أخبارصحةعام

فيروس كورونا وباء مركب والأشخاص السود والاسيويين أكثرعرضة للإصابة به

 

د محمد حافظ ابراهيم

 

اخيرا أصبحت تدابير منع انتشار فيروس كورونا، أكثر حزماً في بعض أجزاء العالم البارده وأكثر مرونة في بعضها الآخر، وذلك تماشيا مع ارتفاع أعداد حالات الإصابة أو انخفاضها في كل بلد. ففي الوقت الذي أمرت فيه دول أوربية بتقييد الأنشطة والتجمعات الاجتماعية مرة أخرى، وصل معدل الإصابات في نيوزيلندا، إلى أدنى مستوى له. لكن هذه الاستراتيجية، في رأي العديد من علماء الصحة وخبراءها، محدودة جداً ولا يُمكتها إيقاف تقدم الوباء أو انتشاره.

 

ففي الآونة الأخيرة، اوضح الدكتور ريتشارد هورتون اننا قد ركزت جميع تدخلاتنا على طرق منع انتقال العدوى من أجل السيطرة على العوامل المسببة لكوفيد 19 لكنه، في الحقيقة انه ليس وباءً يعمل بمعزل عن غيره، بل هو وباء مركب .

 

والوباء المركب بالنسبة لغير العلماء، قد لا تعني عبارة “الوباء المركب” الكثير، لكنها في الحقيقة تعني أن كوفيد 19 ليس وباء منفصلا ومعزولا. فيوجد فيروس سارس و كوفيد 2 المسبب لكوفيد 19، وتوجد سلسلة من الأمراض الموجودة سابقاً فى جسم الانسان. ويتفاعل هذان العنصران بشكل غير متساو عندما نتحدث عن فئات اجتماعية أكثر عرضة للإصابة، وقد سبق للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن أكد أن آثار الفيروس تستهدف العمال الفقراء والنساء والأطفال وذوي الإعاقات وغيرهم من الفئات المهمشة .

فالوباء المركب ليس بمصطلح جديد بل معادلة صعبة. وضعه عالم الأنثروبولوجيا الطبي الأمريكي، الدكتورميريل سينغر، في تسعينيات القرن الماضي، لشرح الحالة التي “يتفاعل فيها مرَضان أو أكثر بطريقة تسبب ضرراً أكبر من ضرر مجرد اتحادهما“. وقال الدكتورميريل سينغر إن ما يسهل تفاعل الأمراض بعضها ببعض هي الظروف الاجتماعية والبيئية التي تجمع الأمراض بطريقة ما أو تجعل السكان أكثر عرضة للتأثر بها.

 

وظهر مفهوم الوباء المركب عندما كان هذا العالم وزملاؤه يبحثون في حالات تعاطي المخدرات في أوساط الفئات الاجتماعية ذوات الدخل الضعيف في الولايات المتحدة، منذ أكثر من عقدين. فوجدوا أن العديد ممن يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن، يعانون من أمراض أخرى مثل السل والأمراض المعدية جنسياً. واستغرب الباحثون من كيفية تعايش كل هذه الأمراض في جسد واحد، وخلصوا إلى أن هذا المزيج، في بعض الحالات، يفاقم سوء الحالة الصحية للمريض.

 

ويقول الدكتورميريل سينغر لقد رأينا كيفية تفاعل كوفيد 19 مع مجموعة مختلفة من الأمراض الموجودة مسبقاً؛ كالسكري والسرطان ومشاكل القلب وغيرهاً”وتتفاقم هذا المشكله لدى الفئات الفقيرة والأقليات العرقية وذوي الدخل المنخفض .

 

تشير الدكتوره تيفاني كيني، وهي باحثة في جامعة لافال في كندا، إلى أن أمراضا كالسكري أو البدانة – وهي أمراض في حكم الخطيرة لدى من يصاب بكورونا – تنتشر بكثرة بين أصحاب الدخل المنخفض. وتعمل الدكتوره تيفاني كيني في القطب الشمالي تحت تأثير البيئة الاجتماعية والاقتصادية من الكرة الأرضية حيث المناخ متغير، والأمن الغذائي منعدم وظروف السكن سيئة، وتقول لبي بي سي إن هذه الظروف تجعل من الصعوبة بمكان الالتزام بالتوصيات الصحية مثل غسل اليدين أو الحفاظ على التباعد الاجتماعي .

 

لكن أليس هذا هو الحال بالنسبة لمعظم الأمراض. فلا يوجد عادة تأثير أكبر على الفئات التي لا تستطيع الحصول على ما يكفي من جودة الخدمات الصحية والتعليمية والغذائية . حيث تتطور هذه الأمراض عندما تتحد مع مرض آخر أو مع حالة طبية كامنة . فليس بالضرورة بحسب الدكتوره تيفاني كيني إن هناك أدلة متزايدة على أن الإنفلونزا ونزلات البرد هما وباءان مضادّان . أي أن الوضع لا يزداد سوءاً، فإذا أصيب شخص بالفيروسين كليهما، لا يتطور أحد المرضين .

 

وبتحليل الحالة من خلال نظريه الوباء المركب، توضح الدكتوره تيفاني كيني، أنه يمكننا الانتقال من الرؤية الكلاسيكية لكورونا وخطر عدواها إلى الوبائي الكلاسيكي فيما يتعلق بخطر العدوى إلى رؤية الشخص في سياقه الاجتماعي. و إنه موقف يشاركها العديد من الخبراء الذين يعتقدون أنه من أجل إبطاء تقدم فيروس كورونا وتأثيره فمن الضروري الانتباه إلى الظروف الاجتماعية التي تجعل مجموعات معينة أكثر عرضة للإصابة بالمرض مقارنة بغيرها اى لابد من احداث تغيرات استراتيجيه للتغلب على هذا الوباء فعليا .

 

ويقول الدكتور ميريل سينغر انه إذا كنا نريد إنهاء هذا الوباء الذي كانت آثاره مدمرة على الناس والصحة والاقتصاد، أو نريد إنهاء الأوبئة المستقبلية من الأمراض المعدية، فإن الدرس هو أنه يتعين علينا معالجة الظروف الأساسية التي تجعل منع انتشار الوباء ممكناً . وعلينا معالجة العوامل البنيوية المؤدية إلى صعوبة حصول الفقراء على الخدمات الصحية أو تناول غذاء كافٍ . ويعتقد الدكتور ميرل سينغر أن تغيير الاستراتيجية أمر ضروري لمواجهة الأوبئة في المستقبل . وستحدث الأوبئة باستمرار في الوقت الذي نستمر نحن في الاعتداء على بيئات الحياة البرية، أو التسبب في تغير المناخ واستهداف الغابات و تلوث الهواء و البئه الطبيعيه .