بقلم جمال طايع
إن ما يفعله الرئيس عبد الفتاح السيسي لترسيخ دوله القانون، وإعلاء مفهوم حقوق المواطنة، وصون الحريات، وحفظ ممتلكات المواطنين، تجاوز توقعات أكثر المتفائلين بتحقيق غدٍ أفضل تنتشر فيه العدالة، وتُحترم فيه آدمية المصريين، وتصبح فيه السيادة للقانون.
ومنذ أيام فاجئنا الرئيس بالقرار التاريخي المتعلق بإنهاء مد حالة الطوارئ والقوانين الاستثنائية، وأوائل سبتمبر الماضي أطلق الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وبين هذا وذاك تم الإعلان عن أن 2022 سيكون عامًا للمجتمع المدني.
إن دولة القانون ليست كلمة تطلق فى الهواء لإرضاء البعض، والقيم الحضارية للجمهورية الجديدة التي ينشدها ويحلم بها الجميع، تعني العمل الدؤوب والجهد المستمر لتصل تلك القيم الحضارية لكل مؤسسات ووزارات الدولة، حتى تتشكل ثقافة مجتمعية تدرك أن ترسيح القانون في دولة، يعني أنها تحترم عقل مواطنيها ولا تستخف بهم.
وفي دولة القانون يقتصر عمل السلطة على حماية الأفراد من الممارسات التعسفية، ويتمتع المواطن في ظلها بالحرية المدنية، التي تتيح له حق اللجوء للقضاء واستخدام القانون لنيل حكم عادل.. ولا يمكن وصف دولة بأنها ديمقراطية وتتمتع بالحرية، دون ترسيخ للقانون.
وإن كان الفيلسوف الألماني “إيمانويل” قد صاغ الفلسفة الدستورية للقرن الحادي والعشرين، ومن خلالها توصل الكُتّاب الألمان إلى مبادئ دولة القانون، والتي على رأس أولوياتها ضمان حقوق الملكية الخاصة، فإن الدستور ذاته يستمد سيادته من اعتبارات تحقيق العدالة، والمثل العليا، والإنصاف، وسلامة الناس تحت رعاية القانون العام، والذي تعمل وفقًا له سلطتا القضاء والتنفيذ، مع العمل على تشكيل جهة مستقلة تراجع أفعال وقرارات أجهزة الدولة، ومدى انسجامها ومصداقيتها مع الدستور والقانون.
دولة العدل، أو دولة الحقوق والواجبات، كلها مسميات لمفهوم واحد، وهو خضوع جميع مؤسسات الدولة للقانون، وحماية مواطنيها من الممارسات التعسفية، وحفظ ممتلكاتهم وأعراضهم.
لكننا نجد وسط كل هذا من يتصورون أنفسهم فوق القانون، ويعملون في جزر منعزلة محاولين إفساد ما تخطط له الجمهورية الجديدة، والدليل على ذلك أن هناك الآلاف ممن حصلوا على أحكامًا قضائية منذ سنوات، ولم تنفذ حتى الأن، وهكذا تنتهك الحقوق وتضييع الممتلكات.. والدعوى 6177 كلي شمال القاهرة والمتداولة منذ عام 2005، مثال صارخ على ذلك، فهي مقامة ضد وزير التربية والتعليم، ومحافظ القاهرة، ومدير مديرية تعليم القاهرة، ومدير إدارة روض الفرج التعليمية، ورئيس مجلس إدارة
هيئة الأبنية التعليمية بصفتهم، رفعها ورثة المرحوم عيسى عبد الحي مصطفى، في محاولة لاستعادة ملكية “فيلا” استولت عليها وزارة المعارف العمومية عام 1950 أيام كان عميد الأدب العربي، طه حسين، وزيرًا للمعارف، وذلك بصدور قرار الاستيلاء رقم 9404 بغرض إقامة أنشطة تعليمية عليها، وبعد عشرات السنين من تداول القضية صدر في 2015 حكمًا قضائيًا لصالح الورثة، وبموجبه تم إلغاء قرار الاستيلاء المؤرخ في يونيو 1950، كما قضت المحكمة بطرد المغتصب وإخلاء العين وتسليمها لمالكيها خالية، وألزمت وزارة التربية والتعليم بالأتعاب والمصاريف، وحتى الآن تماطل الوزارة في رد الحقوق لأصحابها، ضاربة عرض الحائط بحكم القضاء، ومستهزئة بدولة القانون!
ولكم أن تشعروا بالظلم والمعاناة التي عاشها هؤلاء الورثة للحصول على حقوقهم القانونية.