أخبارمقال

وجع في قلب السياحة

بقلم/ سميحة درويش

تعرضت مصر بتاريخها العظيم و حضارتها الضاربة بجذورها وفي العمق لبعض الإخفاقات و المطبات و الحروب و التربصات و الثورات ، و لكن سرعان ما نهضت و نفضت عنها غبار التكتلات و محاولات الهدم و التخريب سواء أتي من الخارج أو من الداخل

تاريخها و حضارتها يشهدان بذلك و يعلمه القاصي و الداني في شتي بقاع العالم.

مصر منذ ما يربو علي 10 سنوات تحاول إستنهاض قواها و تحريك سواعدها بعد ما جري في حقبة السنوات العشر الأخيرة من تخريب و إعادة بناء و هيكلة ، ثم وضع أسس مرنة لإعادة ضخ دماء جديدة لروح جديدة لبعث الأمل من جديد في المصريين، و في ظل الإنهماك في وضع لبنات البناء كان هناك قطاع كبير و رافد من روافد الدخل القومي لمصر يحاول جاهدا جذب الأنظار إليه لعل و عسي أن يجد من يدفع الدماء لشرايينه قبل أن يبلغ النزع الأخير !!

قطاع السياحة الذي يترنح حاليا و لا يجد من يحنو عليه و هو أحد روافد الدخل القومي لمصر ، و يعد من أهم وسائل الدعاية و التعريف بقيمة وقامة مصر قد إفتقد الكثير من الدعم و الإهتمام بالقدر المنوط به في تلك المرحلة التي يعاد فيها صياغة الدولة من جديد بعد عثرات و تقلبات حاولت جاهدة العبور بها إلي بر الأمان.

و لكن سلعة قومية كالسياحة تعرضت لقيود و سلاسل من القرارات و الضرائب و الرسوم أحكمت بها قبضتها حتي كادت تختنق ، و بات العاملين في قطاع السياحة صرعي و مرضي علي السواء من
مستثمرين و منتجين و كل من يتعامل في منتج مثل السياحة المفترض أن دورها لا يقل أهمية عن بعض قطاعات الدولة التي تحظي بالإهتمام و إرخاء قبضة البيروقراطية عنها

التساؤل الذي يطرح نفسه و بقوة إلي متي التعامل بيد مرتعشة مع سلعة و منتج قومي مثل السياحة و أصحاب الفنادق و المنتجعات و البازارات بقانون حماية الدولة و أمنها رأس الأولويات حتي لو كان سيفا علي الرقاب .

لو إتبعنا سياسة تضييق الخناق بفرض الرسوم المتعددة الأسماء و الضرائب عن كل شبر لن تقوم للسياحة قائمة في مصر بالمرة !

لماذا لا نعطي الفرصة لكل مستثمر في عدم فرض الضرائب و لو لعدة سنوات بشروط واجبة النفاذ حتي يستطيع النهوض بمنظومته ثم تتم محاسبته بعد ذلك علي ان يسدد للدولة رقما ترجمته ضخ سيولة نقدية و عملة صعبة بعدما تتنفس سلعته الهواء النقي الخالي من شوائب الرسوم و الضرائب علي كل ملليمتر يمتلكها او حتي بنظام التخصيص..

السادة المعنيين بفرض الرسوم المغالي فيها علي كل سائح هذا يسمي نظام تطفيش باللغة الدارجة ، إرخي الحبل عن عنق السائح حتي يرغب في زيارة بلادنا مرة أخري، فإن دولا أخري لم تكن يوما ما في قاموس السياحة أصبح لها الأن إسما و سمعة و أصبحت شريك أصيل في النهوض بنفسها من سلعة واحدة و هي السياحة …

لماذا لا تتعاون الوزارات المختلفة في إستجلاب السياح بنظام الإستضافة مجانا لمدة أسبوع لمشاهدة و زيارة معالم مصر السياحية بالإتفاق مع وزارة الطيران لتوفير تذاكر السفر ذهاب و إياب و باقي الوزارات المعنية من منح تأشيرة الدخول حتي خروج السائح من مصر إلي بلاده حاملا معه صور و أفلام توثيقية لرحلته تشجع ذويه علي زيارة بلادنا.. ألم تعمل علي توفير الأرقام التي تتكبدها الدولة في الدعاية و الإعلان عن مصر كمثل ضرب عصفورين بحجر في أن أستعمل السائح بنفسه للدعاية و الترويج لبلدي !!
ألم يلفت نظر مكاتب هيئة تنشيط السياحة بالخارج علي أقل تقدير ستدب فيها دماء العمل بشكل مختلف و هي التي تحتاج إلي كوادر مدربة علي أعلي مستوي لجذب السائح لبلادنا.

إن دعم المستثمر و تقديم كل سبل التعاون معه حتي يستطيع تشغيل نفسه سيعود بالفائدة عليه و علي الدولة ، فإن إحكام الخناق عليه و إستمرار مطالبته بتسديد مديونياته في ظروف إختلفت فيها كل مقومات الربحية و لو بهامش ربح بسيط ليس من الرحمة.. تريث البنوك و رفع يدها عن مطالبة المستثمرين بالتعاون مع وزارات الدولة المعنية بدعمهم بالتأكيد سينهض بالسياحة و سوف تتحقق منافسة فعلية علي أن توضع شروط علي كل مستثمر بأن ما أنفقته الدولة لتسيير حال السياحة لابد وأن يعود عليها بالنفع. و هكذا حتي تقوم قائمة القطاع الذي يغرق و لا منقذ له !!!

لابد من إعطاء جرعة تنشيط لقطاع السياحة الذي تهتم كل دولة بالعمل علي تسييره بكل الطرق و الوسائل لإنه أحد شرايين الحياه و من أهم روافد الدخل القومي للدولة.