أخباراقتصاد عربيعام

أخيرًا تحقق الحلم مع العملاق حقل «ظهر»

 

بقلم /جمال طايع

مع بشاير حقول الخير  أخيرًا تحقق الحلم وتغيرت خريطة اللاعبين فى الطاقة البترولية بمنطقة الشرق الأوسط بالافتتاح المبكر لحقل الغاز العملاق «ظهر» والذى شهده الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء شريف إسماعيل وعدد من الوزراء والمسئولين وخبراء الطاقة والبترول صباح الأربعاء.. وأصبحت مصر لاعبًا مهمًا وأساسيًا فى أسواق الطاقة بصفة عامة والغاز الطبيعى بصفة خاصة بعد أن كنا على الهامش وليس لنا مكان.. وأن مصر ستتحول إلى مركز إقليمى للطاقة فى المستقبل القريب. هذا الاكتشاف المبهر لحقل «ظُهر» صنفته شركات البترول العالمية بأنه يعد أكبر اكتشافات الغاز فى شرق البحر المتوسط ومن أكبر الاكتشافات على مستوى العالم.
فالمشروع يعد من مشروعات الأرقام القياسية، وما يدل على ذلك ضخامة استثماراته، حيث تقدر التكلفة الإجمالية حوالى 12 مليار دولار تصل إلى 16 مليارًا على مدار عمر المشروع حيث تم حفر 20 بئرًا بلغت تكلفة البئر الواحدة حوالى 100 مليون دولار، وأن معدل إنتاجه يقدر بنحو 350  مليون قدم مكعب غاز يوميًا فى مرحلته الأولى يصل إلى أكثر من مليار و700 مليون قدم مكعب يوميًا فى نهاية 2018 وهو ما يعادل 5.4 مليار برميل زيت مكافئ وفى نهاية 2019، وباستكمال مراحل تنمية المشروع سيصل الإنتاج إلى نحو 2.7 مليار قدم غاز يوميًا وهو ما يمثل 50 % من إنتاج مصر.
كما أن الاحتياطيات تمثل 135 % من الاحتياطى الحالى للزيت الخام.
ويقع الكشف على بعد 190 كيلو مترًا من شاطئ بورسعيد، وبعمق مياه 4130 مترًا مربعًا، وعلى بعد 5 كيلومترات من الحدود مع قبرص ليخترق طبقة حاملة بالهيدروكربونات، فضلًا عن اكتشاف طبقات من الحجر الجيرى تغطى بمساحة تصل إلى 100 كيلو متر مربع وبسمك حوالى 2000 قدم «تعادل 630 مترًا» من صخور الحجر الجيرى من عصر الميوسين.
كل هذا من شأنه أن يعود بالمكاسب على مصر، حيث سيتم تخفيض وارداتنا من الغاز المسال بنسبة 25 % بما سيحقق وفرًا حوالى 60 مليون دولار شهريًا تعادل 720 مليون دولار سنويًا فى مرحلته الأولى ترتفع هذه النسبة مع نهاية 2018 لتصل إلى وفر 250 مليون دولار شهريًا بما يعادل 3 مليارات دولار سنويًا ومعها سيتم تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى.. كما ستشهد صناعة الكيماويات والأسمدة كثيفة الاستهلاك للطاقة نشاطًا ملحوظًا خلال الفترة المقبلة والتى ستمثل قيمة مضافة للاقتصاد المصرى من خلال تعدد عمليات التصنيع.. وبذلك سيخفف تشغيل حقل «ظُهر» بكامل طاقته العبء على النقد الأجنبى بعد وقف عمليات استيراد الغاز من الخارج.
وتشير الأرقام إلى أن إنتاج مصر من الغاز الطبيعى يقدر بنحو 5.2 مليار قدم مكعب يوميًا فى حين أننا نستهلك 6.1 مليار قدم مكعب يوميًا تذهب إلى استهلاك محطات الكهرباء والقطاعات الصناعية والتجارية، بالإضافة إلى استهلاك المنازل والسيارات.
وهنا علينا أن نعلم أن أطراف هذا الحلم هما الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» التابعة لوزارة البترول كممثل عن الحكومة المصرية وشركة «أيوك برودكشن. بى. فى» الممثلة لشركة «إينى» الإيطالية.. وأن حصة مصر من هذا الاكتشاف تقدر بنحو 65 % والشركة الإيطالية وشركاؤها 35 % بعد أن تحصل شركة «إينى» الإيطالية على نسبة 40 % من الإنتاج مقابل التكلفة التى أنفقها خلال عمليات الاكتشاف وحتى الإنتاج.
ما حدث فى هذا المشروع من إنجازات كشف عن معدن المصريين الأصيل وأنهم قادرون على فعل المستحيل وأنهم يستطيعون التعامل مع كل التحديات.. وأبرز الجهود المتميزة التى تكاملت فيها جميع الأدوار ما بين القيادة السياسية التى وجهت بالكشف عن حقول الطاقة وفهمها الكامل لاحتياجات الحاضر والمستقبل واهتمامها بذلك الإنجاز الكبير ومتابعتها الدقيقة للمشروع وإسهاماتها فى الإسراع بمعدلات التنفيذ للوصول بالإنتاج إلى أرقام قياسية، وفى زمن قياسى، بداية من توقيع اتفاقية الامتياز فى يناير 2014، وأيضًا حرص الدولة على تذليل جميع العقبات أمام المشروع الضخم الذى تطلب تنفيذه تقنيات عالية ومتطورة وأعمال فنية متخصصة.. فضلًا عن تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير البترول للمتابعة الدائمة وتأسيس شركة مشتركة بين الجانبين المصرى والإيطالى.
المثير للدهشة أن الشركات الوطنية أذهلت «تلاوديو ديسكالزى» الرئيس التنفيذى لشركة «إينى» والذى قال إن الشركات المصرية قدمت رقمًا قياسيًا فى الأداء كفريق عمل ناجح وفى مقدتها شركات «بتروبل» و«بتروجيت» و«إنبى» فكانت هى من أتت بالنتائج المبهرة وليست الشركات الأجنبية.
وأخيرًا يجب أن نعلم أن حقل «ظهر» لم يكن هو الحقل الوحيد فى البحر المتوسط بل هناك العديد من الحقول والتى يقع بعضها فى غرب الدلتا وتبعد حوالى 65 كم مربع من ساحل رشيد، ويضم 5 آبار هى «ليبرا» و«تورس» و«جيزة» و«فيوم» و«ريفين» ويصل إنتاج هذه الحقول نحو 700 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز، وتقدر الاحتياطات المكتشفة من الغازات والمتكثفات 5 تريليونات قدم مكعب و55 مليون برميل متكثفات.. كما توجد حقول «أتول» الواقعة فى المياه العميقة بمنطقة امتياز شمال دمياط البحرية ويتوقع أن يتم إنتاجه خلال الأيام القادمة بطاقة تصل إلى 300 مليون قدم مكعب.
كما أن النشاط البترولى المصرى لا يتوقف عند البحر المتوسط ولكنه يمتد ليشمل خليج السويس والذى يضم المئات من المنصات البحرية للعديد من الشركات الوطنية، وهى العامة للبترول، وبتروبل، وجابكو، وسوكو، وعجيبة، وأمل، وزيتكو، وبترو أمير، وعش الملاحة، وبتروجلف، وبترو أدار، والفنار.
فهنيئًا للمصريين، يجنون ثمار القيادة السياسية الواعية والتى تمضى قدمًا نحو تحقيق طموحات شعبها الكريم بعزم وإيمان وقدرة على الإنجاز.>