أخباراقتصاد عربيبورصةعام

شباب إماراتيون يطرحون حلولاً للتحديات

كتبت – اية حسين

طرح شباب إماراتيون حلولاً لتحديات يواجهها التوطين في القطاع الخاص، بناء على تجربتين إحداهما تخص موظفين مواطنين أصحاب خبرة وظيفية مميزة في الشركات، وأخرى لخريجين مازالوا في رحلة البحث عن عمل.

وركزت أفكار الشباب المواطنين ممن بدؤوا وتميزوا في وظائفهم بالقطاع الخاص على أن التدريب والاستعداد بعد التخرج يهزم شرط الخبرة الذي تطلبه الشركات للتوظيف، والمثابرة والإنتاجية هي الطريق إلى الوظائف القيادية في الشركات.

وذكروا أن على الباحثين عن عمل عدم انتظار فرص توظيف بمواصفات وشروط مميزة تتعلق بساعات الدوام المرن والراتب الجيد وقرب مكان العمل من مقر الإقامة وغيرها من الحيثيات التي تتحكم بالموافقة على العمل في مكان معين من عدمها، إلى جانب تنمية المهارات الشخصية للتغلب على شروط الشركات للتوظيف والتي قد تبدو صعبة في البداية، وأخيراً إثبات الذات خلال المرحلة التجريبية في الوظيفة وتحدي المصاعب والتغلب عليها حتى يتمكن الخريج من إتقان عمله واكتساب الخبرة ومن ثم ينتقل إلى مرحلة أخرى من التفكير في خيارات مناسبة أكثر له.

في المقابل، رد باحثون عن عمل على وجهة النظر السابقة بأن الشركات الخاصة تطلب شروطاً تعجيزية أبرزها الخبرة، متسائلين: كيف تكتسب الخبرة المطلوبة شرطاً للتوظيف إن لم نبدأ العمل في مكان ما؟ وهناك أيضاً مشكلة غياب سلم الرواتب، موضحين أن المشكلة أحياناً ليست في ضعف الراتب وإنما تباينه ضمن الدرجة الوظيفية نفسها، ما يعكس مزاجية الإدارات في هذا الشأن، وكذلك عدم الشعور بالأمان الوظيفي.

وحدد الشباب من خلال طرحهم لأبرز مشكلات التوطين في القطاع الخاص حلولاً تتطلب من طرفي المعادلة في التوظيف (الشركات والخريجون) تطبيقها، فمن ناحية يجب على القطاع الخاص إدراك أن الخريج لا يمتلك الخبرة لاشتراطها ضمن التوظيف بل يحتاج للدعم والتدريب في بداية الأمر، وكذلك يجب على الخريجين تنمية مهاراتهم الشخصية بشكل ذاتي والبدء في عمل ما، وإن كان الراتب أو التوقيت غير مناسب، حتى يتسنى لهم اكتساب الخبرة المطلوبة.

قال مدير في أحد البنوك الخاصة بالدولة، سهيل الكعبي: «أبرز الأسباب التي رسخت فكرة أن المواطن يسعى للحصول على امتيازات 5 نجوم عند توجهه للعمل في القطاع الخاص، المجهود الاستثنائي المطلوب تقديمه في هذا القطاع لإثبات الذات لاسيما في ظل التحديات التي تواجهه خلال العام الأول من العمل، وهذه الفترة تعتبر عنق الزجاجة، وفي حال تمكن من اجتيازها فسيتكيف مع بيئة العمل وسيحقق كل الأهداف اللاحقة».

وأشار إلى أن العمل في القطاع الخاص علّمه بشكل شخصي إدارة الوقت وتوظيف كل دقيقة في العمل، معتبراً أن أهم عناصر النجاح في هذا القطاع التعامل بحرفية وتعلم اللغات المختلفة وأساليب فن الحوار.

وذكر أنه بعد التحاقه بالعمل في القطاع الخاص قبل أكثر من 14 عاماً أدرك قيمة إثبات النفس التي يدعمها الشغف والرغبة في تعلم أساسيات ومهارات العمل، لذا لا يوجد أي صعوبة في حال التميز في الأداء، «وهذا ما تمكن من تحقيقه عبر إثبات جدارتي في العمل رغم ضعف الراتب في البداية».

وذكر مدير أحد مراكز توجيه لتخليص المعاملات، عبدالعزيز البلوشي، أن أهم ما يميز العمل في القطاع الخاص المرونة وعدم الروتين في بيئة العمل، فضلاً عن أن العاملين يكتسبون مهارات متنوعة تسهم في جعل طريقة تفكيرهم أكثر إيجابية في التعامل مع الآخرين سواء على مستوى العمل أو الحياة بشكل عام.

وأكد أن العمل في القطاع الخاص يخلق لدى الموظف عنصر التحفيز وإثبات الذات عبر زيادة الإنتاجية من مبدأ العلاقة الطردية المتمثلة في أن تحقيق زيادة دخل أعلى للمكان مرتبط بزيادة دخله وحصوله على راتب ومكافآت أعلى، بعيداً عن التدرج الوظيفي المرتبط بعدد أعوام الخبرة.

وحول تجربته، قال هيثم البتاوي الذي يعمل إدارياً في شركة طيران الإمارات، وهي قطاع شبه خاص: «عملت قبل أن أباشر عملي بالشركة، أي منذ نحو 11 عاماً، في القطاع الخاص الذي غيّر لدي القناعة السائدة وهي غياب التقدير المهني فيه، حيث إنه في ظل توفر عناصر النجاح المتمثلة في وجود إدارة ناجحة، يمكن توجيه الموظف والدفع به إلى مواجهة المواقف بنفسه وإظهار مهاراته وأدواته الذاتية للتغلب على الصعوبات التي تواجهه في العمل، ومن ثم سيتمكن من التميز».

من جهته، أكد مدير قسم أنظمة المعلومات بإحدى الشركات الخاصة، إبراهيم الشامسي، أن التحدي الرئيس الذي يواجه من يعمل في القطاع الخاص هو تحقيق الاستقرار الوظيفي ليضمن استمراريته في المكان وحصوله على التقدير الذي يستحقه، ولن يتحقق له ذلك إلا بسعة الصدر في التعامل مع زملاء المهنة وعملاء المؤسسة وخلق علاقات طيبة معهم، لافتاً إلى أن العمل في هذا القطاع يكسب الموظف خبرة عملية تدعم التخصص الدراسي وتصقل المهارات وتجعله يتقن عدة لغات.

ورأى أن على المواطن ألا يجعل الراتب هو العائق، كون قيمته تزداد في حال أثبت وجوده وتمكن من تحقيق مستوى إنتاج وأداء جيد.

بدوره أكد خالد محمد، وهو باحث عن عمل، أنه لا ينوي التقديم في القطاع الخاص بسبب الصعوبات التي يتوقع مواجهتها، وأبرزها فكرة بعض إدارات الشركات الخاصة عن أن المواطن عنصر غير فاعل في هذا القطاع، الأمر الذي يجعله يفكر في البحث عن عمل بجهة حكومية لضمان الأمان الوظيفي والراتب الجيد.

من جهته ذكر مانع السويدي، باحث عن عمل، أن الصورة الذهنية المترسخة لديه هي عدم التساهل في التعامل الإداري مع الموظف في القطاع الخاص وفصله من العمل في حال تقصيره، ما يجعله غير مهتم بالقطاع الخاص ويبحث عن عمل في مؤسسة حكومية، مضيفاً: «كما أن المواطن عند تخرجه في الجامعة يكون مليئاً بالطموح والرغبة في الوصول لمناصب إدارية يعتقد سلفاً أنه لن يتمكن من الحصول عليها في القطاع الخاص مما يطفئ حماسه للعمل».

وتناولت خديجة الحمادي تجربتها السابقة في القطاع الخاصة، قائلة: «عدة تحديات واجهتها في الشركة تتمثل في طول ساعات العمل التي تبدأ من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساء، الأمر الذي يرهق الموظف ويشعره بعدم القدرة على تطوير أدائه وتالياً يتحول إلى عنصر مؤدٍّ يقدم ما يطلب منه فقط»، وتابعت: «تعتبر قلة الرواتب في هذا القطاع من أهم التحديات التي تواجه المواطن وتجعله يبحث عن وظيفة تحقق له الاستقرار المهني براتب أكبر، وغالباً لا يتحقق هذا الأمر إلا في الوظائف التابعة للقطاع الحكومي»، موضحة أن عملها لأكثر من 8 ساعات متواصلة براتب لا يزيد على 5 آلاف درهم، مع عدم وجود أي بدلات أخرى مثل تأمين صحي أو مكافآت مالية، يدفعها للبحث عن فرص وظيفية بدخل أكبر في الجهات الحكومية.

وركزت على الشروط التعجيزية التي تطلبها بعض الشركات مثل خبرات طويلة ومهارات لقبول المتقدم للوظيفة.

ورأى مستشار تنمية بشرية، سعيد بالليث الطنيجي، ضرورة أن يتم تقديم ما يضمن للمواطن الموظف في القطاع الخاص استمرار حصوله على راتب أو تحويله للعمل في القطاع الحكومي في الظروف الطارئة، نظراً لأن تصوره بإنهاء خدماته هو أحد الأسباب التي تجعله يتردد في التوجه إلى العمل في جهة خاصة، وكذلك تنظيم ورش عمل ومبادرات لإبراز مميزات القطاع الخاص بهدف خلق جسور الثقة بين المواطن والجهات الخاصة.