أخبارصحة

قلل مستويات التوتر والقلق من خلال كتابة اليوميات

د. محمد حافظ ابراهيم

الكتابة عن الصراعات والمشاعر قد تساعدك على مواجهة الوباء العالمي . هناك دراسة استرالية منشورة في عام (2005) توضح إن كتابة اليوميات تُعد إحدى الآليات المعتمدة لتعزيز التأقلم. إذ يُشير كمٌ هائل من الأدلة أنَّ تدوين الأفكار والمشاعر بانتظام يساعد الناس على التعرُّف على المشاعر السلبية ومعالجتها مما يخفف الشعور بالقلق لاحقاً .
تَشتد وطأة التوتر والقلق عند الناس في جميع أنحاء العالم مع زيادة محاولاتهم على التأقلم مع المرض والموت والعزلة ناهيك عن فقدان الوظائف خلال تفشي الوباء. وعلى الرغم من عدم وجود ممحاة سحرية للتخلص من هذه المشاعر القاسية، إلَّا أنَّه ثمَّة مجموعة خطوات يمكنك اتخاذها حتى أثناء تواجدك في المنزل وذلك لتساعدك على تخفيف وطأة القلق وتحسين صحتك النفسية.

وتُعد كتابة اليوميات إحدى الآليات المعتمدة لتعزيز التأقلم. إذ يُشير كمٌ هائل من الأدلة أنَّ تدوين الأفكار والمشاعر بانتظام يساعد الناس على التعرُّف على المشاعر السلبية ومعالجتها مما يخفف الشعور بالقلق لاحقاً .

ونشر باحثون استراليون في عام 2005 ملخصاً عاماً للموضوع. درسوا فيه مجموعة أدلة حول ممارسة تُسمَّى “الكتابة التعبيرية” والتي تنطوي على الكتابة المتعلقة بتأثير الأحداث المؤلمة على الصحة البدنية والنفسية. فقد تضمنت دراستهم تحليلا إحصائياً لثلاثة عشر دراسة وجدت أنَّ للكتابة التعبيرية فائدة صحية مماثلة للتدخلات النفسية الأخرى، مثل العلاج بالتحدث.

فقد وجد الباحثون أنَّ الكتابة التعبيرية بصفةٍ عامة أدَّت إلى انخفاض ضغط الدم، وتحسين عمل الجهاز المناعي، وقلّة زيارة الطبيب بالإضافة إلى قصر الإقامة في المستشفى، وتحسين الحالة المزاجية، وانخفاض أعراض الاكتئاب، وتحسين الذاكرة . كما قدَّم الباحثون تفسيرات محتملة عن السبب وراء قوَّة الكتابة التعبيرية. فهي ببساطة قد تُعين الناس على مواجهة المشاعر التي لطالما تجنبوها ومعالجة ما حدث لهم إدراكيا. و ثمَّة بعض الأدلة التي تؤكد أنَّ إعادة النظر في المشاعر المضطربة من شأنها أن تساعد الناس على تخطِّيها.

ولقد وجدت الدراسات المزيد من الأدلة التي تبرهن على فاعلية الكتابة التعبيرية. وفي مراجعةٍ منهجية، درس باحثون من جامعة مينيسوتا التدخلات التي ساعدت على تحسين سلامة العقل والأداء العاطفي والاجتماعي للشباب اللاجئين أو طالبي اللجوء أو المهاجرين الذين عانوا من صدمات جرَّاء اندلاع الحروب. وعليه، وجدوا أنَّ التعبير الإبداعي مثل الكتابة أو الرسم مكَّن الشباب من معالجة صدماتهم وتطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية. أمَّا الدراسة العشوائية المبنيَّة على شواهدٍ لكبار السن ممن يعانون من حالات طبية وقلق مستمر، فقد كشفت أنَّ كتابة اليوميات ساعدت على تقليل حمل الإجهاد العقلي وتحسين الصحة العامة. ووجدت دراسة لطلاب التمريض الجامعيين أنَّ الطلاب المحتفظين بمجلات حول تجربتهم السريرية لم يراودهم قلق كبير بشأن رعاية المرضى .

تطرقت على ذلك الدكتوره جانيس ويتلوك، عالمة الأبحاث في مركز برونفينبرينر للأبحاث الانتقالية التي تدرس السلامة الذهنية للمراهقين والبالغين وصحتهم العامة. فعندما أُغلقت المدارس والشركات في شهر مارس 2020، اقتنصت ويتلوك فرصة التقاط تجارب الناس خلال هذا الوقت التاريخي ومساندتهم في التعامل مع الصدمة وعدم الرضوخ لوباء كوفيد-19. وأطلقت ويتلوك مشروعاً للمجلات اليومية باسم لنروي حكاياتنا في ظِل أزمة كوفيد-19. والمشروع متاح لكل من يريد طريقة متسقة لتوثيق أفكاره ومشاعره المتعلقة بالوباء. كما يُمكن للمشاركين تضمين تقاريرهم كجزء من مشروعٍ بحثيٍ أكبر.

ويطلب المشروع من المشاركين تسجيل ما يراودهم من مشاعر والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بكيفية تأثير الأزمة عليهم، واستخدامهم لوسائل الإعلام الاجتماعية، وعمَّا إذا رأوا أي “جوانب مشرقة”. كما يتلقى المشاركون بريداً إلكترونياً يومياً يدعوهم إلى الكتابة مجدداً في دفتر اليومية، ولهم حرية الكتابة قدر ما يرغبون .

وتُعرِب الدكتوره ويتلوك عن عزمها في استخدام المشاركات لوضع نُبذة عن التجربة الجماعية للمجتمع في هذا الوقت. وقد يوثق البحث المستقبلي من مشروع التأثيرات اليومية لتدخلات السياسة لتقديم المساعدة القصوى في تنوير استجابات السياسة للأوبئة المستقبلية.

وتساءلت الدكتوره ويتلوك حيث ان هذه لقطات من حياتنا في وقت لا نظير له، فيا ترى ما هي قصص الناس إزاء كيفية تعاملهم مع الأزمة، وكيف غيَّرت حياتهم، ومن أين التمسوا الأمل؟ . فالعبرة من الموضوع هى إنَّ تدوين تجاربك ومشاعرك ما هي إلَّا استراتيجية قائمة على الأدلة للتعامل مع القلق والمشاعر السلبية في ظل هذه الأزمة.