صحة

نعمة ونقمة فيروس كورونا و مستقبلنا رقمي

د. محمد حافظ ابراهيم

 

 

محامو الطلاق ومدارس اليوغا وزيت الزيتون على رأس المستفيدين من انتشار فيروس كورونا حتى الان . وهذا يعني بأن تركيبة الامراض أينما كانت في العالم يكون لها تبعاتها، ففيها الخاسر والرابح ، واليوم نحن نعيش حرب الوباء الخفي ونواجه عدواً لا نعرف عنه سوى اسمه فيروس كورونا .

 

حرب «كورونا» العالمية استحوذت على نصف عام 2020 ، لنجد بأننا على مشارف القسم الثاني منه، فمرت السنة ولم نشعر بها، والأغلبية الساحقة من البشر خسرت أياماً إلا أن الرابحين فازوا بالأيام والأرقام .

 

حيث شرعت كل شركة تعتمد في مبيعاتها على الإنترنت فائزة، ولم يتغير عليها الوضع المستجد، بل زادت أرباحها بشكل هائل، مثل «أمازون» التي تعتبر أكبر الرابحين؛ لأن الأمر بديهي في ظل إغلاق شامل وكامل للمرافق التجارية حول العالم. ومحال السوبرماركت الكبرى من بين عمالقة الربح المادي بعد فورة الشراء العشوائية، وما سمي بـ«تبضع الخوف» بسبب «كورونا».

 

 لكن من غير البديهي ان منتجات ومبيعات زيت الزيتون التي زادت بواقع 500 في المائة وأكثر بسبب إقبال الناس على الطهي في المنازل، ورواج الوصفات الصحية التي توصي باستخدام زيت الزيتون بدلاً من الزبدة أو السمنة أو غيرها.

 

المستفيد الاخرهو سوق تأجير الشقق (وليس البيع)، والسبب هو الخلافات بين الأزواج بسبب الحجر المنزلي غير المسبوق، الذي وضع العلاقات الزوجية على المحك ولم يصمد منها إلا القليل وللأسف لم تستطع الغالبية من الأزواج الوقوف في وجه الحروب بوجوهها المتعددة، فاستفادت مكاتب تأجير البيوت من هذه الأزمة بعدما أقبل الكثير من الرجال في بريطانيا،على تأجير شقق مؤقتة للتخفيف من هول الخلافات والشجارات في المنزل.

 

 وبعد الخلافات العائلية استفاد محامو الطلاق، ومن المتوقع أن يسجلوا أرقاماً غير مسبوقة من الأرباح بعد زوال غيمة «كورونا»، والتخفيف من إجراءات الحجر المنزلي وعودة الحياة إلى شبه طبيعتها، فمن المتوقع بأن ترتفع نسبة الطلاق بشكل غير مسبوق بعدما تبين أن الحجر المنزلي هو درس وامتحان تكرم فيه أو تهان، وللأسف يبدو أن الأغلبية الكبرى من الأزواج سقطت في الامتحان ووقعت في أحضان المحامين.

 

ولا بد أن نذكر بأن اليوغا ومدربيها ومدارسها من بين المستفيدين في الأزمة، نبدأ أولاً بنسبة مبيعات سجادات اليوغا التي تعدت الـ400 في المائة، ففي الماضي كان التركيز في الرياضة على مشاهدة فيديو «أيروبيكس» ، لكن موضة العصر والتوجه الجديد نحو الحياة الصحية وممارسة الرياضة، صبت في خانة اليوغا التي تساعد على الراحة النفسية والصحة العقلية وفي الوقت نفسه تساعد على المحافظة على شكل متناسق. فاستفادت مدارس تعليم اليوغا من الأزمة وحولت كل دروسها إلى العالم الافتراضي، واستفادت من توفر منابر إلكترونية ناجحة أخرى مثل «زووم» وحافظت على زبائنها، بل استطاعت أن تستقطب أعداداً هائلة من المنتسبين الجدد.

 

و عن التعلم عن بعد، استفاد القطاع التعليم الخاص بشكل غير مسبوق من الباحثين عن تعلم لغة جديدة أو تخصص جديد، وحصدت المدارس الصينية حصة الأسد بعدما سجلت أرباحاً غير طبيعية بسبب الأعداد الهائلة للمهتمين بالحصول على شهادات في تخصص جديد يساعدهم على فتح أبواب إضافية للعمل بعد الأزمة، خاصة أن هناك نسبة كبيرة من الوظائف التي اختفت من الأسواق ولم تعد هناك حاجة إليها.

 

وزادت مبيعات الدراجات الهوائية بشكل لافت جداً، بعدما فرض الحجر المنزلي قيوداً فيما يتعلق بالتجول واستخدام المواصلات العامة أو الخاصة. وهناك إقبال غير مسبوق على الدراجات الكهربائية التي تجمع ما بين التقنية والتقليد السائد في ركوب الدراجة.

 

وكذلك مواقع بيع الزهور والشتلات، بعدما أقبل الناس على العمل في الحدائق وزرع الأعشاب في المنازل. وفي مرحلة ما فقدت الأعشاب من السوق مثلما تعثر توفر الدقيق بكل أشكالها بسبب الإقبال الشديد على خبز الحلوى في المنزل لتمضية الوقت.

 

مايكروسوفت تقرر استبدال الصحفيين بالروبوتات فهو مستقبلنا رقمي : حيث أعلنت شركة مايكروسوفت عن نيتها استبدال عشرات الصحفيين المتعاقدين معها، بأنظمة آلية تنتقي القصص والتقارير الإخبارية. ففي الوقت الراهن، يتولّى صحفيون الإشراف على جمع القصص الصحفية من المؤسسات الإعلامية، واختيار العناوين والصور المرفقة بها للنشر.

 

وقالت مصادر من الشركة إنّ الذكاء الاصطناعي سيتولّى تلك المهام، وأنها اتخذت ذلك القرار في إطار تقييمها الدوري لأرباحها. حيث جاء في بيان صدر عن شركة تقنية المعلومات الأمريكية العملاقة مثل كل الشركات، نعيد تقييم أعمالنا بشكل دوري. قد يؤدي ذلك إلى زيادة الاستثمار في بعض القطاعات، ومن حين لآخر، قد يؤدي إلى إعادة توزيع القوى العاملة في قطاعات أخرى . وعلى ضوء القرار الجديد، سيخسر نحو خمسين منتجٍ للأخبار عملهم في نهاية يونيو 2020. وقال أحد الصحفيين الذين سيخسرون عملهم  اته من المحبط أنّ الآلات ستحلّ مكاننا. وحذّر بعض الصحفيين المطرودين من أنّ الذكاء الاصطناعي قد لا يكون على دراية تامة بالمعايير التحريرية الصارمة، وقد ينتهي إلى نشر أخبار أو تقارير غير مناسبة.