أخباراقتصاد عربيبورصةعام

 الخبير الإقتصادى أحمد عبدالله: مصر نجحت فى  مواجهة ” كورونا”بامتياز

 

كتبت ـ إيمان الواصلى :

 

الوباء يمثل خطورة فى الدول الفقيرة ذات الأنظمة الصحية الضعيفة  يجب مخاطبة أصحاب الدخول المنخفضة 

بمنتجات جديدة تواكب المستجدات الراهنة  

 

      كيف لنا أن نتخيل بأن فيروس كورونا يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يتحور يوما بعد أخر ، ويعاود الظهور فى موجات أخرى أشد فتكا بالبشر فى غياب لقاح واحد فعال قادر على تحصين البشر منه ، حيث لم يرى هذا اللقاح النور حتى يومنا هذا فى ظل تنافسية تجارية فى المقام الأول بين الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين واليابان وألمانيا لإنتاج لقاح يثبت فعاليته تماما مثل لقاح الكوليرا ، والملاريا والجدرى؟  . وكيف ينقضى وباء كورونا بينما يعيش حوالي مليار شخص حول العالم في أحياء فقيرة مع القليل من التهوية ومرافق الصرف الصحي، وهو أمر من شأنه أن يؤدى لإنتشار الأمراض بسهولة في ظل عدم توافر الماء وعدم القدرة على شراء الصابون لغسل اليدين!.. وماذا لو إستمر هذا الوباء فى حصد الملايين من البشر مابين مصابين وضحايا وتوقف أعمال وانتشار للبطالة ، وتأثير ذلك كله على شركات التأمين والتى يتوقع الكثير من الخبراء أن لاتصمد طويلا مع إستمرار تفشى هذا الفيروس المحير .  

     يقول أحمد عبدالله الخبير المالى والإقتصادى ورئيس مجلس الإدارة السابق لشركة المهندس لتأمينات الحياة : لقد نالت مصر إشادة كافة المؤسسات الدولية وفى القلب منها  منظمة الصحة العالمية فى ضوء توجه الحكومة مع القطاع الخاص لمواجهة إنتشار هذه الجائحة. لقد تحركت الدولة منذ البدايات بحرص وذكاء وعلم وتخطيط وهو ماجعلها تدير الأزمة بنجاح كبير ومن خلفها القطاعين المصرفى والتأمينى كداعم قوى وسند لها فى هذه الظروف العصيبة ، ولقد تجلت حكمة القيادة السياسية فى إعلان الرئيس السيسى إتخاذ مجموعة من القرارات الهامة لدعم القطاع الطبي، أهمها إنشاء صندوق مخاطر لأعضاء المهن الطبية حيث يقوم الصندوق بتعويض كل من يتعرض لأي أزمة صحية أو وفاة بسبب الظروف الحالية ، ومن خلال الصندوق يتم تعويض الفرد أو أسرته ، بالإضافة   لمجموعة من الإجراءات الأخرى ومنها زيادة بدل المهن الطبية 75%عن القيمة الحالية ، واستكمال النقص في الكوادر البشرية والمستلزمات والأجهزة الطبية للقطاع ما شكل قوة دفع كبيرة للعاملين في هذا القطاع، إلى حد قد يستطيعون فيه التغلب على معاناة قلة الإمكانيات، كما أشادت منظمة الصحة العالمية بالعمل الجاد الذى تقوم به الدولة للسيطرة على تفشي المرض ، خاصة في مجالات الكشف عن الحالات ، الاتصال للتتبع ، والاختبارات المعملية ، وإحالة المريض، مؤكدة بالنص فى بيان لها أن فى مصر فرصة حاسمة للسيطرة بشكل فعال على انتشار المرض مع اتباع نهج إشراك الحكومة بأكملها ونهج إشراك المجتمع بأكمله .

     وبصراحته المعهودة فى ضوء خبراته الكبيرة محليا وعالميا .. يرى أحمد عبدالله أنه في حال ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا على مستوى العالم ، فإن معظم  شركات التأمين  قد تتعرض للغلق ، وسوف تمحو المطالبات شركات التأمين بالكامل، ولذلك تنبهت العديد من الحكومات لهذه الكارثة وتدخلت بدرجة أو بأخرى لإنقاذ مايمكن إنقاذه ، وهذا لايعنى أن شركات التأمين لم تتحرك ، بل على العكس كان لها مبادرات عديدة فى هذا المضمار ، ففى الهند على سبيل المثال بذلت شركات التأمين قصارى جهدها لطمأنه حاملي وثائق التأمين على الحياة بأن المعرضين للوفاة بسبب فيروس كورونا   سيحصلون على مبالغ التأمين بالرغم من أن العديد من منتجات الحياة تستبعد فيروس كورونا ، وفى الفلبين ساعدت جائحة كورونا الناس هناك على أن يصبحوا أكثر وعياً بأهمية تغطية التأمين، كما دفع الوباء شركات التأمين لإنشاء منتجات جديدة لتوفير غطاء ضد فيروس كورونا   

     على الجانب الاخر و مع تشجيع العديد من الدول على ” التباعد الاجتماعي” والعزل الذاتي ــ يقول عبدالله ــ  فإن توزيع منتجات التأمين الشاملة والوصول إليها من خلال مشغلي شبكات الهاتف المحمول  وعبر الإنترنت – بالإضافة إلى دعم العملاء بالمعلومات – سيصبح أكثر أهمية ،  وإذا حدث الأسوأ فإنه ربما وجود باقة من وثائق التأمين على الحياة تقدم مع منتجات للتمويل متناهي الصغر سيوفر بعض الدعم المالي لمحدودي الدخل.   

     ويرى عبدالله  أن التخوف الحقيقى يكمن فى أن  أنظمة الرعاية الصحية في العديد من دول العالم ، وخاصة الإفريقية تعاني بالفعل من “الثلاثة الكبار”  فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز” ، والسل والملاريا . وطبقا لمعلوماتى فقد خصص صندوق النقد الدولي10 مليارات دولار أمريكي لتمويل الطوارئ في البلدان المنخفضة الدخل بهدف مساعدة هذه الدول على دعم أنظمة الرعاية الصحية الخاصة بها، وخاصة مايتعلق  بالحفاظ على سلاسل توريد معدات الحماية الشخصية للعاملين في الخطوط الأمامية في مجال الصحة وبناء قدرات اختبار الفيروسات، ولعل خير دليل على مانقول ماذكره المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس فى أحد مؤتمراته الصحفية بشأن تطورات وباء كورونا حيث قال : إن  أكثر ما يقلقنى هو انتشار فيروس كورونا في البلدان ذات النظم الصحية الضعيفة.

      ويعترف أحمد عبدالله بأن  الافتقار إلى التأمين الصحي أو التأمين ضد البطالة أو التأمين على الحياة يمثل تحديًا خاصًا لملايين الأشخاص الذين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي ، فتفشى فيروس كورونا لم  يتسبب  في حدوث هذه المشاكل الكامنة، لكنه سلط الضوء على أوجه العجز داخل شبكة الأمان الاجتماعي الهشة في العديد من دول العالم الفقيرة منها والغنية ، ولنا فى الولايات المتحدة الأمريكية أقوى دليل ، فمابالنا بالدول النامية الفقيرة وخاصة فى إفريقيا التى تفتقر لنظم رعاية صحية وموارد مالية قادرة على تلبية متطلبات الناس فى هذه الظروف العصيبة. 

      وبخبراته المالية والإقتصادية والتأمينية يتطرق أحمد عبدالله للعلاقة بين الفقر وانتشار الأمراض والأوبئة فيقول : ذكرت دراسة أجرتها الشبكة الاستشارية للفقر المزمن في 11 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب شرق آسيا  أنه في غياب التأمين الصحي أو أشكال أخرى من التغطية الصحية الشاملة، فإن الاستجابة للصدمات الصحية من قبل الأشخاص الذين يعانون من الفقر أو بالقرب من خط الفقر تكون من خلال المبيعات المؤلمة للأصول واقتراض القروض من المرابين غير الرسميين، وأحيانًا بفوائد استغلالية. وبعبارة   أخرى يمكن أن يؤدي الافتقار إلى التأمين او عدم الحصول على التأمين إلى دفع الفقراء بالفعل إلى مزيد من الفقر، وبالتالي فإن المؤسسات المهتمة بالتأمين متناهي الصغر والفقراء يجب ان تقوم بالعمل المستمر لتحسين الوصول إلى منتجات تأمين شاملة ميسورة التكلفة ومستدامة في الاقتصادات الناشئة.