أخبارصحة

تلوث الهواء يصيب بسرطان الرئة والفوائد الصحية للمساحات الخضراء

د محمد حافظ ابراهيم

 

  حدد علماء بجامعة نانجينغ في الصين آلية تشرح كيف يمكن أن تسبب جزيئات تلوث الهواء الدقيقة سرطان الرئة . حيث تعرف الجسيمات الدقيقة القابلة للاستنشاق الموجودة في ملوثات الهواء على أنها مادة مسرطنة وتشكل تهديدا كبيرا للصحة العالمية. حيث أوضح الدكتور تشن شن وانغ، الأستاذ بكلية علوم الحياة بجامعة نانجينغ في الصين أن المادة الجسيمية الدقيقة قد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان من خلال الوسائل غير المباشرة التي تدعم نمو الورم.  حيث أن المادة الجسيمية الدقيقة يحتمل أن تمنع الخلايا المناعية من الانتقال إلى حيث تكون هناك حاجة إليها.

 

ولاستكشاف هذا الاحتمال، جمع الدكتور تشن شن وانغ المادة الجسيمية الدقيقة من سبعة مواقع في الصين ودرسوا آثارها على الخلايا المناعية الرئيسية التي تدافع ضد نمو الورم، وتسمى الخلايا التائية القاتلة . وللتحقيق في سبب عدم دخول الخلايا التائية القاتلة إلى الرئة بسرعة في الرئتين المعرضتين للجسيمات الدقيقة القابلة للاستنشاق، درس الفريق كلا من الخلايا التائية القاتلة نفسها وبنية أنسجة الرئة. وجدوا أن الخلايا التائية القاتلة المعرضة للمادة الجسيمية الدقيقة لا تزال تحتفظ بقدرتها على الهجرة، لكن التعرض للمادة الجسيمية الدقيقة ضغط بشكل كبير على بنية أنسجة الرئة والمسافات التي تتحرك الخلايا المناعية بينها. وكانت هناك مستويات أعلى بكثير من الكولاجين وهو بروتين يوفر دعما ميكانيكيا حيويا للخلايا والأنسجة.

 

وعندما درس الفريق حركة الخلايا التائية القاتلة ، في أنسجة الرئة المعرضة للمادة الجسيمية الدقيقة، كافحت الخلايا التائية القاتلة للتحرك، بينما كانت تلك الموجودة في الأنسجة غير المعالجة قادرة على التحرك بحرية. وأظهر تحليل إلاضافي للأنسجة أن التغييرات الهيكلية كانت ناجمة عن زيادات في نوع فرعي من الكولاجين يسمى الكولاجين الرابع . ووجدوا ان التغييرات الهيكلية للكولاجين الرابع والإنزيم المسؤول عن صنعها والمسمى بيروكسيداسين. حيث يقود هذا الإنزيم نوعا معينا من الترابط المتقاطع الذي وجد أن التعرض للمادة الجسيمية الدقيقة يسبب ويفاقم أنسجة الرئة.

 

ويقول الدكتور تشن شن وانغ ان الاكتشاف الأكثر إثارة للدهشة هو الآلية التي حدثت بها هذه العملية. حيث تمسك إنزيم البيروكسيداسين بالمادة الجسيمية الدقيقة في الرئة، ما زاد من نشاطه. وإذا أخذنا معا، فهذا يعني أنه أينما سقطت المادة الجسيمية الدقيقة في الرئة، يؤدي زيادة نشاط البيروكسيداسين إلى تغييرات هيكلية في أنسجة الرئة التي يمكن أن تبقي الخلايا المناعية الدفاعية بعيدة عن مكافحة نمو الخلايا السرطانية .

ويخلص الدكتور تشن شن وانغ ، الأستاذ بكلية علوم الحياة بجامعة نانجينغ بالصين، إلى أن الدراسة تكشف عن آلية جديدة تماما يتم من خلالها استنشاق الجزيئات الدقيقة لتعزيز تطور ورم الرئة ونحن نقدم دليلا مباشرا على أن البروتينات التي تلتصق بالجسيمات الدقيقة يمكن أن تسبب تأثيرا كبيرا وضارا، مما يؤدي إلى حدوث نشاط مُمْرض. واكتشافنا أن البيروكسيداسين هو الوسيط لهذا التأثير في أنسجة الرئة يحدده كهدف محدد وغير متوقع لمنع أمراض الرئة الناجمة عن تلوث الهواء .

 

واوضح الباحثين من كلية هارفارد تي إتش تشان للصحة العامة في بوسطن بامريكا بوجود فوائد صحية للمساحات الخضراء . وان زيادة رقعة المساحات الخضراء في المناطق السكنية بالمدن تساعد في رفع مستوى قدرة ذكاء الإدراك المعرفي ورفع قدرة الاستجابة النفسية الحركية في السرعة التنبه لدى الإنسان. والثابت علمياً أن فوائد زيادة المساحات الخضراء في المناطق السكنية لا تقتصر فقط على خفض تلوث الهواء وخفض درجة حرارة الأجواء وزيادة رطوبة الهواء وترشيد استهلاك المياه والكهرباء، بل ثمة العديد من الفوائد الصحية الاخرى . حيث تقول منظمة الصحة العالمية بان نمط الحياة الحضرية الحديثة يرتبط بالإجهاد المزمن وعدم كفاية ممارسة النشاط البدني والتعرض للمخاطر البيئية البشرية. وان زيادة المساحات الخضراء الحضرية، مثل المساحات الخضراء السكنية والحدائق والملاعب، يعزز الصحة العقلية والجسدية، وتقلل من معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات بين سكان الحضر.واهم الفوائد الصحية هى :


= خفض معدلات الأمراض والوفيات: أن السكن في المناطق التي تتمتع بمساحات خضراء أكبر، يرتبط بخفض وقت البقاء في المنزل، وخفض مدة الجلوس على الكراسي داخل المنزل، وبزيادة ممارسة النشاط البدني خارج المنزل. وتشير الأدلة إلى أن النشاط البدني في المساحات الخضراء الطبيعية هو في الواقع أكثر فائدة من ممارسة تلك الأنشطة في ألاماكن المغلقة. ويرتبط اللون الأخضر السكني بشكل مستقل بخفض معدل الوفيات وفقا لباحثين من جامعة بازل في سويسرا. وأن العيش في مناطق نباتية أكثر كثافة، مرتبط بعدد أقل من الوفيات لأسباب مرضية.

 

= حماية القلب من مسببات أمراضه: وفي دراسة لباحثون بجامعة اسبانيا اثبتت العلاقة بين معدلات الوفيات والمساحات الخضراء السكنية، وأفاد الباحثون بالارتباط بين التعرض طويل الأمد للمساحات السكنية الخضراء وخفض الوفيات عند البالغين. وأن العيش في مناطق ذات مساحات خضراء أعلى، يخفض معدل الوفيات، وخاصةً من الأمراض القلبية الوعائية. واوضحت هيئه الصحة الوطنية البريطانية أن البالغين في منتصف العمر وكبار السن الذين يعيشون في أحياء أكثر خضرة هم أقل عرضة للإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي مقارنة بأولئك الذين يعيشون في أحياء ذات مساحة خضراء أقل. ومتلازمة التمثيل الغذائي هي عامل خطر مهم لأمراض مثل مرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب التاجية، والسكتة الدماغية.

 

= تحسين ظروف صحة الرئة: تعمل المساحات الخضراء في المناطق السكنية على تنظيف الهواء وتبريده لتحسين نوعية الحياة، وخاصةً خفض التلوث بالدقائق الطائرة وتنظيف الهواء من عدد كبير من الغازات الضارة. وتوفر المناطق الخضراء المزروعة الراحة من تأثير الحرارة الناجمة عن الأسفلت والخرسانة ومواد البناء. و يؤدي التعرض لبيئات طبيعية ذات غطاء نباتي متنوع في وقت مبكر من الحياة، إلى خفض فرص الإصابة بالحساسية وأمراض الجهاز التنفسي. وترتبط المناطق السكنية التي تحتوي على كميات أكبر من الأشجار المحيطة، بمستويات منخفضة من الربو لدى سكانها. حيث اوضح باحثون من جامعة هاسيلت في بلجيكا انة يمكن للمساحات الخضراء السكنية ان تشكل البيئة الصحية الخالية من الميكروبية المنزلية الداخلية.

= قدرات مناعية أفضل: تعمل عدة عوامل في الطبيعة الخضراء على تعزز مناعتنا الطبيعية، وخاصةً نشاط الخلايا تى القاتلة الطبيعية ، وهي أحد مكونات الجهاز المناعي التي تساعد الجسم على درء الأورام والفيروسات. حيث لاحظ الباحثون أن نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية لم يكن فقط أعلى بشكل ملحوظ خلال أيام البقاء في مناطق غنية بالغطاء النباتي، بل ظلت الزيادة في عدد تلك الخلايا المناعية وارتفاع مستوى نشاطها، لفترة طويلة حتى بعد أكثر من 30 يوماً. وأحد التعليلات التي طرحها أولئك الباحثون هو أن المبيدات النباتية الطبيعية التي تفرزها النباتات لحماية نفسها مثل الزيوت الخشبية التي تفرزها النباتات والأشجار على نفسها هي السبب وراء زيادة نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية. حيث فحص باحثون من جامعة تكساس تأثير مشاهدة مناظر الأشجار والمساحات الخضراء عبر النوافذ من غرفة المستشفى، على وقت التعافي في المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية، مقارنة مع مناظر أخرى مختلفة، كجدار من الطوب البني لمبنى مجاور. ووجدوا أن أولئك المرضى الذين أجريت لهم عمليات جراحية ومنومين في غرف ينظرون من خلال نوافذها إلى الأشجار، كان لديهم عدد أقل من مضاعفات ما بعد الجراحة، واحتاجوا كميات أقل من الأدوية المسكنة للألم، وبقوا في المستشفى لفترة أقصر، مقارنة بالمرضى الذين في غرف ينظرون من خلال نوافذها إلى جدار المبنى.


= الاتصال المباشر بالطبيعة يحمي من الإجهاد النفسي: حيث يؤدي المشي أو ممارسة التمارين الرياضية في البيئات الطبيعية الخضراء إلى خفض التوتر بشكل أفضل من ممارستها في المناطق الخالية من الغطاء النباتي والأشجار. ويرتبط السكن في المنازل والأحياء الأكثر اخضراراً بتحسين التطور المعرفي والأداء لدى الانسان، فضلاً عن انخفاض مستويات الاكتئاب والقلق. حيث ان الأفراد المجهدين نفسياً يشعرون بتحسن أكبر بعد التعرض لمشاهد المساحات الخضراء الطبيعية. كما تخفض المساحات الخضراء من حالات العدوان والعنف. وأن زيادة التعرض للمساحات الخضراء تزيد من قدرتنا على التركيز الذهني والأداء العملي، وخفض التأثر بالعوامل المشتتة للذهن وتحسين قوة الانتباه اللاإرادي. وأشار الباحثون بجامعة هارفارد أن الزيادة في المساحات الخضراء المحيطة بالسكن، ترتبط برفع الوظيفة المعرفية لدى كبار السن وكذلك لدى متوسطي العمر ويمكن للمساحات الخضراء إبطاء التدهور المعرفي من خلال دعم ممارسة النشاط البدني أو رفع مستوى المشاركة الاجتماعية أو تنشيط الاستعادة النفسية وإن الجرعات العالية من المساحات الخضراء مرتبطة بصحة عقلية أفضل، والآثار الإيجابية طويلة الأمد . وفي نتائج لباحثين من جامعة تايوان، اوضحت أن التعرض للمساحات السكنية الخضراء يخفض من الإصابات بالاضطراب ثنائي القطب. والاضطراب ثنائي القطب عبارة عن حالة صحية عقلية تتسبب في تقلبات مزاجية عاطفية مفرطة ومتعاقبة، تتضمن الارتفاعات والشعور بالابتهاج أو الامتلاء بالطاقة أو سرعة الغضب على نحو غير معتاد. و ان التعرض للمساحات السكنية الخضراء كذلك يخفض من الاكتئاب والشعور بالحزن أو اليأس وفقدان الاهتمام والاستمتاع بمعظم الأنشطة الحياتية .