أخبارصحةعام

الكمامه توفر حماية ضد كورونا أفضل من اللقاحات المحتملة

د محمد حافظ ابراهيم

 

اوضحت دراسة أميركية خطر ما يطلق عليهم « الهباء الجوى الناقل الفائق للعدوى»، إذ تسبب ان شخص واحد مصاب بعدوى فيروس «كورونا» المستجد في إصابة 50 شخصا ووفاة اثنين، أثناء حضورهم تدريباً للغناء في واشنطن .

 

ومصطلح «الناقل الفائق» للعدوى، يشير إلى تسبب شخص واحد في إصابة أكثر من شخصين، واستخدم هذا المصطلح في مرحلة انتشار وباء «سارس» عامي 2002 و2003. وأثناء متلازمة الشرق الأوسط التنفسية عام 2012. وعاد للاستخدام لتفسير أكثر من واقعة، ومنها تلك التي حدثت في تدريب الغناء بأميركا. وفي العاشر من مارس 2020، حضر الشخص المصاب، والذي كان يحمل أعراضا خفيفة، تدريباً للغناء لمدة ساعتين ونصف في مكان مغلق. وفي الأسابيع التي تلت ذلك، أصيب أكثر من 50 شخصاً آخر من تلك البروفة بالمرض، وتوفي اثنان. ونظراً لأن المشاركين اتخذوا الاحتياطات اللازمة للتعقيم وتجنب ملامسة بعضهم البعض، فقد اشتبه العلماء في أن العدوى جاءت عن طريق انتقال الفيروس من الشخص المصاب عبر جزيئات مجهرية محمولة جواً، والتي تعرف باسم «الهباء الجوي»، وليس القطرات الكبيرة التي تنفث في الهواء أو الأسطح المصابة، وهو ما تم إعلانه في الدراسة  .

 

وتقول الدكتوره شيلي ميلر، أستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة كولورادو في تقرير للجامعة في 18 سبتمبر 2020 توثق هذه الدراسة بتفصيل كبيره أن التفسير الوحيد المعقول لهذا الحدث الواسع الانتشار كان انتقال الفيروس عن طريق الهباء الجوي، فالهواء المشترك مهم لأنه يمكنك استنشاق ما يزفره شخص آخر حتى لو كان بعيداً عنك .

 

ومن خلال مقابلات مع أعضاء التدريب، وجد الفريق البحثي أن كل أعضاء الكورال كانوا جادين بشأن صحتهم في ذلك اليوم، فلم يلمسوا بعضهم البعض ولم يلمسوا الأسطح المشتركة واستخدموا معقم اليدين بعد لمس الأبواب، وقلة منهم شاركوا نفس الحمام مع الشخص المصاب، ومرض الكثير ممن لم يستخدموا أي مرحاض، لكن القاسم المشترك بينهم أنهم لم يرتدوا أقنعة الوجه . وتضيف ميلر أنه بعد إجراء المقابلات حول ما حدث في ذلك اليوم وحساب معدل الإصابة بناءً على تفاصيل التدريب وما هو معروف عن الفيروس، اظهر أنه ببساطة لم تكن هناك فرص كافية للقطرات والأسطح المصابة، لنقل الفيروس إلى عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالمرض بعد ذلك .

 

وخلص الباحثون بعد استبعاد العدوى عن طريق القطرات المحمولة جوا والأسطح المصابة، إلى ترجيح أن التهوية السيئة في مكان مغلق أدت إلى تراكم الهباء الجوي الذي ينتجه المغنون أثناء الغناء، كما أن الحرارة التي ينتجها المغنون أنفسهم أثناء الغناء ساعدت على اختلاط الهواء داخل الغرفة، هذا فضلا عن أن البروفة كانت طويلة وفي حضور العديد من المطربين.

 

ويقول الدكتور خوسيه لويس جيمينيز، أستاذ الكيمياء وزميل المعهد التعاوني للبحوث في العلوم البيئية، والباحث المشارك بالدراسة انه كان استنشاق الهباء التنفسي المعدي من الهواء المشترك هو الطريقة الرائيسيه لانتقال العدوى . ووجد الباحثون أن تقصير وقت التمرين في هذه البروفة من 2.5 ساعة إلى 30 دقيقة كان سيقلل معدل الإصابة من 87 في المائة إلى 12 في المائة، وكان من الممكن أن يؤدي ارتداء الأقنعة وتحسين التهوية واستخدام منظفات الهواء المحمولة والتدريب لنصف مدة التدريب إلى خفض عدد الأشخاص المصابين من 52 إلى 5 فقط.

 

ويوصي الباحثون بإجراء تمارين الكورال في الهواء الطلق كلما أمكن ذلك أثناء جائحة (كوفيد – 19)، وإدارة أي أحداث غناء داخلية بعناية، حيث يمكن للغناء أن يولد كميات كبيرة من الفيروسات المتطايرة إذا أصيب أي من المطربين، ويمكن أن تساعد التهوية المحسنة التي تجذب المزيد من الهواء الخارجي وتنظيف الهواء على إزالة الهباء الجوي المحتوي على الفيروسات من الهواء بما يحد من انتشار العدوى المنقولة بالهواء في أي مكان داخلي.

 

وأن الدراسة اكدت على أهمية ارتداء الأقنعة، والتي يمكن أن تحمي من تأثيرات الهباء الجوي، والذي لا يزل إلى الآن محل جدل . ويقول إن «الهباء الجوي لا يزال غير معترف به من قبل منظمة الصحة العالمية كطريق مهم لانتقال العدوى، وهذه الدراسة تنبه لخطورته .

 

وبينما تنتظر أميركا لقاحاً ضد فيروس كورونا، قال مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، الدكتور روبرت ريدفيلد، إننا قد نكون جميعاً محميين بشكل أفضل من خلال الاستمرار في ارتداء أقنعة الوجه.

 

وقال الدكتور روبرت ريدفيلد قد أذهب إلى أبعد من ذلك لأقول إن قناع الوجه هذا يضمن حمايتي من (كورونا) الآن أكثر مقارنة بفترة ما بعد تناولي للقاح . وأوضح الدكتور روبرت ريدفيلد أن اللقاح قد لا يكون فعالاً بنسبة 100 في المائة في إنتاج استجابة مناعية قوية بما يكفي لدرء العدوى. ومع ذلك، توفر الأقنعة حاجزاً وقائياً .

 

وقال الدكتور بول أوفيت، أستاذ طب الأطفال في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا انه أتفق مع الدكتور روبرت ريد فيلد. في أحسن الأحوال، سيكون اللقاح فعالاً بنسبة 75 في المائة تقريباً ضد الأمراض المتوسطة إلى الشديدة . وان القناع إذا تم استخدامه بشكل صحيح ودمجه مع التباعد الاجتماعي، فسيكون أكثر فعالية من اللقاح بكثير.

 

وقال الدكتور بول جويبفيرت، مدير جامعة ألاباما في عدة أبحاث اللقاحات في برمنغهام، انه يعتقد أن الالتباس هنا هو أننا لا نعرف فعالية لقاحات (كوفيد – 19) حتى الآن، ولا مدى سرعة توفرها، ولا النسبة المئوية للسكان الراغبين في الحصول على اللقاح. وبما أننا لا نعرف شيئاً عن ذلك حتى الآن، فإن الأقنعة هي الحل الأفضل .

 

وأوضح الدكتور أميش أدالجا، أخصائي الأمراض المعدية والباحث البارز في مركز الأمن الصحي بجامعة «جونز هوبكنز»، أن الحاجز المادي الذي توفره الأقنعة يقضي على قدرة الفيروس على الانتقال من شخص لآخر. هذا يعني أنه إذا تم تنفيذ الأقنعة على نطاق واسع ومتسق، فإنها ستقلل من انتشار فيروس كورونا بشكل كبير. وانه من غير المتوقع أن تجعل لقاحات (كورونا) من الجيل الأول جميع اللقاحات منيعة ضد العدوى لأنها لن تكون مثل لقاح الحصبة الحالي مثلا ولكن قد تعدل المرض بحيث تكون شدته والحاجة إلى الاستشفاء أقل. لذلك، حتى بين بعد التطعيم، ستظل هناك إصابات تحدث، وستكون أقل تواتراً وأقل خطورة باستخدام اقنعه الوجه