صحة

مخاطر البلاستيك عبر المحاصيل الزراعيه

د. محمد حافظ ابراهيم

 

 

اعلن العلماء أجراس الإنذار محذرين من البلاستيك كأحد أخطر “الآفات البيئية”، حيث تتراكم كميات كبيرة منه لا سيما في البحار والمحيطات مسببة ضررا بالغا، لكن يبدو أن هذا الأذى يمتد لما هو أبعد من ذلك .

 

فقد حذر علماء و خبراء في مجال الزراعة من أن الجزيئات متناهية الصغر من البلاستيك، يمكن أن تتسلل من البيئات الأرضية إلى الأنسجة النباتية، بما في ذلك للمحاصيل التي يأكلها الإنسان . وقال الباحثون شرقا و غربا من الولايات المتحدة الى الصين، إنه حتى الآن لم يكن هناك أي دليل مباشر على أن النباتات لديها القدرة على امتصاص اللدائن الصغيرة .

 

إلا أنهم تحدثوا في الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة “نيتشر نانوتكنولوجي”، عن نتائج تقدم أدلة واضحة على أن البلاستيك يمكن أن يتراكم في النباتات ، محذرين من خطورة ذلك على سلامة الغذاء والاستدامة الزراعية. والباحثون الذين أجروا الدراسة، من بينهم الدكتور باوشان شينغ عالم البيئة في كلية ستوكبريدج للزراعة التابعة لجامعة ماساتشوستس أمهيرست الأميركية، إلى جانب متعاون من جامعة شاندونغ في الصين.

 

ووفقا لشركة “سينغ” المهتمة بأبحاث الزراعة، فإن الاستخدام واسع النطاق للدائن واستمرارها في البيئة ينتج عنه كميات هائلة من النفايات البلاستيكية التي يمكن أن تعرف طريقها إلى النباتات. وتجاربنا أعطتنا دليلا على امتصاص قطع البلاستيك متناهية الصغر وتراكمها في النباتات، على مستوى الأنسجة والجزيئات، محذرة من أن انتشار البلاستيك في النبات يمكن أن يكون “من الجذور وحتى الأوراق“.

 

وخلال الدراسة، أجرى العلماء تجارب لإنماء النباتات في تربة ممزوجة بمواد بلاستيكية صغيرة، وبعد 7 أسابيع لاحظوا اختلافا في طريقة نموها نتيجة تسلل اللدائن إليها. وكشف الباحثون أن النباتات التي تسللت لها قطع البلاستيك “كانت أصغر وبجذور أقصر بكثير”، مشيرين إلى أن ذلك “يخفض حجم المحاصيل الزراعية وقد يؤثر على قيمتها الغذائية”.

 

كمية البلاستيك التي تتناولها أسبوعيا : خلصت دراسة حديثة إلى أن الإنسان يستهلك كميات كبيرة من البلاستيك سنويا، من خلال مياه الشرب و النباتات والأغذية البحرية. فقد اكتشفت باحثون وجود قطع متناهية الصغر من البلاستيك في أبعد المناطق والبقاع النائية في العالم، مثل أعماق المحيط وثلوج القطب الشمالي، إلى جانب أجساد البشر، حيث يتنفسون ويأكلون “جسيمات دقيقة من البلاستيك” ويشربون مياها ملوثة بها كل يوم.

 

ووفقا للدراسة التي أجريت لصالح الصندوق العالمي للحياة البرية، فإن الإنسان قد يتناول ما يعادل حجم بطاقة ائتمان من البلاستيك أسبوعيا في مياه الشرب بشكل أساسي وكذلك في أغذية مثل المحار الذي يؤكل بالكامل عادة مما يعني تناول البلاستيك الموجود في جهازه الهضمي أيضا.

 

يشار إلى أن إنتاج البلاستيك زاد في نصف القرن الماضي، الأمر الذي ساعم في زيادة معدل استهلاك المنتجات البلاستيكية الرخيصة التي تستخدم لمرة واحدة، والتي لها آثار مدمرة على البيئة وتتكدس على الشواطئ وتنتشر في البحار والمحيطات وتتسبب في اختناق الكائنات البحرية.

 

علميا فأن البلاستيك لا يتحلل بيولوجيا، وإنما يتفكك ويتكسر إلى قطع أصغر وينتشر في كل مكان بما في ذلك سلاسل الغذاء، الأمر الذي يترتب عليه أن يستهلك البشر، خلال أسبوع واحد، ما يعادل غطاء زجاجة من البلاستيك أو ملء طبق من حبوب الإفطار خلال 6 أشهر.

 

وعلى الرغم من أن هذا المقدار من جسيمات البلاستيك الدقيقة قد لا يبدو كبيرا، فإنه قد يتراكم، وبهذا المعدل من الاستهلاك فقد يصل حجم ما يتناوله الإنسان من البلاستيك خلال 10 أعوام إلى 2.5 كيلوغرام، ونحو 20 كيلوغراما طوال حياته .

 

وقال الدكتور ثافا بالانيسامي الأستاذ في جامعة نيوكاسل الأسترالية، الذي شارك في الدراسة، إننا لا نعلم تماما تأثير تناول جسيمات البلاستيك الدقيقة ومتناهية الصغر على الصحة  وكل ما نعلمه أننا نتناوله وأنه قد يسبب تسمما. هذا بالتأكيد مقلق صحيا على البشريه .