د محمد حافظ ابراهيم
كان من المتعارف عليه أن تناول الدهون يؤدى الى اكتساب المزيد من الوزن والتي انتشرت من خلال الأنظمة الغذائية على مدى العقدين الماضيين ولكنها كانت مضللة وغير دقيقة إلى حد كبير. حيث اعتمدت أنظمة الحمية على استبعاد الدهون من الوجبات الرئيسية، وزاد العداء بين الراغبين في إنقاص الوزن وبين الدهون إلى أقصى درجاته ولكن اتضح ان استهلاك الدهون لا يسبب زيادة الوزن بل على العكس قد يساعدنا على التخلص من بضعة كيلوجرامات.
تقول الدكتوره آرون كارول، أستاذة الطب في كلية الطب بجامعة إنديانا عن الأغذية السيئة, إن الدهون بريئة من زيادة الوزن، ولذلك فإن الأطعمة الصحيه مثل الأفوكادو والسلمون والمكسرات يجب أن يكون لها مكان خاص في نظامك الغذائي، وإذا قمت بحظرها من النظام الغذائي المنخفض الدهون، فقد حان الوقت لإعادتها.
يكمن الدليل في الدراسات التي قارنت بين الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية منخفضة الدهون وعالية الكربوهيدرات، مع الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية منخفضة الكربوهيدرات وعالية الدهون، حيث تبين أن الأشخاص الذين يخفضون من تناول الدهون في أنظمتهم الغذائية لا يفقدون الوزن الزائد. وفي المقابل، يحظى الأشخاص الذين يتناولون وجبات غنية بالدهون ولكن تحتوي على نسبة منخفضة من الكربوهيدرات المكررة، مثل الخبز الأبيض والأرز الأبيض، بإنقاص الوزن والفوز بفوائد صحية أخرى.
واكدت الابحاث ان السكَّريّات الشرير الحقيقي. حيث يشير اختصاصيو التغذية إلى أن الشرير الحقيقي في معركة زيادة الوزن ليست الدهون، بل السكريات والكربوهيدرات المكرره التي تتحول سريعاً في الجسم إلى سكر. حيث كشفت دراسة موسعة، أجريت على أكثر من 135 ألف شخص يتبعون أنظمة غذائية منخفضة الدهون ومنخفضة الكربوهيدرات في 18 دولة، أن الوجبات الغذائية قليلة الدسم كانت أكثر ارتباطاً باحتمالية الإصابة بالنوبات القلبية والوفاة. وكان الأشخاص الذين يتبعون حمية منخفضة الكربوهيدرات أقل عرضة للإصابة بهاتين النتيجتين.
وقال الباحثون انه تجب إعادة النظر في الإرشادات الغذائية العالمية في ضوء هذه النتائج. وأظهرت العديد من الدراسات الحديثة التي أجريت على الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية قليلة الدسم نتائج مماثلة. كما قامت تجربة استمرت 8 سنوات شملت ما يقرب من 50 ألف سيدة، بوضع نصفهن تقريباً على نظام غذائي منخفض الدهون، ووجدت أن هؤلاء النساء لم يلحظن أي انخفاض في خطر الإصابة بسرطان الثدي أو سرطان القولون أو أمراض القلب، ولم يفقدن الكثير من الوزن.
واوضحت الدكتوره آرون كارول أن الأدلة المؤيدة لاتباع نظام غذائي قليل الدسم ضعيفة للغاية، في حين أن الأدلة على فوائد بعض الدهون آخذة في الازدياد. حيث يرى خبراء التغذية أن الدهون الصحية ضرورية لحركة الدم والعضلات، فهي عنصر مطلوب لبناء أغشية الخلايا، وهي بمنزلة الأصداف التي تأوي كل خلية بالجسم، وأنها الدروع الواقية حول الأعصاب، كما تساعد الدهون على امتصاص الفيتامينات والمعادن من الأطعمة التي نتناولها.
وعندما لا نتناول الدهون، فإننا نميل إلى تناول المزيد من الكربوهيدرات المكررة والسكر الابيض، وكليهما مرتبط بشدة بزيادة الوزن والسمنة ومشكلات صحية أخرى. حيث تؤكد الدكتوره كريستين كيركباتريك في كليفلاند كلينك ويلنس أن الإفراط في تناول أي عناصر غذائية تتضمن الدهون أو البروتينات أو الكربوهيدرات يزيد من خطر زيادة الوزن، لكن الدهون في حد ذاتها ليست شيئاً من شأنه أن يجعلك بديناً.
ويمكن أن تفهم من أين يأتي هذا المفهوم الخطأ المرتبط بالدهون، حيث تقول الدكتوره كريستين كيركباتريك انه يمكن أن تكون الدهون مادة مغذية مخيفة جداً لأولئك الذين يحسبون السعرات الحرارية، لأنها أكثر كثافة في السعرات الحرارية، إذ يحتوي جرام واحد من الدهون على 9 سعرات حرارية، مقارنة بـ4 سعرات حرارية لكل جرام من البروتين و4 سعرات حرارية لكل جرام من الكربوهيدرات. و يربط الناس الدهون بالمزيد من الأطعمة اللذيذة، مثل الزبدة وشرائح اللحم، إلى جانب الاعتقاد الخطأ بأن جميع الدهون غير صحية.
كما أن هناك ارتباطاً بسيطاً بأن تناول الدهون قد يؤدي ببساطة إلى تكوين دهون في الجسم، وهذا ليس هو الحال بالضرورة؛ فمن المحتمل أن تكتسب وزناً إذا تناولت أطعمة مصنعة أو غير صحية أو تناولت وجبات دسمة باستمرار، لكن الدهون وحدها لا تؤدي بطبيعتها إلى زيادة الوزن.
قالت الدكتوره كريستين كيركباتريك إن العديد من مرضى السمنة تمكنوا من إنقاص الوزن في الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون، غالباً لأنهم يستبدلون الكربوهيدرات والسكريات المكررة بالدهون الصحية مثل تناول بدائل صحية ووجبات خفيفة من المكسرات بدلاً من المعجنات. ووفقاً الدكتوره كريستين كيركباتريك ، يصعب أيضاً هضم الدهون أكثر من العناصر الغذائية الأخرى، مثل الكربوهيدرات. هذا يعني أنها تستغرق وقتاً أطول للتنقل عبر الجهاز الهضمي، ما يقلل الرغبة الشديدة في تناول الوجبات الخفيفة. كما تعمل الدهون على زيادة التمثيل الغذائي للسبب نفسه، إذ يحتاج جسمك إلى مزيد من الطاقة أى حرق المزيد من السعرات الحرارية لهضمها.
ومن حيث الكمية المثالية من الدهون التي يجب أن تأكلها. يختلف الأمر بناءً على الجسم ومستوى نشاطك وصحتك العامة. لكن يجب ألا تزيد على نسبة 30 في المائة من وجباتك اليومية، كما يجب عليك أيضاً الالتزام بالدهون الصحية مثل الأفوكادو والمكسرات وزيت الزيتون والأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون.وإن الحفاظ على مصادر الدهون الصحية كجزء من نظامك الغذائي المعتاد، المتوازن بالكربوهيدرات والكثير من البروتين، هو أفضل طريقة للتخلص من الدهون.
الدهون التي يفقدها الجسم تخرج عن طريق الرئتين كذلك . وفقاً الى المجلة الطبية البريطانية، بأنه على عكس معتقدات خبراء التغذية والأطباء فإن الدهون الناجمة عن الوزن الزائد لا تترك أجسامنا بشكل طاقة حرارية، كما لا يتم تحويلها إلى طاقة للعضلات، كما أنها لا تخرج مع فضلات الجسم، بل إن الوزن الزائد يترك الجسم على شكل إخراجات من ثاني أكسيد الكربون تخرج من الرئتين عند الزفير.
يشير الدكتور روبن ميرمان و الدكتور أندرو جيه براون من جامعة استراليا في ولاية نيو ساوث ويلز، بأن فقدان الوزن يتطلب خروج الكربون المخزن داخل الخلايا الدهنية، لذا فإن الرئتين هما الجهاز الأساسي الذي يخرج الدهون من الجسم، فعندما يقوم الشخص باتباع اجراءت تهدف إلى فقدان الوزن دون إجراء تدريبات لتقوية العضلات، فإن هذه الإجراءات تؤثر على استقلاب الدهون الثلاثية المخزنة في الخلايا الشحمية أو في الخلايا الدهنية، وبالتالي كيميائياً فإن خسارة الدهون تتطلب أكسدة الدهون الثلاثية، أو تقسيم الدهون الثلاثية إلى مكوناتها الأساسية.
وبإجراء المعادلات الحسابية يتبين أن فقدان 10 كج من الدهون عن طريق الأكسدة، يحتاج إلى 29 كجم من الأكسجين الذي يتم استنشاقه من الرئتين، وينتج عنه 28 كج من غاز ثاني أكسيد الكربون و 11 كج من الماء بمعنى أن حرق الدهون بالجسم الناتج عن عملية استقلاب الدهون ينتج عنه كمية كبيرة جداً من ثاني أكسيد الكربون يتم إطلاقها عن طريق الرئتين، وكمية صغيرة نسبياً من المياه تخرج من خلال البول أو العرق أو سوائل الجسم الأخرى.
بناء عليه كلما تم اخراج كمية أكبر من غاز ثاني أكسيد الكربون من الجسم عن طريق الزفير، كلما كانت خسارة الوزن أكبر، وبالتالي ينصح بالركض كآلية مضمونة لخسارة الوزن، لأنه يحفّز الزفير بشكل متكرر مما يؤدي إلى خسارة الوزن بشكل أكبر، وللحصول على نتائج جيدة يجب أن يترافق الركض مع تخفيض كمية الطعام المتناولة.
ويوضح الدكتور روبن ميرمان و الدكتور أندرو جيه براون بأن الكثير من الأشخاص يعتقدون بأن الدهون يتم التخلص منها في الفضلات أو يتم تحويلها إلى طاقة للعضلات، ولكن هذا غير صحيح، لذا يوصى بأن تدرج هذه المفاهيم الجديدة في المناهج العلمية لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن فقدان الوزن .