أخبارصحةعام

نسخ كورونا المتحورة و سبل الوقاية حيث خفض الكولسترول يسلب كورونا القدرة على غزو الخلايا

د محمد حافظ ابراهيم

 

ليس للفيروسات قدرة على التفكير، لكنها تستطيع التأقلم مع محيطها لتحافظ على بقائها، وتفسّر قدرتها هذه على التكيف الظهور المقلق لعدة نسخ متحورة وأكثر قدرة على نقل العدوى من الفيروس المسبب لوباء «كوفيد – 19»، كما كلّ الفيروسات الأخرى، يستطيع فيروس «سارس – كوف – 2» التحوّل، إذ حين يقوم بالتكاثر، ينتج بعض الأخطاء في تكوينه وليس لغالبية تلك النسخ المتحورة أي أثر، لكنّ بعضها قد تمنحه قدرة إضافية على النجاة. وهذه حال النسخ الثلاث الأكثر نقلاً للعدوى التي اكتُشفت مؤخراً في المملكة المتحدة وأفريقيا الجنوبية والبرازيل، وظهرت خلال الخريف وعلى بُعد أشهر فيما بينها، في حين لم تظهر أي نسخة متحورة أخرى ذات أهمية خلال الأشهر الأولى من تفشي الوباء.

يرى خبراء أن جزءاً من مسألة التحور يتم بشكل عشوائي، و ان الصدفة ليست السبب الوحيد خلف هذه التحولات. حيث اوضحت خبيرة الأوبئة في جامعة بيرن الدكتوره إيما هودكروفت، أنه حين نخفّض عدد الإصابات، فإننا نقيّد مجال تحرك الفيروس وبالتالي خفض احتمالات حدوث تحولات إشكالية فيه. في المقابل، وحينما ينتقل الفيروس بمستوى مرتفع، تقول الدكتوره إيما هودكروفت ترتفع فرص أن يقابل الفيروس سيناريو ما أو فرداً معيناً يمكن له، وبشكل عرضي، أن يؤدي إلى أمر الى تحورات لا نرغب فى حصولها وذلك مثل لعبة الروليت.

وتشرح بدورها الدكتوره ويندي باركلي، خبيرة الفيروسات في جامعة «إيمبريال كوليدج» في لندن، أن ظروف التحور مزيج بين كمية الفيروس الذي يتنقل من جهة، وعدد المرات التي نرمي فيها النرد من جهة أخرى، فضلاً عن بيئة الفيروس، والمقصود بها عالم ينتشر فيه الفيروس بشكل كبير.
حيثر إنها اللحظة التي يجب أن نتوقع فيها ظهور نسخ متحورة متأثرة بالاستجابة المناعية وذلك لأن مستوى المناعة ضد الفيروس في العالم يرتفع من خلال الإصابات وعمليات التلقيح اى مناعه القطيع . وأشارت الخبيرة إلى أنه في اثنين من الأمكنة التي ظهرت فيها التحورات المثيرة للقلق، أي في جنوب أفريقيا والبرازيل، كان هناك أصلاً مستوى استجابة مناعية عالٍ لدى الأشخاص الذين سبق أن أُصيبوا بالفيروس وتعافوا منه. إلا أن بعض العلماء يشككون في وجود علاقة بين الانتشار المصلي المرتفع وظهور نسخ جديدة من الفيروس.

 

ويرى الدكتور بيورن ميير، عالم الفيروسات في معهد «باستور» في باريس، أنه من المرجح أكثر أن التحول و التحورات تحصل داخل المريض، لا سيما المريض الذي يعاني من نقص في المناعة بسبب الامراض المزمنه . ويشرح الدكتور بيورن ميير  انه حينما يكون مريض ما يعاني من نقص في المناعة، يبقى الفيروس في جسده وقتاً أطول. وفي حين أن الفيروس المسبب لـ«كوفيد – 19» يعيش ما متوسطه عشرة أيام في جسد الفرد، إلا أن دراسات بيّنت أن بعض المرضى حملوا الفيروس حياً لعدة أسابيع، بل عدة أشهر بعد الإصابة.وحتى لدى المرضى الذين يعانون من نقص المناعة، يواصل الجسد مكافحة الفيروس أيضاً دون أن يتمكن من طرده تماماً.وبمواجهة هذا «الضغط المناعي»، يُرغَم الفيروس على التحول، فإما يتحول ويلقن نفسه كيفية الهرب من هذا الرد المناعي الجزئي، وإما يموت، وفق الدكتور بيورن ميير.

ولماذا إذاً لم تظهر نسخة متحورة أكثر عدوى في وقت سابق خلال الأشهر الأولى من الوباء؟ يشير الخبير الدكتور بيورن ميير إلى أنه هنا تلعب الصدفة لعبتها، حيث لا يعاني الكثير من الأشخاص من نقص في المناعة. ومع بداية تفشي الوباء، كان عدد الإصابات أقل، والأشخاص الذين يعرفون أنهم يعانون من نقص المناعة كانوا محميين ومعزولين. وقد يختلف الأمر في المناطق حيث يوجد عدد كبير من المصابين بنقص المناعة أو ممن لا يعلمون أنهم يعانون من ذلك.

وتشرح أكاديمية الطب في فرنسا أن ظهور متحور من (سارس – كوف – 2) في أغسطس 2020 في جنوب أفريقيا، إحدى أكثر الدول التي تنتشر فيها عدوى فيروس نقص المناعة البشري في العالم، قد يكون أنتج تكاثراً فيروسياً أكثر كثافة وأطول مدة في أجساد الأفراد الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشري، ما عزز تراكم الطفرات. ويرى الدكتور بيورن ميير تلك الفرضية «صالحة»، رغم أنه من الصعب تحديد مصدر ظهور الطفرة بشكل دقيق. وعلى أي حال، ومهما كانت الظروف التي سمحت بظهور طفرة جديدة، فإن عملية الانتقاء الطبيعي تلعب دورها.

ولخص خبير الأمراض المعدية البلجيكي الدكتور إيف فان لايتيم، الأمر حيث قال ما يحصل عبارة عن منافسة طبيعية يكون فيها الفوز للأفضل و للأقوى و للذي يستطيع أن ينتقل بشكل أفضل، والأكثر قدرة على إدامة النوع الفيروسي، إنها عملية داروينية نموذجية تلك التي تدير تطور العالم الحي. وانطلاقاً من ذلك، يتوقع العلماء أنه من المرجح ظهور طفرات خطيرة أخرى، ما لم تكن قد ظهرت أصلاً.

ورأى أستاذ علم الأحياء في جامعة واشنطن الدكتور كارل برغستروم، أنه لأن العدد الإجمالي للإصابات يواصل الارتفاع بشكل مطّرد، ليس من الصعب القول إن طفرات إشكالية ظهرت خلال الشتاء دون أن نتمكن من رصدها، أكثر من تلك التي ظهرت في الخريف وهي الآن تحت نظرنا داعياً إلى تحسين مستوى المراقبة والرصد.

 

اما منظمه الصحة العالمية اوضحت سبل الوقاية من كورونا وتحوراته : وهى تشديد الإجراءات الاحترازية هي دائماً السبل الوحيدة للوقاية من كوفيد-19. حيث يستمر مؤشر ضحايا كورونا في التوجه إلى أعلى حول العالم، سواء الإصابات أو الوفيات، ومازال المنحنى يرتفع ويزيد، مع ظهور عده تحورات للفيروس فى عشرات الدول حول العالم .

 

وتُبقي منظمة الصحة العالمية دائما على نصائحها الخاصة بالوقاية من كوفيد-19، من خلال أن هذه الاحترازات الـ 5 مجمعة ستخفض تعرضك للإصابة من كوفيد-19 بشكل كبير، وهي:

1-ارتد الكمامة دوما
2-
اغسل يديك باستمرار
3-
حافظ على التباعد الاجتماعي
4-
السعال والعطس في كوعك
5-
افتح النوافذ قدر المستطاع

 

وشدد منظمة الصحة العالمية على أنه حين تكون خارج المنزل ومختلطا بالآخرين، يجب ألا تتخلى عن المطهر الكحولي كلما لامست كمامة الوجه. و يجب جعل الكمامه من الاساسيات التى لا تفارقك  أثناء وجودك خارج المنزل وتختلط  بأي شخص. كما يجب أن تستخدم المطهر الكحولي على اليدين أثناء لامست الكمامة، او قيامك بتعديلها او قيامك بإزالة الكمامة من على وجهك.

 

وكانت منظمة الصحة العالمية اعتبرت أن الكمامة القماشية لا تزال فعالة، حتى بالنسبة للفيروس المتحور لأن طريقة الانتقال هي نفسها .وشددت منظمة الصحة العالمية على أهمية الحفاظ على مسافة متر واحد على الأقل بينك وبين الآخرين. وحاول أن تكون هذه المسافة أكبر في حال أنك متواجد في مكان مغلق. فكلما ابتعدت  كنت أفضل، من أجل حماية نفسك والآخرين، وكررت منظمة الصحة العالمية نصيحتها بأهمية تغطية الفم والأنف بكوع الذراع أو بمنديل ورقي وقت السعال أو العطس. ويجب بعدها التخلص من المنديل الورقي مباشرة في حاوية المخلفات المغلقة جيداً، وبعدها يجب التوجه بسرعة لغسل اليدين، لحماية نفسك تحميك وتحمي الآخرين.

 

خفض الكولسترول يسلب كورونا القدرة على غزو الخلايا: هذا الاكتشاف يساعد في تطوير حماية مؤقتة انتظاراً للتطعيم. فقد يكون الأشخاص الذين يتناولون أدوية خفض الكولسترول أفضل حالاً من غيرهم إذا أصيبوا بفيروس «كورونا» الجديد، وذلك وفق دراسة جديدة ألمحت إلى اعتماد الفيروس على هذا الجزيء الدهني (الكولسترول) لتجاوز الغشاء الواقي للخلية. وللتسبب في مرض «كوفيد- 19»، يجب أن يشق الفيروس طريقه إلى خلايا البشر، ويساعد الكولسترول، الفيروس على فتح الخلايا والانزلاق إلى الداخل، وفقاً لدراسة لجامعة «برينستون» الأميركية .


حيث أعاد الفريق البحثي خلال الدراسة إحداث المرحلة المبكرة من العدوى في الخلايا المزروعة في المختبر، ووجدوا أنه من دون الكولسترول، لا يمكن للفيروس أن يتسلل عبر الحاجز الوقائي للخلية ويسبب العدوى. ويقول الدكتور كليفورد برانجوين، مهندس الفيزياء الحيوية بجامعة «برينستون»، والباحث المشارك بالدراسة، في تقريره ان الكولسترول جزء لا يتجزأ من الأغشية التي تحيط بالخلايا وبعض الفيروسات، بما فيها فيروس (كورونا) المستجد، و الكولسترول مهماً جداً لنقل العدوى. وأن هذه النتيجة التي توصلنا إليها تكمن وراء النتائج الصحية الأفضل التي شوهدت في مرضى (كوفيد– 19) الذين يتناولون عقاقير خفض الكولسترول المعروفة باسم (الستاتين)؛ حيث تثبت هذه الدراسة أن هذه العقاقير تمنع دخول الفيروس إلى الخلايا عن طريق حرمانها من الكولسترول. ويشير الدكتور كليفورد برانجوين إلى أن اكتشاف أهمية خفض الكولسترول يساعد العلماء على تطوير ادويه جديدة لعلاج «كوفيد- 19».

وقبل جائحة «كورونا» كان الدكتور كليفورد برانجوين وفريقه البحثي يدرسون القوى الفيزيائية التي تنظم الجزيئات داخل الخلايا، ولكن في ربيع عام 2020 قام مختبره، مثله مثل عديد من المختبرات الأخرى في جميع أنحاء العالم، بتحويل التركيز وتدريب خبراتهم البيولوجية لدراسة الفيروس الجديد؛ حيث بدأوا في التحقيق في كيفية تفاعل البروتينات الفيروسية والبشرية، وكيف يسمح هذا التفاعل للفيروس بدخول الخلايا. يقول الدكتور كليفورد برانجوين ان مختبرنا ليس مختبراً للفيروسات، ولم نعمل أبداً في هذا المجال من قبل. وغالباً ما يعمل مختبر الدكتور كليفورد برانجوين مع الخلايا المزروعة في المختبر.

وجدت دراسة سابقة أجرتها مجموعة في جامعة «كاليفورنيا» الأميركية، أن استجابة الجسم المناعية للفيروس تنتج مركباً يستنفد الكولسترول، ولكن في هذه الحالة من غشاء الخلية نفسه، وليس غشاء الفيروس. يقول الدكتور بيتر كاسون، العالم في جامعة «فيرجينيا» الذي يدرس الآليات الفيزيائية للأمراض الفيروسية انه تمت دراسة الكولسترول جيداً كعامل مهم في عدد كبير من الالتهابات الفيروسية. والشيء المثير للاهتمام هو أن دور الكولسترول في دخول الفيروس يختلف كثيراً بين الفيروسات. ويضيف الدكتور بيتر كاسون إنه ليس من الواضح كيف يساهم خفض الكولسترول في مساعدة فيروس «كورونا» الجديد  لدخول الخلايا بيولوجيا لاحداث العدوى.