أخبارصحة

مبررات محبطه تمنعك من تنفيذ مشروعك

 

د.محمد حافظ ابرهيم

 

أنت تعرف النموذج البشري الممل الذي يحتفظ بالمال بدون هدف ويستميت على ألا يفرط فيه. يخبرك أنه يريد أن يستثمر هذا المال فى مشروع ما ولكنه خائف او قلق فمجرد التفكير فى إنفاق ماله ، والبدء فى مشروع تجاري صغير ، يفقده صوابه . و حين تجلس معه وتحاول أن تناقش مبرراته التى تمنعه من البدء فى المشروع التجاري يخبرك بالكثير منها حتى لتشعر أنت شخصياً أن اليأس قد تسلل روحك وانه ليس أبداً بهذا السوء.
فالمبررات الكثيره الحمقاء التى تمنع هذا الشخص وتمنع ملايين من البدء فى مشروعهم الخاص فبعضها صحيح ، وبعضها الآخر مجرّد أوهام . و هى :
المبرر الأول : لا أجد فكرة صالحة لعمل مشروع خاص: هذا يخطر فى ذهن أي أحد يفكر بمشروع خاص. لا أجد فكرة متميّزة تجعلني أضرب ضربة فى السوق ، تجعلنى مليونيراً خلال عام واحد من الآن. الحقيقة أن ( الأفكار العظيمة ) هي وهم كبير وهراء محض وتعلمناه جميعاً عندما كنا صغار كمقولة أرشيميدس عندما اكتشف قانون الطفو و قال وجدتها. فالكثير من المشاريع الناشئة تغيّر أهدافها بشكل كبير وتعدّل أفكارها وسياقها أثناء تطوّرها70% من المشاريع الناشئة تتعدل بشكل كلّى تقريباً بعد الثلاثة أشهر الأولى. تقوم على أساس فكرة ما ، ثم مع العمل والتطوّر ودراسة السوق والمستهلكين وغيرها تتعدل بشكل كامل. حاول بقدر الإمكان أن تقترب من الأفكار التى ترى أنها متميّزة اوأنها على الأقل لم ينفذها الكثيرون من قبلك ولكن حتى لو كانت هناك فكرة ما تروقك بشدة وهذه الفكرة تقليدية وتم تنفيذها مليون مرة من قبل ابدأ فيها بلا تردد وسيكون دورك هو أن تقدمها وتظهرها بشكل متميز ومختلف عن غيرها. وليس من الضروري أن تكون فى ذهنك فكرة غير مسبوقة للبدء فى مشروعك الخاص.
المبرر الثاني : أنا صغير السن قليل الخبرة: قطاع كبير جداً من الناس يفكرون بهذه الطريقة ربما يكون بعضهم على صواب ولكن عامل السن لا يهم إطلاقاً بقدر النضوج العقلى والفكري فالقدرة على التعامل مع الآراء والاختلافات بشكل مرن والقدرة على النهوض مجدداً بعد كل كبوة فشل وحب التعلم والمعرفة فى أي لحظة وأي مكان. فأغلب الخبراء دائماً ينصحون أن يمضى الشاب عاماً او عامين من عمره فى وظيفة ما حتى يتشرّبها ويكتسب خبراتها ومن ثمّ يبدأ مشروعه الخاص فى هذا التخصص أو فى أي تخصص آخر ، بعد أن يكون قد امتلك خبرات وظيفية وإدارية كافية. الحقيقة التى ربما تُدهشك أن حتى هذه النصيحة يرفضها الكثير من خبراء اليوم فالكثيرون وجدوا أن أفضل وسيلة لإكتساب الخبرة هي البدء فعلاً فى المشروع الخاص بلا تردد بشكل سيجعلك أكثر تركيزاً وحذراً وإطلاعاً على أية خطوة تقوم بها. بل بعض الخبراء يقلقون بشدة من أن يكتسب الشاب خبرة فى وظيفة ما لعام أو عامين عادة الشاب الذي يعمل فى وظيفة خاصة إذا كانت مجزية يميل إلى الاستقرارويبدأ بالتدريج فى التراجع عن سعيه نحو بدء مشروعه الخاص.
المبرر الثالث : لديّ عائلة أعيلها: هؤلاء الفئة عادة ماتكون امام تحديّاتهم أكبر من الشاب الأعزب حتماً له فرصة أكبر للحركة والمحاولة مرات عدة بعد كل فشل. اما الذين قاموا بالفعل بتكوين أسرة ، فيكونوا عادة أكثر حذراً وحرصاً فيما يتعلق بأي خطوة لبدء مشروعه الخاص لأنه ببساطة لا ينظر إلى الأرباح التى سيجنيها من وراء هذا المشروع بل ينظر دائماً إلى الخسائرالتى ربما تصيبه فيقع فى ازمات مالية بسبب مغامرة سيصفها حتماً بالحمقاء. وأستطيع أن أقول أن الحل الأنسب بالنسبة لك فى هذه الحالة هو أن تحتفظ بوظيفتك التى تعمل بها فى نفس الوقت التى تبدأ فيه مشروعاً قائماً على شراكة مع أشخاص آخرين. ويكون نصيبك من هذه الشراكة معقولاً غير مُرهق لميزانيتك هذه الخطوات لن تحقق لك الطفرة النوعية التى يمكن أن تحققها إذا بدأت مشروعك الخاص بجرأة كبيرة إلا أنها ستساعدك حتماً فى النمو التدريجي وامان أكبر لك ولعائلتك.
المبرر الرابع : لستُ واثقاً من ذكائي: هذا المبررعادة لا يجهر به أحد لا أحد يعترف أنه غبي بهذه البساطة إلا أن بعض الأشخاص مازالت تعلق فى ذهنه رواسب معيّنة وصورة سلبية عن قدراته ارتبطت بفشله عدة مرات فى أمور متعددة. فإدارة المشاريع إلى بر النجاح لا تحتاج منك أن تكون عبقرياً هي مجموعة قواعد وأنشطة إدارية لو نفذتها غالباً ستصل إلى النجاح بسهولة إلا إذا كان مشروعك الذي ترغب أن تخوض فيه هو اكتشاف نظرية جديدة. وقتها فقط ستكون فى حاجة إلى ذكاء عال جداً للبدء فى هذا المشروع .
المبرر الخامس : لا أعرف الكثير عن الأعمال والمشروعات: هذا يشبه المبرر الرابع فانت لست فى حاجة أن تكون حاصلاً على الدكتوراة فى إدارة الاعمال من جامعة عالميه ، حتى تبدأ مشروع خاص قوامه بضع أفراد كل ماتحتاج أن تعرفه ماذا يريد الناس فعلاً ؟وماذا عليك أن تفعل لتلبي هذه الطلبات والرغبات بشكل متميّز. هذان العنصران يقدر على التوصل لهما متوسطي الذكاء ومتوسطي التعليم ودون الحاجة إلى التشعب الأكاديمي فى المعرفة والخبرات وكلما زاد حجم مشروعك تحتاج إلى المعرفة بشكل أكبر حتى تدير بشكل أكثر كفاءة . وسؤال يختصر لك هذه النقطة اذكر لي ملياردير واحد فى العالم حاصل على درجة أكاديمية عليا فى إدارة الأعمال ؟ الغالب أنك لن تجد فقط ستجد أن الحاصلين على درجات أكاديمية وخبرات واسعة فى إدارة المشروعات والاعمال ، يعملون فى مناصب تنفيذية تحت إمرة مالكي المشروع الحقيقيين الذين لم يكونوا يمتلكوا خبرات واسعة فى مجال الأعمال والمشاريع عندما بدءوا عملهم .
المبرر السادس : لا أجد شريكاً مُناسباً : بالطبع وجود شريك لك فى المشروع يعطيك قدراً أكبر من الأمان ولكن الخطأ كل الخطأ أن تُعطّل تحركاتك وطموحك للبحث عن هذا الشريك ابدأ وابذل كل ما فى وسعك تجاه فكرة مشروعك فى نفس الوقت الذي تبحث فيه عن شركاء . فالبحث عن شركاء فى هذا العصر أصبح سهلاً جداً يمكنك الإعلان عبر الانترنت يُمكنك ان تتواجد فى المناسبات او الاحداث التى تقترب من مجال مشروعك والتعرف على أشخاص لهم نفس الإهتمامات وبالتالى تزيد فرص مشاركتهم معك فى مشروعك ..
المبرر السابع : لا أجد فرصة قوية للمنافسة مع الشركات الأخرى: هذه مشكلة من أهم المشكلات فعلاً دائماً ما ينظر صاحب المشروع فى وضعية السوق الحالية وليس إلى شكل السوق فى المستقبل والطلب الذي سيزداد حتماً فيما بعد دائماً ما يضع نُصب عينيه أن منافسة الشركات الأقدم فى هذا المجال هو امر مستحيل أو ان السوق قد تشبّع فعلاً بهذا المنتج أو الخدمة ولا مجال للمنافسة. لو كان الأمر بهذه العقلية التى تفكر انت بها ماكانت حاجه الشركات لنخوض غمار المنافسة مع الشركات الاخرى سواء قائمه او فى طريق العمل. ففى البداية كانت تبدو لنا مواقع منافسة يصعب الوصول إلى مستواها أي عمل جديد لابد أن تواجهه هذه الصعوبة . باختصار أزح من عقلك تماماً مفهوم المنافسين الحاليين الأقوياء لمشروعك وانظر إلى المستقبل واعمل بأقصى مجهود ممكن دع لهم الحاضر يستمتعون به واعمل أن يكون المستقبل ملكك أنت.
المبرر الثامن : لستُ مستعداً للإلتزام: يُعبّر عنها اغلب الناس بأنهم ( لا يملكون الوقت ) لبدء ومتابعة مشروعهم الخاص لا فاليوم فيه 24 ساعة يمكنك حتماً تقسيمها بشكل يجعلك تؤدي أكثر من مهمة فى وقت واحد . والأصح هو أنك لست مستعداً للإلتزام لبدء ومتابعة المشروع هذه جملة أكثر وضوحاً وأنا أؤيدك تماماً فيها إذا كنت مشغولاً أو حتى لست مؤهلاً نفسياً فى فترة من فترات حياتك لتحمّل أعباء وضغوط البدء فى عمل خاص ومتابعته بمنتهى الجدية والإهتمام يُمكنك تأجيله لفترة ما ، ولكن ليس إلغاؤه طبعاً. فلا تبدأ فى مشروع تعرف أنك لن تلتزم فى العمل فيه ولكن أرجو ألا تأخذ هذا المبرر ذريعة لعدم البدء نهائيا فى مشروعك لأنك إذا كنت مشغولاً فى وظيفتك فمن الاولى أن توفر وقتاً تلتزم فيه بعمل مشروعك الخاص الذي سيدر عليك ربحاً وامناً اكثر بكثير من وظيفتك الروتينية الحاليه.
المبرر التاسع : الوظيفة هي المسار الطبيعي: أعتقد أن هذا المبرر هو أكثرها قوة فى اتخاذك قراراً بالإبتعاد عن بدء مشروع خاص فأغلبنا من طبقة متوسطة ونحن مُشبّعين تماماً بمفهوم أن الوظيفة و بالذات الحكوميه هي المسار الحتمي بمجرّد انهاءك للتعليم مُستقر فى أذهاننا أن السبيل الوحيد للحصول على المال هو أن تتوظّف عند الغير. هذا التفكير هو الذي جعل هذه الدنيا تنقسم إلى قسمين قسم المليونيرات والمليارديرات التى تقرأ وتسمع عنهم فى الصحف والمجلات ومواقع الانترنت والتليفزيون وقسم العمّال والموظفين والزراعيين والكادحين ، الذين تجد أن أقصى طموحاتهم هو الحصول على علاوة أو تامينات اجتماعية مطمئنة او زيادة فى المرتب الشهري. هذا هو بالضبط ما جعل مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة بيل جيتس يقول : رسبت فى بعض المواد الدراسية فى الجامعة بينما نجح صديقي فى تخطّيها بتفوّق حالياً صديقي يعمل مُهندساً فى شركة مايكروسوفت بينما أنا مؤسس وصاحب هذه الشركة . أعتقد أنه لاداعى للمزيد من الشرح فقط تخيّل لو كان بيل جيتس أكمل دراسته وعمل مهندساً فى إحدى الشركات ورضى بالوظيفة وبالأجر الذي يناله منها هل كان سيكون أغنى أغنياء العالم ؟ هل كانت مايكروسوفت وُجدت ؟ نصيحتي لك اجعل من الوظيفة وسيلة للبدء فى عملك الخاص ولا تجعل غاية حياتك كلها أن تتوظف وتقضى عمرك كله تنتظر الزيادات فى المرتب الشهري او الترقية مهما كانت هذه الوظيفة مُجزية ومريحة.
المبرر العاشر : أنا ثري ولديّ مايكفيني: وهي من أكثر المبررات المثيرة للمشاكل فى الحقيقة أنت لديك المال وهو العنصر الأساسي لعمل أي مشروع تجاري والذي يكافح من أجله الملايين من الأشخاص لبدء مشاريعهم التجارية وتكتفى بأن تضعه فى المصرف ، وتجلس على أريكة مريحة ولا تفعل شيئ على الإطلاق فى انتظار العائد الشهرى او السنوى اى كاى موظف يتلقى راتب شهرى . والمال الزائد يسبب حتماً نوعاً من الكسل أو الرضا بالامر الواقع وعدم الإقتناع بسهولة في بدء مشروع تجاري يستهلك الوقت والأعصاب ولكنك يجب أن تعرف أن الطبيعة البشرية بداخلك لن تستقيم بالراحة الدائمة بدون عمل او هدف تعمل من أجله .
هذه عشره مبررات محبطه لاتحذّاك الخطوه الاولى نحو مشروعك . و لكن يجب أن تعرف أن الذين كوّنوا ثروات طائلة ، بدأوا كلهم بلا استثناء بمشروعات متواضعة ، وعانوا من ازمات مالية ونفسية وفشلوا عدة مرات قبل أن يأتى عليهم الوقت الذي يستريحون فيه ويتمتعون بالحياة ويستمرون فى عمل مشاريع أخرى جديدة .