64 مليار متر مكعب يومياً) في العام 2021. أما فيما يتعلق بأسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، تتوقع وكالة معلومات الطاقة الامريكية أن يصل متوسط أسعار العقود الفورية للغاز الطبيعي في مركز هنري هوب إلى نحو 7.4 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال الربع الرابع من العام 2022، قبل أن ينخفض إلى 6 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في العام 2023 على خلفية الارتفاع المتوقع في إنتاج الغاز الطبيعي. وشهدت الأسعار الشهرية للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة خلال سبتمبر 2022 نمواً بنسبة 52 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 7.76 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

 

المصدر: إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، البنك الدولي وبحوث كامكو إنفست

إلا ان ارتفاع أسعار الغاز الأمريكية لم يحد من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية إلى أوروبا. حيث أعلنت الحكومة الأمريكية مؤخراً أنها لن تقيد صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية إلى أوروبا، مؤكدة التزامها بتخفيف نقص الغاز الطبيعي في أوروبا. ووفقاً للبيانات الصادرة عن ريفينيتيف، اتجه نحو 6.3 مليار قدم مكعب يومياً (0.18 مليار متر مكعب يومياً) أو ما يعادل نسبة 60 في المائة من صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية إلى أوروبا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام مقابل 2.8 مليار قدم مكعب يومياً (0.08 مليار متر مكعب يومياً) أو ما يعادل 29 في المائة من إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية في الفترة المماثلة من العام 2021.

وكانت دول منطقة مجلس التعاون الخليجي احدى المناطق الرئيسية التي تتطلع إليها دول الاتحاد الأوروبي في سعيها للتنويع بعيداً عن الطاقة الروسية وخاصة فيما يتعلق باعتمادها على الغاز الروسي. وتقوم الدول المستهلكة للغاز الطبيعي مثل ألمانيا حالياً باتخاذ تدابير دبلوماسية مكثفة وعقد صفقات في دول مجلس التعاون الخليجي لتأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال لدولها على المديين القريب والبعيد. وأعلنت شركة المرافق الألمانية، أر دبليو أي (RWE) مؤخراً أنها ستتسلم أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال تحمل 137 ألف متر مكعب من شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) بنهاية العام 2022.

وزادت قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، من صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى دول الاتحاد الأوروبي. ووفقاً لشركة البيانات ستاتيستا، بلغت صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال لدول الاتحاد الأوروبي لفترة الثلاثة أشهر (أبريل ومايو ويونيو) بعد بدء النزاع الروسي الأوكراني 6.5 مليار متر مكعب مقابل 4.8 مليار متر مكعب التي صدرتها خلال الفترة المماثلة في العام 2021. قطر، التي توفر حاليا 5 في المائة من احتياجات الدول الأوربية من الغاز الطبيعي، لديها عقود طويلة الاجل لتوفير الغاز الطبيعي المسال، إلا انها تسعى حالياً إلى زيادة طاقتها الإنتاجية. وبدأ العمل على انجاز مشروع توسعة حقل الشمال بتكلفة تصل إلى 30 مليار دولار أمريكي، والمتوقع أن يزيد إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 64 في المائة إلى 126 مليون طن سنويا بحلول العام 2027. واتخذت قطر من اكسون موبيل وتوتال انرجي ورويال داتش شل، وكونوكو فيليبس شركاء في هذا المشروع الضخم.

 

المصدر: ستاتيستا وبحوث كامكو إنفست