أخبارصحة

السمنة والنوم وعلاقتهم بالتمثيل الغذائى و ألزهايمر 

د.محمد حافظ ابراهيم

 

يردد خبراء الصحة جمله شهيرة تتعلق بالحصول على حياة صحية أفضل، وعناصر هذه المعادلة ثلاثة: الرياضة والطعام والنوم . لكن في حال الاختلال فى هذه المعادلة تحدث امراضا كثيره . حيث تقول دراسة علمية جديدة إن قلة عدد ساعات النوم أو حدوث اضطرابات في النوم يفقد الشخص القدرة على التحكم في شهيته . وتضيف الدراسة أن هذا الأمر يضع الشخص في مواجهة المشكلات الصحية كافة، لا سيما السمنة وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري من النوع الثاني .

 

وتابع الباحثون نوعية النوم لنحو 12 ألف شخص لمدة عامين كاملين، وربطوها بمؤشر كتلة الجسم وهي صيغة يستخدمها العلماء لتقييم الوزن الطبيعي للإنسان . ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يزيد مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 30 نقطة (مستوى السمنة)، يكون متوسط النوم عندهم أقصر من الطبيعي، فضلا عن وجود أنماط متغيرة من النوم لديهم .

 

وأظهرت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص ينامون 15 دقيقة أقل مقارنة مع نظرائهم الأقل وزنا. وذكر مؤلفو الدراسة أن النتائج توفر مزيدا من الدلائل التي تؤكد ارتباط النوم بالوزن والصحة العامة للشخص .

 

هل يمكن تسريع وتيرة التمثيل الغذائي : هل يمكنك تدريب قدرة جسمك على القيام بالتمثيل الغذائي بوتيرة أسرع؟ الجواب لا ونعم في نفس الوقت. إنها مسألة معقدة. وربما يكون هذا سبباً لقلق الكثيرين. فأنت تعاني كثيراً لانقاص وزنك، فيما يقلل صديق لك طعامه ليوم واحد ويبدأ وزنه في النزول على الفور، أوربما لا يحتاج لضبط طعامه لتفادي زيادة الوزن من جديد.

 

تشير ألابحاث الحديثة إلى أننا كأشخاص تزيد قدرتنا على التمثيل الغذائي لبعض أنواع الطعام بصورة أسرع من غيرنا. ويشير ذلك إلى أننا إذا فهمنا أكثر الكيفية التي تؤثر بها الأطعمة المختلفة على أجسامنا، يمكننا أن نحدد ونتجنب أو نوقف المسببات الشخصية للارتفاعات المفاجئة في سكر الدم والحريرات الزائدة . ولكن هل يؤدي تقليل ما نتناوله من هذه الأطعمة إلى التأثير على السرعة التي ينخفض بها وزننا كأفراد .

 

ما هو التفسير العلمي : اوضح الدكتور تيم سبيكتور والدكتور جايلز يو ان هناك امر لفك الشفرة العلمية . فالمستويات العالية من السكر أو الشحوم في الدم قد تكون ناجمة عن زيادة مفاجئة في تناول طعام معين. مثلما يحدث حين تتناول قطعة كبيرة من الكعك أو يكون لديك تمثيل غذائي غير فعال (بطيء) بعد تناول قطعة أصغر من الكعك. حيث ترتبط هذه المستويات العالية بالحريرات الزائدة عن احتياجاتنا ويتم بالتالي تخزينها في صورة دهون.

 

شملت دراسة الدكتور تيم سبيكتور 1100 شخص ( من بينهم توائم متطابقون وغير متطابقين وأفراد لا صلة لهم ببعضهم البعض) وقد طُلب منهم الصيام خلال الليل وقضاء اليوم التالي في المستشفى. وتم خلال هذه الفترة قياس نسبة السكر في الدم لديهم كل نصف ساعة، مع إعطائهم نفس الأطعمة بنفس الكميات. وتم تحليل استجابة أجسامهم للطعام. ثم عادوا إلى بيوتهم لمدة أسبوعين وتم إمدادهم بأنواع معينة من الأطعمة والوجبات لتناولها خلال هذه الفترة كما سُمح لهم بتناول طعامهم الخاص . وقد تم تسجيل استجابات أجسامهم من خلال تقنيات قابلة للارتداء ( اجهزة قياس السكر) وتطبيق إلكتروني، إلى جانب عينات دم. كما تم جمع عينات لميكروبيوم الأمعاء ( بكتيريا الأمعاء) في بداية الدراسة ونهايتها.

 

النتيجة : استجابة التمثيل الغذائي للطعام تختلف بشدة بين الأشخاص رغم تطابق الظروف وبالتالي إذا تناولوا جميعاً قطعاً متطابقة من الكعك على سبيل المثال فإن كميات السكر والإنسولين وشحوم الدم سترتفع لديهم بنسب متفاوتة بشكل هائل . ولم يكن هناك معدل متوسط للاستجابة. حتى التوائم المتطابقين الذين تناولوا نفس الوجبات في نفس الوقت سجلوا استجابات مختلفة . وبعد تجميع كافة البيانات، تم تطوير خوارزمية يمكن من خلالها التنبؤ بطريقة استجابة كل مشارك في الدراسة لأي نوع طعام بدقة بلغت 76%.

 

ما الذي يمكنك تغييره بشأن طريقة تمثيلك الغذائي : أظهرت دراسة البروفيسور تيم سبيكتور أن شخصاً اظهر ارتفاعاً مفاجئاً في نسبة الشحوم أو السكر بعد تناوله طعاماً معينا بينما ظهرت لدى آخر نفس الاستجابة نتيجة تناول طعام آخر. وبالتالي حين تعلم أن صديقاً لك فقد كيلوغرامات من الوزن بعد اتباعه نظاماً غذائياً معينا، بينما أنت تكابد من أجل خسارة بضعه غرامات، فربما يرجع ذلك لأنه توقف عن الأطعمة التي تسبب الارتفاع المفاجئ في نسبة الدهون أو السكر لديه بينما مازالت أنت تتناول ما يسبب هذه الزيادة لديك. تمثيلنا الغذائي لنفس الأطعمة مختلف تماماً. وكذلك الوقت الذي يتناول فيه الناس الطعام يؤثر على استجابتهم.

 

لذا، فإنه من الناحية النظرية، إذا كنت تعلم المكونات التي تسبب لك هذا الارتفاع المفاجئ، يمكنك أن تقلل من استهلاكك للأطعمة التي تحتوي عليها، وأن تتناول الطعام خلال أوقات معينة بما يحفز تمثيل جسمك للطعام بصورة فعالة. ومن المهم بالطبع أن تتأكد من حصولك على العناصر الغذائية التي يحتاجها جسمك من أطعمة بديلة . اوضح الدكتور تيم سبيكتور انه واثق حالياً من قدرتنا من خلال النظام الغذائي على التحكم في سرعة التمثيل الغذائي للطعام .  وهو يعتقد أنه يمكننا أن نفعل ذلك إلى حد ما الآن .

ماهو معدل التمثيل الغذائي الأساسي وهل يمكنك تغييره : يصعب تغيير معدل التمثيل الغذائي الأساسي ( المعدل الذي نستهلك به الطاقة أثناء الراحة للقيام بالوظائف الحيوية كالتنفس والاحتفاظ بدرجة حرارة الجسم الدافئة). وهذا المعدل محدد في الحامض النووي ولا يُعرف بعد ماهية الجينات التي تؤثر عليه. كما يصعب قياسه كذلك. ويوضح الدكتور جايلز يو قائلا  لا مجال للتلاعب بمعدل التمثيل الغذائي الأساسي، لأن تمثيلنا الغذائي سيعمل وفقاً لما ضُبط عليه، بسبب التركيبة الجينية . و لكن يمكنك أن تغير نظامك الغذائي بحيث تقلل ما تأكله من أطعمة تسببب الارتفاع المفاجئ في نسب السكر أو الشحوم وهذا ما ركز عليه الدكتور سبيكتور، ولكن لا يمكنك تغيير معدل التمثيل الغذائي الأساسي بحيث يزيد أيا كان الطعام الذي تأكله . حتى وإن كنت تعتقد أن معدل التمثيل الغذائي لديك منخفض .  و يوضح الدكتور جايلز يو إنه من المرجح أن يكون التمثيل الغذائي لدي الأشخاص الأكبر حجماً أسرع منه لدى هؤلاء الأقل حجماً  لأنه يكون لديك محرك أكبر بحاجة للتشغيل .

 

ولكن هناك صدمة حيث ذا فقدت الوزن فإن معدل تمثيلك الغذائي ينخفض . يقول الدكتور جايلز يو يبلغ وزني 75 كليوغراماً، تخيلوا أن لدي توأم اعتاد أن يكون وزنه 85 كيلوغراماً لكنه فقد 10 كيلوغرامات وصار وزنه 75 كيلوغراماً مثلي . لكنني لم أصل قط إلى وزن 85 كيلوغراما. سيكون بوسعي دوماً أن أتناول من الطعام أكثر مما يفعل شقيقي لأنه يقاوم وزناً يزيد عن وزني . ومع فقدانك للوزن، يشعر المخ بالانزعاج، لأنه يعتبر ذلك تقليلاً لفرص البقاء على قيد الحياة. وبالتالي ففي كل مرة تفقد فيها الوزن تنطلق إشارة تنبيه في المخ، ويحدث أمران الشعور أكثر بالجوع، وانخفاض معدل التمثيل الغذائي في محاولة للحفاظ على وزنك . ويقول الدكتور جايلز يو إن هذا ما يحدث سواء قمت بتقليل وزنك تدريجياً مع الوقت، أوعن طريق نظام غذائي قاس . لا يحدث هذا الانخفاض بقدر ما تفقده من وزن، لكن عليك أن تتذكر أن تقليل من 8 إلى 10 إلى 20 سعرة حرارية يومياً يكفي لاحداث فرق يصل إلى 5 كيلوغرامات على مدى سنوات .

 

هل هناك مكونات سحرية للتمثيل الغذائي : كالشاي الأخضر؟ يقول الدكتور جايلز يو كبير الباحثين في معامل أبحاث التمثيل الغذائي بجامعة كمبريدج ووحدة أمراض التمثيل الغذائي  كلا . توجد بعض الأشياء التي تزيد التمثيل الغذائي لكنها في الأغلب سموم وبالتالي علينا أن نتجنبها. وقد دأب البروفيسور سبيكتور على تفنيد الخرافات المتعلقة بـ23 مادة من هذه المواد في ابحاثه . ويتفق مع الدكتور جايلز يو على عدم وجود أدلة كافية تؤيد فاعلية هذه المكونات السحرية.

 

يقول الدكتور جايلز يو إنه بينما لا تستطيع تسريع وتيرة التمثيل الغذائي عن طريق الطعام، يمكنك أن تفعل ذلك من خلال طريقتين زيادة النشاط البدني، وبناء الكتلة العضلية . وأي نشاط، بداية من المشي او حتى أعمال الحديقة، والركض مفيد جداً في مساعدتك على خفض الوزن. وبالنسبة لزيادة الكتلة العضلية، فهو أمر تزيد أهميته مع التقدم في السن وتراجع التمثيل الغذائي . رغم أن الدكتور جابلز يو يقول لا أعني أن نرسل الجدات والاجداد إلى صالة الألعاب الرياضية، مجرد المشي الخفيف يكفي .

 

ماهي الأنشطة التي يمكن القيام بها : ان الرجال بشكل عام أكثر ميلاً لأن يكون التمثيل الغذائي لديهم أسرع بسبب زيادة كتلتهم العضلية ووزن عظامهم، وانخفاض دهون الجسم مقارنة بالنساء. لكن هذه العوامل يمكن تحسينها من خلال الرياضة . فالتمرينات الرياضية هي أفضل وسيلة لحرق السعرات الحرارية. عليك أن تحاول ممارسة هذا النوع من الرياضة مثل الركض، والمشي والسباحة وركوب الدراجات و تسلق المرتفعات وقفز القرفصاء وتمرينات الضغط .

 

النوم جيدا ليلا يؤخر ظهور مرض لا دواء له : ووجدت دراسة جديدة أن الحصول على ليلة نوم جيدة يمكن أن يؤخر ظهور الخرف . ويعمل النوم الصحي العميق على إبطاء تراكم اللويحات السامة في الدماغ، المعروفة باسم بيتا أميلويد، والتي ترتبط بالإصابة بمرض ألزهايمر.

وقال البروفيسور الدكتور ماثيو ووكر، من جامعة كاليفورنيا ان النوم يشبه كرة بلورية تخبرك متى وكيف تتطور أمراض الزهايمر في دماغك. والجانب المشرق هنا هو أن هناك شيئا يمكننا فعله حيال ذلك. يطهر الدماغ نفسه أثناء النوم العميق، وبالتالي قد تكون هناك فرصة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء من خلال الحصول على مزيد من النوم الليلى في وقت مبكر من الحياة 

 

وقال الدكتور جوزيف وينر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي انه بدلا من انتظار إصابة شخص ما بالخرف لسنوات عديدة لاحقة، يمكننا تقييم كيف تتنبأ جودة النوم بالتغيرات في لويحات “بيتا أميلويد” عبر نقاط زمنية متعددة. لذا، يمكننا قياس سرعة تراكم هذا البروتين السام في الدماغ بمرور الوقت، ما قد يشير إلى بداية مرض ألزهايمر.