أخبارصحة

معدل الاكتئاب و القلق فى العالم تضاعف ثلاث مرات خلال جائحة فيروس كورونا

د محمد حافظ ابراهيم

 

أصابت جائحة الفيروس التاجي كورونا ، الذي بث الفوضى في جميع أنحاء العالم ، أكثر من 28.2 مليون شخص في جميع أنحاء العالم وأودى بحياة أكثر من 867000 شخص، ومع تزايد عدد الحالات ، فرضت العديد من الدول أوامر إغلاق وإجراءات حجر صحي لمنع انتشار الفيروس.

 

ومنذ ظهور الوباء ، تضاعف انتشار أعراض الاكتئاب ثلاث مرات ، حسب بحث جديد، ففي دراسة نُشرت حديثه هناك ما يعاني من ربع الأشخاص في الولايات المتحدة من أعراض الاكتئاب ، وهو حوالي 3 أضعاف العدد قبل ظهور وباء فيروس كورونا .

 

معدلات الاكتئاب : أثر الوباء والسياسات المفروضة لاحتواء انتشاره بشكل كبير على الصحة العقلية للمكونات في العديد من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة. حيث شرع الباحثون من جامعة بوسطن ، وجامعة براون ، وكلية كولومبيا ميلمان للصحة العامة ، ومعهد هاسنفيلد للابتكار الصحي للأطفال ، في تقدير مدى انتشار وعوامل الخطر المرتبطة بأعراض الاكتئاب بين المقيمين في الولايات المتحدة ، وخاصة البالغين أثناء جائحة فيروس كورونا.

 

للوصول إلى النتائج التي توصلوا إليها ، أجرى فريق البحث دراسة استقصائية تمثيلية على المستوى الوطني استخدمت استبيانين سكانية للبالغين في الولايات المتحدة تزيد أعمارهم عن 18 عامًا، وتم الحصول على التقديرات من دراسة فيروس كورونا وتأثير ضغوطات الحياة على الصحة العقلية والرفاهية ، والتي أجريت بين مارس وأبريل 2020. حيث كشف الفريق أن 1441 مشاركًا أكملوا الاستطلاع في مارس، في حين أن استطلاع ما قبل انتشار الفيروس كان يضم 5065 مشاركًا.

 

وكشفت نتائج الدراسة أن انتشار أعراض الاكتئاب كان أعلى في كل فئة خلال الجائحة مقارنة بالسابق، وخلص الباحثون إلى أن هذه النتائج تشير إلى أن انتشار أعراض الاكتئاب في الولايات المتحدة كان أعلى بثلاثة أضعاف خلال  فيروس كورونا مقارنة بما كان عليه قبل الجائحة .

 

الأسر ذات الدخل المنخفض : لاحظ البحث،  أن الاكتئاب في عموم السكان بعد الأحداث الصادمة واسعة النطاق السابقة يتضاعف من حيث الأرقام حيث زاد فى الاسر ذات الدخل المنخفض . فوجئ الفريق برؤية أن معدل انتشار الوباء الحالي قد تضاعف ثلاث مرات تقريبًا على الجميع بالولايات المتحده.

 

لاحظ الفريق أن الأشخاص ذوي الدخل المنخفض يعانون من عبء أكبر من أعراض الاكتئاب  خاصة خلال معظم البلدان التي تكون في حالة إغلاق، وارتبط ارتفاع خطر الإصابة بأعراض الاكتئاب أثناء انتشار الفيروس بانخفاض الدخل ، والحصول على أقل من 5000 دولار في العام ، والتعرض لمزيد من الضغوطات. وقالت كاترين إتمان ، الكاتبة الرئيسية للدراسة كانت هذه المعدلات أعلى مما رأيناه في عموم السكان بعد صدمة أخرى واسعة النطاق .

 

واستشهدت بأمثلة على ارتفاعات الاكتئاب والقلق في الماضي ، بما في ذلك تلك التي حدثت بعد إعصار كاترينا ، وهجمات 11 سبتمبر الإرهابية ، والاضطرابات المدنية الأخيرة في هونغ كونغ . وأضافت هذا هو في نفس الوقت كورونا والخوف والقلق بشأن الفيروس، فضلا عن العواقب الاقتصادية المأساوية من الاغلاق للوحدات الاقتصاديه .

 

القلق والخوف يحاصر الناجون من كورونا : ويقول العديد من الناجين فى هونج كونج إنهم ما زالوا يواجهون العديد من الآثار اللاحقة، ووفقا للتقارير هناك أكثر من 4400 شخص تعافوا من فيروس كورونا فى هونج كونج، وسجلت المدينة أكثر من 4800 إصابة وأكثر من 90 حالة وفاة . وذكر تقرير حذيث أن العديد من المتعافين لم يخرجوا لمدة شهر بعد أن عادوا إلى منازلهم من المستشفى، خوفًا من الازدحام وخطر الإصابة مرة أخرى.

 

وتقول إحدى الناجينات إنها أصيبت باضطراب القلق، وبغض النظر عن الأرق، فإنها تتأثر بسهولة، وهى قلقة باستمرار على صحتها، وتغسل يديها كثيرًا حتى تتقشر بشرتها، وعلى الرغم من عدم ظهور أى أعراض جسدية، وتظهر الأشعة السينية وعمل الرئتين بشكل طبيعى، لكنها لا تزال قلقة بشأن التأثير طويل المدى للفيروس على صحتها.

 

الخوف من غودة الاصابة : وذكرت أنها ساعدتها زيارة طبيب نفسى وتناول الأدوية، لكن عندما جاءت الموجة الثالثة من العدوى فى هونج كونج فى يوليو 2020، شعرت بمزيد من التوتر، وتقول أشعر بالقلق إذا كان لا يزال لدى الفيروس فى جسدى، وإذا كانت هناك فرصة لإصابتى بالعدوى مرة أخرى، أشعر بالاكتئاب .

 الناس يعاملوننا مثل الوحوش : كان آخر شىء توقعته ربة المنزل صوفى بعد تعافى ابنها البالغ من العمر عامين ونصف من الفيروس هو أن الجيران والأقارب والأصدقاء سيتجنبون الأسرة بسبب خوفهم من الإصابة، فبعد زيارة عائلتها فى بريطانيا، عادت صوفى وطفلها الصغير إلى هونج كونج فى أبريل واضطروا إلى الحجر الصحى فى المنزل، وزوجها لم يسافر معهم . وكان الصبى هو الوحيد الذى أصيب بالمرض، وأثبتت إصابته بالفيروس وتم نقله إلى المستشفى، والأم فى الثلاثينيات من عمرها، بقيت معه طوال الأسابيع الثلاثة على الرغم من خطر إصابتها بالعدوى.

 

وعندما تعافى وخرج من المستشفى، جاء دور صوفى للبقاء فى مركز الحجر الصحى لمدة أسبوعين لأنها كانت تعتبر على اتصال وثيق بحالة مؤكدة، ومع اضطرار زوجها للعمل لم يكن هناك من يرعى ابنهما، ولن يساعدها أى من أقاربها وأصدقائها، وانتهى الأمر بصوفى بأخذ ابنها معها إلى مركز الحجر الصحى.

 

واعتنى الأطباء والممرضات بالطفل، لكن فى اللحظة التى غادرنا فيها المستشفى، تقول إنها شعرت بالقلق والاكتئاب، وذهبت إلى أبعد من ذلك بالبحث عن الخطوط الساخنة للدعم العقلى، لكنها لم تتصل، معتقدة أنه لا أحد سيفهم، ولم أرغب فى مقابلة أشخاص، ولم أرغب فى الحديث عن ذلك، أخشى أن يعلم الناس بعدوى ابنى ويتنمرون به .

 

دور الدعم النفسى و الاسرى فى تخطى الأزمة : يقول الطبيب النفسى الدكتور إيفان ماك وينج شيت بمستشفى هونج كونج، إن الخبرة السابقة تشير إلى أن تأثير الوباء على الناجين يمكن أن يشمل الاضطرابات النفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق . وقاد الطبيب النفسى دراسة حول التأثير النفسى طويل المدى على الناجين من وباء المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) فى عام 2003، والتى وجدت أنه بعد 30 شهرًا من تفشى المرض، وكان ثلث الناجين يعانون من اضطرابات نفسية، وربعهم مصاب باضطراب ما بعد الصدمة و15.6 لكل مائة شخص لديهم اضطرابات اكتئابية. ويقول بعض الاستجابات للتوتر الحاد طبيعية وتختفى تدريجياً ، لكن إذا بقوا لأكثر من شهر واحد، وبدأ الناس يفقدون الثقة فى سيطرتهم على حياتهم، يجب أن يؤخذ ذلك على محمل الجد .