
كتبت- ايمان الواصلي
اكتشف صوته العذوبة وهو طفل صغير، فكان مطرب الأناشيد الأول في مدرسته، وقام بالغناء وهو في السابعة من عمره أمام الملك فاروق، وبسبب وفاة والده اضطر لمغادرة مدرسة “شبرا الثانوية”، حيث دفعته ظروفه الأسرية الصعبة إلى العمل في شارع “محمد على”، لمدة أربع سنوات، ليتعلم العزف على آلة العود، ثم التحق بالإذاعة، وانضم لفرقة “ساعة لقلبك” ليكون أحد مطربيها، لينطلق في عالم الغناء والإبداع، إنه الفنان محرم فؤاد الذي أثرى الفن بالعديد من الأغاني العاطفية والشعبية التي التصقت بوجدان الجماهير.
ولد “محرم حسين أحمد علي” الشهير بمحرم فؤاد في الرابع والعشرين من يونيو عام 1934 بمنطقة بولاق في محافظة القاهرة، وكان والده من صعيد مصر ويعمل مهندسًا في هيئة السكة الحديد. انتقلت عائلته من حي بولاق للعيش في منطقة شبرا، فدخل مدرسة “السبتية الابتدائية”، ليتم اكتشاف موهبته وصوته الرنان وهو في سن صغيرة، وعمل مطربًا بالأفراح الشعبية حتى درس العود في معهد شفيق وعمل بالإذاعة، ليكتشفه المخرج هنري بركات ويقدمه للسينما في أحداث فيلم حسن ونعيمة عام 1959 لتبدأ الانطلاقة الحقيقية لمحرم فؤاد في عالم التمثيل والشهرة.
قدم محرم فؤاد مجموعة متنوعة من الأغاني العاطفية والشعبية من أشهرها: “رمش عينه”، “يا واحشني رد عليه”، “اوعى تكون بتحب يا قلبي”، “والنبي لنكيد العزال”، “الحلوه داير شباكها”، “مسا التماسي”، “زي نور الشمس”، “يا غزال”، “لا تلوموني” “معرفتش تحبني”، “قالوا الحب عذاب”، “ادي حالك يا هوى”، “لو كان الأمر أمري”، “سيبو المجروح في همه”، “اوعى تكون بتحب يا قلبي”، “مراسيل”، “قلبي اللي خدتيه رجعيه”، “اشكي لمين”، “انا مالي ومال الناس”، “خمسة سياحة”، “أجمل صباح عندي”، “وانت عني بعيد”.
بدأ محرم فؤاد مشواره في السينما عام 1959 من خلال فيلم “حسن ونعيمة”، من تأليف عبد الرحمن الخميسي، وإنتاج محمد عبد الوهاب وبركات، وشاركته في البطولة سعاد حسني، وتوالت أفلامه حتى وصلت إلى 13 فيلمًا من أشهرها: “لحن السعادة” عام 1960 مع إيمان وفؤاد المهندس وعبد المنعم إبراهيم وماجدة الخطيب وإخراج حلمي رفلة، و”وداعًا يا حب” عام 1960 أمام مريم فخر الدين وآمال فريد ومن تأليف فتحي أبو الفضل، وإخراج حسام الدين مصطفى ، و فيلم “نصف عذراء” عام 1961 أمام زبيدة ثروت، ومن تأليف نهاد محرم، وإخراج السيد بدير ، وفيلم “من غير ميعاد” عام 1962 مع سعاد حسني ونادية لطفي ومحمد سلطان وخيرية أحمد وإخراج أحمد ضياء الدين، و”شباب طائش” عام 1963 من إخراج السيد زيادة، وبطولة سميرة أحمد، وفيلم “سلاسل من حرير” عام 1963 مع مديحة يسري وعماد حمدي وإخراج هنري بركات، و”عتاب” عام 1964 أما سميرة توفيق وإبراهيم خان ومن إخراج سيف الدين شوكت ، و” عشاق الحياة” عام 1971 مع نادية لطفي ويوسف وهبي ومحمود المليجي وإخراج حلمي حليم ، وكان آخر أفلامه هو “الملك وأنا” عام 1975 مع جورجينا رزق وعماد حمدي وليلى حمادة ووحيد سيف ونبيل الهجرسي وإخراج عاطف سالم ، كما قام بالإشتراك في مسرحيتين هما “دنيا البيانولا” و”القشاط”، وقدم للإذاعة مسلسلين هما “قصة حياة كامل الخلعي” و”حب ونغم”.
تعرض محرم فؤاد لمحنة مرضية عصيبة في حياته؛ كادت أن تفقده صوته في منتصف الستينيات، حيث كان قد سافر مع بعثة “صوت العرب” بقيادة أحمد سعيد، لإقامة عددًا من الحفلات الغنائية في تونس والمغرب والجزائر، تذيعها إذاعة “صوت العرب”، وأثناء وجود “محرم” في الجزائر، شعر بألم شديد في الحنجرة ونزلة شعبيه حادة، وعندما فحصه الأطباء، تبين أن الحبل الصوتي الأيمن في حنجرته قد أصيب بضرر بالغ وتوقف عن أداء مهامه، ليؤكد الأطباء احتمالية فقدان محرم فؤاد للقدرة على الحديث، وتم على الفور إحالته إلى أخصائي فرنسي في الأحبال الصوتية، ومع اشتداد المرض على “محرم”، طلب رئيس بعثة “صوت العرب”، عودة المطرب المصري إلى القاهرة على متن أول طائرة، لكن الرئيس الجزائري “أحمد بن بلّة”، طلب من محرم فؤاد عدم العودة إلى مصر واكتساب الوقت والسفر إلى “جنيف” للعلاج، وذلك ما حدث بالفعل، حيث سافر “محرم”، وأشرف على علاجه كبار الأطباء السويسريين، وفي هذه الأثناء أجرى محرم فؤاد عملية جراحية بالحنجرة، لتتحسن حالته تدريجيًا، حتى تم الشفاء التام بعد مجموعة من الجرعات الدوائية والجلسات الكهربائية، ليعود محرم فؤاد إلى وطنه بعد رحلة علاج بسويسرا.
كان للحب مذاقًا خاصًا عند محرم فؤاد، وهو الأمر الذي جعله يتزوج عدة مرات، كانت الزيجة الأولى من الفنانة تحية كاريوكا، وعقب انفصالهما تزوج من أجنبية ثم اللبنانية ماجدة بيضون، وانجب منها ابنه “طارق”، أما الزيجة الرابعة فكانت من ملكة جمال الكون اللبنانية “جورجينا رزق” التي شاركته بطولة فيلمه “الملكة وأنا”، وفي نهاية السبعينيات تزوج من الفنانة عايدة رياض، وكانت آخر زيجاته من المذيعة التليفزيونية منى هلال، التي بقيت معه حتى وفاته بأزمة قلبية في السابع والعشرين من يونيو عام 2002 ليرحل عن عالمنا عن عمر ناهز 68 عامًا تاركًا رصيدًا من الأغاني العاطفية والأفلام السينمائية التي ستخلدها ذاكرة الفن المصري.