أخبارصحة

نقص فيتامين (د) وعلاقته بالامعاء والدهون والسرطان

د محمد حافظ ابراهيم

 

  ادى مرض السرطان بحياة ما يقدر بنحو 9.6 مليون شخص على مستوى العالم في عام 2018، ما يجعله ثاني أكبر قاتل في العالم. وعلى الرغم من التطورات الطبية، ما تزال علاجات المرض محدودة وقاسية. ومع ذلك، أوضحت الدراسات أن النقص في فيتامين D  يمكن أن يحمل أدلة على تطور المرض. وهناك عدد من عوامل نمط الحياة المسؤولة عن تطور السرطان. مثل النظام الغذائي السيئ الذى هو أحد الاسباب الرئيسيه ، وتشير الدلائل إلى أن نقص الفيتامينات والمعادن الحيوية يمكن أن يتسبب في تلف الحمض النووي. وعلى الرغم من أن معظم الفيتامينات تُمتص من خلال النظام الغذائي، ولكن يمكن الحصول على فيتامين (د) من خلال التعرض لأشعة الشمس. وأظهرت الدراسات أن فيتامين (د) يمكن أن يحمي من السرطان بسبب تأثيره على دورة حياة الخلايا.

 وقامت الدكتوره موريلو ريناتو ماتوس ماتشادو، من قسم أمراض النساء والتوليد في كلية بوتوكاتو الطبية بجامعة ولاية ساو باولو، بتحليل بيانات من 209 نساء بعد سن اليأس مصابات بسرطان الثدي وهم من المشخصات حديثا. وقيست مستويات فيتامين (د) لدى جميع النساء المصابات بالسرطان بعد التشخيص وحُددت مستويات المصل التي لا تقل عن 30 نانوجراما/مل على أنها كافية.

 ولاحظ الباحثون ارتفاع معدلات نقص فيتامين (د) بين النساء المصابات بسرطان الثدي. وكشفت النتائج أن 55.6% من مرضى سرطان الثدي، يعانين من نقص فيتامين (د) مقارنة بـ 49.3% من المجموعة الضابطة، و26.2% من مرضى السرطان يعانون من نقص فيتامين (د)، مقارنة بالضوابط الصحية. وأشار الباحثون إلى أنه كُشف عن تركيزات غير كافية أو ناقصة من فيتامين (د) لدى 81.8% من النساء المصابات بالسرطان، و69.6% من النساء غير المصابات بالسرطان.

 وقد يكون للشكل النشط من فيتامين (د) ومشتقاته تأثيرات مضادة للورم من خلال التنظيم السلبي لإشارات عامل النمو، بالإضافة إلى تأثيره على الانتشار والتمايز وتكوين الأوعية. حيث أضافت الدكتوره موريلو ريناتو ماتوس ماتشادو إن تأثيرات مستقلب فيتامين (د) النشط على الثدي تتوسطها مستقبلات فيتامين (د)، التي تتحكم في التعبير عن الجينات التي تنظم تكاثر الخلايا والتمايز. وقد يخفض فيتامين د من خطر الإصابة بالسرطان عن طريق منع تكاثر الخلايا،وتثبيط تكوين الأوعية في كل من الثدي الطبيعي والخبيث.

 

وتضيف الدراسة إلى مجموعة من الأبحاث التي تظهر ارتباطا عكسيا بين نقص فيتامين (د) والإصابة بالعديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم والكلى والرئة والبنكرياس. ووجدت الدراسات أن مكملات فيتامين (د) يمكن أن تخفض من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة تصل إلى 38%. وكان يعتقد سابقا أن الفيتامين د يمكن أن يخفض فقط من خطر الوفاة من السرطان، على عكس معدل الإصابة بالمرض بشكل عام. ويؤثر نقص فيتامين (د) على مليار شخص في جميع أنحاء العالم، مع أعراض تشمل الاكتئاب وآلام العظام والظهر والتعب.

 

تؤكد أغلب الدراسات والإحصائيات الصحية، أن أغلب الناس حول العالم يعانون من نقص “فيتامين د”، خصوصا سكان المناطق الشمالية من كوكب الأرض أو الأشخاص قليلي التعرض لأشعة الشمس الصحية، وليس الضارة. كشفت مراجعة علمية نفذها عدد من العلماء أن 41.6% من البالغين في أمريكا فقط يعانون من نقص “فيتامين د”، أي أن النسبة قد تكون أكبر بكثير في بعض البلدان التي تنخفض فيها مستويات الرعاية الصحية بشكل عام.

 ويودى نفص “فيتامين د” الى “فوضى” عارمة في الجسم. حيث أكد العلماء أن هذا الانخفاض يعتبر من المؤشرات المقلقة جدا نظرا للدور الجوهري الذي يلعبه “فيتامين د” في الحفاظ على عظام قوية وصحية وعضلات مثالية وتقلبات الحالية المزاجية وانخفاض مناعة الإنسان. وفقًا للخبراء، يمكن أن يسبب نقص “فيتامين د” في إحداث “فوضى في مستويات الطاقة” لدى الإنسان، وهو مؤشر خطير جدا قد يشعر به الجميع ولا يدرك أسبابه.

 وتقول الخبيرة والدكتورة تريستا بيست، انه عادة ما يتم الخلط بين بعض أعراض نقص فيتامين د والأعراض الأخرى. حيث من الممكن الخلط بين الإرهاق المزمن المرتبط بنقص بفيتامين د والتعب المرتبط بالشيخوخة أو ضغوط الحياة المعتادة. أظهرت دراسات الحالة المتعددة أن هناك صلة بين انخفاض مستويات “فيتامين د” في الدم والإرهاق. أن أعراض التعب تحسنت بشكل ملحوظ بعد أن تم رفع مستويات فيتامين د لدى المرضى عم طريق المكملات.

 ويمكن الحصول على المزيد من “فيتامين د” بسهولة . حيث توصي المراكز الطبية جميع البالغين بالحصول على حوالي 600 وحدة دولية (IU). وتتمثل من خلال التركيز على تناول بعض الأطعمة، مثل صفار البيض والأسماك الزيتية واللحوم الحمراء والحبوب المدعمة. وبحسب الخبيرة في مجال التغذية والصحة، الدكتوره ماري مورفي ان التعرض لأشعة الشمس لمدة خمس إلى عشره دقائق بين الساعة 11 صباحًا و 3 مساءً قد يكون كافيا .

 

وكشفت إحدى الدراسات عن أثر جانبي خفي لفيتامين “د” على من اعتادوا الذهاب إلى الحمام كثيرا نتيجة معاناتهم من فرط نشاط المثانة. حيث أجرى الباحثين المتخصصين في الصحة العامة والتوليد وأمراض النساء مراجعة لدراسات سابقة إلى الأسباب التي تؤدي إلى فرط نشاط المثانة، وسلس البول، واضطرابات قاع الحوض، وأعراض المسالك البولية السفلية. وجاء في الدراسة أنها انطلقت من فرضية وجود مستقبلات فيتامين “د” في خلايا العضلات الهيكلية والملساء في جميع أنحاء الجسم، وتحديدا في عضلة المثانة النافصة، وأن الهدف منها كان هو تحديد ما إذا كانت مكملات هذا الفيتامين تلعب دورا في علاج أعراض سلس البول.

 

وخلصت 6 من أصل 7 دراسات أجراها الباحثون إلى أن سلس البول الشديد مرتبط بشكل كبير بنقص فيتامين “د”. كما توصلوا إلى أن فيتامين “د” يمكن أن يكون فعالا في علاج سلس البول. وبشكل عام، خلص الباحثون إلى أن ثلثي الدراسات التي أعادوا مراجعتها مرة أخرى أظهرت وجود صلة بين تناول كمية كافية من فيتامين “د” والتبول بشكل سليم غير مفرط.

 حيث أوضح الباحثون أن عضلة المثانة النافصة التي تنقبض للسماح للبول بالخروج من المثانة، تحتوي على مستقبلات فيتامين “د” في الأساس، وقد يساعد ذلك الفيتامين تحديدا في تقوية بعض العضلات داخل وحول قاع الحوض، بما في ذلك المثانة، مما يمنع من الذهاب إلى الحمام بشكل مبالغ فيه. كذلك وجدت الدراسة أن انخفاض مستويات فيتامين “د” في الجسم ارتبط بالفعل بزيادة خطر الإصابة بسرطان المثانة. يشار إلى أن جمعية المسالك البولية الأمريكية ذكرت أن 33 مليون أمريكي يعانون من فرط نشاط المثانة.

 ودراسة اخرى تكشف عن فهم جديد لفيتامين D وارتباطه ببكتيريا الأمعاء. حيث تلعب الميكروبات الموجودة في أمعائنا، من البكتيريا والفيروسات والميكروبات التي تعيش في قنواتنا الهضمية، أدوارا مهمة في صحتنا وخطر الإصابة بالأمراض. وأظهر باحثون في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، ان لدى كبار السن من الرجال أن تكوين ميكروبيوم أمعاء الشخص مرتبط بمستويات فيتامين D النشط، وهو هرمون مهم لصحة العظام والمناعة.

 وقالت كبيرة الباحثين الدكتوره ديبورا كادو، مديرة عيادة هشاشة العظام في جامعة كاليفورنيا انها فوجئت بأن تنوع الميكروبيوم اى أنواع البكتيريا المتنوعة في أمعاء الشخص مرتبط ارتباطا وثيقا بفيتامين D النشط،. ويُعتقد أن زيادة تنوع ميكروبيوم الأمعاء يرتبط بصحة أفضل بشكل عام. واوضح ذلك الدكتور روب نايت، أستاذ ومدير في مركز ابتكار الميكروبيوم في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، والدكتور روبرت إل توماس، زميل في قسم أمراض الغدد الصماء في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو. وأشارت دراسات متعددة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من انخفاض مستويات فيتامين D هم أكثر عرضة للإصابة بالسرطان وأمراض القلب وعدوى “كوفيد-19”.

 وتم اكتشاف صلة بين فيتامين D النشط والتنوع الكلي للميكروبيوم، حيث لاحظ الباحثون أيضا أن 12 نوعا معينا من البكتيريا ظهرت في كثير من الأحيان في ميكروبيومات أمعاء الرجال الذين لديهم الكثير من فيتامين D النشط، والأحماض الدهنية المفيدة التي تساعد في الحفاظ على صحة بطانة الأمعاء. ونظرا لأنهم يعيشون في مناطق مختلفة من الولايات المتحدة، فإن الرجال في الدراسة يتعرضون لكميات مختلفة من ضوء الشمس، وهو مصدر هام لفيتامين D. حيث يبدو أنه لا يهم كمية فيتامين D التي تحصل عليها من خلال ضوء الشمس أو المكملات الغذائية، ولا مقدار ما يمكن أن يخزنه جسمك. ولكن من المهم مدى قدرة جسمك على استقلاب ذلك في فيتامين D النشط.

 

واوضحت الدكتوره ويتني كراوتش خبير تغذية ان لا تتناولوا مكمل فيتامين د إلا مع الدهون. حيث كشف أخصائي التغذية أن تناول مكملات فيتامين (د) غير المقترن بمجموعة مهمة من الأطعمة الدهنيه من المحتمل أن لا يمكّن جسمك من امتصاص الفوائد الهائلة لفيتامين د بشكل كامل. وحسب ابحاث مايو كلينك التخصصي اوصت بضرورة أن يحصل كل شخص يتراوح عمره بين عام واحد و 70 عامًا على 600 وحدة دولية (IUs) من فيتامين (د) يوميًا. وانه بعد سن الـ 70 يجب أن تزيد هذه الكمية إلى 800 وحدة دولية.

حيث ان فيتامين “د” هو فيتامين قابل للذوبان في الدهون؛ وهذا يعني أنه على عكس بعض الفيتامينات الأخرى لا يذوب عندما يكون مصحوبًا بالماء. وبدلاً من ذلك يجب أن يقترن بالدهون ليتم توزيعها بشكل صحيح وامتصاصها من قبل الجسم. وينصح الدكتور ويتني كراوتش بأن تكون الدهون التي نستهلكها جنبًا إلى جنب مع فيتامين “د” “مفيدة”، معددا قسما منها مثل زيت الزيتون وزيت الأفوكادو وزيت الكتان كأمثلة على الدهون الصحية. أما عن كمية الدهون التي نحتاجها مع فيتامين “د” فقد اقترحت الدراسات أن الأطعمة التي تحتوي على حوالى 10 جرامات من الدهون الصحيه قد تدعم الامتصاص المثالي لفيتامين د.

 واوضح الدكتور ويتني كراوتش كذلك ان هناك مجموعة مهمة من الأطعمة يجب أن تترافق مع فيتامين د . وأن تناول مكملات الفيتامين دون مجموعة مهمة من الأطعمة قد لا يأتيك بنفس النتائج. وأوضح أنه من المحتمل ألا يتمكن جسم الإنسان من امتصاص الفوائد الهائلة لفيتامين د بشكل كامل إذا لم يكن مقترناً بتلك الاطعمه.

 وهناك طريق لتعويض نقص فيتامين D دون أدوية. حيث أعلنت الدكتورة تاتيانا بوتشاروفا، أخصائية الغدد الصماء، أن الأسماك الدهنية وصفار البيض، يمكن أن تعوض نقص فيتامين D في الجسم. وتشير الأخصائية إلى أن هناك مواد غذائية تساعد على تعويض نقص فيتامين D في الجسم. لذلك يجب إضافة الأسماك الدهنية مثل سمك السلمون والتونة وسمك القد والسردين، وكذلك صفار البيض، إلى النظام الغذائي . وعلاوة على ذلك، توجد حاليا منتجات ألبان وعصائر مشبعة بفيتامين D. ومع ذلك لا يمكن تغطية حاجة الجسم إلى فيتامين D من الطعام فقط. لأنه في هذه الحالة يجب مثلا أن تتناول كيلوجراما من سمك القد في اليوم. ولكن يمكن من خلال التعرض لأشعة الشمس خلال فترة معينة من تعويض نقص فيتامين D في الجسم.