د محمد حافظ ابراهيم
أمراض الشرايين والسكري وضعف الغدة الدرقية من اسباب الشعور ببروده اليدين و القدمين . حيث إن أجسامنا مصممة لتنظيم درجة الحرارة الداخلية فيها، ضمن نطاق ضيق ومحدد. وعندما يكون الجو بارداً في الخارج، يتأكد الجسم أولاً، وبشكل غريزي، من استمرار تدفق الدم إلى الأعضاء الداخلية لإبقائها دافئة كي يضمن كفاءة عملها. ويتم هذا بسحب الدم الدافئ من الأطراف ودفعه نحو القلب والرئتين والأعضاء الداخلية الأخرى، عبر انقباض الأوعية الدموية في الجلد وتقليل كمية الدم فيه. وآنذاك من الطبيعي أن نُعاني من برودة اليدين والقدمين والأصابع فيهما.
علامات برودة الأطراف : أن بعض الناس الطبيعيين يميلون إلى الشعور ببرودة القدمين واليدين أكثر من غيرهم، دون وجود أي سبب لذلك . ولكن إذا كان المرء يشعر ويعاني بشكل مزعج من البرودة في اليدين والقدمين وأصابعهما في درجة حرارة الأجواء طبيعية، أو ثمة أعراض أخرى مرافقة مثل تغير اللون في الأصابع، فإن من الممكن أن تكون ثمة مشكلة تتطلب معرفة السبب ورائها والعمل على إزالتها .
ويفيد أطباء الأوعية الدموية في مايوكلينك بأن برودة اليدين تُعتبر أمراً شائعاً حتى وإن لم يكن الشخص في بيئة باردة. وغالباً ما تكون جزءا من استجابة الجسم الطبيعية لتنظيم حرارة الجسم، ولا ينبغي أن تكون مصدراً لإثارة القلق . ولكن إِذا كنت تعاني من برودة اليدين بشكل مستمر، خاصة إِذا ترافق ذلك مع تغييرات في اللون، فقد تكون برودة اليدين علامة تحذيرية لمشكلة معينة . وتفيد الجمعية الأميركية لجراحة اليد بأن العلامات والأعراض التي على الشخص الاحتراس منها إِذا كان يعاني من برودة اليدين تتضمن:
- برودة القدمين أو أصابع القدمين حتى في الطقس المعتدل
- تغييرات في لون جلد اليدين كازرقاق أو ابيضاض الجلد
- خدر أو تنميل أو ألم الأصابع في درجات الحرارة الباردة
- ضرورة الحاجة إلى ارتداء القفازات عند التعامل مع الأطعمة المجمدة
- جروح أو قروح مفتوحة ومشاكل التئام الجروح الطفيفة على أطراف الأصابع
- جلد مشدود أو متيبس
و يوضح الدكتور جي جاي بيشوب، اختصاصي طب الأوعية الدموية في كليفلاند كلينك، بالقول بان برودة اليدين والقدمين هي شكوى شائعة. وبشكل عام، عندما يحدث هذا في الشباب الأصحاء، فلا داعي للقلق. ولكن قد تشير برودة الأطراف إلى وجود مشاكل صحية.
مشاكل صحية : من أهم المشاكل الصحية التي قد تتسبب بزيادة الشعور ببرودة اليدين والقدمين، غير الوجود في أماكن باردة، هي:
1- فقر الدم. وفي حالات فقر الدم، وخاصة فقر الدم الناجم عن إما نقص الحديد وإما نقص فيتامين «بي – 12» ولا تتمكن خلايا الدم الحمراء التي لا تحتوي على كميات طبيعية من الهيموغلوبين أو الضعيفة في بنيتها، من حمل وتزويد أنسجة الجسم البعيدة بالكميات اللازمة من الأوكسجين، ما يتسبب بالبرودة في تلك الأطراف البعيدة، مثل اليدين والقدمين . كما أن نقص الحديد قد يُضعف نشاط عملية التمثيل الغذائي لهرمون الغدة الدرقية، الذي من مهامه تنظم عمليات توليد حرارة في الجسم. وأن نقص فيتامين بي – 12 يؤثر على عمل الأعصاب.
2- أمراض الشرايين. عندما تضيق الشرايين أو تختل وظيفتها، يقل تدفق الدم إلى اليدين والقدمين. وهناك عدة أنواع من أمراض الشرايين التي قد تتسبب ببرودة اليدين والقدمين. ومنها مرض الشريان المحيطي وهو ما قد يُصيب بدرجات متفاوتة حوالي ثلث الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً والذين يعانون من مرض السكري. وهو حالة مرضية تنجم عن تلف جدار الشرايين بالأطراف السفلية عندما يتسبب تراكم الكولسترول والدهون على جدرانها في تضييقها وتصلبها. وحينها يضعف تدفق الدم، وخاصة عند ارتفاع الحاجة لمزيد من تدفق الدم، أي في حالات التعرض للأجواء الباردة، أو في حالات بذل الجهد البدني في تحريك القدمين واليدين والحاجة إلى مزيد من الأكسجين والغلوكوز والماء وبقية العناصر الغذائية. كما أن انخفاض ضغط الدم بشكل مفاجئ أو متدرج، هو أيضاً سبب في زيادة الشعور بالبرودة في اليدين والقدمين.
3- مرض السكري. يتسبب عدم انضباط مرض السكري ببرودة الأطراف عبر عدة آليات مرضية. ومنها ضعف تدفق الدم إلى القدمين نتيجة ضعف الأوعية الدموية الطرفية لدى مرضى السكرى، بسبب تصلب الشرايين وترسبات الكولسترول. ومنها تسبب مرض السكري بأمراض الشرايين القلبية، ما قد يتسبب بضعف عضلة القلب، وبالتالي تدني القدرة على ضخ الدم بالقوة والكمية الكافية لإيصاله إلى أطراف الجسم البعيدة في اليدين والقدمين . وهذا لا يتسبب فقط في ضعف قدرة التدفئة في اليدين والقدمين، بل على المدى البعيد قد يُضعف بنية عضلات وجلد والأوعية الدموية التي في اليدين والقدمين، ما يزيد المعاناة من الشعور بالبرودة فيهما. ونتيجة لعدم انضباط السكري، تحصل كذلك حالات تلف الأعصاب الطرفية وخاصة في القدمين، ما يُضعف الإحساس الطبيعي فيهما، ويُضعف تفاعل الأوعية الدموية عند تغيرات حرارة الأجواء المحيطة، وخاصة في الأجواء الباردة.
4- ضعف الغدة الدرقية : تنتج الغدة الدرقية في الرقبة هرمون الغدة الدرقية، وينتقل هذا الهرمون عبر الدم إلى كل جزء من أجزاء الجسم كي يعمل على تنظيم الطريقة التي يستخدم بها الجسم الطاقة التي يحصل عليها من الطعام (عملية التمثيل الغذائي). وفي حالة ضعف أو قصور الغدة الدرقية تكون الغدة الدرقية غير نشطة، ولا تنتج ما يكفي من الهرمونات للحفاظ على نشاط عمليات التمثيل الغذائي في الجسم بشكل صحيح. وعدم وجود ما يكفي من هرمون الغدة الدرقية يعني أن أجسامنا لا يمكنها الاستفادة من إنتاج هذه الطاقة بشكل جيد، مما يؤدي إلى مشاكل في تنظيم درجة حرارة الجسم، مثل زيادة الحساسية لليدين والقدم الباردة. ويصيب ضعف الغدة الدرقية النساء أكثر من الرجال، وهو شائع فوق سن الستين من العمر. والشعور بالبرد هو أحد أعراض قصور الغدة الدرقية. وتشمل الأعراض الأخرى التعب وآلام المفاصل وتيبسها وجفاف الجلد وترقق الشعر والاكتئاب والإمساك.
5- نقص فيتامين بي – 12 : يمكن أن يتسبب نقص فيتامين بي – 12 في المعاناة من عدة أعراض عصبية، بما في ذلك الشعور ببرودة اليدين والقدمين أو التنميل أو الوخز، إضافة إلى الشعور بسرعة الإعياء واضطرابات الحركة والتوازن وضيق التنفس وتقرحات الفم وتدني القدرات الذهنية. وفيتامين بي – 12 مهم للحفاظ على خلايا الدم الحمراء بحالة صحية في بنيتها وطريقة عملها. وفقر الدم الناجم عن نقص فيتامين بي – 12 يتسبب بتدني وصول الأكسجين والعناصر الغذائية الأخرى أيدينا وأقدامنا، مما يؤدي إلى شحوب الجلد فيهما وزيادة الحساسية تجاه البرودة. والفيتامينات هي مركبات كيميائية لا ينتجها الجسم، وللحصول عليها نحتاج إلى تناول الأطعمة الغنية بها. ويوجد فيتامين بي – 12 بشكل طبيعي في اللحوم ومنتجات الألبان.
6- التدخين : ثمة عدة آليات لتسبب التدخين في زيادة الشعور ببرودة اليدين والقدمين، وتفاقم المعاناة منهما عند وجود حالات مرضية تتسبب هي الأخرى بتلك المشكلة، ولكن تتمثل الآلية الرئيسية لتسبب التدخين في برودة القدمين واليدين في أنها تتم عبر التأثيرات السلبية للتدخين على سلامة عمل الشرايين المغذية لأطراف الجسم، والشرايين المغذية للقلب. كما أن العديد من المركبات الكيميائية في دخان التبغ تؤثر بشكل سلبي ومباشر على آليات انقباض وانبساط عضلات الأوعية الدموية الصغيرة في الأطراف، وتؤثر سلباً بشكل غير مباشر على الأعصاب الطرفية وكفاءة عملها في التكيف مع برودة الأجواء المحيطة بالجسم. إضافة إلى التأثيرات السلبية الأخرى للتدخين على سلامة نضارة الجلد وحيوية خلاياه ونشاط إفراز المواد الدهنية عليه وحمايته من الجفاف وضبط عمليات إفراز العرق وغيرها من العناصر المهمة في محافظة الجلد على كفاءة عمله للتكيف مع البرودة.