أخباراقتصاد عربيبورصة

ارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا ليصل إلى 46 مليار دولار في 2018، بزيادة قدرها 11% مقارنة بـعام 2017

كتبت ايمان الواصلي

شاركت اليوم الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى فى جلسة بعنوان “سهولة الأعمال في أفريقيا” بالمنتدى الاقتصادى الروسي-الافريقي، وذلك خلال مرافقتها للسيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي فى جولته إلى روسيا الاتحادية لرئاسة القمة الإفريقية الروسيه مشاركة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واطلاق المنتدى الاقتصادي الروسي-الأفريقي؛ الذى يركز على عدد من المحاور لتنمية التعاون التجارى والعلاقات الاقتصادية بين روسيا الاتحادية ودول القارة الافريقية.

وأشارت الدكتورة هالة السعيد خلال جلسة”سهولة الأعمال فى افريقيا” إلى وجود تحسن نسبي تشهده بيئة الأعمال في الدول الافريقية في العقدين الأخيرين، في ضوء قيام العديد من هذه الدول بإصلاحات تشريعية ومؤسسية لتهيئة بيئة الاعمال لتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، مما يخلق فرص واعدة للاستثمار في هذه الدول.

وأوضحت السعيد أنه وفقاً لتقرير أداء الأعمال 2019 الصادر عن البنك الدولي، فقد رصد هذا التقرير تنفيذ الدول الافريقية العديد من الإصلاحات الاقتصادية لتحسن بيئة الاعمال لديها، حيث جاءت دول افريقيا جنوب الصحراء كأعلى مناطق العالم في مجال اصلاح التشريعات الخاصة بمناخ الأعمال حيث بلغ عدد الاصلاحات التي تمت في هذه الدول في عام 2019 نحو 107 اصلاح، مشيرة إلى أن العديد من الدول الافريقية تسعى على المستوى الوطني إلى إصلاح الاقصاد الكلي وترسيخ مبادئ الحوكمة، مؤكدة أنه طبقاً لمؤشر (Mo Ibrahim) للحوكمة في أفريقيا، فإن مؤشر الحوكمة في تحسن مستمر منذ عام 2007، ومشيرة إلى أن مصر من بين الدول الافريقية التي نفذت العديد من الإصلاحات في مؤشرات سهولة الأعمال، حيث نفذت مصر 4 اصلاحات مهمة خلال عام 2019، منها إعلان الافلاس والخروج من السوق.
وأشارت الدكتورة هالة السعيد خلال الجلسة إلى أن ما يتم تنفيذه في مصر من إصلاحات لا يقتصر فقط على الإصلاحات في إطار مؤشرات تقرير سهولة الاعمال، فمصر تسعى لإصلاح بيئة الاعمال وتهيئة مناخ الاستثمار من خلال رؤية شاملة طويلة المدى تتمثل في رؤية مصر 2030، ويتم في اطارها تنفيذ برامج وخطط مرحلية أهمها: البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والذي بداً تطبيقه في نوفمبر 2016 وشمل العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية الداعمة لبيئة الاعمال وتشجيع القطاع الخاص بالإضافة إلى تكثيف الاستثمار في مشروعات البنية التحتية اللازمة لتحفيز الاستثمار المحلي والاجنبي، وهو البرنامج الذى حقق نتائج إيجابية حظيت بإشادة المنظمات الدولية.

أضافت السعيد أن مصر تعمل لتهيئة بيئة الاعمال من خلال تنفيذ خطة شاملة لحوكمة وإصلاح الجهاز الإداري لرفع كفاءة المؤسسات، بالإضافة الى التوجه للتحول إلى مجتمع رقمي، وتشجيع استخدام وسائل الدفع الالكترونية، وتحقيق الشمول المالي بهدف زيادة كفاءة السياسات النقدية والمالية وتسهيل التسويات المالية، وتهيئة البيئة الداعمة للمنافسة والاستثمار وخلق فرص العمل اللائق والمنتج.

وحول جهود الدول الافريقية لتهيئة بيئة الاعمال؛ قالت السعيد إن تلك الاصلاحات قد انعكست في عدد من المؤشرات الإيجابية منها: ارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا ليصل إلى 46 مليار دولار في 2018، بزيادة قدرها 11% مقارنة بـعام 2017، وهو المعدل الأعلى بين مختلف أقاليم العالم، بالرغم من تراجع معدلات الاستثمار الاجنبي المباشر في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أن معدل النمو الاقتصادي في أفريقيا يعد هو الأعلى في العالم، وقد حققت مصر معدل نمو 5.6% هو الأول في أفريقيا والثالث عالمياً بعد الصين والهند في الربع الأول من العام الجاري 2019.

وردًا على تساؤل حول المميزات المحددة للمنافسة التي يمكن رصدها؛ قالت وزيرة التخطيط أن هناك العديد من الميزات المحددة للمنافسة في الدول الافريقية تختلف هذه المحددات من منطقة إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى في افريقيا نظراً لطبيعة ظروف ومقومات كل دولة، مشيرة إلى مقومات ومزايا الدول الافريقية التي تزيد من وضعها التنافسي، وتخلق لها فرص أكبر لجذب الاستثمار، وتشمل إصلاحات جادة لبيئة الاعمال، والنمو السكاني المتزايد والذي يعد تحدي تنموي، الا أنه في الوقت ذاته يخلق فرصا واعدة للاستثمار، فتمثل افريقيا سوق كبير الحجم متنوع ومتنامي يتجاوز تعداده 1,2 مليار نسمة ومن المتوقع ان يتضاعف في 2050 ليبلغ 2.4 مليار نسمة، مشيرة إلى انه خلال عام 2015 فقط، استوعب سوق المنتجات في أفريقيا أكثر من 200 مليون مُستهلك أفريقي جديد، هذا بالإضافة إلى أن القارة الافريقية قارة شابة فأكثر من 60% من مواطني أفريقيا أعمارهم أقل من 30 سنة؛ وهو ما يعني أن مستقبل التنمية في القارة يرتكز في الأساس على العنصر البشري، فهذه القوة البشرية الهائلة تحقق وفرة في سوق عنصر العمل وتخفض تكلفة التشغيل والإنتاج، مما يخلق العديد من الفرص أمام الاستثمار في الصناعات كثيفة العمالة.

أضافت السعيد أن دول افريقيا تتميز عموما بتزايد معدلات نمو المناطق الحضرية وتزايد فئة متوسطي الدخل، والتي ازدادت بضعفي معدلاتها في ال 30 عاما الأخيرة ومن المنتظر ان يبلغ حجمها 1.1 مليار نسمة في 2060 او42% من السكان، كل ذلك يزيد من حجم الطلب المتوقع على مشروعات البنية التحتية ويزيد من فرص الاستثمار، فضلًا عن امتلاك أفريقيا وفرة في الموارد الطبيعية والتي تعتبر ركيزة أساسية لسلاسل القيمة المضافة، وامتلاكها كذلك لميزة نسبية في القطاعات (المصرفية، الاتصالات، البنية الأساسية) وهي القطاعات التي تقود النمو الاقتصادي في القارة، وتعتبر هذه القطاعات فرصة واعدة أمام الاستثمار الأجنبي.

فى السياق ذاته أشارت وزيرة التخطيط إلى أن العائد من الاستثمار في أفريقيا هو الأعلى في العالم، فتشير تقارير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية إلى أنه في الفترة من 2006-2011، تصدرت أفريقيا معدلات عوائد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 11.4%، مقارنة بـ 9.1% في أسيا، و8.9% في أمريكا الجنوبية والكاريبي، و7.1% في العالم ككل، كما تزداد أعداد المناطق الاقتصادية الخاصة في القارة الأفريقية، هذا بالإضافة إلى القيام بالتصديق على اتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية ودخولها حيز النفاذ في يوليو الماضي ليمثل ميزة إضافية مهمة ستنعكس ايجابياً على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر خاصة في قطاعات التصنيع والخدمات، فمن المنتظر أن يشجع إزالة التعريفات الجمركية المستثمرين الأجانب على الدخول في السوق الأفريقية، كما ستساهم الاتفاقية في زيادة التكامل الاقليمي بين دول القارة وتعزيز سلاسل القيمة المضافة، ودفع عمليات الاستثمار البيني في أفريقيا.
وقالت وزيرة التخطيط أنه تأتى ضمن المقومات التي يمكن أن تعزز فرص الاستثمار في القارة الافريقية التوسع في انشاء صناديق الثروة السيادية، حيث تمتلك أفريقيا أكثر من 20 صندوق سيادي، تدير أصول بقيمة تزيد عن 160 مليار دولار، 50% من هذه الصناديق تم تأسيسها خلال سنوات العشر الأخيرة، مما جعل القارة أكثر مناطق العالم ديناميكية في انشاء الصناديق السيادية خلال الـ10 سنوات الأخيرة، مشيرة إلى تأسيس “صندوق مصر” في 2018، والذى يستهدف خلق شراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، سعياً لرفع حجم مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام من خلال خلق فرص استثمارية في قطاعات واعدة.

كما أشارت الدكتورة هالة السعيد خلال جلسة” سهولة الأعمال فى أفريقا” إلى أنه من الضروري الاخذ في الاعتبار تنوع الظروف والجوانب الثقافية والحضارية والاقتصادية والتنموية لدول القارة، فالقارة الأفريقية والتي تعد أكبر قارات العالم وتمتد لمساحة هائلة تبلغ 30 مليون كم2 ويقطنها 1.2 مليار مواطن، وناتج محلي إجمالي يبلغ 2.2 ترليون دولار، تتميز بأقاليمها الخمس الرئيسية (الشمال، الجنوب، الشرق والغرب والوسط) بخصائص متنوعة ومختلفة عن بعضها البعض في شتى الجوانب الثقافية، الحضارية والاقتصادية، وأيضاً تواجه هذه الأقاليم الخمس تحديات عديدة يتشابه بعضها ويختلف البعض الاخر في المضمون وفي أساليب الحل، والدليل على ذلك أن النتائج الاقتصادية وبيئة الأعمال والنمو مختلفة من إقليم إلى الآخر.

أضافت السعيد أنه من المنطقي وكتوصية لأي مستثمر يرغب في التواجد في أفريقيا، لابد أن يطلع على مزايا كل منطقة ومحددات العمل والمناخ الاجتماعي والاقتصادي بها، فوفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية فإن الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة شمال أفريقيا قد ارتفع بنسبة 7% ليصل إلى 14 مليار دولار في عام 2018، في حين حققت دول جنوب الصحراء معدل زيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة يصل إلى 13% ووصل حجم الاستثمارات إلى 32 مليار دولار، وفي الوقت ذاته تحققت استثمارات بقيمة 9 مليار دولار في إقليم شرق أفريقيا، وهو الاقليم صاحب أعلى نسبة نمو اقتصادي في القارة لهذا العام، في حين تشهد أقاليم أخرى انخفاضا في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، هذا بالإضافة إلى أنه تتمتع بعض الأقاليم بميزة نسبية في القطاعات الخدمية مثل دول اقليمي شمال وجنوب أفريقيا، في حين تتمتع دول شرق أفريقيا بميزة نسبية في عمليات التصنيع ومن المتوقع أن تصبح هذه اقتصادات هذا الاقليم مركزًا ناشئًا للتصنيع.

ويشارك بالمنتدي الاقتصادي عدد من رؤساء الدول الإفريقية، وممثلي الوكالات التجارية والحكومية الروسية والإفريقية والدولية، وممثلي جمعيات التكامل الإفريقية، ويرتكز النقاش بالمنتدى على ثلاثة محاور رئيسة، هي تطوير العلاقات الاقتصادية، إنشاء مشاريع مشتركة، والتعاون في المجالات الإنسانية والاجتماعية، وتبرز أهمية كل من القمة والمنتدى الاقتصادي في كونهما الحدث الأول الجامع للرئيس الروسي مع القادة الأفارقة على غرار منتدى “التعاون الإفريقي الصيني”، والمنتدى “الإفريقي الأوروبي”، كما يتزامن الحدث مع رئاسة مصر الحالية للاتحاد الإفريقي.