البنك الأهلى المصرى يحتفل بمرور 122 عاماً على تأسيسه
كتبت – ايمان الواصلي
منذ 122 عامًا، وتحديدًا فى مثل هذا اليوم من عام 1898 الموافق الـ25 من يونيو 1898 تم تأسيس البنك الأهلى المصرى حيث استهل البنك مسيرته المصرفية والاقتصادية، بهذه المناسبة قام البنك بإصدار عدد تذكارى خاص من مجلة البنك التى تصدر للعاملين داخل البنك “أهل مصر”، ويمثل هذا العدد إطلاق لمشروع إحياء وثائق وتراث البنك الأهلى المصرى التاريخية مؤرخًا دور وجهد الأجيال السابقة والحالية فى دعم وخدمة الاقتصاد القومى، ولتكون مرجعًا هامًا للتاريخ، وتحفيزًا للأجيال الحالية والقادمة للاطلاع على مسيرة التنمية الاقتصادية والمجتمعية للبنك الأهلى المصرى خلال مراحل التحول المختلفة التى شهدتها مصر على مر العصور.
ويرتبط تاريخ البنك الأهلى المصرى بتاريخ مصر الحديث والمعاصر ارتباطاً وثيقاً، حيث ساهم خلاله فى نهضة وإثراء الأحوال الاقتصادية والنقدية فى البلاد، وكانت الحاجة ملحة لإنشائه لتحقيق أهداف النهضة فى ذلك الوقت.
وأنشئ البنك الأهلى المصرى فى 25 يونيو 1898 بموجب أمر عال من الخديوى عباس حلمى الثانى، ليكون أول بنك إصدار بنكنوت فى مصر، وليقوم بتنظيم وحفظ الحسابات ومنح القروض والسلفيات للحكومة والمنشآت العامة وإصدار القروض العامة، بالإضافة إلى مباشرة الأعمال المصرفية العادية .
وكان إنشاء البنك الأهلى المصرى خطوة هامة فى تقدم الاقتصاد المصرفى فى مصــر، وتؤكد مساهمات البنك فى الاقتصاد القومى عبر تاريخه على استمرارية البنك فى دعم المجتمع والفرد .
وقام البنك الأهلى المصرى فى عامه الأول من تأسيسه بإصدار أول ورق بنكنوت مصرى فئة الخمسين قرشاً فى 1/1/1899 وتلاها إصدار فئتى جنيه وخمسة جنيهات فى 5/1/1899 و 10/1/1899 على التوالى ، وأصبح ورق بنكنوت البنك الأهلى المصرى بداية التعامل بالعملات الورقية فى مصر منذ ذلك الوقت ، واستمر فى القيام بهذا الدور حتى عام 1960 .
التوسع فى الائتمان الزراعى وإنشاء البنك الزراعى المصرى عام 1902 وبنك التسليف الزراعى المصرى عام 1931 وتمويل زراعة وتجارة القطن، كان للبنك الأهلى المصرى دور محورى فى تمويل المشروعات الكبرى وتقديم السلفيات لكبار وصغار المزراعين ، حيث اقتضى التوسع فى الائتمان الزراعى فى أوائل القرن العشرين وكان للبنك مساهمات كبيرة به إلى ضرورة إنشاء مؤسسة مستقلة لتلبية الإحتياجات المتزايدة فصدر على أثر ذلك مرسوم خديوى فى عام 1902 بتأسيس البنك الزراعى المصرى برعاية الحكومة المصرية والبنك الأهلى المصرى.
كشفت الوثائق عن بداية فكرة التمصير والتأميم للبنك منذ الثلاثينيات، وتلاها تجديد امتياز البنك عام 1940 ثم إعطاء البنك الأهلى صفة البنك المركزى فى عام 1957 وأخيراً التأميم وفصل مهام البنك المركزى عن المهام التجارية فى عام 1960.
وترجع فكرة منح البنك الأهلى المصرى كل خصائص البنك المركزى وتمصير الإدارة إلى عام 1933، بعد انعقاد اجتماع دولى لمناقشة حلول للمشاكل الاقتصادية والمالية التى نجمت عن فترة الكساد العالمى عام 1930، وكانت إحدى توصيات المؤتمر إنشاء بنوك مركزية للبلاد.
وفى عام 1940 تم مد الامتياز الممنوح للبنك الأهلى المصرى ، بموجب مرسوم ملكى من الملك فاروق ، وتم عمل التعديلات اللازمة ومنها تحويل جميع أسهم البنك الى أسهم إسمية ، وضم التعديل أيضاً إلغاء لجنة لندن واقرار توظيف المصريين فقط بالبنك ولادارته ، كما اشترط أن يكون أغلبية أعضاء مجلس الإدارة من المصريين وأن يحل المصريون محل الأجانب فى العضوية كلما شغر مكان إلى أن تتم الأغلبية المصرية عام 1945 على الأكثر، وألا يكون المحافظ بحكم منصبه رئيساً للمجلس ، كما تم الاتفاق على أن تقتصر أعمال البنك المصرفية على الصفقات الكبيرة .
ساد الحديث عن تأميم البنك الأهلى المصرى منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أشار إليه الملك فاروق فى خطابه نوفمبر 1947 وتكلم عنه رئيس مجلس إدارة البنك فى خطابه للمساهمين فى 24 مارس 1948 ، فالبنك الأهلى المصرى توفر لديه طوال مدة عمله خبرة لم تظفر مؤسسة أخرى بها وحاز على ثقة وشهرة محلية ودولية.
وبعد صدور القانون رقم 56 لسنة 1951 أضفى على البنك الأهلى المصرى صفة البنك المركزى ومنح أيضاً بعض الحقوق التى تمكنه من تنظيم الائتمان ووضع وتنفيذ السياسات اللازمة لاستقرار قيمة العملة، وفى عام 1957 صدر قانون بتمصير البنوك العاملة فى مصر وتلى ذلك قانون بموجبه مُنح البنك الأهلى المصرى كل سلطات البنك المركزى ووضع التشريعات المنظمة لأعمال البنوك التجارية وغير التجارية.
وصدر قرار جمهورى سنة 1960، بتأميم البنك الأهلى المصرى وتحويله إلى مؤسسة عامة مملوكة للدولة ، وتم بموجبه فصل مهام البنك الأهلى المصرى فى منشأتين تقوم أولهما بوظائف البنك المركزى وتمارس الثانية العمليات العادية للبنوك التجارية.
كما ساهم البنك الأهلى المصرى فى تمصير الجهاز المصرفى عن طريق شراء صافى أصول خمس بنوك أجنبية.
ومن خلال مسيرة البنك الطويلة استطاع البنك الأهلى المصرى المساهمة فى خدمة الاقتصاد المصرى عن طريق اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة التحديات المالية خلال الحروب والأزمات ، وخاصة فى الرقابة على النقد وإصدار القروض العامة وتقديم العون للحكومة والمؤسسات ، بدءاً من أزمة عامى 1906-1907 التى نتجت من المضاربات غير المحسوبة على الأرض الزراعية ومحصول القطن .
كما قام البنك الأهلى المصرى خلال الحروب العالمية الأولى والثانية وكذلك أثناء الكساد العالمى الكبير فى 1929 – 1930 بإصدار كافة قروض تمويل محصول القطن، وإصدار أذون الخزانة، وقد أوكلت مهمة الرقابة على النقد الأجنبى منذ بداية الحرب العالمية الثانية إلى البنك الأهلى المصري، وقد ساند البنك المؤسسات والبنوك فى ظل الأزمات المتعاقبة. كما أثبت البنك قدرته على مواجهة التحديات كبنك حكومة يقوم بتأمين مصالح البلاد واستمرالبنك فى دعم الاقتصاد والفرد من خلال مساهماته فى المشاريع الكبرى والصغيرة والمتوسطة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة التحديات الناتجة عن الحروب والأزمات والتغيرات السياسية والاقتصادية المختلفة عبر تاريخه.
واستمر البنك الأهلى المصرى بصفته أكبر البنوك الحكومية فى مساندة ودعم البلاد والمواطن فى النصف الثانى من القرن الماضى وحتى الآن.
أصدر البنك الأهلى المصرى شهادات الاستثمار بموجب قرارجمهورى من الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، رقم 8 لسنة 1965 وبتفويض من الحكومة إلى البنك الأهلى المصرى بإصدار شهادات الإستثمار التى لاقت إقبال كبير من الجمهور والتى كانت حافز للإدخارلتمويل خطة التنمية فى ذلك الوقت.
واستمر البنك فى دعم الاتجاه السياسى والاقتصادى الذى تبنى مبدأ الانفتاح الاقتصادى فى السبعينيات، فطور البنك أساليب العمل ورفع أداء الخدمة المصرفية، وقام البنك بدور أساسى فى دعم سياسات الدولة ، فساهم بدور فعال فى مجال المشروعات المشتركة عن طريق الاستثمار المباشر فى قطاعات عديدة بالإضافة إلى تمويل المشروعات الكبرى.
وأخذت الدولة فيما بعد إجراءات جدية تهدف إلى الإصلاح الاقتصادى ووقعت الاتفاق مع صندوق النقد الدولى عام 1990، واستطاع البنك كعادته دعم الاقتصاد القومى والحكومة من خلال مساهمته فى تمويل العجز بأدوات غير تضخمية والأخذ بسياسات ترشيد الطلب المحلى وتنمية السوق المصرفية الحرة.
ونجحت إدارة وفريق عمل البنك الأهلى المصرى فى دعم وتعزيز أداء البنك مواكبًا بذلك برامج الاصلاح المختلفة من أكبر إصلاح مالى مصرفى فى مصر مع تولى الدكتور فاروق العقدة محافظًا للبنك المركزى وبرنامج الاصلاح الاقتصادى متضمنا تحرير سعر الصرف ومبادرات عدة لدعم وتحفيز الاقتصاد منذ تولى طارق عامر محافظًا للبنك المركزى وذلك وفقاً لاحتياجات الدولة فى كل مرحلة وخلال فترات الأزمات.
وشارك البنك فى إطلاق شهادات قناة السويس عام 2014 استجابة لدعوة رئيس الجمهورية لمشاركة المصريين فى تمويل حفر قناة السويس الجديدة وحققت الشهادات إقبالاً كبيراً من المصريين، وتمكن البنك الأهلى المصرى من تلقى 55% من إجمالى الاكتتاب فى هذه الشهادة.
وتعددت مساهمات البنك الأهلى فى دعم المواطن المصرى فى مجالات الصحة والتعليم ومكافحة الفقر من خلال مختلف مجالات المسئولية المجتمعية بمبلغ يقارب 8 مليارات جنيه خلال السنوات الـ6 الأخيرة.
واستطاع البنك الأهلى المصرى مواجهة الأزمات عبر تاريخه الذى يعتبر الأطول فى القطاع المصرفى فى مصر فكان دومًا رائدًا وداعماً للاقتصاد والمواطن، وأثبت البنك الأهلى بخبراته الفريدة وإدارته الرشيدة على قدرته فى إدارة الأزمات ودعم الاقتصاد بصفته بنك أهل مصر فى ظل ملكيات وظروف مختلفة على مر 122 عاماً من الريادة والكفاءة والمرونة المصرفية محافظا بذلك على سلامة أموال المودعين ومحققا لهم أفضل الخدمات و المنتجات المصرفية وداعماً لخطط الدولة التنموية.
وإيماناً من مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى بأهمية توثيق هذه المسيرة الممتدة للبنك فى دعم وخدمة الاقتصاد القومى والتى استطاع البنك ترسيخ مكانته المتميزة عبر مسيرته كأكبر وأول البنوك المصرية، فقد أقر المجلس برنامجاً لإحياء تراث البنك الأهلى المصرى، ومن خلال هذا البرنامج سيتم إصدار سلسلة مقالات مدعومة بالصور والوثائق لتاريخ البنك الأهلى المصرى العريق، والتجهيز لإصدار كُتيب ضخم للبنك فى 25/6/2023 يؤرخ مسيرته بمرور 125 عامًا من عمر إنشاء البنك الأهلى المصرى.