أخبارصحة

مواد كيميائية في أثاث المنازل واستخدام الخشب و الفحم يتسبب الإصابة بالامراض

د.محمد حافظ ابراهيم

 

أظهرت دراسة في جامعة كاليفورنيا أن مثبطات اللهب الموجودة في كل منزل أمريكي تقريبا تجعل الفئران تلد نسلا يصاب بالسكري. وارتبطت مثبطات اللهب هذه، المسماة “إثيرات ثنائي الفينيل متعدد البروم” (PBDEs)، بمرض السكري لدى البالغين. وكذلك مرض السكري في الفئران التي تتعرض للمادة الكيميائية فقط من خلال أمهاتها.

 

وقالت الدكتوره إلينا كوزلوفا، مؤلفة الدراسة الرئيسية والدكتوراه في علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا حيث تلقت الفئران الإثيرات متعددة البروم ثنائية الفينيل من أمهاتها أثناء وجودها في الرحم وكأطفال صغار من خلال حليب الأم. وبشكل ملحوظ، في مرحلة البلوغ، وبعد فترة طويلة من التعرض للمواد الكيميائية، أصيب الأطفال بمرض السكري.

 

والإثيرات متعددة البروم ثنائية الفينيل هي مواد كيميائية منزلية شائعة تضاف إلى الأثاث والمفروشات والإلكترونيات لمنع الحرائق. ويتم إطلاقها في الهواء الذي يتنفسه الناس في المنازل وفي سياراتهم وفي الطائرات لأن ارتباطهم الكيميائي بالأسطح ضعيف. وقالت عالمة الأعصاب في جامعة كاليفورنيا، والمؤلفة المشاركة في الدراسة، الدكتورة مارغريتا كوراس كولازو إن الإثيرات متعددة البروم ثنائية الفينيل موجودة في كل مكان في المنزل. ومن المستحيل تجنبها تماما.

 

ونظرا لارتباطها السابق بمرض السكري لدى الرجال والنساء البالغين، وفي النساء الحوامل، أرادت الدكتورة كوراس كولازو وفريقها، فهم ما إذا كانت هذه المواد الكيميائية يمكن أن يكون لها آثار ضارة على أطفال الأمهات المعرضات للإيثر الثنائي الفينيل متعدد البروم. لكن مثل هذه التجارب لا يمكن إجراؤها إلا على الفئران و ليس على الانسان . 

 

ويؤدي مرض السكري إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. وبعد تناول وجبة، حيث يطلق البنكرياس الإنسولين، وهو هرمون يساعد الخلايا على استخدام سكر الجلوكوز من الطعام، وعندما تكون الخلايا مقاومة للإنسولين، فإنها لا تعمل على النحو المنشود، وتظل مستويات الجلوكوز مرتفعة في الدم حتى في حالة عدم تناول الطعام. ويمكن أن تتسبب المستويات المرتفعة من الجلوكوز المزمنة في تلف العين والكلى والقلب والأعصاب. ويمكن أن تؤدي أيضا إلى ظروف صحية تهدد الحياة.

وقالت الدكتوره كوراس كولازو ان هذه الدراسة فريدة من نوعها لأننا اختبرنا كلا من الأمهات وأبنائها بحثا عن جميع السمات المميزة لمرض السكري في البشر. ولم يتم إجراء هذا النوع من الاختبارات من قبل، خاصة على ذرية الإناث. حيث أعطى الباحثون الإثيرات متعددة البروم ثنائية الفينيل لأمهات الفئران بمستويات منخفضة مقارنة بمتوسط ​​التعرض البيئي البشري أثناء الحمل والرضاعة.

 

ويعاني جميع الأطفال من عدم تحمل الجلوكوز، وارتفاع مستويات الجلوكوز أثناء الصيام، وحساسية الإنسولين، وانخفاض مستويات الإنسولين في الدم، وهي كلها علامات مميزة لمرض السكري. وجد الباحثون أن الأطفال لديهم مستويات عالية من نظام الكانابينويد الداخلي في الكبد، وهي جزيئات مرتبطة بالشهية، والتمثيل الغذائي، والسمنة. وعلى الرغم من أن الأمهات طورن بعضا من عدم تحمل الجلوكوز، إلا أنهن لم يتأثرن مثل ذريتهن.

 

وقالت كوراس كولازو: “تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن المواد الكيميائية الموجودة في البيئة، مثل الإثيرات ثنائية الفينيل متعددة البروم، يمكن أن تنتقل من الأم إلى النسل، وأن التعرض لها خلال فترة النمو المبكرة يضر بالصحة. و اوضح فريق البحث أن هناك حاجة لدراسات طولية مستقبلية على البشر لتحديد العواقب طويلة المدى للتعرض المبكر للإثيرات متعددة البروم ثنائية الفينيل. حيث أشارت الدكتوره  وراس كولازو اننا نحتاج إلى معرفة ما إذا كان الأطفال الرضع الذين تعرضوا للإثيرات ثنائية الفينيل متعددة البروم قبل الولادة وبعدها يتحولون إلى بالغين مصابين بالسكري.

 

وتنصح الدكتوره وراس كولازو الأشخاص بالحد من التعرض للإيثر الثنائي الفينيل العشاري البروم من خلال اتخاذ خطوات مثل غسل اليدين قبل الأكل، والتنظيف بالمكنسة الكهربائية بشكل متكرر، وشراء الأثاث والمنتجات الأخرى التي لا تحتوي عليه. وتأمل أيضا أن تكون الأمهات الحوامل على دراية جيدة بالمواد الكيميائية البيئية الخفية التي يمكن أن تؤثر على الأجنة والأطفال، بالإضافة إلى حليب الأم. وأوضحت انها نعتقد أن الفوائد التي يجنيها الأطفال من حليب الأم تفوق بكثير مخاطر انتقال الإثيرات متعددة البروم ثنائية الفينيل إلى الأطفال. ولا نوصي بالحد من الرضاعة الطبيعية. لكن دعونا ندافع عن حماية حليب الأم وأجسادنا من المواد الكيميائية القاتلة للاثاث المنزلى .

 

دراسة اخرى تحذر من خطر كامن في المنازل يزيد من احتمال الإصابة بالخرف. حيث كشفت دراسة مثيرة للقلق أن التلوث الناجم عن الحرائق المكشوفة داخل المنزل يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالخرف بشكل كبير.

وتعاونت جامعة لانكستر مع خبراء في كلية ترينيتي في دبلن لاختبار القدرات المعرفية لـ7000 شخص، ووجدوا أن أولئك الذين أمضوا وقتا طويلا بالقرب من الخشب المحترق وحرائق الفحم داخل المنازل، أظهروا قدرات تذكر وذاكرة أقل . حيث ان الحرائق المكشوفة تنبعث منها جزيئات التلوث المعروفة باسم PM2.5. وهي صغيرة جدا بحيث لا يمكن تصفيتها عن طريق الأنف والرئتين.

 

وقالت البروفيسورة الدكتوره باربرا ماهير، رئيسة أبحاث جامعة لانكستر انه يميل الناس إلى الجلوس بجوار هذه النيران الدافئة مع إغلاق الأبواب والنوافذ. ووجدنا أن هذا يمكن أن يكون بنفس خطورة الجلوس على جانب طريق مزدحم من حيث التلوث. واختبر الباحثون القدرات المعرفية لـ 7000 شخص ممن قضوا فترات طويلة من الوقت بالقرب من النيران المفتوحة، والذين أظهروا مزيدا من التدهور المعرفي، بما في ذلك استدعاء الكلمات والطلاقة اللفظية. ووجدت النتائج أن الحرائق المكشوفة التي تعمل بالوقود الخثي تنبعث منها تركيزات أعلى من الجسيمات من حرائق الفحم والخشب.

 

وأضافت البروفيسورة الدكتوره باربرا ماهير اننا نعلم أن التعرض لتلوث الهواء الداخلي يؤثر على صحة الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية. ولكن قبل الآن لم يكن معروفا سوى القليل عن كيفية تأثيره على الوظيفة الإدراكية لدى كبار السن. 

 

وقال الدكتور فينسينت أوسوليفان، الباحث الرئيسي المشترك قد وجدنا أن الذين يستخدمون الحرائق المكشوفة لديهم مهارات معرفية أقل، مثل تذكر الكلمات وتسمية الكلمات، واقترحت حكومة المملكة المتحدة حظر حرق نفايات الأخشاب في المنازل الخاصة، وسيدخل ذلك حيز التنفيذ قريبا. كانت هذه خطوة مثيرة للجدل إلى حد ما لأنه يمكنك القول أنا في منزلي، ويمكنني أن أفعل ما أحبه. لكنها تسبب آثارا صحية سلبية، مثل هذه التي وجدناها، لذلك هناك حجة للتخلص منها تدريجيا. وأكد الخبراء أن الحد من الخرف ما يزال يمثل أولوية لأنظمة الرعاية الصحية العالمية.