أخباراقتصاد عربيبورصةعام

محمد فريد خميس يكتب ذكري النصر ، ودم الشهيد

….

في السادس من أكتوبر من عام ١٩٧٣ كانت مصرُ علي موعدٍ مع النصر العظيم ، يومَ عبرت قواتنا المسلحة الباسلة قناة السويس ، وحطمت خط بارليف ، محطمةً معه خرافة الجيش الذي لا يقهر ، رافعةً علم مصر خفاقاً ، فوق رمال سيناء الطاهرة ، لتفتح الطريق لعودة الأرض ، ومعها الكرامة ..
ساعاتٌ عصيبة ، حبس فيها التاريخُ أنفاسه ، وضرب فيها المقاتل المصري ، أعظم المثل ، في حب هذا الوطن ، والتضحية من أجله ، بكل غالٍ ، حتي بالروح نفسها …
عقودٌ تمضي ، وأحداثٌ تتوالي ، وحكوماتٌ تتعاقب ، ويبقي الدَين عالقاً في رقابنا جميعاً ، دمُك الغالي أيها الشهيد ، دَينٌ لا يعدله مال ، وإنما تنمية وبناء ، لتتحول الأرض الصفراء ، التي سالت عليها دماء الأبطال ، إلي حدائق خضراء ، تجود بالخير الوفير والظل الظليل ، هو إذن عبورٌ ثانٍ تنتظره مصر ..
إنها سيناء ، أرض الحضارة الضاربة في قلب التاريخ ، الأرض التي باركها الله ، ودارت فوق رمالها الطاهرة حوارات السماء مع الأنبياء ، أرض الكنوز والثروات ، الأرض التي تحوي كل مقومات الاستثمار ، في مختلف المجالات ، الزراعية والصناعية والخدمية والسياحية .
إننا ورغم ما يعتصر الوطن من ألم وأسى على فقد بعض أبنائه ، من المقاتلين الشرفاء ، والمدنيين الأبرياء ، فإن الحقيقة الأكيدة ، أن الإرهاب لن يستطيع هزيمة الأوطان ، مهما بلغت جرائمه ، فالأوطان لا تهتز أبداً تحت وقع ضربات الغدر والخيانة ، بل تزداد تماسكاً وصلابة .
لقد أنجزت مصر في عهد الرئيس السيسي ، الكثير ، تقهر الارهاب ، وتجفف منابعه ، بجهود القوات المسلحة الباسلة ، والشرطة العظيمة ، كما أعدت العُدة لإنهاء عزلة سيناء ، بربطها تماماً بالوادى ، بشق الأنفاق أسفل قناة السويس ، وتوفير البنية التحتية اللازمة ، لتشجيع الاستثمار ، وهي جهودعظيمة ، تستحق منا جميعاً كل التقدير ، كما يدعونا ذلك إلي المزيد من التنمية علي أرض سيناء ، تنمية تتضافر فيها سواعد المخلصين ، ويتشارك فيها الجميع ، حكومة ، وقطاع خاص ، ومؤسسات وأفراد ، من أجل تذليل العقبات ، وتسارع خطي البناء .
إن التنمية فى سيناء ، يجب أن تنطلق ، وبشكلٍ عام علي عدة أسس ، أولها التسليم بأن البداوة هناك ، هى أسلوبٌ للحياة، ونمطٌ للإنتاج . وسكان الصحراء ، هم أساس التنمية ، وليسوا مجرد مستفيدين منها، ومن ثم يجب إشراكهم فى رسم خطط المشروعات ، كلما كان ذلك ممكناً .
وسيناء ، وكما يقول المؤرخون ، تحمل فى أحشائها ، الكنز المدفون من الثروات المعدنية ، التى حباها الله بها، حيث يوجد بها أكثر من 13 نوعاً من الخامات المعدنية ، مثل النحاس، والفوسفات ، واليورانيوم، والفحم، والفيروز ، بالإضافة إلى الرخام والحجر الجيرى والطفلة والجبس والرمال الصفراء والكبريت والفحم الحجرى، والبترول ، كما تمتلك كنوزاً طبيعية نادرة مثل الينابيع والطاقة الشمسية ، وطاقة الرياح .
إن التنمية المتواصلة هي البديل الأمثل ، وخط الدفاع المباشر عن ترابنا الوطني ، وهي المتراس الحقيقي علي بوابة مصر الشرقية .
لقد عكف مستثمرو مصر طويلاً ، على دراسة كيفية إحداث تنمية شاملة على أرض سيناء ، بمتابعات تفصيلية ، وقراءات تحليلية ، وانتهينا ، بعد جهد جهيد، إلي دراسة بعنوان :
( برنامج للإصلاح والتنمية على أرض سيناء ) .
ومما جاء فيها من مقترحات ، إنشاء صندوق قومي لتنمية سيناء برأسمال مناسب ، يُمول تراكمياً من عوائد البترول ، ومن المصادر القومية الأخري المتاحة ، كما شملت المقترحات ، سرعة استكمال أعمال البنية الأساسية بالمناطق الصناعية ، وتوصيل المرافق ، مع إنشاء شبكة طرق فرعية ، لربط التجمعات الصناعية ، بالمحاور الرئيسية ، وتطوير ميناء العريش البحري ، وتفعيل واستكمال خط السكة الحديد من بئر العبد وحتي رفح .
وقد تضمنت المقترحات ايضاً، منح محافظات مصر ، مساحات من الأراضي في سيناء ، لتقوم كل محافظة ، بإقامة مجموعة من المشروعات النموذجية عليها.
كما تحدثنا فيها عن محاور السياسة الصناعية المقترحة لتنمية سيناء ، ولخصناها في:
❖ الحفاظ على التوازن بين متطلبات التنمية ، ومتطلبات الأمن القومي .
❖ الاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية والبشرية وتنميتها .
❖ إقامة المشروعات ذات المزايا التنافسية .
❖ رفع الكفاءة الإنتاجية للمشروعات الحالية الواعدة تصديرياً ، وتأهيلها للمنافسة العالمية.
❖ استكمال تأهيل المناطق الصناعية القائمة بعناصر البنية الأساسية ، عالية الجودة .
❖ وضع برنامج لتنمية ودعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر .
❖ التخطيط الدقيق لتحقيق الجذب السكاني وإعادة التوطين ، وتصحيح إختلال العلاقة بين المكان والسكان .
❖ توجيه الإعلام نحو التنمية الشاملة بسيناء .
❖ تشكيل أمانة فنية ، تتبع رئيس مجلس الوزراء ، وتضم خبراء وممثلين عن الوزارات والمحافظات المعنية ، تكون لها جميع الصلاحيات ، في اختيار وتنفيذ المشروعات .
❖ التأكيد علي أهمية التنمية البشرية ، لمواكبة متطلبات المرحلة في سيناء ، وتعظيم قيمة العمل في سيناء ، بحيث تكون له امتيازاته الخاصة .

إنها سيناء يا سادة ، مسري الأنبياء ، ووطن الشهداء .
إنها سيناء ، عبقرية الزمان والمكان والسكان .
إنها سيناء ، بوابة مصرالشرقية ، خط الدفاع الأول ، و المفتاح السحري لموقع مصر العبقري ، في قلب العالم ، بقاراته وحضاراته .
عاشت مصرُ حرةً أبية ، وارتفعت في ربوعها دوماً ، رايات النصر والعزة والكرامة …
محمد فريد خميس