د. محمد حافظ ابراهيم
لماذا ننسى ما نريد فعله عندما ندخل غرفة لأمر ننشده حيث طالما سعى العلماء لشرح سبب ذهاب البشر أحيانا إلى غرفة للقيام بشيء مهم، لكنهم ينسون المهمة بمجرد دخولهم. وهذه الظاهرة تُعزا إلى تأثير المدخل، ما يشير إلى أننا نميل إلى نسيان العناصر ذات الأهمية الحديثة بعد عبور الحدود. وقد تكون الحدود مادية مثل الباب، أو ربما تكون افتراضية مثل التبديل بين علامات التبويب على متصفح الإنترنت.
وبرز هذا التفسير سابقا بعد دراسة أجراها باحثون في جامعة نوتردام بهولندا. ولكن الآن وجدت دراسة متابعة أجرتها جامعة بوند أن تأثير “المداخل” وحدها على النسيان لم يكن مهما كما زعمت الدراسات السابقة، ما يوفر منظورا جديدا للظاهرة. ووجد العلماء أنه لم يكن الباب نفسه فقط أو فعل المشي من خلاله، بل التغيير في السياق هو الذي جعل الدماغ يسقط المعلومات التي اعتبرها غير ذات صلة.
وأجرى فريق البحث أربع دراسات، اثنتان تستخدمان مواقع ماديه حقيقية واثنتان ارتدى فيها المشاركون نظارت الواقع الافتراضي وانتقلوا عبر غرف مختلفة في بيئة ثلاثية الأبعاد.ووقع تكليف المشاركين بحفظ أشياء، مثل حلى أصفر، ومخروط أزرق، وما إلى ذلك، على الطاولات داخل كل غرفة ثم نقلهم من طاولة إلى أخرى بنفس الترتيب.
وبشكل حاسم، في بعض الأحيان كانت الطاولة التالية في نفس الغرفة، وفي أوقات أخرى كان على الناس الانتقال إلى غرفة أخرى عن طريق المرور عبر باب آلي . ووجد الباحثون أن التغيير لم يكن له أي تأثير على الذاكرة وأن الناس نادرا ما ينسون الأشياء، بغض النظر عما إذا كانوا مروا عبر المدخل أم لا.
ولكن عندما جعل الباحثون اختبار الذاكرة أكثر صعوبة، من خلال مطالبة المشاركين بأداء نفس المهمة أثناء القيام في نفس الوقت بمهمات عديده منفصلة، كانت نتائج تأثير المدخل بارزة. وأوضح الدكتور أوليفر بومان والدكتورة جيسيكا مكفادين، مؤلفو الدراسة انه بشكل أساسي، أثقلت المهمات العد على ذاكرة الناس، ما يجعلها أكثر عرضة للتدخل الناجم عن المدخل . وقالوا ان هذا الاكتشاف يشبه إلى حد بعيد التجربة اليومية، حيث غالبا ما ننسى ما جئنا إلى غرفة أخرى للقيام به عندما نكون مشتتين ونفكر في شيء آخر.
وفي شرح للظاهرة، قال الدكتور باومان إن الدماغ يقسم الذكريات من بيئات وسياقات مختلفة. وإذا كان الدماغ يعتقد أنه في سياق مختلف، فإن تلك الذكريات تنتمي إلى شبكة مختلفة من المعلومات. وبشكل عام، يمنحنا هذا سعة أكبر مما لو كان لدينا مساحة عمل عملاقة واحدة فقط حيث كل شيء متصل. ولكن هناك تكلفة لذلك. من خلال الانتقال بين المقصورات، يمكننا أن نفقد الأشياء. وأشار الدكتور بومان إلى أن دراسة أشارت أيضا إلى أنه من الممكن “تحصين” نفسك ضد النسيان.
و هناك دراسة كبيره تدحض الأسطورة القائلة بأن أدمغة الذكور والإناث مختلفة. حيث زعمت الأبحاث السابقة أن أدمغة الرجال تجعلهم أفضل في التفكير المنطقي، بينما تسمح أدمغة النساء بمهارات تواصل وتعدد مهام أفضل. لكن باحثين حللوا بيانات عقود من الزمن يقولون، بمجرد أخذ الحجم النسبي في الاعتبار، فإن الاختلافات المتبقية في وظائف المخ وبنيته تكون صغيرة جدا، ونادرا ما تكون متسقة من دراسة إلى أخرى.
ويقول العلماء إن التحليل السابق خيّم عليه التحيز العصبي حيث ظهر الافتراض المتحيز بأن أدمغة الإناث موصولة بطريقة مختلفة عن أدمغة الذكور. وزعم العلماء لقرون طويله أن هناك اختلافات واضحة بين دماغ الذكر والأنثى. ولكن الدكتوره ليز إليوت، عالمة الأعصاب في جامعة “روزاليند فرانكلين” في شيكاغو، تقول إن هذه النظريات شابها التحيز وأحجام العينات الصغيرة. وتؤكد أن الدماغ هو “عضو للجنسين”.
وفي تحليل جديد، للدرسه ظهر ان فحص العلماء التصوير بالرنين المغناطيسي وأنسجة المخ بعد الوفاة، ووجدوا أنه بمجرد حساب الحجم، ما يزال من الممكن العثور على اختلافات قليلة في وظائف المخ وبنيته. وعلى سبيل المثال، كانت اللوزة الدماغية، التي تتحكم في غريزة “الهروب أو القتال”، أكبر بنسبة واحد بالمائة فقط عند الذكور، وهي أصغر من أن تكون ذات دلالة إحصائية.
وفي حين تشير بعض الدراسات إلى أن أدمغة الذكور تميل نحو التخصيص الجانبي – باستخدام نصف كرة مخ واحد في كل مرة، بدلا من أن يكون الجانبان في اتصال مستمر – وجدت الدكتوره إليوت أن النتائج الفردية كانت متنوعة للغاية بحيث لا يمكن استخلاص أي استنتاجات.وقوبلت الدراسات التي أشارت إلى أن المرأة كانت أفضل في التعرف على تعبير وجه شخص آخر، بتقارير أخرى تشير إلى أن الرجال كانوا أكثر كفاءة.
ويبلغ حجم دماغ الذكور البالغ قرابه 10 أو 11%، أكبر من متوسط دماغ الأنثى. وتحتوي الأدمغة الأكبر حجما على مادة بيضاء أكثر، تُستخدم في تنسيق الاتصال بين المناطق المختلفة. وتقول الدكتوره إليوت إن هذا لا يعني أن أدمغة الذكور مختلفة وظيفيا، إنها مجرد مسألة حجم.
وقالت ان المرأة التي لديها دماغا كبيرا، سيكون لديها نسبة أعلى من المادة البيضاء من المرأة ذات الدماغ الصغير. ومثل العديد من علماء الأعصاب، كان لدي انطباع بأنه إذا تمكنا من الوصول إلى أحجام أكبر للعينات، فسنتخلص من الضوضاء؛ سنكون قادرين على رؤية هذه الاختلافات الموثوقة. وقدمت الأبحاث أحجام عينات أكبر وأكبر، كما قالت، لكننا لا نجد هذه الاختلافات الموثوقة. وفي الواقع، تتعارض العديد من التقارير مع بعضها البعض. ولا توجد نتيجة متسقة في جميع الدراسات الكبيرة يمكننا أن نعرفها بشكل موثوق، مثل أن الحصين أكبر في جنس واحد، أو أن القشرة الأمامية المدارية أكبر في جنس آخر.
وتلاشى الاختلافات في أدمغة المراهقين مع تقدم العمر، حيث انخرط الأولاد المراهقون في النمو مع أقرانهم من الإناث. وعند النظر إلى أدمغة البالغين، قالت الدكتوره إليوت، من المستحيل معرفة الاختلافات الناتجة عن الجنس البيولوجي والتي تستند إلى تجربة الحياة كجنس معين. واقترحت دراسة أجريت فى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، أن أدمغة الذكور أظهرت قدرا أكبر من التنشيط في القشرة المعزولة، وهي منطقة من الدماغ تتحكم في العواطف والوعي الذاتي.
وأشارت دراسات أخرى إلى وجود اختلافات في منطقة الحُصين، حيث تشارك منطقة الدماغ في التعلم والذاكرة، بالإضافة إلى الاستجابات للتوتر والصرع. وقام باحثون من جامعة بنسلفانيا بفحص أدمغة 1000 رجل وامرأة وصبي وفتاة، وخلصوا إلى أن أدمغة الذكور كانت متصلة من الأمام إلى الخلف، بينما يتقاطع دماغ الأنثى من اليسار إلى اليمين. وقال المعدون إن هذا يمكن أن يفسر لماذا يميل الرجال إلى الأداء بشكل أفضل في أداء مهمة واحدة، في حين أن النساء أكثر استعدادا لتعدد المهام. ولكن الدكتوره إليوت تصوّر نظريتهم على أنها تجاوز فى التحليل المتحيز.
وكتبت الدكتوره إليوت ان نضج الفتيات قبل الأولاد بسنة أو سنتين في أدمغتهن بقدر طولهن وأعضائهن التناسلية، وأضافت أن حجم العينة في تقرير جامعة بنسلفانيا يشير إلى أن الاختلافات بين أدمغة الذكور والإناث ضئيلة. وكتبت في أي وقت تحتاج إلى 1000 شخص للوصول إلى دلالة إحصائية، يجب ألانتباه إلى أن الاختلافات متواضعة، وقابلة للقياس فقط على مستوى السكان على عكس فرق البطولات الأربع الذي يمكنك توقعها بين كل صبي و فتاة.