أخبارصحة

كيفيه التغلب على الاكتئاب

د محمد حافظ ابراهيم

 

إن تعزيز التحفيز الذاتي عند الشعور بمرض الاكتئاب قد يبدو أمرًا سهلًا لمن هم خارج الحالة، ولكن الشعور بالاكتئاب فعليًّا يعتبر من أصعب الأشياء التي يمكن أن يقوم بها الإنسان. حيث تنتابه مشاعر متضاربة بأنه غير محبوب ولا أهمية لحياته . ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تزيد حدة عدم التركيز، مما يجعل الشخص يستغرق ساعات طويلة في عمل أشياء بسيطة كان يقوم بها سريعًا، فتتصاعد حالة عدم ثقته في نفسه وفي قدراته. ويزيد الشعور بالغضب ويمكن أن يتطور الأمر إلى الأفكار الانتحارية أو الرغبة في الإصابة بمرض خطير يُنهي الحياة بالانتحار اوأيضًا عدم الرغبة في الشفاء.

 

الاكتئاب قد تكون له تبعات خطيرة : وتعتبر الميول الانتحارية هي الدرجة القصوى من الاكتئاب، وهنا على الشخص فورًا أن يطلب المساعدة المختصة . ولكنه في الوقت نفسه يكون وصل إلى حالة لا يرغب فيها في أي شيء بخلاف الموت، لذا يصعب وقتها أن يتخذ بنفسه أي خطوات للمساعدة . ولمن يشعرون ببوادر الاكتئاب الأولى، والتي تتمثل في عدم الثقة بالنفس وانعدام الرغبة في العمل وانخفاض قيمة الحفاظ على الحياة. أو من لديهم حالة من التعب المزمن ويرغبون فعليًّا في الخروج من الحالة دون التعرض إلى نصائح المختصين والتي رغم انعدام الإقبال عليها إلا أنها يمكن أن تكون مفيدة في إخراج المشاعر السلبية إذا عثرت على الشخص المناسب للمهمة. وتتمثل أهم الطرق البسيطة في زيادة الدافع الذاتي عند الشعور بمرض الاكتئاب في الآتي:

 

= الرضا بالأفعال البسيطة : عادة يكون أمامك الكثير من المهام يوميًّا، ومع الشعور بالاكتئاب يتم تضخيم كل منها على حدة، مما يزيد من الشعور بالاكتئاب . لذا كافئ نفسك على أي مهمة بسيطة تقوم بها ولو حتى كانت مجرد النهوض من الفراش ثم ترتيبه . كما أن تغيير ملابسك يزيد من ثقتك بنفسك.

 

= الذهاب للتمشية : إن الخروج من الفراش في حد ذاته يمكن أن يكون تحديًا كبيرًا لمريض الاكتئاب، فما بالك الخروج للتمشية؟ ولكن إذا استطعت أن تجبر نفسك على تغيير ملابسك والذهاب للتمشية ولو حول المنزل لمدة 10 دقائق وشراء شيء بسيط تحبه، وعدم لوم نفسك عليه فهذه خطوة جيدة لزيادة الحافز الذاتي .

 

= لا تضع أي خطط او جدول  ليومك : عند الشعور بالاكتئاب فإن عدم التزامك بالجدول الموضوع مسبقًا يزيد من الحالة سوءًا، وتشعر أنك فاشل تمامًا . لذا لا تخطط ليومك أبدًا، وابدأ بأي مهمة ترغب فيها أو تجدها أقرب إلى نفسك، حتى لو لم تكن هي الأهم في جدولك أو روتينك اليومي .

 

= الالتزام بالروتين : على عكس الشائع من أن الروتين يزيد من الاكتئاب وأنك تحتاج إلى كسر الروتين من حين إلى آخر لتجديد مزاجك؛ فهذا صحيح قبل الإصابة بالاكتئاب. ولكن إذا كانت لديك بالفعل الأعراض فأنت تحتاج للقيام بأي مهمة ناجحة ليزيد شعورك بالإنجاز وبقدرتك على تحقيق أي شيء وبالتالي تبدأ في ممارسة بقية الأنشطة. لذا اختر أبسط الأشياء التي تقوم بها يوميًّا، ولتكن العبادة أو رى الزرع أو حتى لعبة فيديو جيم فهذا سيصلح من حالتك النفسية إلى حد كبير.

 

= اتساخ اليدين : أثبتت دراسة حديثة أن هناك نوع من البكتيريا في الأشياء المتسخة قادرة على تعزيز إنتاج السيروتونين أو هرمون السعادة الذي يقلل من أعراض الاكتئاب الكثيرة. لذا إذا كان لديك نباتات في المنزل فحاول تقليب التربة . كما أن إعداد كعكة أو فطيرة بها خميرة تعطي أيضًا النتيجة نفسها وبهذا تكون ضربت أكثر من عصفور بحجر، فصنعت كعكة لذيذة واستفدت من تأثير العمل باليدين على الحالة المزاجية.

 

= الاختلاط بالأصدقاء : إن الحديث مع الناس يكون من أكثر المهام الشاقة لمريض الاكتئاب فعلًا، فعادة يرغب في الانعزال بنفسه، ولا يتحدث إلى أحد على الإطلاق. ولكن يمكن لمهاتفة شخص لم تحدثه منذ فترة طويلة، أن يحسن من مزاجك . فإذا كان حديثك مع الوالدين والأقارب يجعلك تشعر بالفشل، فلا تحدثهم في تلك الفترة وحاول التواصل مع أشخاص بعيدين عنك لتكشف لهم ما يحزنك أو يثقل على صدرك دون أن تشعر بالحرج، أو أنهم سيقلقون عليك أو يحاولون فرض سيطرتهم أو نصائحهم عليك.

 

= الاهتمام بساعات النوم الجيد : ربما تشعر عند الاكتئاب بأنك لا تشبع أبدًا من النوم، لكن في الحقيقة فإن ساعات النوم ليست هي فقط ما يريح الأعصاب. ولكن النوم الجيد والذي يكون مساءً ولعدة ساعات متواصلة دون انقطاع، مع التخفيف من الطعام قبل النوم حتى لا يرتبك القولون ويزيد من التعب والاكتئاب بشدة.

 

= استنشاق الروائح العطرة : سواء كان معطر جو أو عطر خاص جدًا تعشقه؛ فقد أثبتت الدراسات القدرة الكبيرة للروائح على تهدئة الأعصاب وضبط الحالة النفسية والتقليل من الاكتئاب وأعراضه . خصوصًا إذا كانت من اللافندر أو الياسمين أو البابونج، فهي سريعة التأثير في الجسم وتعزز من قدرتك على النوم الجيد ، فأخذ قسط كافٍ منه يساهم أكثر في تعزيز الحافز الذاتي.

 

= لا تشعر بالأسى على نفسك : إن الاكتئاب يتغذى أكثر على المشاعر السلبية، فبالشفقة على الذات وزيادة المخاوف يزداد الأمر سوءًا بكل تأكيد. كما أن جلوسك مع من يزيدون من إشفاقك على نفسك يزيد الأمر سوءًا . لذا اختر أي شيء إيجابي لديك وركز عليه. ولا تقل أنه ليس لديك شيء إيجابي، فهذا غير صحيح على الإطلاق. ولكن كل ما في الأمر هو أننا نركز أكثر على الأشياء السلبية التي تحدث لنا، مما يزيد من وطأتها على النفس .

 

= تخيل أسوأ السيناريوهات ومحاولة وضع الحلول لها : وهذا ليس تشاؤمًا، ولكن إذا كنت في حالة اكتئاب ولا ترغب في إنجاز أي مهمة مما يجعلك تشعر أنك ستضيع أو ترسب في الامتحان أو يتم رفدك من العمل فإن تصور السيناريو الأسوأ سيزيد من دافعيتك لإنجاز أي شيء يقلل من الخسائر . فإذا كنت لا تستطيع إنجازها كلها، فافعل أي شيء مهما كان صغيرًا منها، وهنئ نفسك، ولا تلومها على أي خسائر. فبمجرد تغلبك على الاكتئاب ستسطيع تعويض كل شيء بإذن الله.

 

وإن الأمر قد يكون صعبًا في البداية، ولكن مع استمرار المحاولات ستنجح بالتأكيد. كما أنه لا يجب عليك الخجل من شعورك بالاكتئاب على الإطلاق، أو محاولة إنكاره كأنه تهمة موجهة إلى حالتك العقلية، فهو من الحالات الشائعة للغاية فى هذه الايام . لذا إذا وجدت أحدًا من أصدقائك أو المقربين إليك يقول إن لديك اكتئاب، فحاول التعامل مع الأمر بجدية ودون خوف. فالأمر في النهاية يمكن التغلب عليه بخطوات بسيطة .