تحالف لإنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا
اية حسين
دشّن سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي، رئيس اللجنة العليا لإكسبو 2020 دبي، مشروع “الهيدروجين الأخضر” في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، في خطوة جديدة تؤكد بها الإمارة ريادتها في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، وإصرارها على توفير كافة المقومات التي تعزز مكانتها كنموذج تنموي يقوم على تبني الأفكار المبدعة وتوظيف أحدث التقنيات وأكثرها كفاءة، ما يدعم توجهات دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ أسس قوية للمستقبل بمشاريع متميزة تكفل نوعية حياة أفضل حافلة بالفرص وخالية من التحديات.
حضر حفل تدشين المشروع الرائد، الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان، رئيس مجلس أمناء مؤسسة سمو الشيخ سلطان بن خليفة آل نهيان الإنسانية والعلمية، ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي؛ ومعالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية؛ ومعالي الدكتور عبدالله بن محمد بلحيف النعيمي، وزير التغير المناخي والبيئة؛ ومعالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزير دولة لشؤون التعاون الدولي، المدير العام لمكتب إكسبو 2020 دبي؛ ومعالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، والدكتور كريستيان بروخ، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة سيمنس للطاقة، وعدد من كبار المسؤولين من القطاعين الحكومي والخاص وأعضاء السلك الدبلوماسي في الدولة.
وقد قامت سيمنس للطاقة، بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبي وإكسبو 2020 دبي، بتطوير أول منشأة من نوعها لإنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي واسع اعتمادًا على الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأقيم المشروع في منشآت الاختبارات الخارجية بمركز البحوث والتطوير التابع لهيئة كهرباء ومياه دبي في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي حيث يُعد هذا المشروع، الرائد لإنتاج الهيدروجين الأخضر، خطوة محورية في تطوير قطاع الطاقة المستدامة في المنطقة بأكملها.
تم تطوير المنشأة المتكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتزويدها بقدرات متقدمة للتحليل الكهربائي وتخزين الطاقة وإعادة تحويل طاقة الهيدروجين، بهدف تعزيز مزايا هذا المشروع التجريبي. وستتيح الطاقة المُستمدة من مجمع مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية توفير الطاقة لهذا المشروع التجريبي لحوالي 20.5 كجم/الساعة من الهيدروجين تتيح توليد 1.25 ميغاوات من الطاقة. هذا وسيتم عرض البيانات التشغيلية الخاصة بمشروع التحليل الكهربائي للهيدروجين الأخضر خلال معرض إكسبو 2020 دبي والذي يُعد واحدًا من أكثر معارض “إكسبو” في الإستدامة في التاريخ، فضلاً عن كونه أكبر حدث يتم تنظيمه على مستوى العالم العربي.
وستقوم هيئة كهرباء ومياه دبي باستخدام هذا المشروع التجريبي في استعراض أساليب إنتاج الهيدروجين الأخضر اعتمادًا على الطاقة الشمسية وكذلك طرق تخزين الطاقة وإعادة تحويل طاقة الهيدروجين للاستخدامات المختلفة. ويتيح هذا النظام التخزين المؤقت لإنتاج الطاقة المتجددة للتطبيقات السريعة وكذلك التخزين طويل الأجل للطاقة. وفي هذا الصعيد، تمت إقامة المنشأة لدراسة التطبيقات المستقبلية واستضافة المنصات الاختبارية الخاصة بالاستخدامات المختلفة لطاقة الهيدروجين، بما في ذلك استخدام وقود الهيدروجين في حلول النقل والاستخدامات الصناعية المتنوعة.
وقالت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزير دولة لشؤون التعاون الدولي، المدير العام لمكتب إكسبو 2020 دبي: “إنّ مشروع الهيدروجين الأخضر هو نموذج يُحتذى للتقنيات المتقدمة والتعاون في بناء مستقبل أكثر استدامة وأمانا وصحة للجميع. في الوقت نفسه يُجسد المشروع الهدف المشترك لمعرض إكسبو 2020 دبي وهيئة كهرباء ومياه دبي، شريكنا للطاقة المستدامة، وشركة سيمنس للطاقة، لتطوير ثقافة عالمية للابتكار ونشر أفكار وتقنيّات متطورة تضع خارطة جديدة للاستدامة في المنطقة”. وأضافت: “ومن هذا المنطلق، يتقدم معرض إكسبو 2020 دبي بخالص التهاني والأمنيات لجميع القائمين على هذا المشروع الذي سيصبح نموذجًا عمليًا لابتكار المزيد من الحلول المبتكرة التي تتعامل مع أكبر التحديات التي يواجهها كوكبنا. من ناحية أخرى وبعد أقل من خمسة أشهر من الآن، سنحتفل معًا بهذه المجالات الجديدة للتعاون عند افتتاحنا لمعرض إكسبو 2020 في دبي، وسنستعرض معًا مدى التزام دولة الإمارات بأهداف التنمية المستدامة وخلق إرث إيجابي يتجاوز حدود معرض إكسبو 2020 دبي، والأشهر الستة التي سيفتح فيها أبوابه أمام الزائرين من كل دول العالم” .
ومن جهته، قال معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي: “يعد هذا المشروع الذي نفذناه مع شريكنا الاستراتيجي، شركة سيمنس للطاقة، نموذجاً يحتذى للشراكات الاستراتيجية بين القطاعين الحكومي والخاص. وتهدف الهيئة من خلال هذه المنشأة التجريبية، إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة الشمسية وتخزين الهيدروجين ثم إعادة تحويله إلى طاقة كهربائية. ويسمح هذا النظام بتخزين الطاقة المتجددة سواء للاستخدامات السريعة أو لفترات طويلة. كما تم بناء المحطة لتكون قادرة على استيعاب التطبيقات المستقبلية ومنصات اختبار الاستخدامات المختلفة للهيدروجين بما في ذلك التنقل والاستخدامات الصناعية. وعملت الهيئة على دراسة وتطوير مشروع تجريبي للتنقل الأخضر باستخدام الهيدروجين، يمكن تنفيذه في المستقبل القريب، إضافة إلى إجراء دراسات متعلقة باستراتيجيات الأعمال والاستخدامات المتنوعة للهيدروجين. كما تحرص على بناء المعارف والقدرات لتسهم في صياغة مستقبل الهيدروجين الأخضر في دولة الإمارات”.
ومن جانبه، قال الدكتور/ كريستيان بروخ، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة لشركة سيمنس للطاقة: “إنّ مشروع الهيدروجين الأخضر التجريبي يبرز أهمية وقيمة الشراكات في تحفيز الوصول لحلول جديدة للطاقة النظيفة المبتكرة، والتعامل مع التحديات المُلحّة للتغير المناخي وتأثيره على كوكبنا. وباعتباره أول مشروع من نوعه لإنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يُعد هذا المشروع خطوة محورية لتحول قطاع الطاقة في المنطقة. إننا نتطلع للتعاون وللشراكات الهادفة للتخلص من الانبعاثات الكربونية للصناعات المختلفة، وهو التحدي الذي لا يمكننا التغلب عليه من خلال الطاقة المتجددة وحدها”.
وأشار السيد/توماس بارايس، السكرتير البرلماني لوزارة الشئون الاقتصادية والطاقة الألمانية إلى أنه: “إننا سعداء للغاية بهذا المشروع التجريبي والذي يُعد نموذجُا للتعاون المثمر بين الشركاء الألمان والإماراتيين، ونتمنى أن يكون هذا المشروع الأول من نوعه واحدُا من سلسلة مشروعات تجريبية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة. إنّ الحكومة الألمانية ستواصل دعمها للتعاون بين الإمارات وألمانيا في إنتاج الهيدروجين في إطار علاقتنا الثنائية في قطاع الطاقة، كما نتوقع إطلاق المزيد من المشروعات المشتركة قريبًا”.
يُشار في هذا السياق أن مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية سيوفر الطاقة اللازمة لمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر حيث ستبلغ الطاقة الانتاجية للمجمع الذي يعد أكبر مجمع لإنتاج الطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، 5000 ميغاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.
إلى ذلك، يمكن استخدام الهيدروجين في توفير الطاقة الكهربائية من خلال المحركات الكهربائية والتوربينات الغازية وخلايا الطاقة. يمكن أيضًا استخدام الهيدروجين في الصناعات الكيميائية (مثل الأمونيا والوقود التخليقي والكيماويات الخضراء، وغيرها من الصناعات)، بل ويمكن استخدامه كوقود لوسائل المواصلات المختلفة، وكعامل خافض في صناعات الصلب، ولإنتاج الحرارة اللازمة للعمليات الصناعية، إضافة إلى إمكانية الاستفادة منه لأغراض التدفئة والطهي في المنازل، وكذلك كطاقة يمكن تصديرها.
يذكر أنّ التطبيقات التكنولوجية لإنتاج طاقة الهيدروجين ستعمل على الإسراع بدمج ونشر حلول الطاقة المتجددة في المنطقة، كما ستمهد طاقة الهيدروجين الطريق للتحول إلى الاقتصاد الأخضر والمستدام في دولة الإمارات. فالهيدروجين هو ناقل عالي الكفاءة للطاقة، وعند اشتعاله يكون المركب الكيميائي الجانبي للاشتعال هو الماء فقط بدون أي انبعاثات على الإطلاق، وهو ما يجعله وسيطًا مثاليًا لتوفير الطاقة الكهربائية وبديلًا فعالًا للوقود التقليدي المستخدم في العمليات الصناعية المختلفة والتطبيقات الأخرى من خلال المزاوجة بين القطاع الصناعي وقطاع توليد الطاقة في نفس المنشأة. ويمكن أيضًا نقل الهيدروجين باستخدام البنية التحتية لخطوط الأنابيب الحالية لنقل الغازات، أو من خلال الناقلات العملاقة أو شاحنات نقل الغازات، وذلك في صورته الأصلية كهيدروجين أو في صورة مشتقاته مثل الأمونيا والميثانول وغيرها.
بالإضافة لذلك، يُعد الهيدروجين بديلًا ملائمًا لتخزين الطاقة على نطاق واسع ولفترات زمنية طويلة وبقدرات تخزينية هائلة، حيث يمكنه توفير مستويات مستدامة وسريعة من امدادات الطاقة، بما يمكن معه تلافي التحديات المرتبطة بالطبيعة المتقطعة لإمدادات الطاقة المتجددة. يمكن أيضًا استخدام الهيدروجين كوقود للتوربينات الغازية والتي توفر المرونة والزيادة السريعة في الطاقة المطلوبة لمعادلة تذبذب قدرات توليد الطاقة من بعض المصادر المتجددة.
إنّ الخبرات المستمدة من العمليات التشغيلية لهذا المشروع التجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر ستكون ذات أهمية كبيرة في تطوير حلول مستدامة وخالية من الانبعاثات الكربونية للعديد من الصناعات، وهو ما سيحفز نمو الاقتصاد الأخضر لصالح الأجيال القادمة.
وعلى خلفية انخفاض أسعار الكهرباء المستمدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المنطقة، يتمتع الهيدروجين بإمكانيات هائلة لكي يصبح وقودًا رئيسيًا ضمن مزيج الطاقة في المستقبل، مع اتاحة العديد من الفرص التصديرية للطاقة أمام الدول والمؤسسات التي ستتمتع بوفرة في إنتاج الطاقة من مصادر متجددة.