أخبارصحة

وهم التعقيم و فوائد الشمس لكبح فيروس كورونا

 

د. محمد حافظ ابراهيم

التعقيم انتشر على نطاق واسع عندما بدأ فيروس كورونا المستجد في التفشي على نطاق واسع في العالم، ركزت الجهود الصحية بشكل كبير على تعقيم الأسطح، في مسعى إلى كبح انتقال العدوى، لكن تبين فيما بعد أن هذا الأمر لم يكن ناجعا إلى حد كبير. وبحسب الخبراء الأميركيين، كانوا يحذرون في بداية الانتشار من خطورة الاسطح لأن الفيروس يستطيع أن يعيش لعدة أيام على البلاستيك أو الفولاذ المقاوم للصدأ.

 

وقالت المراكز الامريكيه لمراقبة الأمراض والوقاية منها، فى ذلك الوقت إنه في حال كان الفيروس موجودا على سطح من هذه الأسطح، فلمسه شخصٌ ما بيده، ثم لامس فمه أو عينه، فإنه يصاب بالعدوى. وبناء على هذه التوجيهات السابقه انطلقت حملات تعقيم واسعة سواء في المتاجر او المدارس و الجامعات واماكن العمل والمحلات و حتى في الشوارع، فيما كانت هيئة المواصلات بمدينة نيويورك تعمل على تعقيم عربات المترو، في كل ليلة.

 

لكن يبدو الان أن هذه الإجراءات قد انتهت بشكل غير رسمي واصبحت جزءًا من الماضي، بعدما بادرت المراكز الصحية الأميركية إلى تحديث إرشاداتها بشأن تنظيف الأسطح. ولم تكتف الهيئة الصحية الأميركية المرموقة بهذا التحديث، بل قالت إن احتمال انتقال العدوى عبر ملامسة الأسطح ضعيف جدا ولا يتجاوز 1 من 10 آلاف.

 

وقالت مديرة المراكز الصحيه الأميركية، الدكتوره روشيل ويلينسكي، إن الفيروس الذي يسبب مرض “كوفيد 19” قد ينتقل فعلا عن طريق ملامسة أسطح أو أشياء تحمل العدوى، لكن ما تأكد من خلال البيانات هو أن هذا الاحتمال يبقى ضعيفا جدا ولا يتجاوز 1 من 10 آلاف . من ناحيتها، قالت الباحثة في فيروسات الهواء بمعهد العلوم التقنية في فرجينيا اننا كنا نعرف هذا الأمر منذ مدة طويلة، لكن الناس ظلوا يركزون على الأسطح وتنظيفها. ثم أضافت الباحثة لا يوجد أي دليل على أن أي شخص على الإطلاق أصيب بكوفيد 19 لأنه لامس سطحا حاملا للعدوى حتى اليوم .

 

ففي بداية انتشار الوباء، اعتقد العلماء أن الفيروس ينتشر بشكل أساسي عن طريق قطرات صغيرة أو جزيئات ننفثها خلال التنفس، وبما أنها أثقل من أن تسافر عبر الهواء فإنها تسقط على الأسطح وتصبح خطرا على من يلمسها. وفي وقت لاحق، تبين أن الفيروس ينتقل بشكل أكبر عبر هواء، كما أن تعقيم مقابض الأبواب والأسطح لا يحمي كثيرا من الفيروس الذي ظهر، أواخر 2019، ثم تحول إلى جائحة مروعة حتى ظهر إن احتمال انتقال العدوى عبر ملامسة الأسطح ضعيف جدا ولا يتجاوز 1 من 10 آلاف.

 

واظهرت الابحاث الجديده ان فيات فيروس كورونا تنخفض في المناطق المشمسة حيث ان الدراسة كشفت تأثير «الأشعة فوق البنفسجية » القاتل على الفيروس. وتشير دراسة قائمة على الملاحظة إلى أن المناطق المشمسة مرتبطة بعدد أقل من الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس «كورونا المستجد» ويقول الخبراء إن زيادة التعرض لأشعة الشمس، وتحديدا للأشعة فوق البنفسجية، يمكن أن يكون بمثابة تدخل بسيط للصحة العامة، وذلك إذا ما أثبتت الأبحاث الإضافية أنه يؤدي إلى انخفاض معدلات الوفيات.

 

 

 

وقارن باحثون من جامعة إدنبرة البريطانية، جميع الوفيات المسجلة في الولايات المتحدة من يناير إلى أبريل من عام 2020 مع مستويات الأشعة فوق البنفسجية في 2474 مقاطعة أميركية لنفس الفترة الزمنية. ووجدت الدراسة التي نشرت في «المجلة البريطانية للأمراض الجلدية»، أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق ذات المستوى الأعلى من التعرض للأشعة فوق البنفسجية والتي تشكل 95 في المائة من ضوء الشمس فوق البنفسجي، لديهم مخاطر أقل للوفاة جراء (كوفيد – 19) مقارنة بأولئك الذين لديهم مستويات أقل وتم تكرار التحليل في إنجلترا وإيطاليا بنفس النتائج.

 

 

 

وأخذ الباحثون في الاعتبار العوامل المعروفة بأنها مرتبطة بزيادة التعرض للفيروس وخطر الوفاة مثل العمر والعرق والوضع الاجتماعي والاقتصادي والكثافة السكانية وتلوث الهواء ودرجة الحرارة ومستويات الإصابة في المناطق. وقال الخبراء إن الانخفاض الملحوظ في خطر الوفاة من (كوفيد – 19) لا يمكن تفسيره بمستويات أعلى من فيتامين (د)، وتم تضمين المناطق التي تحتوي على مستويات غير كافية من الأشعة فوق البنفسجية لإنتاج فيتامين (د) في الجسم فقط في الدراسة.

 

 

 

وأحد التفسيرات لانخفاض عدد الوفيات، والذي يتابعه الباحثون، هو أن التعرض لأشعة الشمس يتسبب في إطلاق الجلد لأكسيد النيتريك، ويقلل هذا من قدرة الفيروس المسبب لمرض (كوفيد – 19) على التكاثر، كما تم العثور عليه في بعض الدراسات المعملية.

 

 

 

وأظهرت الأبحاث أن زيادة التعرض لأشعة الشمس مرتبط بتحسين صحة القلب والأوعية الدموية، مع انخفاض ضغط الدم وخفض النوبات القلبية، ونظراً لأن أمراض القلب عامل خطر معروف للوفاة بسبب (كوفيد – 19) فقد يفسر هذا أيضاً أحدث النتائج. ويقول الفريق إنه بسبب الطبيعة الملاحظة للدراسة فإنه لا يمكن تحديد السبب والنتيجة، ومع ذلك، قد يؤدي إلى تدخلات يمكن اختبارها كعلاجات محتملة.

 

وتؤيد نتائج هذه الدراسة، ما سبق وتوصلت له دراسة أخرى نشرت في دورية «بلوس وان» في فى شهر فبراير 2021. وقارن الباحثون بيانات درجات الحرارة المنخفضة اليومية والحالات المسجلة لـ(كوفيد – 19) في 50 دولة في نصف الكرة الشمالي بين 22 يناير و6 أبريل 2020، وأظهر بحثهم أن زيادة درجة واحدة فهرنهايت في درجة الحرارة المنخفضة اليومية، يرتبط بانخفاض بنسبة 1 في المائة في معدل الزيادة في حالات (كوفيد – 19) وارتبط انخفاض درجة الحرارة بدرجة واحدة مع زيادة في هذا المعدل بنسبة 3.7 في المائة.

 

 

 

وقارن الفريق الوفيات المرتبطة بكوفيد في الولايات المتحدة خلال الفترة المذكورة مع مستويات الأشعة فوق البنفسجية فيما يقرب من 2500 مقاطعة أميركية، قبل تكرار استخدام نفس المنهجية في بريطانيا وإيطاليا. وسجلت الدول الثلاث بعض أعلى أرقام الوفيات المرتبطة بالجائحة في العالم، سواء بالنسبة للفرد أو في المطلق، رغم انخفاض الوفيات بشكل كبير خلال أشهر الصيف.

 

 

 

وشهدت معظم دول آسيا وأفريقيا انخفاضا نسبيا في معدل الوفيات للفرد طوال فترة الجائحة. وقال المؤلف المشارك للورقة البحثية، الدكتور كريس ديبن، إن العلاقة بين معدل وفيات (كوفيد – 19) وفصول السنة كانت مذهلة للغاية؛ وهنا نقدم تفسيراً بديلاً لهذه الظاهرة. وذكر الباحثون أنه مع الأخذ في الاعتبار التأثير المحتمل لفيتامين د، الذي يُستشهد به على نطاق واسع باعتباره مثبطاً لـ(كوفيد – 19) ويسمى «فيتامين أشعة الشمس» نظرا لأن الجسم البشري ينتج المزيد منه عندما يتعرض الجلد لأشعة الشمس.

 

 

 

وقال الفريق البحثى ان التعرض لأشعة الشمس يقلل من الوفيات الناجمة عن (كوفيد – 19) بشكل مستقل عن فيتامين د. ومنحت النتائج الحديثة الأخرى وزنا للنظرية القائلة بأن الوقت الذي يقضيه الإنسان في الهواء الطلق يقلل من احتمالية الإصابة بمرض (كوفيد – 19). وأكد مسؤولو الصحة الآيرلنديون أن نسبة 1.‏0 في المائة فقط من جميع حالات الإصابة بفيروس «كورونا» في البلاد يمكن ربطها بالنشاط في الهواء الطلق، ومع ذلك فإن الكثير من تلك الأنشطة محظور بموجب إجراءات الإغلاق الثالث الحالي بسبب الجائحة.