أخباراقتصاد عربيبورصة

السعادة قرار تصنعه بنفسك عبر أسلوب حياتك وتفكيرك

د.محمد حافظ ابراهيم 

السعادة حاجة وهدف يتمنى الجميع الوصول اليها بأي وسيلة يجدها مناسبة. فالبعض يربط السعادة بمال أو منصب أو تحقيق غاية. لكن الواقع هو أنها لا ترتبط بأمر ما. فكثير من المحرومين والفقراء سعداء بينما يشكو بعض الغارقين في النعم من التعاسة والكآبة. الا ان السعادة نوع من المشاعر التي يمكننا التحكم بها واختيارها ايضا. وهي ضد الحزن. فكما أن الحزن هو شعور يحدث كردة فعل او كاختيار ذاتي لأمر ما. فالسعادة ايضا شعور يمكن اختياره وصناعته والتشديد عليه كقرار عاطفي- عقلي.

ويمكن القول بأن السعيد هو شخص اختار وقرر ان يكون سعيدا عبر اسلوب حياته وتفكيره. وعرف بأن احساس السعادة مصدره داخلي وليس خارجيا (من الاخرين والامور المادية) وان عليه صناعة سعادته وتعزيزها بنفسه.

هناك عادات تفسد السعادة حيث ان البعض يتبنى افكارا وعادات تعيق سعادته وتنغص عليه حياته. وقد يصبح مدمنا عليها ويرفض التخلي عنها، مما يمنعه عن التمتع بالحياة ويسبب تعاسته ومن أهمها:

1 – التذمر : ثقافة التذمرهي عدم الاكتفاء او الاعجاب بأي شيء وكل شيء. فحتى في لحظات السعادة، نشير الى وجود امر سلبي أو سيئ. فهناك فرق بين التذمر والفضفضة التي تجعلك تلجأ الى صديق او قريب للتحدث حول أمر صعب وثقيل على صدرك، او للتفريغ عن مشاعرك والمشاركة في الافكار والمشاعر. فالفضفضة تؤدي الى الشعور بالتحسن والتواصل مع الاخرين والعودة الى الايجابية في الحياة. أما الشكوى، فهي ان تشرح لشخص مشكلتك على امل ان تجد لها حلا، او يساعدك في التغلب عليها. بينما ثقافة التذمر تجعل الشخص يبرز ويجد أمرا سلبيا في كل شيء، بما فيها ثوابت الحياة كالأسرة والعمل والدين.

2 – التركيز على النواقص وعدم رؤية المميزات: افضل تشبيه لهذه العادة هو أن يرى الشخص دائما النصف الفارغ في الكأس ولا يرى ابدا النصف الممتلئ. اى ان يرى الزوج عيوب زوجته فقط بأنها بدينة او كثيرة النسيان ولا يرى بأنها تحبه ونظيفة وأم ممتازة ومثقفه ومتدينة، أو ان ترى الزوجة بأن زوجها غير رومانسي، ولا ترى بأنه كريم وحنون واهل للثقة. و ينطبق ذلك على رؤيتهم جميع النعم مثل الاطفال والبيت والعمل وغيرها. وهذه العادة تمنع الاستمتاع بالحياة، بل وتحول النعم الى مصدر للألم والحسرة والمشكلات.

3 – التركيز على تغيير الآخرين: البعض يقضي طوال حياته وهو يحاول تغيير من حوله (الزوج والاطفال وحتى الاصدقاء) حتى يصبحوا اشخاصا وفق هواهم او ما يرغبون به. لكنه امر مستحيل فعلا. فكل ما يمكنك تغييره هو نفسك وادراك بأن عليك تقبل الاخرين كما هم والتعامل مع الحياة كما تأتي. وبدلا من هدر طاقتك على محاولة تغيير الاخرين ولومهم على اطباع وافكار متأصلة فيهم، حافظ على طاقتك لنفسك وركز على ما يعجبك فيهم ثم اختر إما تقبلهم وإما الابتعاد عنهم.

4 – تفنيد وتحليل الأحداث الصغيرة قبل الكبيرة: فمن الخطأ ان تهدر طاقتك وتفكيرك في تحليل مواقف واقوال تمر بك يوميا. بل تعوّد على مهارة التغاضي وتصغير الامور وتقبل الاعذار. فهذه المهارة ستحسن كثيرا من علاقاتك بالآخرين وسلامتك الصحية والنفسية. وتذكر بأن حتى المواقف السلبية لها جوانب ايجابية.

عليك استقبال كل يوم جديد بالتخلي عن السابق لزرع بذرة السعادة في اليوم الجديد، و هناك بعض النصائح التاليه واتباع الافكار والعادات التالية:

1 – إرضاء الجميع غاية لا تدرك: من الخطأ ان يكون هدفك الاساسي هو ارضاء الجميع لأنها غاية لا يمكن ادراكها، ومحاولة الحصول عليها ستجعلك تهدر طاقتك النفسية والوجدانية وحتى البدنية. لذا، قرر بأن رضاك وسعادتك هما اولوية ثم يأتي من بعدهما ارضاء الاشخاص المهمين لك.

2 – توقف عن جلد الذات: وعقاب نفسك على اخطاء سابقة.

3 – توقف عن التردد والخوف من التغيير: كثيرون يتمنون التغيير، ولكن عندما يصلون الى حافة او خطوة التغيير يترددون ويخافون، ويتحججون بأن الوقت فاتهم، او قد كبروا على التغيير او لا يريدون ان يتغيروا، ثم يرضون بالوضع الذي تعودوا عليه على مضض . 

4 – اجعل لك هدفًا ورسالة في الحياة : بينت كثير من الدراسات اهمية ان يكون للشخص هدف ورسالة حتى يشعر بالسعادة والقيمة في الحياة. لذا، لا تتوقف عن تحديد اهدافك وامنياتك ودورك واهميتك لنفسك وللآخرين. ولا تعش كامتداد لأهداف الاخرين وامنياتهم، او بحسب ما يطلبه الاخرون من دون تدخل منك. فذلك سيشعرك بقلة الاهمية والملل والبعثرة النفسية وحتى الكآبة ونقص الثقة بالنفس.

5 – ثق بأنك لست أقل من الآخرين: من الخطأ ان تستمر في الاعتقاد بأنك ضعيف او لا يمكنك ان تنجز او تتغير او حتى تتطور مثل الاخرين. فهذه الافكار السلبية ستعيق حدوث اي تقدم وتطور في حياتك و لكن لا تصل الى حد الغرور الذى قد يدمر الحياه .

6 – لا تبالغ في تضخيم الأمور: من الطبيعي أن تمر بمواقف محزنة وبخيبات امل وتقوم بأخطاء. لكن تذكر بأن التغيير من سمات الحياة، ومن الطبيعي ان تتقلب الاحداث ما بين احزان وافراح.

7 – أن السعادة مصدرها داخلي وليس خارجيًا: من الخطأ ان تعطي قيمة لرضا الاخرين وسعادتهم، وتجعل ذلك هو المصدر الاساسي لرضاك وسعادتك. فبالإضافة الى ما ستشعر به من استغلال، فذلك سيعطيهم فرصة للتحكم بصحتك النفسية وسعادتك او شقائك. كما سيجعل حياتك واهدافك مرهونة براحة الاخرين ورضاهم.

8 – استمتع بالأوقات السعيدة: لابد من التعوّد على الامتنان والحمد  و تعلم الاستمتاع بالأوقات السعيدة وبكل نعمة، مهما كانت صغيرة. فالبعض يخاف من الاستمتاع بالسعادة خشية من الحسد او الغيرة او المستقبل، او حتى خوفا من السعادة كأن يتوقف عن الضحك لاعتقاده بأنه سيؤدي الى شيء محزن.

9 – اهتم بجمالك الداخلي كاهتمامك بجمالك الخارجي: أهم خطوة لزيادة الجمال الداخلي هي طرد وإبعاد الافكار والعادات السلبية، وحتى الاشخاص السلبيين من حياتك، وتبني وترسيخ العادات والافكار الايجابية ومرافقة الايجابيين والتصالح مع الحياة.